الالتزام بتنفيذ بنود اتفاق السويد ظل احاديا وتنصل العدوان وحكومة الرياض ظل دون إلزام دولي

مثّل المدى الأقصى لدبلوماسية الأمم المتحدة في حل الأزمة اليمنية:المبعوث الأممي يتهم دول العدوان بإعاقة السلام في اليمن بإدانة مبطنة

جهود السلام بعد تهديد “حكومة الفنادق” بالانسحاب من اتفاق استوكهولم!
الاتفاق تم تحت ضغط دولي إنساني وحقوقي وأمام عجز الخيار العسكري في اليمن وخسائره

شكّل بارقةَ أملٍ في بدايات انعقاده، وحين الدعوة إليه ، وكذلك الاستجابة له من الأطراف اليمنية ، منحت المواطن اليمني الحلم الكبير في إنهاء معاناتهِ التي تسببت فيها الحرب العدوانية التي شُنت في 25 مارس 2015 م من تحالف الشر العربي الأمريكي بالشراكة مع كيان الاحتلال الصهيوني .وكانت تلك الجولة من المفاوضات ، قد استغرقت الوقت الكافي للإعداد لها والترتيب ، من الأمم المتحدة ، ومبعوثها الجديد مارتن غريفيث ، والذي بذل أقصى ما في وسع جهده الدبلوماسي ، في سبيلِ جمع الأطراف اليمنية على طاولةِ المفاوضات ، والاتفاق على صيغةٍ نهائية ، لوقفِ الحرب ، ونزع فتيل الأزمة ، وكان ذلك بعد فترة طويلة من الجمود، والركود ، وتوقف عملية التفاوض بين الطرفين ، الذي دفعت إليه قوى إقليمة ودولة ، بعد مشاورات جنيف ، وكذلك مشاورات الكويت 18 إبريل 2016م ، وكانت تحرص على عدم تنشيط ملف المشاورات والتفاهمات مرة أخرى ، لغرض الوصول للأهداف التي رسمتها على حساب الحلّ السياسي في اليمن ، وإنهاء الأزمة بين أطرافه السياسية المتنازعة ، قبل تحقيق ولو القدر الأدنى من الغايات التي طمحت إليها ، وشنت حربها وعدوانها في سبيل إنجازها .
محمد بن دريب الشريف

ضغط دولي
* إلّا أنَّ الضغط الدولي في ما يتعلق بالجانب الإنساني والحقوقي ، وطول أمد الحرب ، والخسائر المترتبة عليها ، وعجز العمليات العدوانية ، والضغوط العسكرية التي وصلت إلى أقصى مدياتها ، دون تحقيق أيّ إنجاز وإحراز أي تقدمات ، أجبر القوى الأقليمة والدولية تلك التي تقود الحرب العدوانية ، على منح الضوء الأخضر لحكومة هادي ، والسماح لها بالمشاركةِ في جولة المفاوضة المُزمع عقدها في ستوكهولم حينذاك ، والمشاركة فيها ، بعد أن أعطتهم الحق في الموافقة على بعض الجزئيات ، التي لا تمُس شيئاً من أُسس شرعيتهم المزعومة في مواصلة الحرب ، واستمرار تدميرهم الشامل على لإنسان والارض اليمنية.
وتمخض عن تلك الجولة التفاوضية ، الاتفاق على وقف العمليات القتالية في مدينةِ الحديدة ، وموانيها (الحديدة والصليف ، ورأس عيسى) ، ورفع الحصار عن المناطقِ المحاصرة ، وفتح الممرات الإنسانية ، وأيضاً آلية تنفيذ حول تفعيل اتفاقية تبادل الأسرى ، وتفاهمات هامشية حول تعز ، والتعهد من قبل الطرفين على تنفيذ بنود الاتفاق ، والالتزام بعدم التصعيد ، أو اتخاذ أية قرارات ، من شأنها أنّ تُقوض فُرص التطبيق الكامل للاتفاقية ، والالتزام أيضاً بمواصلةِ المشاورات والاتفاقات ، دون قيدٍ أو شرط في غضونِ شهر يناير من العام 2019 م.

التزام احادي
وللأسف أنّه برغم كون الاتفاق جزئيا ، ولا يمثل حلّاً للأزمة اليمنية ، وأيضاً ليس طريقاً لعلاجها ، لمْ يتم تطبيقه بشكّلٍ كلي وشامل ، لجميعِ ما نصّ عليه ، وأخذ كل طرف في الالتزام بالجزئية التي لا تتعارض مع مصالحه ، ولا تُشكّل عائقاً أمام أهدافه ، وسُبل الوصول لتحقيقها .
وللإنصاف أنّ حكومة صنعاء بادرت في تنفيذ ما عليها ، والتزمت بنصوص الاتفاقية ، وسعت لتنفيذها من طرف واحد ، وسارعت في إعادة الانتشار ، وفتح المجال أمام فرق المراقبة ، وبعثات الأمم المتحدة ، لتقوم بدورها المنوط بها ، حسب الاتفاقية ، وذلك في المناطق التي تحت سيطرتها ونفوذها ، فيما يخص البند الأول من الاتفاق،، وسارعت لجنة شؤون الأسرى ، إلى تحرير الملفات والكشوفات المطلوبة لها ومنها ، وأعلنت استعدادها لتنفيذ هذا البند قبل موعد تنفيذه المحدد ، بل أعلنت كامل جهوزيتها واستعدادها ، لتحرير كل الأسرى الموجودين لديها ، مقابل ما عند الطرف الآخر من أسراها ، ولتثبت حسن النية بهذا الخصوص ، حررت مجموعة كبيرة من أسرى ميليشيات العدوان ، وكذلك تحرير مجموعة من أسرى الجيش السعودي ، وبذلت قصارى الجهد لتنفيذ البند المنصوص عليه ، والملتزم بتنفيذه في هذه الاتفاقية .

تنصل العدوان
ولم يتم تنفيذ أي من بنود الاتفاقية ، من حكومة الرياض ، وماطلت بما فيه الكفاية ليفهم كل العالم ، أنّ قرار تنفيذ الاتفاقيات ليس بيدها ، وسعت لحصار القرى التي تحت سيطرتها النارية ، وتسببت في مجاعات وكوارث إنسانية في كثير من مناطق الحديدة ، واستهدفت التجمعات السكانية ، والموانئ بالأسلحة الثقيلة والصواريخ ، وشنت عددا من الغارات ، التي راح ضحيتها الكثير من المدنيين العزل ، خلال هذه الفترة التي كان يفترض أنّها فترة سلام ووقف لكل أشكال العمل العسكري.
وخلال هذه الفترة التي شهدت التعنت والتهرب من التزامات بالتعهدات ، والإصرار الكبير على مخالفة قرارات الأمم المتحدة ، والمماطلة في تطبيقها ، والعزم على خرق الهدنة ، التي تشرف على مراقبتها فرقها الدولية ، لمْ تجرؤ على اتخاذ أيّ قرار عقابي على الطرف المعرقل ، وتصرفت وكأن الأمر فوق طاقتها ، وخارج حدود مسؤولياتها ، ومهامها ، ولا يعنيها أمر تطبيقه ولا عدمه .

مصالح أممية
* وهذا يجعلنا نجزم بأنها غير حريصة على وقف الحرب ، وإنهاء العدوان على اليمن ، وغير مهتمة بمعالجة الوضع ونزع فتيل الحرب والفوضى ، وإنهاء الأزمة التي دخلت فيها كوسيط تعهد على تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه ، واتخاذ التدابير العقابية على الطرف المماطل والمعرقل لتطبيق الاتفاقيات.
وأيضاً هذا يجعلنا نصر على القول بأن عقد جولة مفاوضات استوكهولم ، وما تمخض عنه من اتفاق مشلول ، هو أقصى ما يمكن أن تتوصل إليه دبلوماسيتها ونشاطها السياسي وذلك لاعتبارات وأسباب كثيرة منها على سبيل الحصر :
– التعارض بين وقف الحرب وإنهاء الأزمة ، ومصالح وانتفاعيات وكالاتها وبعثاتها والهيئات والبرامج والنشاطات التي تحت إشرافها ، إذ أنّ كثيرا من هذه الهيئات والوكالات والأنشطة وليدة الحرب ، واستمرارها مترتب على استمرار وديمومة الصراع ، ولا يخفى على أحد حجم الانتفاع والمصالح المترتبة على نشاطها الميداني ، والمهام التي تنفذها في الساحة اليمنية .
– الأموال الطائلة التي تدفع لخزائنها ، وتصرف في حسابات القائمين عليها ، من السعودية والامارات ودعم أنشطتها ، وبرامجها ، مقابل الصمت ، وعدم اتخاذ أي موقف إدانة ضدها ، أو تفعيل أي قانون جزائي ، أو اتخاذ أي إجراء عقابي ، يمس مصالحها ، أو مصالح الميليشيات اليمنية العاملة تحت إشرافها ، والمجندة لخدمة أجندتها ، وأهدافها ، ومن أهم الشواهد على ذلك ، توفر المعايير الكاملة ‘ لقائمة العار والجرائم ضد الإنسانية ‘ وانطباقها على تحالف الشر الذي تقوده السعودية ، والإعلان عن إلحاق اسم المملكة وتحالفها ، لهذه القائمة السوداء من جانب الأمم المتحدة، الى جانب كيان الاحتلال الصهيوني وكمبوتشيا ودولة جنوب أفريقيا ، بتاريخ 20 أبريل2016م ليتم إسقاط إسم هذا التحالف بعد شهرين من الاعلان عنه وذلك بتاريخ 6يونيو2016م.
– النفوذ الأمريكي الكبير داخل هذه المؤسسة الدولية ، وحق الفيتو ، ضد أي من القرارات الأممية ، التي قد تمُس المصالح الأمريكية ، والتي غالباً ما تتعارض مع مصالح الأمم والشعوب الأخرى ، وكذلك تعارضها مع مواثيق وقوانين الأمم المتحدة ، ولاشك أنّ الحرب والعدوان على اليمن ، في قائمة المصالح الأمريكية ، واستمرارهما يخدم الأجندة الأمريكية ، ومطامعها العسكرية والاقتصادية والسياسية في المنطقة.
– توفر الحرب في اليمن مساحة كبيرة لها ، وللدول ذات النفوذ والتأثير على قراراتها ، لفرض أجندتها وخياراتها ، وأيضاً الأفكار والثقافات التي تسعى لتلقينها الأمم والشعوب في منطقتنا العربية والإسلامية.
– توفر الحرب في اليمن كما هي في بقية الدول المنكوبة من العالم الثالث – سوقا كبيرة لا يستهان بعوائدها ، لبيع الأسلحة ومستلزمات الحرب والدمار ، وتُعقد على إثرها الصفقات التجارية المهولة ، التي تُشكّل رافداً اقتصاديا كبيراً للدول النافذة والمؤثرة على قرارات الأمم المتحدة ، ومن المسلمات أنّ جُزءا من هذه الأموال يذهب لحسابات خاصة بمثل هذه المؤسسات الدولية ، التي يُشكل صمتها سبباً رئيسياً من أسباب توفر مثل هذه الأسواق والصفقات المربحة .
– توفر الحرب في اليمن أيضاً ، فرصة كبيرة للابتزاز والمقايضة ” فالصمت والتجاوز مقابل الكاش والدفع بالعملة الصعبة ” إذ أنّ الحرب عادة ما تحصل فيها الأخطاء التي يذهب ضحيتها الأبرياء والمدنيون ، ولمْ يحصل أن توفرت فرص ابتزاز للأمم المتحدة ، مثل ما هي متوفرة لابتزاز السعودية والامارات وتحالفهما ، بخصوص حجم ونوع وكم التجاوزات والإبادات والمجازر التي ترتكبها بحق اليمنيين على مدى أكثر من خمس سنوات متواصلة ، والدليل على ذلك إضافة اسم تحالف العدوان على اليمن الى قائمة العار – كما أسلفنا – ثم إزالته في العام 2016 ثم مرة أخرى اضافته إلى هذه القائمة في العام 2018 م لتتم إزالته فيما اذا منحهم المبلغ الكافي وأعطاهم القدر المطلوب من الأموال المستحقة مستقبلاً .
ولنا أن ننظر كم وفرت قائمة واحدة من الأموال لهذه المؤسسة الدولية التي تبيع الأخلاق و القيم والانسانية مقابل الربح والتجارة !! وكم سيبقى يوفر لها هذا التهديد والعقاب فضلاً عن بقية الإجراءات والقوانين والتهديدات التي يفترض أنّها قد انطبقت على السعودية وتحالفها الخليع !!
وعلى كل حال وقف الحرب في اليمن يتعارض مع مصالح الأمم المتحدة والدول النافذة الكبيرة ومع المردود المادي والمعنوي لها ،، واذا أحسنا النوايا تجاهها فأدنى ما يمكن أن يقال في حقها : أنّه ليس بيدها سلام ، وليست مهتمة بتوفير أسبابه ، ولا فرض خياراته ، أو على الأقل ليس باستطاعتها تحقيقه في اليمن ، أو غير اليمن ،
وأن عملية السلام بكل وضوح وشفافية متعلقة بخيارات الأطراف اليمنية ، ومتوقفة على إرادة يفترض أنّها لدى طرف العدوان ، الذي اتضح أنّه حريص على استمرار الحرب ، ومواصلة نهج المسار التآمري والتخريبي لمكتسبات الوطن ، ومصالح المواطن اليمني المظلوم .

اتفاق جزئي
* وبالرجوع الى اتفاق ستوكهولم ، الذي تحقق تحت إشراف الأمم المتحدة ، ومبعوثها الخاص مارتن غريفيث ، فيمكن القول أنّ وجوده كعدمه ، ولا يستحق كل ذلك التعويل ، والتهويل الاعلامي ، من الأمم المتحدة ، حتى يصبح هو محور النقاش في كل جلسة يعقدها مجلس الأمن ! أو الهيئة الأممية ! ولا يستحق أنّ يكون محور الحديث في كل إحاطة لمبعوثها مارتن غريفيث ، باعتباره اتفافا جزئيا ، معنيا بنطاق جغرافي محدد ، قد لا يتجاوز 100 كيلو متر في محافظة الحديدة ، وباعتبار جزئيته وصغر حجمه ونطاقه المحدود إلّا أنّه لمْ يُنفذ ! ولمْ يتم تطبيقه ! ولا الالتزام ببنوده ! وخصوصاً من طرف العدوان .
والواضح والمعروف أنّ الحرب في اليمن ليست مقتصرة على نطاق محدد ، ولا محصورة في دائرة جغرافية معينة ، بل ؛ هي مستعرة من عدن جنوباً الى البقع الحدودية ونجران وجيزان وعسير شمالاً وغرباً ، وكل مناطق اليمن تحت النار المباشرة ، وتحت الحصار والدمار ، وقصف الطيران والراجمات الصاروخية .
ومن الواضح أيضاً أنّ الأزمة أصبحت ذات شقين وتنوعت أطرافها ، بين دولية وإقليمية ومحلية ، والقدر المتيقن من سببها ، أو بالأصح من عوامل حلها ، ومعالجتها ، هو سياسي بامتياز ، ويستحيل فرض الحلول العسكرية ، ومعالجة الأزمة اليمنية عن طريق الطيران والحصار الذي تفرضه دول العدوان ، وميليشياتها المارقة ، وأن الحل السياسي الذي يؤدي في المحصلة لإنهاء جذور الأزمة والصراع ، ليس من نوع اتفاق أستوكهولم الميت سريرياً ، إذْ أنّ المعالجة تتمثل في اتفاق سياسي شامل ، يتفق فيه الطرفان على آلياته وأولوياته ، بعد أنّ يعلن طرف العدوان وقف حربه وعملياته العسكرية ، على كل المناطق والمحافظات ، وبعد أنّ تُترك الحرية لميليشيات الرياض وأبوظبي ، وترفع السعودية يدها عن التدخل في مسارات التفاوض ومجرياته ، وتُقرر نزع وصايتها عن هذه الأطراف التي تعيش محنة التلقيم والخنوع والإذلال والوصاية المطلقة.
أمّا الذهاب في مسارات إنتاج الحلول الشطرية ، والمجزأة ، لا يضمن خيارا سلميا مستداما ، وليس مضموناً حتى تنفيذ مخرجاته وبنوده.

الحل السياسي
* وهذه قناعة متأخرة للمبعوث الأممي مارتن غريفيث نفسه ، الذي هو الطرف الوسيط ، والمطلع على كل التفاصيل والجزئيات للأزمة وما ترتب عليها ، إذ صرح ” أنّ هناك بعض القضايا التي لن يتم حلها عن طريق الاتفاقات على المستوى دون الوطني ، وعلينا أن نُعالج القضايا الأساسية المتمثلة في السيادة والشرعية من خلال اتفاق لإنهاء الحرب ” ولكن يبدو أنّها ليست قناعة الأمم المتحدة ، وإنما هي قناعة خاصة بمبعوثها ، إذ لو كانت مقتنعة بأن الحل لن يكون إلّا على المستوى السياسي الشامل ، فلماذا لا تعمل وتحث الخطى في سبيل تحقيقه وإنجازه وهي المخولة بذلك ؟؟!!
والحقيقة أنّ الجميع يؤمنون بأن الحلّ لن يكون إلّا حلّاً سياسياً وشاملاً ، بما فيهم الأمم المتحدة والجبير ، الذي صرح بالأمس أنّ الحل للأزمة اليمنية هو سياسي .. فالجميع قد شخص العلة وعلاجها فيما يخص الوضع اليمني ، ولكن طرف العدوان لا يرى الآن في إنهاء الحرب والدخول في مصالحة ، وحلول سياسة شاملة ، فرصة لتحقيق تطلعاته وفرض مصالحه بالمستوى الذي يرضيه ويرضي دول الوصاية عليه ، وما يزال يظن أنّه من السابق لاوانه ، ترك اليمنيين يقررون مصيرهم بأنفسهم ، ويدخلون في مصالحة تضمن لكل طرف حقه في المواطنة والسلطة والعمل الحزبي والسياسي السلميين والعيش الكريم .
والمتابع للأحداث وخصوصاً محطات التفاوض ، سيجد حكومة الإنقاذ في صنعاء والوفد الوطني المفاوض والقوى الثورية منذ اليوم الأول ، قد شخصوا الداء وأيضا الدواء ، وفي كل محطة يصرون على أنّ الحلّ لن يكون إلّا سياسياً شاملاً ، وغيره لن يكون حلّاً مريضاً ولا مقنعاً ولا قادراً على إنهاء الأزمة ونزع فتيل الصراع ، وهذا يثبت حرصهم على السلم ، وإقبالهم على العملية التفاوضية برغبة واستقلال ، وإرادتهم الجادة في وقف الحرب والنزاع ، والدخول في عملية سلام ، ينتج عنها حكومة وطنية مشتركة تضمن لكل المكونات السياسية حقها في الحكم والسلطة ، ويدل على نواياهم السليمة ، وحرقتهم تجاه الأطراف المرتمية في أفخاف الارتهان ووصاية العدوان .

إدانة كاملة
* والحاصل : أن المبعوث الأممي بدأ يتفهم ويتشاطر القناعة مع حكومة صنعاء ، في تشخيص المخرج من هذه المحنة ، والذي أُريد أنّ الفت النظر إليه ، والتنبيه عليه ، في تصريحه قوله ” وعلينا أن نعالج القضايا الأساسية المتمثلة في السيادة والشرعية من خلال اتفاق لإنهاء الحرب “بمعنى أنّ الرجل يفهم ؛ أنّه لا مجال للدخول في الاتفاقات على المستوى الوطني ، مالم تعالج ثلاث قضايا رئيسية وهي : السيادة ، والشرعية ، ووقف الحرب . وهذه رسالة خطيرة لاطراف العدوان ، وإشارة يجدر التوجه لها ، والتوقف عندها ،إذ أنّه يحمل العدوان المسؤولية الكاملة عن إعاقة عملية السلام ، وإفشالها الحلول للأزمة اليمنية ، من خلال استباحتها للسيادة اليمنية ، وفرض أجندتها ووصايتها ، على طرف يمني فاعل وأساسي في الأزمة ، ولا يُمكن تجاوزه في معالجات الشأن المحلي ،وكذلك فرض رئيس منتهية ولايته على الشعب اليمني الذي هو مصدر “الشرعية” ، ومنه وإليه خيار تحديد من يحكمه ويتولى رئاسته ، وليست الشرعية بيد السعودية ولا الامارات ، أيضاً عدم وقفها للحرب التي تشنها ، وبهذا لم تُعط اليمنيين فرصة للدخول في عملية تفاوضية ، تفضي لحلول سياسية واتفاقات شاملة ونهائية ، تضمن مصالح الجميع .
كلام غريفيث ذو مقاصد ومغزى ، ويستبطن إدانة كاملة ، وتحميل السعودية والامارات المسؤولية عن الحرب ، وعدم توقفها ، وكل ما يترتب عليها ، وإفشال عملية المصالحة والسلام ، بين الأطراف اليمنية ، ويتهمهما باستباحة السيادة اليمنية ، وتدخلهما في القرارات التي يفترض أنها داخلية ويمنية ، ومنعهما لهذه الأطراف التي يتحتم عليها اتخاذ مثل هذه القرارات لولا تدخلهما ، وأيضاً نهبهما “الشرعية” واغتصابها حق تقرير المصير ، وقيامها مقام الشعب اليمني في تحديد من هو الذي يحق له حكم اليمن ، وعدم وقفها الحرب الظالمة ، وغير المشروعة على الشعب اليمني ، التي هي العامل الرئيسي في عدم التوافق بين الأطراف اليمنية والعائق أمام عمليات المفاوضات والمشاورات اليمنية اليمنية .

قد يعجبك ايضا