قراءة في أبعاد دعوة قائد الثورة لأصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في اليمن

تحقيق الاكتفاء الذاتي يدعم استقلالية القرار الوطني أمام التدخلات الأجنبية

 

الاستقلال بالقرار الوطني دون وضع اعتبار لمعونات اقتصادية خارجية مشروطة خلّص البلاد من التبعية
لا ينبغي توسّم الخير من دول الخارج حتى يمدِّوا اليمن بالواردات لسدّ احتياجاته الأساسية المتزايدة
أيُّ ثغرة، أو ضعف في هيكل الأمن الغذائي يشكل خطراً كبيراً على بنيان الأمن الوطني والقومي
اليمن يمتلك ثروة طبيعية وزراعية هائلة تحتاج إلى إنعاش وتطوير

في كلمته التاريخية بمناسبة جمعة رجب 1441هجرية تطرق قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي إلى الجانب الاقتصادي ،داعيا الجهات المعنية والمجتمع ككل بضرورة التحرك في مواجهة الأعداء من خلال الاعتماد على أنفسنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والاحتياجات التنموية والمعيشية ،كما دعا أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في المشاريع التنموية المجدية داخل اليمن فبلدنا غني بالكثير من الثروات الطبيعية والإمكانيات والقدرات البشرية التي تؤهلها لأن تكون في مقدمة الدول المنتجة ، وأن الوقت قدحان خاصة مع العدوان والحصار الغاشم والشامل من قبل قوى العدوان والاحتلال للتخلص من الهيمنة والفقر والافقار التي عمل أعداء الوطن عن طريق الأنظمة العميلة والمرتهنة للقرار الأمريكي والسعودي والخارجي طيلة عقود طويلة مضت على تحويل اليمن الى بلد فقير ومستهلك يعتمد على الاستيراد من الخارج وبنسبة 90 % من احتياجاته الغذائية والاستهلاكية..فما هي الأهمية الاستراتيجية التي ستتحقق للبلاد من وراء تحقيق الاكتفاء الذاتي؟ .إلى التفاصيل:
الثورة / أحمد المالكي

تكمن أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي في أوقات الحروب بالذات وفي السّلم، حيث يتعذر استيراد السلع من الخارج، وتكمن أهميته في توفير الأمن الغذائي للسكان، وتحصينهم من الأزمات والمجاعات التي تحدث أحيانا، كما يعد الاكتفاء الذاتي سبيلاً إلى الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانات الذاتية، والتقليل في المقابل من الاعتماد على الخارج، وذلك مما يدعم استقلالية القرار السياسي والسيادي الوطني أمام تدخلات الدول الأجنبية، ويحّد من التأثيرات وبعض السلوكيات الابتزازية التي قد تمارسها الدول المصدرة لبعض الأغذية الاستراتيجية “القمح نموذجاً” في إطار التفاوض حول مصالحها ،أو مصالح حلفائها.
ويؤدي الاكتفاء الذاتي إلى التخلص من التبعية السياسية والاقتصادية والاستقلال بالقرار الوطني للبلد دون وضع اعتبار لمعونات اقتصادية خارجية مشروطة بانتهاج سياسة خارجية معينة، وبالتالي تستطيع الدولة المكتفية ذاتياً الاستغناء عن المساعدات الخارجية، مما يؤدي إلى التخلص من التبعّية.
ويُعَد الاكتفاء الذاتي شرطاً أساسياً لأي دولة تريد أنّ تتخلص من التبعّية والهيمنة عليها، وتُعزَى أهمية الاكتفاء الذاتي إلى إمكانية الاستغناء عن الاستيراد لاسيمّا في الظروف الحرجة التي قد تمر بها الدولة مثل حالة الحرب؛ حيث يتعذر إقامة علاقات اقتصادية مع دول أخرى.
وفي صورة بلاغية رائعة؛ يُقدم الشهيد القائد حاجة الأمة للاكتفاء الذاتي في قوتها الضروري كحاجة المصلي للوضوء، وأنّ الأمة أصبحت بحاجة إلى الغذاء أشد من حاجتها إلى السلاح، حيث يقول: “أصبح شرطا أساسياً، ضروريا الاهتمام بجانب الزراعة في مجال نصرة الإسلام أشدّ من حاجة المصلي إلى الماء ليتوضأ به.. هل تصح الصلاة بدون طهارة؟ إذا لم يجد الماء يمكن أن يتيمم فيصلي. إذا كانت الصلاة لا بد لها من طهور بالماء أو بالتراب، فلا بد للإسلام، ولهذه الأمة التي تهدد كل يوم الآن تهدد، وتهدد منْ قِبَل مُنْ؟ تهدد من قبل منْ قوتُها مِنْ تحتِ أقدامهم، من فتات موائدهم“.
ويقول في موضع آخر: ” ما دمنا مفتقدين إلى تأمين غذائنا فلا نستطيع أن نعمل شيئًا، ….، لا نستطيع أن نقف موقفًا واحدًا ضد أعداء الله، أصبحت حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح، هل تفهمون هذا؟ حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجتنا إلى السلاح في ميدان وقفتنا ضد أعداء الله.
مقومات
إن واقع الحال في ظل استمرار العدوان الأمريكي السعودي والحصار الغاشم على اليمن لا بد من اتخاذ عددٍ من التدابير العاجلة والكفيلة بالسعي نحو التنمية الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القوت الضروري والذي يكفل الاستقلال عن الواردات الخارجية والاعتماد على الإنتاج المحلّي لتغطية الاحتياجات الأساسيَّة للاستهلاك قدر الإمكان.
ولا ينبغي إطلاقا توسم الخير من دول الخارج من أجل أن يمدِّوا بما تحتاجه اليمن من الواردات لسدّ الاحتياجات الأساسية المتزايدة، أو غيرها، فالمشكلة الاستراتيجية التي تعانيها اليمن اليوم جرَّاء العدوان الظالم، والحِصار الجائِر؛ يُمكنها أن تتكرر في أي وقتٍ من الأوقات وفي سيناريوهات متوقعة مستقبلاً في ظل هيمنة قوى الاستكبار وسعيها الدؤوب للهيمنة على اليمن أرضا وإنسانا، وسلب قرارها الوطني.
وفي ظل استمرار العدوان الأمريكي السعودي والحصار الغاشم على اليمن لابد من اتخاذ عددٍ من التدابير العاجلة والكفيلة بالسعي نحو التنمية الزراعية ليس لليمن فحسب بل ولغير اليمن أيضاً، الذي تحول إلى بلد مستورد للغذاء لسد حاجاته من السلع الضرورية، حيث أهملت الأراضي الزراعية، ولم يتم إعطاء الزراعة ذلك القدر الكافي من الاهتمام، ناهيك عن اتساع نطاق الهجرة من الريف إلى المدينة، فلم يعد الإنتاج الزراعي قادرا على سد احتياجات المواطنين من الغذاء في ظل الاعتماد على الاستيراد.
وفي خضم ذلك، يشير الشهيد القائد إلى توافر المقومات الأساسية في اليمن، والتي تمكنها من التنمية الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القوت الضروري، لاسيما وأن اليمن يمتلك كامل المؤهلات الطبيعية للإنتاج الزراعي، وبما يؤهله لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الغذائية، ومرّد ذلك الأراضي الشاسعة والصالحة للزراعة والتي بمقدورها انتاج كل الحاجات من الغذاء وتحديداً الحبوب والتي تكفي إذا تمت زراعتها لليمن ولغير اليمن، يقول الشهيد القائد:
“في اليمن نفسه كم من الأراضي في اليمن تصلح للزراعة، ونحن نستورد حتى العدس وحتى الفاصوليا والقمح والذرة من استراليا ومن الصين وغيرها؟ واليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن ” .
ويدحّض الشهيد القائد في نفس الوقت مزاعم من يقولون إن اليمن أراضٍ جبلية، حيث يقول: “هذه مناطق جبلية، أراضٍ محدودة، لو تأتي لتلصق بعضها ببعض لما ساوت منطقة صغيرة في بلاد تهامة، أو في حضرموت، أو في مأرب، أو في الجوف..” ليتساءل بعد ذلك بالقول: “لماذا لا تزرع تلك الأراضي؟”
قضية أساسية
تعتبر قضية تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي من القضايا الأساسية التي لها الأثر الحاسم في تحديد موقع الدول العربية والإسلامية على خارطة التقدم والنمو بين مجتمعات العالم المتقدمة، بل يمكن القول إن تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي يعادل الأمن الوطني والقومي في أهميته أن لم يكن يتخطاه بمراحل، ذلك أن أي ثغرة، أو ضعف في هيكل الأمن الغذائي يشكل خطراً كبيراً على بنيان الأمن الوطني والقومي بشكل عام لانعكاساته الخطيرة على كل نواحي المجتمع، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يمُكن الحديث عن الأمن الوطني والقومي دون الحديث عن الاكتفاء الغذائي لأّنه المعبر الاجباري للولوج إلى الأمن الوطني والقومي، ومن خلال تحقيق الاكتفاء الغذائي يُمّكن الاطمئنان إلى قدرة الاقتصاد الوطني على سد الاحتياجات الغذائية للسكان حاضراً ومستقبلاً من خلال الإنتاج المحلي.
ويُشير الشهيد القائد إلى أنه متى ما زرعت الأمة ملكت قوتها، وستستطيع أن تتخذ القرار الذي يليق بها أمام أعدائها، ويقول الشهيد القائد:”لا يريدون أن نزرع؛ لأنهم يعرفون ماذا يعني أن نزرع، متى ما زرعنا ملكنا قوتنا، متى ما ملكنا قوتنا استطعنا أن نقول: لا، استطعنا أن نصرخ في وجوههم، استطعنا أن نتخذ القرار الذي يليق بنا أمامهم، فما دمنا لا نملك شيئاً لا نستطيع أن نقول شيئاً…. ”
أهم من السلاح
تكمن أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي كذلك في توفير الأمن الغذائي للسكان، وتحصينهم من الأزمات والمجاعات التي تحدث أحيانا، كما يعد الاكتفاء الذاتي سبيلاً إلى الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانات الذاتية، والتقليل في المقابل من الاعتماد على الخارج، ويحّد من التأثيرات وبعض السلوكيات الابتزازية التي قد تمارسها الدول المصدرة لبعض الأغذية الاستراتيجية في إطار التفاوض حول مصالحها ،أو مصالح حلفائها.
ويؤدي الاكتفاء الذاتي إلى التخلص من التبعية السياسية والاقتصادية والاستقلال بالقرار الوطني للبلد دون وضع اعتبار لمعونات اقتصادية خارجية مشروطة بانتهاج سياسة خارجية معينة، وبالتالي تستطيع الدولة المكتفية ذاتياً الاستغناء عن المساعدات الخارجية، مما يؤدي إلى التخلص من التبعّية.
ويُعَد الاكتفاء الذاتي شرطاً أساسياً لأي دولة تريد أنّ تتخلص من التبعّية والهيمنة عليها، وتُعزَى أهمية الاكتفاء الذاتي إلى إمكانية الاستغناء عن الاستيراد لاسيمّا في الظروف الحرجة التي قد تمر بها الدولة مثل حالة الحرب؛ حيث يتعذر إقامة علاقات اقتصادية مع دول أخرى.
قدرات
المهتمون بالشأن الاقتصادي يؤكدون على ضرورة الاستفادة من القدرات الموجودة خصوصا في اليمن وفي الوطن العربي عموماً في ظل الأوضاع التي يشهدها العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص والمتمثلة في أزمة الغذاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وقالوا إنه لا يمكن للأمة العربية والإسلامية مجابهة الأعداء وأزمات الغذاء وارتفاع الأسعار إلا من خلال التكامل في سبيل الوصول إلى الأمن الغذائي العربي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلص من الهيمنة الخارجية التي تتخذ الغذاء أداة لبسط سلطتها ونفوذها ”
وتبلغ المساحة الصالحة للزراعة في الجمهورية اليمنية (1.539.006) هكتار حسب المسوحات الزراعية، وتتسم الزراعة في اليمن بالتنوع نظرا لما تتمتع به من تفاوت الخصائص المناخية الناتجة عن تفاوت معدلات الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة واختلاف الظروف الطبوغرافية مما أدى إلى اختلاف الأقاليم النباتية والذي ساعد على تنوع الإنتاج .
تنمية
وتُعد التنمية الزراعية المقدمة الضرورية لتحقيق التنمية الشاملة، وتعرف التنمية الزراعية على أنها مجموعة من الإجراءات والأساليب التي يكون لها دور كبير وفعال في التأثير على هيكل الاقتصاد الوطني، وتعرف أيضاً بأنها عملية تحسين الإنتاج الزراعي كماً ونوعاً لتحقيق الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، لاسيما وأن من أهم أهداف التنمية الزراعية تعظيم مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي، وتأمين احتياجات المجتمع من الغذاء بدلاً من الاستيراد من الدول الأخرى.
ولا يزال عدد كبير من البلدان النامية ومنها اليمن وجلّ البلدان الأقل نموا عبر العالم عاجزة عن تحقيق اكتفائها الذاتي من الأغذية الأساسية. ويعاني الملايين من السكان من المجاعة أو سوء التغذية، وذلك بالرغم من التطورات التكنولوجية الهائلة والاستثمارات التي عرفها مجال الإنتاج الزراعي، ورغم المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى مكافحة الجوع.
وترجع أسباب هذا الوضع إلى ضعف الاستثمار في المجال الزراعي في هذه البلدان، والنمو السكاني المتواصل، ونقص الموارد المائية في بعض المناطق بسبب الجفاف، فضلا عن تزايد أعداد المهاجرين القرويين إلى المراكز الحضرية الذي ينعكس سلبا على الزراعة المعيشية.
و تعاني البلدان العربية عجزا غذائيا مهولا في العديد من القطاعات الزراعية مثل الحبوب والسكر والزيوت النباتية، على الرغم من أهمية هذه المنتجات في سلة غذاء المواطن العربي وبالرغم كذلك من مما تمتلكه من قدرات ومقومات تؤهلها لأن تكون دولاً منتجة .

قد يعجبك ايضا