أمناء التوثيق .. حين يتحول الباطل إلى حق.. والحق إلى باطل؟!

 

القبلاني:
إنهاء ترخيص (111) أميناً منقطعاً عن مزاولة المهنة و(78) أميناً بسبب الوفاة والعجز والاستقالة خلال العام 2019م
الموتي:
مهنة الأمين من أخطر المهام ولا يجب التجاوز أو التساهل في الإجراءات القانونية
الضرواني:
يشترط في تحرير أو توثيق المحرر ألا يكون مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة
الجرموزي:
نقوم بإجراءات الرقابة على الأمناء لمراجعة سجلاتهم عند تحرير كل وثيقة ومدى مطابقتها للشرع والقانون

تتطلب مهنة الأمين أو ما يسمى بـــ”الأمين الشرعي” أن يكون مزاول المهنة قد استوفى كافة شروط الترشح واجتاز الإجراءات القانونية للحصول على ترخيص ليكون أهلاً لهذه المهنة التي تعتبر في غاية الأهمية، حيث لا يصح التجاوز فيها أو اللجوء لأشخاص غير مرخص لهم من قِبل وزارة العدل ما يجعل المحرر مجرد محرر عرفي، فقد كثرت الأباطيل وجرائم التزوير في البصائر التي أعطت الحق لمن ليس له حق وسلبت الحق من أهل الحق.
في هذا التحقيق التي أجرته صحيفة “الثورة” نسلِّط الضوء على كيفية اختيار الأمين المختص بتحرير وثائق الملكية، والاشتراطات الخاصة به.. إلى التفاصيل:

تحقيق/ رجاء عاطف

بناء على رغبة وإصرار أهالي المنطقة على أن أكتب محرراتهم تقدمت بطلب ترشح لمزاولة مهنة الأمين كون المنطقة شاغرة من أمين قريب يقوم بتحرير ما يحتاجونه بشكل قانوني.. هكذا بدأ عوض صالح الضرواني، أمين حارة سدس الروضة بمديرية بني الحارث حديثه حيث قال: قدمنا الطلب إلى رئيس محكمة بني الحارث الذي بدوره أحال الموضوع إلى قلم التوثيق بالمحكمة وقام باتخاذ الإجراءات القانونية من توافر شروط منح الترخيص لمزاولة المهنة وفقا لنص المواد (14،13،12) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م، وبعد عدة إجراءات طويلة تم الحصول على الترخيص بصورة قانونية.
صفة الأمين
ولفت الضرواني إلى أن مهنة الأمين من أهم وأخطر المهن على الإطلاق لما يترتب عليها من حفظ للحقوق والحد من المنازعات كون نسبة 90% من القضايا في المحاكم بسبب مخالفات بعض الأمناء ومنتحلي صفة الأمين سواء كانت قضايا مدنية أو جنائية أو شخصية، ولذلك فمهام وواجبات الأمين قد حددها قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م في المواد (22،21،20،19،18،17) ومنها التحقق من شخصية ذوي العلاقة وأهليتهم ورضاهم والتحقق من هوياتهم وقراءة المحرر الذي حرره على ذوي العلاقة والشهود والتوقيع معهم في ذيل المحرر بعد التأكد من سلامة وصحة مستنداتهم خاصة فيما يتعلق بعملية البيع، حيث يشترط في تحرير أو توثيق المحرر ألا يكون مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة.. وأضاف: من المهام أيضا تحرير عقود الزواج وشهادات الطلاق والرجعة على النماذج الرسمية وتحرير الوكالات والتصرفات والمحررات الأخرى التي يطلبها ذوو المصلحة.
ودعا الضرواني قيادة وزارة العدل إلى تسهيل إجراءات مزاولة مهنة الأمين وسرعة البت فيها ونشر التوعية القانونية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بتسجيل وثائقهم وتصرفاتهم لدى الأمناء المعتمدين من قبل وزارة العدل وتعميدها في أقلام التوثيق، وضرورة تفعيل دور الإشراف والرقابة على الأمناء وضبط منتحلي صفة الأمين.
تسهِّل احتياجات المواطن
وبنفس الطريقة أيضاً تم ترشيح عبدالكريم الموتي- أمين حي القادسية بمنطقة السبعين كأمين من قِبل الأهالي الساكنين في الحي لحاجتهم إلى أمين يرون فيه الثقة والأمانة والمؤهل العلمي لهذه المهنة ولتقديم مهام وخدمة تحرير العقود الشرعية لهم وغيرها في منطقة الاختصاص المرخص له فيها وتحرير كافة الوثائق بما ينسجم مع الشرع والقانون الذي لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، وهذا ما تضمنه حديثه عن حصوله على الترخيص من وزارة العدل بعد عدة اجراءات إلى أن انطبقت عليه الشروط القانونية لمزاولة المهنة وبعد صدور قرار وزاري بذلك.
وأشار الموتى إلى أن مهنة الأمين تُعد ميزة حسنة تُسهل تلبية احتياجات المواطن اليمني في الحي السكني وخصوصا العائلات وكبار السن، والعمل فيها خارج أوقات الدوام الرسمي على مدار (24) ساعة ما يجعل هذه الخدمة الشرعية والقانونية في متناول يد المواطن اليمني أو العربي أو الأجنبي بكل سهولة ويُسر بدلاً من حالات الزحام وبُعد المسافات للمحاكم والحاجة لمتطلبات الأمور الشرعية والقانونية وتوثيقها رسمياً على المستوى الداخلي أو الخارجي بشكل منظم ورسمي، حيث أن هناك اهتماما كبيرا من وزارة العدل بترشيد وتحسين أداء المختصين لهذه المهمة.
طلب محررات مخالفة
ومن وجهة نظره فقد اعتبر الأمين عبدالكريم هذه المهنة أصعب مهمة وأنها كحد السيف لأن التجاوز فيها أو عدم الدقة وعدم الحرص على الأمانة أو التساهل في الإجراءات القانونية أو عدم وجود إثبات الشخصية للأطراف وخصوصاً الجانب النسائي أو كبار السن قد تكون سبباً في النزاعات وضياع الحقوق الشرعية والقانونية للغير ويكون الأمين عرضة للمساءلة القانونية والتأديبية وفقاً لقانون التوثيق في حالة تهوره وعدم شعوره بأمانة المسؤولية أمام الله والقانون.
وعما إذا كانت هناك صعوبات تواجه الأمين يقول الموتي: هناك صعوبات كثيرة وجدناها من خلال ممارسة العمل منها طلبات بعض الأشخاص غير المُلمين بالأنظمة والقوانين وعقوبات المخالفات وكذلك بعض من يطلب تحرير محررات مخالفة للنظام العام نتيجة الجهل وطلب تحرير وثائق البيع والشراء بموجب وثائقهم غير القانونية أو غير المصادق عليها من الجهات الرسمية المختصة أو عدم وجود شهود محايدين أو الوثائق الثبوتية للأطراف أو الشهود وعند رفضنا تحرير ذلك يطالنا منهم السب والشتم والتهجم ونحن بدورنا لن نستجيب لرغباتهم غير القانونية.
إجراءات الترشح والترشيح
وعن كيفية منح التراخيص لمزاولة مهنة الأمناء أكد أحمد القبلاني- مدير عام قطاع التوثيق في وزارة العدل: منح التراخيص لمزاولة مهنة الأمين تبدأ أولا بتقسيم المناطق الشاغرة إلى مربعات سكانية لا يقل الحد الأدنى فيها عن (1500) نسمة في الأرياف ولا يقل عن (5000) نسمة في المدن بحسب كتاب الإحصاء للعام 2004م مع إضافة نسبة الزيادة السنوية للنمو السكاني لكل محافظة على حدة وذلك بعد رفعها من أقلام ومكاتب التوثيق إلى الوزارة لدراستها ومن ثم اعتمادها من الوزارة.
ونوه بأنه يتم فتح باب الترشح لمدة (15) يوماً وبعد ذلك تُقدم طلبات المرشحين سواء حضر متقدم واحد أو أكثر ثم تراجع شروطهم القانونية وفقاً لقانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م ولائحته التنفيذية رقم (53) لسنة 2018م كالسن والمؤهل وشرط الإقامة الدائمة في المنطقة ويحدد يوم معين لتلقي ترشيحات المواطنين بما يكون شبيهاً بالانتخابات سواء لمتنافس أو متنافسين عدة ويتم نزول مندوب من قبل قلم التوثيق في نطاق المحكمة الابتدائية المختصة.
وأردف: يُعد لكل مرشح قوائم ترشيح من المواطنين حيث يجب أن تصل نسبتهم إلى (2.5%) في حال التنافس، أما في حال عدم وجود متنافسين ووجود مرشح واحد فقط يستوجب الحصول على نسبة (5%) من إجمالي عدد السكان.
وتابع القبلاني: يقوم مندوب قلم التوثيق برفع تقريره مبيناً النسبة المطلوبة من المرشحين، ورفع ملفاتهم إلى لجنة قبول الأمناء في نطاق محكمة الاستئناف، بعدها يتم إجراء اختبار تحريري وشفهي في خمس مواد (أحكام المعاملات الشرعية – صيغ العقود – الأحوال الشخصية – قوانين التوثيق والإثبات والضرائب والسجل العقاري وغيرها من القوانين ذات العلاقة – المسائل الحسابية والمساحة – الخط والإملاء).
مؤكداً: يجب أن تكون نسبة النجاح في اختبار قبول الأمناء بما لا يقل عن 60% شفوي وتحريري وإن كان المتقدمون لنفس المنطقة أكثر من مرشح واحد وتجاوزوا الاختبار بنجاح فيتم التفاضل بحسب أعلى درجة للمرشح وهو الملف الذي سيتم رفعه للوزارة.
قرار منح الترخيص
وقال أحمد القبلاني: بعد رفع الملفات بالنتيجة المطلوبة لوزارة العدل ومراجعة جميع الإجراءات التي تمت سواء في قلم التوثيق الواقع في نطاق المحكمة الابتدائية المختصة أو مكتب التوثيق بالاستئناف، وثبوت سلامة الإجراءات يتم الرفع إلى وزير العدل لإصدار قرار منح الترخيص، والعكس في حال عدم مطابقة الإجراءات لقانون التوثيق ولائحته التنفيذية يتم إعادة الملف إلى الميدان لكي يستوفي الشروط المطلوبة ومن ثم رفعه من جديد إلى الوزارة.
وزاد بالقول: بعد صدور قرار منح الترخيص للأمين يتم تقييد بيانات الأمين في قاعدة بيانات الأمناء الآلية ونشره في شبكة الإنترنت عبر موقع الوزارة ليسهل للمواطنين معرفة من هو الأمين المرخص له وفي أي منطقة معينة للحد من انتحال صفة الأمين وما يترتب على ذلك من منازعات ومشاكل تعج بها أروقة المحاكم.
مشيراً إلى أن الأمين يُعد في حكم الموظف العام ويتم منحه بطاقة الترخيص وإرسالها إلى مكتب التوثيق بمحكمة الاستئناف لاتخاذ الإجراءات اللازمة لديهم لقيد بيانات الأمين في السجلات الخاصة بذلك ومن ثم إرسال الترخيص إلى قلم التوثيق في نطاق المحكمة الابتدائية المختصة لاستكمال بقية الإجراءات من تدريب للأمين وأخذ اليمين القانونية واستلام السجلات الخاصة بالعمل وما إلى ذلك من إجراءات، كما يتم أخذ نموذج من خط وتوقيع الأمين وبيان ما تم اتخاذه من إجراءات بمذكرة ترفع إلى الوزارة ليتم حفظها في ملفه وصرف ختم خاص به بنموذج موحد تم اعتماده لجميع أمناء الجمهورية وبذلك يكون جاهزا لممارسة المهنة في مكتب خاص تُعلق خارجه لوحة تبين بيانات الأمين ومناطق اختصاصه وكذا رقم الترخيص.
وقال: لا يوجد مانع أن يتم مزاولة المهنة من منزل الأمين، لكن يجب أن يتم تعليق لوحة خارجية يعرف بها المواطنون أنه أمين مرخص له من قبل وزارة العدل لمزاولة مهنة الأمين كي لا يتم اللجوء إلى أشخاص غير مرخص لهم بمزاولة مهنة الأمين الذي يجعل المحرر مجرد محرر عرفي يلزم الأطراف بالحضور إلى قلم التوثيق لتوثيقه كون من قام بكتابته غير مرخص له من قبل الوزارة.
إنهاء تراخيص بعض الأمناء
وعن إنهاء وتجديد تراخيص مزاولة مهنة الأمين يقول القبلاني: تم إنهاء ترخيص عدد (111) أمينا لانقطاعهم عن مزاولة مهنة الأمين في المناطق المرخص لهم بها من قبل وزارة العدل كما تم إنهاء ترخيص (78) أميناً بسبب الوفاة والعجز والاستقالة خلال العام 2019م.
وبحسب المادة (64) يشدد القبلاني على الأمناء تجديد تراخيصهم كل ثلاث سنوات من قبل مكتب التوثيق وفقاً للشروط والإجراءات المحددة في اللائحة، حيث أن سحب وإنهاء ترخيص مزاولة مهنة الأمين تكون حسب ما جاء في المادة (92) “يسحب الترخيص الممنوح للأمين كعقوبة تأديبية وفقاً للحالات والأحكام والإجراءات المنظمة لذلك والواردة في الفصل الخامس من هذا الباب في اللائحة”، إضافة إلى المادة (93) التي تنص على “يتم إنهاء الترخيص الممنوح للأمين في حالة عدم القيام بالتجديد وذلك بقرار من لجنة قبول الأمناء ورفع دعوى من مكتب التوثيق”.
الرقابة على أعمال الأمناء
من جانبه أشاد عادل الجرموزي – رئيس قلم التوثيق في محكمة جنوب غرب – بدور أقلام التوثيق في الرقابة على الأمناء المحددة بقانون التوثيق ولائحته حيث أن إجراءات الرقابة على أعمالهم تكون من خلال النزول المفاجئ إلى مقر كل أمين لمراجعة سجلاته ومدى التقيد بالضوابط والمحددات القانونية عند تحرير كل وثيقة ومدى مطابقتها للشرع والقانون، وأيضاً مراجعة محررات الأمناء عند طلب التصديق عليها ومعرفة توافقها مع الشرع والقانون، إلى جانب التحقيق مع الأمناء المخالفين أو في الشكاوى المقدمة ضد أي أمين يرتكب أي مخالفة قانونية والرفع بها إلى مكتب التوثيق بمحكمة الاستئناف ليتم تقديمه للمساءلة القانونية، حال ثبوت صحة الشكوى حيال الأمين المشكو به.
إضافة إلى مراجعة سجلات الأمناء كل ثلاثة أشهر والتوقيع عليها بعد تدوين ملاحظات قلم التوثيق عند وجود أي ملاحظة تظهر بغرض تلافيها، وكذلك مراجعة التراخيص الممنوحة لهم وتجديدها والرفع بالأمناء غير المجددين إلى مكتب التوثيق بمحكمة الاستئناف.
وتحدث عن الصعوبات التي يواجهونها عند تنفيذ مهامهم والتي تتمثل في قلة الإمكانات المتاحة واللازمة لتسيير الأعمال المناطة بأقلام التوثيق عموما ووجود فجوة في الأعمال المناطة بأقلام التوثيق وقطاع السجل العقاري وعدم وجود تنسيق حقيقي لممارسة الأعمال المناطة بكلا القطاعين (التوثيق والسجل العقاري) فيما يتعلق بالمحررات العقارية، إضافة إلى عدم عقد دورات توعوية دورية للأمناء والموثقين فيما يتعلق بأعمالهم المرتبطة بالقانون والمعاملات الشرعية.

قد يعجبك ايضا