وصف عجز المجموعة الدولية على حل أزمة اليمن بالمحبط

مؤتمر ميونيخ الأمني: من خطة “هرمز” للسلام إلى حرب القوى

 

 

تتواصل فعاليات أعمال مؤتمر ميونيخ الأمني ​​السادس والخمسين التي بدأت الجمعة الماضي حيث، سلط مؤتمر ميونيخ الأمني السادس والخمسون الضوء على المستقبل الاقتصادي والأمني ​​غير المستقر والتحديات الأمنية الإقليمية المنتشرة في جميع أنحاء العالم وتغير موازين القوة بالعالم، وردود الفعل الدولية على صفقة القرن التي وضعها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، فضلاً عن آثار تغير المناخ، وتقاطعات التقدم التجاري والتكنولوجي مع الأمن الدولي.
وكانت فعاليات اعمال هذا المؤتمر انعقدت للمرة الأولى عام 1963 وكان يُسمى اللقاء الدولي لعلوم الدفاع، بيد أن المؤتمر غير اسمه لاحقاً إلى المؤتمر الدولي لعلوم الدفاع، ومن ثم أصبح اسمه مؤتمر ميونيخ للأمن وتكمن أهمية هذا المؤتمر بكونه منصة فريدة على مستوى العالم يتم خلالها بحث القضايا الأمنية. كما أنه يمنح الفاعلين السياسيين فرصة التواصل عن قرب بشكل غير رسمي وبالنسبة لمؤتمر ميونيخ للأمن لهذا العام فلقد انطلق بمشاركة أكثر من 500 من صانعي القرار الدوليين رفيعي المستوى أبرزهم الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ورئيس الوزراء الكندي “جوستين ترودو”، والرئيس الألماني “فرانك فالتر شتاينماير” الذي افتتح المؤتمر، إضافة إلى رؤساء حكومات ووزراء الخارجية والدفاع بأكثر من 40 بلداً، وممثلين عن الاقتصاد ومنظمات دولية.
وفي هذا السياق، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أن تراجع النفوذ الغربي في صراعات العالم لصالح أطراف أخرى، شكل الموضوع الرئيسي لفعاليات مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن لهذا العام 2020 ولفتت تلك التقارير إلى أن رئيس المؤتمر “فولفغانغ إيشينغر” وصف خلال مؤتمر صحفي ببرلين يوم الاثنين الماضي، لقاء ميونيخ هذا العام بأنه الأهم خلال العشرين سنة الماضية، مضيفاً أن المجتمعين سيناقشون خلاله ملفات وأزمات دولية عالقة ومعقدة وسيحاولون الإجابة على أسئلة مهمة تتعلق قبل كل شيء بمستقبل الغرب وبتراجع دوره سواء على مستوى العالم أو داخل الغرب نفسه، وأسباب هذا التراجع، وسبل معالجته. وأعرب “إيشينغر” عن شعوره بالإحباط نتيجة عجز المجموعة الدولية عن حل أزمات عالقة أبرزها الوضع في سوريا وليبيا واليمن، ووجه انتقادات للاتحاد الأوروبي قائلا إن دوله عجزت عن تحمل مسؤولياتها تجاه أزمات تشتعل بجوارها.
الخطابات والمواضيع
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن الرئيس الألماني “فرانك فالتر شتاينماير” افتتح يوم الجمعة الماضي مؤتمر ميونخ السادس والخمسين للأمن، بتوجيه انتقادات ضمنية لنظيره الأمريكي “دونالد ترامب”، متهماً واشنطن وبكين وموسكو بإثارة حالة من انعدام الثقة والأمن في العالم بفعل منافسة بين القوى العظمى قد تهدد بسباق تسلح نووي جديد. وندد “شتاينماير”، في تصريحات أدلى بها في افتتاح المؤتمر، بأسلوب القوى العالمية الكبرى الثلاث في التعامل مع الشؤون الدولية، مشيرا إلى أن “ترامب” تعهد بأن بجعل أمريكا عظيمة من جديد. وقال “شتاينماير” متهكما، “عظيمة من جديد!، حتى لو على حساب جيرانها وشركائها”. ونبه إلى أن نتاج ذلك هو “انعدام ثقة أكثر وتسليح أكثر وأمن أقل… وكل هذا يفضي إلى سباق تسلح نووي جديد”. وقال إنه يتعين على ألمانيا في مقابل ذلك أن تعزز الإنفاق الدفاعي، للمساهمة أكثر في أمن أوروبا والحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة، وأقر بأن مصالح الولايات المتحدة تميل نحو آسيا أكثر من أوروبا.
ومن جهته، رفض “مايك بومبيو” وزير الخارجية الأمريكية “مايك بومبيو” خلال كلمته التي قالها في مؤتمر الأمن بميونيخ، انتقادات الرئيس الالماني ومسؤولين أوروبيين آخرين بشأن سياسة الانطواء وأنانية إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، مؤكداً أنها لا تعكس الواقع. وقال “بومبيو” إن “الغرب ينتصر ونحن ننتصر معاً”. وأضاف “يسرني أن أبلغكم أن فكرة أن التحالف بين ضفتي الأطلسي قد مات، مبالغ فيها إلى حد كبير”. وزعم “بومبيو” أن بلاده ساهمت في تعزيز حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا بالقرب من الحدود مع روسيا وأنها قادت الجهود للقضاء على تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا.
وعلى صعيد متصل، عبّر الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن أسفه لما وصفه بضعف غربي مع انكفاء أمريكي نسبي، في تناقض مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الذي أكد انتصار الغرب معاً، ووصف انتقادات أوروبية حول انطواء أمريكا وأنانية “ترامب” بغير الواقعية.
بالنظر إلى القيود التي فرضها البيت الأبيض فرض على مسألة اعطاء تأشيرات لبعض المسؤولين الإيرانيين وعلى اجتماعات وزير الخارجية الإيراني مع بعض القادة في الأمم المتحدة، فإن مؤتمر ميونيخ الأمني يمثل فرصة جيدة للجمهورية الإسلامية للتشاور والتفاوض مع مختلف البلدان. وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” عقد اجتماعات متنوعة مع وزير الخارجية الكندي ووزير الخارجية الصيني والياباني ووزير خارجية جمهورية التشيك وكرواتيا وفلندا. لفتت تلك المصادر الاخبارية بأن وزير الخارجية الإيراني بحث على هامش هذا المؤتمر قضية الاتفاق النووي خلال لقائه مع أعضاء مجلس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي وجرى خلال هذا اللقاء مناقشة التعهدات الأوروبية بخصوص الاتفاق النووي، وكذلك القضايا الإقليمية والدولية. وحضر هذا اللقاء المسؤول الأسبق للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، “خافير سولانا”، ورئيس الوزراء ووزير خارجية السويد السابق، “كارل بيلدت”.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بحث، مع رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” العلاقات الثنائية، على هامش مشاركتهما في مؤتمر ميونخ للأمن وكشف وزير الخارجية الإيراني أيضا في كلمته خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، أن الرياض بعثت رسالة إلى طهران بشأن الحوار بعد استشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني”. وأضاف أن إيران مستعدة للحوار ومناقشة ترتيبات أمنية مع أي جار، ووجه “ظريف” رسالة إلى جيران إيران في الخليج مفادها أن الولايات المتحدة وإسرائيل لن توفرا لهم الحماية. وأوضح “ظريف” أن الجهود الفرنسية واليابانية لدفع إيران والولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات “وجدت آذانا صماء”، لأن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” اعتقد أن إيران على شفا الانهيار الاقتصادي، وأن تغييرا في النظام سيحدث.
عُقدت المؤتمرات المختلفة لمؤتمر ميونيخ على مدى السنوات القليلة الماضية على أساس منتظم وفي العام الماضي، على سبيل المثال، كان التركيز الرئيسي للمحادثات هو تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي وتعزيز التعاون بين القارات. وفي حفل افتتاح مؤتمر هذا العام، بدأ “شتاينماير” خطابه من خلال انتقاد الكتل الثلاث الكبرى في العالم (الولايات المتحدة والصين وروسيا). وأعلن أن النزعة الأحادية للولايات المتحدة والسلطوية الروسية ومعاملة الصين الانتقائية للوائح الدولية هي السبب الرئيسي لعدم الاستقرار والتوتر الذي لم يتمكن العالم حتى الآن من حله.
كما أن الحرب الأهلية السورية كانت أحد أبرز الموضوعات المتكررة في مؤتمر ميونيخ 2020م، وهذا الامر يشير إلى أن اللاعبين الرئيسيين في العالم لم يتمكنوا من حل القضايا الأمنية وفشلوا حتى الآن في تحقيق الاستقرار من خلال التفاوض وتقديم الحلول في مؤتمرات ميونيخ السابقة وحلق بعض القضايا في ليبيا وأفغانستان واليمن وفي بعض الدول الأفريقية. وفي الختام يمكن القول أنه ما يمكن استخلاصه من التصريحات التي اطلقتها عدد من الدول العظمى في مؤتمر ميونيخ الأمني، ​​هو الاعتراف بأن العالم على وشك الانقسام إلى عالم متعدد الاقطاب وأن جميع القوى العالمية تحاول إعداد نفسها للدخول في نظام جديد وتأمين نفسها ضد التحديات الاقتصادية والأمنية.

قد يعجبك ايضا