جيش الوزراء وضرورة اصلاح الاختلالات

 

عبدالرحمن علي الزبيب

في الوقت الذي يتم تقليص اعداد الحقائب الوزارية ودمجها في حكومات العالم لتخفيض عدد الوزراء وللتخفيف من المصاريف والنفقات العامة مازالت اليمن تراوح مكانها بحكومة تتكون من اربعين وزيراً يضاف اليهم آلاف الوزراء الناتج عن اختلالات المنظومة التشريعية التي تسببت في اختلالات ادارية منحت صلاحيات درجة وزير لعدد كبير من موظفي الدولة وكبار شاغلي الوظائف العليا في سلطات الدولة الثلاث( التشريعية – التنفيذية -القضائية ) من غير الشاغلين فعلياً لوظيفة وزير .
حيث تقوم كل جهة باستغلال الصلاحيات التي تملكها للعبث بالجهاز الاداري للدولة ومنح درجة وزير بإسهال كبير لتتجاوز الصفة والمسمى الدستوري والقانوني والوظيفي له.
الوزير في الدستور اليمني معروف بأنه الشخص الذي تم ترشيحه لتنفيذ برنامج الحزب الذي حصل على اغلبية الاصوات في الانتخابات البرلمانية ويرأس حقيبة الوزارة التي رشح لها بعد ان ينال ثقة البرلمان وتنتهي صفة الوزير بانتهاء مهام الحكومة اما بانتهاء فترتها أو الاستقالة والتغيير .
بمعنى ان وزير منصب سياسي وليس منصباً ادارياً، ولكن يلاحظ في الواقع أن هناك مخالفة كبيرة لهذا الموضوع حيث تكتظ سلطات الدولة الثلاث بمسميات ودرجات وزير لأشخاص لا يمارسون مهام الوزير فنجد جميع اعضاء مجلس النواب بدرجة وزير واعضاء مجلس الشورى والمستشارين وكبار قيادات الجهات العليا في الدولة والمحافظين ومدراء مكاتب وغيرهم الكثير الكثير يمتلكون درجة وزير ويحصلون على امتيازات ومستحقات وزير دون أن يمارسوا عمل الوزير الذي أوضحه الدستور .
والاخطر من هذا كله انه يستمر الحاصل على درجة وزير بالتمتع بمستحقات وزير حتى بعد خروجه من العمل الذي شغله، فعضو مجلس النواب الذي انتهت عضويته واختار الشعب شخصاً آخر بديلاً عنه يستمر في التمتع بالحقوق وامتيازات وزير وقيادات سلطات الدولة الثلاث ايضاً يتمتعون بمستحقات وامتيازات وزير حتى بعد مغادرة اعمالهم في تلك الجهات.
موضوع جيوش الوزراء الذين اغرقوا الجهاز الاداري للدولة ودمروه تمت مناقشته وعرضه عدة مرات والدعوة لتصحيح هذه المخالفة ومنهم الفقيه القانوني القاضي الدكتور نجيب محمد الهاملي وغيره ولكن دون اي تجاوب كما ان كثيراً من دول العالم ومنها الدول العربية اصدرت قرارات وقوانين لإغلاق وتصحيح هذه المخالفة حيث صدرت قرارات وقوانين تلغي درجة وزير على كل من لم يشغل وظيفة وزير فعلية وعضوية مجلس الوزراء ووفقا للدستور.
وهنا نورد امثلة بسيطة كنموذج لهذا الخلل في المنظومة التشريعية اليمنية التي اصابها الاسهال الشديد في منح درجة وزير لغير الوزراء نوجز أهمها في النقاط التالية :
اولاً : وزراء اللجنة العليا للانتخابات:
نصت المادة (22) من القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء وتعديلاته على :
(أ- يكون عضو اللجنة العليا بدرجة لا تقل عن وزير ويستحق العضو هذه الدرجة إذا لم يكن حاصلاً عليها قبل تعيينه في اللجنة بمجرد صدور قرار التعيين.
ب-يعامل عضو اللجنة معاملة الوزير العامل فيما يتعلق بالحقوق والامتيازات خلال مدة عمله في اللجنة).
ثانياً : وزراء مجلس النواب:
ينص قانون الوظائف والأجور والمرتبات النافذ رقم 43 لسنة 2005م على الآتي :
مادة (31 ) : تصنف وظيفة عضو مجلس النواب بمستوى وظيفة عضو مجلس الوزراء ، ويمنح عضو مجلس النواب بعد انتهاء عضويته بالمجلس راتب وبدلات ومزايا الوزير الذي ترك الوزارة وتصرف هذه المستحقات ابتداء من الشهر التالي لنهاية عضويته .
ثالثاً : وزراء مجلس الشورى:
ب – ينص القانون رقم (39) لسنة 2002م بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الشورى على الآتي :
مادة (109) : يعامل أعضاء مجلس الشورى معاملة أعضاء مجلس النواب من حيث المزايا والحقوق ويحتفظ العضو بكافة حقوقه المكتسبة قبل التعيين في المجلس ولا يحرم منها وبمراعاة عدم الازدواج بالحقوق المالية.
مادة (95) : أ- يكون للمجلس أمانة عامة تسمى الأمانة العامة لمجلس الشورى وتتألف من أمين عام بدرجة وزير وعدد من الدوائر المتخصصة.
رابعاً : وزراء مجلس القضاء الأعلى:
تنص اللائحة التنظيمية لمجلس القضاء الأعلى الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (43) لسنة 2014م على الآتي :
مادة (24) : يُمنح عضو المجلس بعد انتهاء عضويته بالمجلس كافة الحقوق التي كان يتقاضاها أثناء عضويته وتصرف هذه المستحقات ابتداء من الشهر التالي لانتهاء عضويته.
مادة (23) : يحدد بقرار من رئيس المجلس وبعد موافقة المجلس كل ما يتعلق بالتأمين الصحي والعلاج وبدل السفر والانتقالات والبدلات لرئيس وأعضاء المجلس وغيرها من المزايا المادية والمعنوية التي يتمتع بها الوزراء.
خامساً : وزراء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد:
ينص قانون مكافحة الفساد رقم (39) لسنة 2006م على الآتي :
تنص الفقرة (ز) من المادة رقم (9) على الآتي:
ز- يمنح عضو الهيئة درجة وزير
سادساً : وزراء المحافظات:
ينص قانون مجلس الوزراء رقم (3) لسنة 2004م على الآتي :
مادة (62) : (يمنح أمين العاصمة والمحافظون ما يمنح للوزراء من الراتب الأساســي ولهم نفس الامتيازات الممنوحة للوزراء).
ينص قانون السلطة المحلية النافذ رقم (4) لسنة 2000م على الآتي :
المادة (38) : ( أ – يكون لكل محافظة محافظ بدرجة وزير يصدر بتعيينه قرار جمهوري بناء على ترشيح من الوزير بعد موافقة مجلس الوزراء، ويقسم المحافظ أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرته مهام منصبه اليمين الدستورية).
سابعاً : وزراء مكتب رئيس الوزراء:
ينص قانون السلطة المحلية النافذ رقم (4) لسنة 2000م على الآتي :
مادة (59) : يعين لمكتب رئيس مجلس الوزراء مدير بدرجة وزير يصدر بتعيينه قرار جمهوري ، بناءً على ترشيح رئيس مجلس الوزراء .
ثامناً : وزراء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة:
ينص قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رقم (38) لسنة 1992م على الآتي :
مادة (19) : ب- يعين رئيس الجهاز بقرار من مجلس الرئاسة بدرجة وزير
ج- يعين نائب رئيس الجهاز بقرار من مجلس الرئاسة بناء على عرض رئيس الجهاز بدرجة نائب وزير.
د- يعين وكلاء الجهاز بقرار من مجلس الرئاسة بناءً على عرض رئيس الجهاز بدرجة وكيل وزارة.
ه – يعين رؤساء الإدارات المركزية بقرار من مجلس الرئاسة بناءً على عرض رئيس الجهاز بدرجة وكيل مساعد .
تاسعاً : وزراء اعضاء وزارة الخارجية:
ينص قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم (2) لسنة1991م على الآتي:
مادة (40) : أ- فيما عدا السفراء والوزراء المفوضين المشار إليهم بالمادة (37) من هذا القانون ، يحتفظ عضو السلك الحاصل على درجة سفير أو وزير مفوض بلقب سفير أو وزير طيلة حياته بعد انتهاء مدة خدمته في الكادر .
عاشراً : قرارات جمهورية بمنح درجة وزير أو نائب رئيس وزراء:
الى جانب صلاحيات رئيس الجمهورية في تعيين اعضاء في مجلس الشورى بدرجة وزير يلاحظ صدور قرارات جمهورية بمنح اشخاص درجة وزير دون أن يمارس الذي صدر له قرار مهام وزير، فقط مستحقات ودرجة وزير
وفي الأخير :
نؤكد على وجوبية اصلاح اختلالات المنظومة التشريعية المتمثلة في منح درجة وزير لأشخاص لا يشغلون حقيبة وزارية كون استمرار هذا الخلل يدمر الجهاز الاداري للدولة ويعبث بإمكانيات وموارد الدولة في مستحقات غير دستورية .
نطالب بمعالجة سريعة لهذا الخلل واصدار قانون واضح ينص على إلغاء درجة وزير على جميع اعضاء وموظفي سلطات الدولة وحصرها في شاغلي الحقائب الوزارية فعلاً .
كثير من دول العالم اصدرت قوانين وقرارات لتصحيح اختلالات الاسهال في منح درجة وزير لغير الوزراء الفعليين الذين يرأسون فعلاً حقائب وزارية واعضاء في الحكومة ويمارسون مهام واختصاصات الوزير وفقا لما أوضحه الدستور واستبعاد مسمى ودرجة ومستحقات وصلاحيات وزير من أي شخص لا يمارس فعلاً مهام الوزير .
يستلزم سرعة تصحيح الاختلالات التي تعصف بالجهاز الاداري الدولة والخزينة العامة بإجراءات عامة وسريعة وناجزة والتصحيح يجب أن يكون من الاعلى ويخضع لها شاغلو الوظائف العليا وعدم التقوقع في التصحيح من اسفل السلم الوظيفي لخطورة استمرار خلل اغراق مؤسسات الدولة بآلاف الوزراء كونها تنهك الخزينة العامة وتعبث بأجهزة الدولة .
*باحث ومستشار قانوني – اليمن
law771553482@yahoo.com

قد يعجبك ايضا