الرقص الشعبي في اليمن

 

بلال قائد عمر

اسم الكتاب : الرقصات الشعبية اليمنية
المؤلفان.     : علي محمد المحمدي
ياسمين أبو القصب الشلال
حجم الكتاب: القطع الكبير
«تعتبر الرقصات الشعبية فناً تعبيرياً إنسانياً خلاقاً تتجسد فيه طبيعة الانسان ووجدانه، وحاجته للتعبير عن نفسه وان يعطي لجسده حرية الحركة كي يقدم صورة جمالية مكتملة».
والرقص لوحة فنية راقية تشكل في مجملها نوعاً من انواع الفنون التي تكونت عن طبيعة المناخ وطقوس المجتمعات.
«الدلالات الجسدية في الرقص اليمني لا تختلف عن تلك في معظم رقصات العالم، فالرقص تعبير روحاني عن العلاقة الإنسانية بين الفرد ومجتمعه وبين الفرد والوجود، فالدوران في رقصة الشرح (خاصة في منطقة يافع حيث يسميها أهل يافع “السفيخ”) هو تعبير الإنسان عن اتصاله بحركة الأرض الدائرية. أما الكر والفر فهو تعبير الفرد عن حالته الوجودية بكونه انساناً ينجح ويخفق كما هي طبيعته، وبقدرته على مجاراة إيقاع الحياة فهو جزء لا يتجزأ من هذا الوجود.»
يتميز التراث الشعبي اليمني بالتنوع ويعتبر من أغنى المناطق العربية تنوعا ويحتوي على الكثير من الأغاني الشعبية والمهاجل والرقصات حيث ان لكل منطقة خصوصيتها المنفردة عما يجاورها من مناطق، ويعد الرقص الشعبي أحد أبرز الفنون التي عبر من خلالها اليمنيون عن فرحهم وغضبهم واستعدادهم للقتال.
فطوال قرون والناس يتناقلون رقصاتهم الشعبية بما يعتبر توثيقاً لها في ظل توارثهم لها دون ان يخطر لهم توثيقها في كتاب رغم كمية الكتب التي أُلفت طوال القرون الماضية مع أن البعض وثَّق الحكايات الشفهية من حكم وحزاوي ومرويات الجدات وغيرها من التراث المادي وغير المادي، والكاتبة أروى عبده عثمان لها قصب السبق في محاولة تدوينه بمجهود شخصي ورغم المعاناة التي يلقاها الباحث اليمني في توثيق خصائص المجتمع اليمني قديما إلا ان هناك من يتغلب على هذه الصعوبات ويتجاوزها، كما قلنا لم يقم احد بتدوين الرقصات الشعبية تدويناً علمياً ليكون مرجعاً عربياً وعالمياً للمهتمين، حتى جاء الفنان ومصمم الرقص الشعبي علي المحمدي حيث خرج لنا بكتاب جميل بعنوان «الرقصات الشعبية في اليمن» وهو اول كتاب يوثِّق للرقصات الشعبية في كل مناطق اليمن حتى أنه وثَّقها بالصور وبالنوتة الموسيقية وهو ما يعتبر مجهوداً جباراً في ظل ندرة المراجع بل عدم وجودها .
اعتمد المؤلف على خبرته التي تزيد عن عشرين سنة في الفرقة الوطنية للرقص كممارس وكمصمم ولم يكتف بهذا بل قام بعمل نزول لكل المحافظات التي تناول رقصاتها في الكتاب.
يقول المحمدي في مقدمة الكتاب « إنه اول كتاب يوثق بالكلمة والصورة والتدوين للنغمة والإيقاع بالطريقة العلمية(النوتة) وقد اعتمد المؤلفان  على حصيلة معرفية بالمعايشة والمعاصرة والمشاركة، وبعض المراجع اليمنية المتوفرة على قلتها، وهو اول كتاب جاد يوثِّق الرقصات الشعبية من واقع ما هو معاش» .
و مما زاد من قيمة هذا الجهد أنه يعتبر محاولة مهمة في تقديم وحفظ الفنون الموسيقية الراقصة التي تزخر بها مناطق اليمن وهي التي خضعت لتوارث سماعها من جيل لآخر.
جاء هذا الجهد لتدوينها والحفاظ عليها من الاندثار أو التشويه الذي سيطالها لاحقا بسبب الاهمال سواء المتعمد أو غير المتعمد.
قسَّم المؤلفان الكتاب إلى أربع عشرة محافظة، وكل محافظة حسب ما فيها من رقصات حسب المناطق التي وثَّقها الكتاب، ومهَّد المؤلفان للكتاب بمقدمة قصيرة عن الرقص وتطوره وقد قسم المقدمة إلى قسمين: قسم تناول فيه رقصة البالية والقسم الثاني للرقص الشعبي.
يقول المؤلفان في المقدمة ان الحركة سمة تعبيرية، لها مدلولات عديدة لدى الإنسان منذ أن وجد على وجه الأرض.
ولأن الرقص جاء ليعبِّر عن حالات الإنسان البدائي من الخوف والحزن والفرح والاستعداد للقتال، والرقصات تختلف من مكان لآخر باختلاف الأشكال والانماط المتعددة بتعدد الحضارات والمعتقدات التي سادت تلك الشعوب، وبعض الرقصات تعتبر أسلوباً للتقرب من الآلهة في طقوس بعض المجتمعات والحضارات التي استخدمت الرقص في طقوسها التعبِّدية، وبعض الرقصات تحمل مدلولاً فلسفياً له» بُعد إيقاعي حركي يغلب عليه الخيال والسحر والشعوذة» وهو ما نراة في قبائل أفريقيا التي تعتمد عليه في إرضاء الآلهة وإبعاد الأرواح الشريرة.
تننوَّع الرقصات الشعبية بما تحمل من مدلولات مثل الفرح والحزن والخوف والاستعداد للقتال والتقرِّب من الآلهة أو لاحتواء غضب الطبيعة.
تناول المؤلفان كل محافظة على حِدة والرقصات التي تنتمي لها وكيفية تسميتها مع تدوينها بالنوتة وهو مجهود كبير.
فمثلا في محافظة أبين توجد رقصتان فقط بينما في محافظة حضرموت توجد سبع رقصات، ففي محافظة أبين نجد رقصتي «الُدحيف» والّرزَحة»، ومحافظة البيضاء رقصة واحدة تسمى» رقصة البيضاء» ومحافظة الحُديدة أربع رقصات هي «الحقفة»و الجلّ» الفرساني» ورقصة «عطا» لينتقل بعد ذلك لمحافظة المحويت حيث احتوت على رقصتين «رقصة الكوكباني» و «رقصة السيفية المحويتي» بينما محافظة المهرة احتوت على ثلاث رقصات هي « رقصة البرَع الَمهَري» و «رقصة الُبدينة» و»رقصة العُريُ» وينتقل لمحافظة تعز التي احتوت على ثلاث رقصات هي «رقصة الرزين والخفيف» و«رقصة الزبيرية» و«رقصة البَرع الحُجري».
اما محافظة حضرموت فقد احتوت على سبع رقصات هي «رقصة الزِربادي» و«رقصة غيل بني يَمين» و«رقصة الهبيّش» و«رقصة الغيٌة» و«رقصة القطنِي» و«رقصة العِدة» و«رقصة بني مغراة»
محافظة سقطرى فيها ثلاث رقصات « رقصة الّزامل» و«رقصة قلّيل مِزمار» و«رقصة السّيبح»، وفي محافظة شبوة فيها رقصتان « رقصة بِير علي» و«رقصة نِصاب» وينتقل بعدها لمحافظة صعدة وفيها رقصتين «رقصة النسر»و «رقصة سحار» ليعود لمحافظة صنعاء وفيها هما « رقصة البرع الصنعاني»و « رقصة المزمار» و«رقصة الشُّعوبيّة».
أما محافظة عدن فوثَّق بها رقصتان هما «رقصة الليُّوة» و»رقصة الركلة» وليختتم الرقصات بمحافظة لحج وفيها رقصتان « رقصة الشّرح» و»رقصة المُركح» ومحافظة مارب وفيها «رقصة مأرب».
قام المؤلفان بشرح كل رقصة ومن أين هي مستوحاة وشرح تفصيلي للحركات التي تقوم عليها كل رقصة مع كتابة النوتة الموسيقية لكل رقصة على حِدة وقد قام بكتابة النوتات الموسيقية كل من عبدالباسط الحارثي وعبدالعزيز مكرد وعبدالله فتاح الزُحيري وعادل جرجوره.
واختتم الكتاب بفصول احتوت على صور الآلات الموسيقية وملحق الأزياء الشعبية والحلي الشعبية وأنواع الجنابي من مختلف المحافظات وأحزمة نسائية ورجالية وصور لعقود من الفضة الخالصة والمطعمة بالعقيق ومجموعة مختلفة من أشكال الأساور، وغيرها من الاكسسوارات التي كانت تستخدم قديما.
يعتبر الكتاب أهم مرجع يمني يوثِّق للرقصات بالشرح والنوتة الموسيقية وبالصور المرافقة كذلك.
«وبهذا نستطيع القول إن الرقص أقدم تعبير عاطفي استطاع الإنسان به أن يترجم أحاسيسه المكنونة التي تأجَّجت داخله بسلاسة واريحية بتعدد حالاته»

قد يعجبك ايضا