الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة أهم أسباب التهرب الضريبي

عدم وجود عقوبات رادعة يشجع بعض المكلفين على التهرب

تأجيل كافة اجراءات التحاسب والتحصيل على صغار المكلفين يخفف الأعباء عليهم
تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة وتقديم فواتير مزورة من أساليب التهرب الضريبي
التهرب الضريبي يحد من قدرة الدولة على توفير الموارد اللازمة لتمويل الإنفاق العام
الربط الشبكي يساعد على صنع القرار واتخاذه في الوقت المناسب

ظاهرة التهرب الضريبي تعد من القضايا التي تتزايد من فترة إلى أخرى خصوصا في البلدان النامية نتيجة لما تعانيه هذه البلدان من قصور في التشريعات الضريبية من جانب، ومن سوء الإدارة من جانب آخر، فضلا عن الخلل في الجهاز القضائي، وعدم تطبيق العقاب الرادع على المتهربين من دفع الضريبة.
اليمن مثلها مثل كثير من البلدان النامية التي تعاني من تلك الظاهرة التي تنتشر في الاقتصاد بشكل كبير؛ نتيجة الخلل الذي ساد الجهاز الضريبي في البلاد لعقود مضت.. خلل من نتائجه غياب الوعي الضريبي في أوساط المجتمع؛ باعتبار أن الضريبة مساهمة من قبل المجتمع في عملية تمويل نفقات الحكومة وتمويل عملية التنمية الاقتصادية.. الى التفاصيل:
الثورة / يحيى الربيعي

التهرب الضريبي سلوك غير قانوني وغير حضاري ولا مسؤول يقوم من خلاله المُكلَّف ضريبيًا بالاحتيال على القوانين والقواعد الخاصة من أجل عدم سداد قيمة الضريبة كُلِّيًا أو سداد قيمة أقل من القيمة المُستحقة عليه للدولة والمترتبة على دخله أو ثروته أو على أي نشاط آخر منشئ للضريبة أو تخفيض مبالغ هذه الضرائب من خلال استعمال طرق وأساليب غير مشروعة بحكم القانون وتنطوي على الغش والخداع وسوء النية.
ويعد التهرب الضريبي، وفق مختصين في المجال الضريبي، جرما يعاقب عليه القانون في معظم بلدان العالم، ويُعرِّض الضالعين فيه للمساءلة أمام القضاء وعقوبات مدنية وجنائية يحددها القانون.

الأسباب
توجد العديد من الأسباب التي تدفع أو تشجع المكلفين على ممارسة التهرب الضريبي، ومن أبرزها:
– الإحساس بضعف المؤسسات وعجز الدولة على إعمال القانون وفرض سيادته، وعدم قدرتها على ممارسة مسؤولياتها الرقابية من أجل وضع اليد على الممارسات التي تعد تهربا ضريبيا وإحالة أصحابها إلى القضاء.
– الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة، وداخل الإدارات الضريبية على وجه الخصوص، والتي تشجع على دفع الإتاوات بدلا من أداء الضرائب المستحَقة للدولة.
– بالإضافة إلى فرض عقوبات غير مشددة على المُدانين بتهمة التهرب الضريبي، الأمر الذي لا يحقق الردع المطلوب من العقوبة، مما يشجع المكلفين بالضريبة على التهرب إذا كان العائد المتحصَّل من خلاله أكبر من العقوبة المترتبة عنه.
– الشعور بارتفاع معدلات الضريبة وثقل العبء الضريبي، وعدم الاستفادة -في المقابل- من أي خدمات حكومية، أو الاستفادة من خدمات مفتقدة للجودة؛ فلا يرى المواطن حينئذ أثرا للضرائب التي يؤديها للدولة يعود عليه بالنفع.
ويُضاعَف هذا الشعور إذا استشرى الفساد داخل أجهزة الدولة، وصار المال العام مباحا أمام النهب والسلب دون حسيب أو رقيب، وإذا رأى المواطنون أن الموارد العمومية أصبحت غنيمة يتنعم بها رجالات السلطة والمقربون منهم، ويتم تبذيرها في نفقات استهلاكية خارجة عن القصد.
واخيرا، الشطط والعشوائية في استعمال السلطة التقديرية من قبل الإدارة الضريبية في بعض الحالات، مما يشجع البعض المكلفين على ممارسة أنشطتهم بشكل سري وعدم التصريح بها، أو عدم تسجيل أنفسهم لدى الإدارة الضريبية من أصله.

أساليب التهرب
تتعدد الطرق والأساليب التي يتبعها الأفراد والشركات من أجل التهرب من أداء الضرائب، ومنها:
– عدم التصريح بالمداخيل والإحجام عن تقديم إقرار ضريبي للإدارة الضريبية.
– تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة.
– التلاعب في مبالغ الضرائب المقتطعة من دخل العمال والموظفين بالشركات، وعدم تحويلها إلى الدولة كاملة.
– تقديم فواتير مزورة لإدارة الجمارك من أجل تخفيض قيمة الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة المستخلصة على السلع المستوردة.
ومن الأساليب التي تستعملها الشركات في التهرب الضريبي، التصريح بفواتير شراء وهمية من أجل تضخيم المصاريف، أو عدم التصريح بعمليات بيع بغرض التقليل من العائدات.
ويكون الهدف النهائي من هذه الممارسات هو تخفيض مبلغ الضريبة الواجب أداؤها لصالح الدولة، من خلال تخفيض الأرباح المصرح بها، وهي أساس احتساب الضريبة على الدخل.

الأضرار
يحد التهرب الضريبي كثيرا من قدرة الدولة على تغطية الموارد وتوفير الإيرادات اللازمة لتمويل الإنفاق العام؛ وهذا من شأنه أن يضعف جودة الخدمات العمومية المقدَّمة، ويقلل فرص الاستثمار في البنى التحتية والمرافق الضرورية، ويحول دون نهج السياسات الحكومية التي تحفز النمو الاقتصادي وتحقق التنمية.
وبسبب نقص الموارد وعجز الميزانية، يؤدي التهرب الضريبي إلى إرغام الحكومة على زيادة العبء الضريبي الملقى على كاهل المكلفين ممن تقتطع ضرائبهم على الدخل من المنبع، ولا سبيل لهم إلى التهرب من أداء الضريبة أو إلى تخفيضها.
وهذا يحول دون إرساء منظومة ضريبية عادلة، توزع أعباء الإنفاق العمومي بشكل متوازن ومتناسب مع القدرة على الإسهام بين المواطنين وتصبح الضريبة بذلك فاقدة للشرعية مع غياب هذه العدالة، وفي ظل إحساس فئات عريضة من المجتمع بالظلم الاجتماعي والتمييز أمام الواجبات.

المعالجات
مصلحة الضرائب ومن أجل تقديم خدمات ضريبية متميزة تتجاوز من خلالها تراكمات الاخطاء الادارية والفساد المستشتري على عقود مضت.. ومن أجل المساهمة بفعالية في مسيرة البناء والتنمية وخلق مجتمع ضريبي واع وملتزم بأداء الضرائب المستحقة، فقد شرعت في العمل على تحقيق أهداف استراتيجية من شأنها الارتقاء بمستوى الأداء الضريبي نحو معايير الجودة وباستخدام افضل التقنيات والممارسات الدولية.. وتطوير القوانين والتشريعات والسياسات الضريبية في ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة بما يخدم المساهمة في دعم وتنفيذ خطط وبرامج التنمية الشاملة وذلك من خلال العمل على تنمية الوعي الضريبي لدى المجتمع الضريبي وتعريفهم بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وفقا للقوانين النافذة، وخلق ثقافة الالتزام الطوعي للمكلفين لأداء الضرائب المستحقة وبأقل جهد ووقت وكلفة وبما يكون من ثماره مكافحة التهرب الضريبي بفاعلية واعطاء الأولوية لتحسين الشفافية والموضوعية.
وهي استراتيجية فرضت بالضرورة تنمية وتطوير الكادر الضريبي على مستوى من المسؤولية والمساءلة لبناء إدارة ضريبية حديثة والحد من جرائم الإخلال بالوظيفة العامة والعمل على ايجاد ادارة ضريبية ذات كفاءة عالية وخبرة واسعة تعمل على توجيه الاقتصاد نحو النمو والتطور، وتحقيق العدالة والوضوح وتعزيز الامتثال الطوعي للمكلفين لأداء الالتزامات الضريبية بيسر وسهولة.
وفي هذا السياق ووفق التقارير الضريبية فإن المصلحة بقيادتها الحالية تسعى إلى استنفار كل الامكانيات المتاحة بشريا وماليا واداريا لاستيعاب الاجراءات الضريبية في نظام آلي شامل في منظومة معلومات وبيانات متكاملة تساعد قيادة المصلحة على صنع القرار واتخاذه في الوقت المناسب.. نظام يمثل تحولا نوعيا في عمل المصلحة، وسيسهل مهامها في التعامل مع ظاهرة التهرب الضريبي والتعامل العادل مع مختلف المكلفين من خلال الربط الشبكي مع كل ادارتها الضريبية التنفيذية في أمانة العاصمة وبقية المحافظات من جهة، ومع الجهات ذات العلاقة بالشأن الضريبي من جهة أخرى، ويساعد المصلحة على انجاز الاستراتيجيات والخطط وأتمتة العمل الضريبي وفقا للأهداف المأمولة في تحقيق الايرادات المتوقعة للدولة على طريق تنفيذ الخطوة الأولى للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وانهاء وتطهير اوكار الفساد الموروث عن الحكومات السابقة.
ولعل من اهم الخطوات التي سعت إليها المصلحة في ظل هذا العدوان الجائر والحصار الغاشم تبني التخفيف عن صغار المكلفين بتأجيل كافة اجراءات التحاسب والتحصيل عن الضرائب المستحقة عليهم وذلك في ضرائب الأرباح التجارية والصناعية والمهن الحرة وريع العقارات السكنية حتى نهاية العدوان حرصا من القيادة السياسية على التخفيف من العبء على هذه الفئة من المكلفين وفي اطار ذلك صدر تعميم رئيس المصلحة رقم 765 وتاريخ 3 /11/ 2019م لكافة المكاتب التنفيذية في أمانة العاصمة وبقية المحافظات والوحدة التنفيذية لريع العقارات وفروعها بتأجيل التحاسب على صغار المكلفين.

قد يعجبك ايضا