فيما خسائر قطاع الصناعة جراء قصف طيران العدوان بلغت 1.373 مليار دولار

اليمن يمتلك العديد من الفرص الصناعية والاستثمارية مع استراتيجية البناء المستقلة

 

 

40 ألفاً من المنشآت الصغيرة تستورد ما يقارب 80% من أدوات الإنتاج
هناك مجموعة من العوامل والامكانيات التي يمكن تنميتها صناعياً بالاعتماد على المواد المحلية والكوادر الوطنية
لا يمكن للصناعة أن تتطور ما لم يتم إنشاء البنى التحتية وتوفير البيئة الآمنة
أكثر من 45% من حجم القطاع الصناعي التي تنتج مواد غذائية استهلاكية تعرضت للقصف المباشر

يحتل قطاع الصناعة أهمية متزايدة في الاقتصاد الوطني وفي دفع عجلة التنمية خاصة أن الواقع يعاني من تضخم في البطالة، ومن شأن إنعاش قطاع الصناعة التخفيف من حجم ذلك التضخم وتوفير فرص عمل للشباب تسهم في تنويع مصادر الإنتاج والدخل والصادرات للدولة من خلال رفع نسبة إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي والصادرات، والتقليل من الاعتماد على تصدير المواد الأولية لأن الاعتماد على تصديرها فقط يحدث تقلبات اقتصادية بقدر نسبة الطلب الخارجي على المواد الأولية.
كما يساعد تطور قطاع الصناعة على رفع النمو في القطاعات الأخرى كالزراعة والتجارة والتسويق ويفتح الآفاق على استراتيجيات تنمية وصقل المواهب الصاعدة في مجالات متعددة.. ويعمل على تنويع مصادر التمويل العام لمشاريع التنمية الشاملة ويسهم في توفير موارد النقد الأجنبي وعلاج مشاكل عجز ميزان المدفوعات للدولة وذلك من خلال تصنيع سلع تنافس الواردات أو تصنيع سلع تصدّر للخارج.

الثورة / يحيى محمد الربيعي

القطاع الصناعي اليمني، حسب مهتمين، لا يزال يعاني من مشاكل عدة أبرزها غياب الحوافز والمزايا للصناعيين وعدم وجود أي تشجيع أو حافز للمستثمر الصناعي بالإضافة إلى عدم تلبية طلب القطاع الصناعي للتمويلات والتسهيلات الائتمانية والاستثمارية المتوسطة والطويلة الآجال من قبل المصارف والمؤسسات المالية التجارية والتي تحتاجها المشاريع الصناعية مع عدم توفر المعلومات الضرورية واللازمة للمستثمر الصناعي عند اتخاذ قراره الاستثماري مما يضع المستثمر في مأزق ينتج عنه عدم دخول صغار المستثمرين إلى القطاع الصناعي وإهمال كامل في الاستثمار في القطاع الصناعي برمته.
وحصر مختصون مشاكل المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة في القصور في توفير مستلزمات الإنتاج بالقدر الذي يكفي لسد احتياجات الطاقة الإنتاجية (الأمر الذي يضطرها إلى اللجوء إلى الشراء عن طريق السوق السوداء بأسعار مرتفعة مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج).
ويضيق حجم السوق المحلية وصعوبة اتباع وسائل تسويقية إعلانية ودعائية نتيجة افتقارهم للأجهزة التسويقية المدربة مع عدم الاستفادة من الأوساط الدعائية، وضعف القدرة التنافسية بين المنشآت المحلية والسلع المستوردة، وغياب المعلومات والدراسات الكافية عند المستثمرين في قطاع المنشآت الصغيرة وكيفية عملها وتطويرها.
ويوصى باحثون بضرورة “وجود تعريف واضح ودقيق للصناعات الصغيرة والمتوسطة يزيل الخلط واللبس للتعريف السائد وإصدار تشريعات منظمة ومشجعة لتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع التصنيع الزراعي مع عناية خاصة بالصناعات الريفية وإقامة الجمعيات التعاونية الإنتاجية وتشجيع التعاونيات الحرفية وإنشاء مراكز تسويق صناعي لتوفير الخامات وتصريف منتجات المشتغلين بالصناعات الصغيرة والمتوسطة.
ويدعو آخرون إلى إعادة النظر في السياسة التعليمية الحالية والعمل على زيادة إمكانيات التدريب لتوفير العمالة الماهرة في مجال الصناعات الصغيرة عبر إدخال مادة إدارة المشروعات للصناعات الصغيرة والمتوسطة ضمن مواد مقررات التعليم الجامعي وإيجاد برامج بمنح دبلوم عالٍ تخصص اقتصاديات الأعمال الصغيرة.
يذكر أن التشريعات الصناعية اليمنية تُعرف المنشآت الصناعية الصغيرة بأنها المنشآت التي يعمل فيها أربعة عمال، والمنشآت الصناعية المتوسطة التي يعمل فيها من خمسة عمال إلى تسعة عمال، والمنشآت الكبيرة الحجم هي التي يعمل فيها عشرة عمال فأكثر.
المعايير المؤسسية
وعلى الرغم من أن أحدث الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن مساهمة قطاع الصناعة من غير النفط في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لا تتعدى 4 % وهي نسبة ضئيلة تدل على ضعف القدرة المحلية على إصلاح بنية الصناعة من الناحية الأمنية والتشريعية والخدمية والمصرفية كانت ضعيفة أو أضعفت، غير أنها تعبر أيضا عن تواضع رؤية القطاع الخاص التي لا تعلي كثيرا من شأن المؤسسية ومعايير الجودة واستخدام التقنيات الحديثة وتنمية قدراتها التنافسية، ولهذا السبب يبدو منطقيا أن 90 % من المنشآت الصناعية التي تتجاوز أربعين ألفا هي منشآت صغيرة تستورد ما يقارب 80 % من أدوات الإنتاج ومواده، ولا يمكن للصناعة في اليمن أن تتطور ما لم يتم إنشاء البنى التحتية وتوفير البيئة الأمنية الملائمة بالإضافة إلى تسهيلات جاذبة للاستثمار.
العدوان وقطاع الصناعة
تدمير القطاع الصناعي في اليمن أحد أهداف العدوان التي نجح في تحقيقها، فمنذ اليوم الأول لإعلانهم شن الحرب على اليمن في مارس 2015م وهذا القطاع في صدارة الأهداف التي نال منها حقد طيرانهم الذي دمرت غاراته نحو عشرات المصانع غذائياً واستهلاكياً وعشرات الشركات والمعامل والمؤسسات والمراكز الاقتصادية والخدمية والاستثمارية العامة والخاصة في البلاد.
ويؤكد الخبراء أن دول العدوان، ومن خلال سيطرتها على المنافذ والمطارات والموانئ، باتت تتحكم كليا في كل ما يدخل إلى الأسواق اليمنية والتي حولتها إلى سوق رئيسي لمنتجات مصانعها عبر تلك المنافذ التي تستخدمها دول العدوان ومرتزقتها في الوقت ذاته لإعاقة وعرقلة تصدير المنتجات اليمنية إلى الخارج، وعبر تلك الموانئ أيضا تقوم بحظر ومنع دخول أي قطع غيار أو معدات للمصانع التي تم تدميرها.
بحسب أرقام أولية توصلت لها اللجنة الخاصة التي شكلتها غرفة تجارة أمانة العاصمة صنعاء مؤخرا لرصد خسائر القطاع الصناعي جراء العدوان، فقد بلغت قيمة الأضرار في هذا القطاع ما يزيد عن 1.373 مليار دولار، وكان القصف المباشر لطيران العدوان سببا رئيسيا لتلك الخسائر والأضرار بنسبة 55 % فيما احتل القصف غير المباشر المرتبة الثانية بنحو 35 % بينما تسببت الاشتباكات التي دارت داخل مدن المحافظات المحتلة بـ 10 % من إجمالي الأضرار.
وكشف تقرير اللجنة استهداف نحو 80 منشأة صناعية كبيرة خاصة تعود لشركات ورجال أعمال، إذ تشير النتائج إلى أن المنشآت ذات النشاط الاقتصادي كالشركات تصدرت المرتبة الأولى في عدد المنشآت التي تعرضت للأضرار بنسبة 38 % وبلغت قيمة الأضرار فيها نحو 867 مليون دولار، بينما حلت المنشآت الخدمية في المرتبة الثانية، بأضرار بلغت 212 مليون دولار.
وأورد التقرير: إن 12 مصنعاً ينتج مواد غذائية واستهلاكية، أي ما نسبته أكثر من 45 % من حجم القطاع الصناعي في اليمن تعرضت للقصف المباشر من قبل طيران تحالف العدوان، وبأضرار تزيد عن 50 مليون دولار، إضافة إلى خسائر تقدر بنحو 150 مليون دولار طالت الأنشطة المرتبطة بمجالي الاستيراد والتصدير.
المناخ الملائم والعمالة الماهرة
دراسات اقتصادية تؤكد أن اليمن بلد بكر يمتلك العديد من الفرص الاستثمارية المربحة وفي مختلف المجالات الخدمية والإنتاجية الزراعية والصيد والصناعة والنفط والغاز والمعادن.. حيث يكفل قانون الاستثمار اليمني للمستثمرين المحليين والعرب المزايا التي يتطلبها العمل الاستثماري من توفير المناخ الملائم، واستحداث القوانين المنظمة لعملية الاستثمار وحمايته.
غير أن ما يبدو مطلبا ملحا لعدد من تلك الدراسات هو التسارع في التطورات التكنولوجية.. والتحول نحو التميز في صناعة المعرفة وتطوير المهارات أمر يؤكد ضرورة تطوير التعليم الفني والتدريب المهني وإعادة النظر في المناهج الجامعية وكذلك السعي لتطوير بنيتها التكنولوجية وخططها التعليمية لتتواءم مخرجاتها مع احتياجات سوق العمل من العمالة الماهرة والمدربة.
كما أن تفعيل مبدأ التكامل بين التعليم التقني والصناعة واستثمار مخرجات البحث العلمي التطبيقي سيسهم بزيادة المكون التكنولوجي، مما سينعكس ايجابا على تنافسية الصناعات في السوق المحلي واسواق التصدير.
كما أن التكامل يسهم- أيضا- في إطلاق استراتيجية تنافسية وخطط طموحة تهدف إلى تطوير الصناعات في المجالات الفنية والعلمية والإدارية بالإضافة إلى تفعيل الترويج المحلي وزيادة قدراته التصديرية في الأسواق الإقليمية والدولية.
تصريحات المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة تؤكد في مجملها على أن “وثيقة الرؤية الوطنية وخططها المرحلية هي وثائق استراتيجية للتنفيذ وليست للمزايدة السياسية والإعلامية”، وأنه “سيتم العمل على مراقبة الأداء وتقييم الإنجاز لمكافأة الجهات المتميزة ومحاسبة الجهات التي ستتخلف عن ركب البناء”.

قد يعجبك ايضا