اللوز اليمني .. غش الداخل وغزو الخارجي

 

تقرير/ يحيى قاسم المدار

ارتبطت الزراعة في اليمن بمفاهيم وخبرات صحية وغذائية تم المحافظة عليها عبر عقود، واهتم المزارع اليمني بعدد من المزروعات ومنها تلك الأشجار التي ليست بحاجة إلى مياه كثيرة ومنها أشجار اللوز إذ كان يزرعها في أطراف المدرجات الزراعية وفي الأرض الهامشية..

يتميز اللوز اليمني بالشهرة والجودة فأسعار اللوز اليمني مرتفعة جداً إذ يبلغ سعر الكيلو جرام منه ما يعادل خمسة إلى ستة أضعاف سعر اللوز المستورد.

وصف اليمنيون منذ القدم اللوز لنمو الأطفال ولعلاج الكثير من حالات الضعف عند المسنين والمصابين بالهزال والضعف البدني، إضافة إلى استخدامات أخرى، وقد تناقصت زراعة أشجار اللوز بعد أن تخلى كثير من المزارعين عن استمرار زراعتها بسبب دخول آفة المن الأسود في التسعينيات التي قضت على مانسبته90 % من أشجار اللوز التي كانت في الأساس معمرة وكبيرة في السن وبحاجة لتجديد أو زراعة نباتات جديدة، بعدها اختفت زراعة أشجار اللوز البلدي في كثير من المناطق التي تزرع اللوز إلا ما ندر، أضف إلى ذلك ما تعرض له من غش بثمار البرقوق الحلو والمر، كما أن زراعته تراجعت كثيراً بسبب موجة الجفاف التي اجتاحت البلاد في العقدين الأخيرين.

في السنوات القليلة الماضية تم توزيع أعداد من شتلات اللوز المنتجة محلياً من قبل مشاتل وزارة الزراعة ومشاريع وبرامج زراعية مختلفة وكذا من قبل الجمعيات الزراعية المشكّلة من المزارعين أنفسهم، إلا أنه حصل نوع من تناقص الخبرات التي كانت لدى الآباء والأجداد، ولم تنقل للجيل الجديد بمعارفها الصحيحة والسليمة رافق هذا ضعف وجود برامج وأنشطة إرشادية فعالة في المنطقة.

وكان بعض المزارعين قد أحجموا عن قبول تلك الشتلات وزراعتها، تخوفاً من أن تكون رديئة المحصول، غير أن مخاوفهم كانت في غير محلها، فمن أخذوا تلك الشتلات وزرعوها حصلوا على محصول وفير جداً وذي جودة عالية، وتميزت تلك الشتلات بمقاومتها للأمراض التي تصيب شجرة اللوز حسب مزارعين محليين..تميزت شجرة اللوز بعدد من المعارف والخبرات التي توارثها اﻵباء عن الأجداد، وهي معارف كثيرة جداً وتختلف من منطقة لأخرى، وربما كادت تندثر، ومن أهم تلك المعارف والخبرات التقليدية التي تخص شجرة اللوز على النحو الاتي:-

• تعد أشجار اللوز من الأشجار ذات الاحتياج المائي القليل وتزرع على الهطول المطري، ولذا زرع اليمنيون أشجار اللوز في المراهق واطراف الجرب، وحافظوا على الأرض الخصبة لزراعة المحاصيل ذات الاحتياج اليومي، مثل القمح، الشعير، والذرة، والبقوليات، واعتمدوا على أنفسهم في إنتاج وتكاثر أشجار اللوز بحيث يتم استخراج البذرة من القوقعة بحذر، وذلك بعد انتهاء فترة سكون الجني، وهذه الطريقة تسمى (التشتيل).

• التقليم من العمليات الزراعية التي يقوم بها المزارع كل عام، حيث يقوم بإزالة الأفرع المتزاحمة في وسط الشجرة في فترة الشتاء وقبل تفتح الأزهار، وكذلك تزيل الأفرع المكسورة بسبب عمليات الجني، بحيث لا يتم إزالة الأفرع التي يكون عمرها سنة لأن الأزهار والثمار تكون عليها، ويحقق المزارع فائدة كبيرة من ثمار هذه الأفرع في حال إثمارها حتى لا يحصل إجهاد للشجرة، تفادياً لعدم حملها الثمار العام القادم.

• الري: اعتمد المزارع اليمني على ري أشجار اللوز بمياه الأمطار، ويقوم بري تكميلي في حال قلة الأمطار وفترات الحجر (الجفاف) حيث يقوم بتوقيف الري أثناء اﻹزهار تماماً حتى يتم عقد الثمار ثم يعتمد المحصول على مياه الأمطار إلا إذا حصل جفاف فيتم ري المحصول ريا تكميليا، وبعد اكتمال حجم الثمرة ونموها يتم إعطاء الأشجار رية (سقية) واحدة غزيرة لتعطي المحصول الجودة والحجم المميز للوز اليمني.

• جني الثمار يعتبر المزارع اليمني عملية جني ثمار اللوز من العمليات الهامة ولا يقوم بها إلا من لهم خبرة في ذلك، حيث يتم فصل الثمرة باليد دون أي تأثير على أفرع وأغصان الشجرة، ثم تزال القشرة الخارجية للنواة جيداً بحيث لا يبقى منها أي شوائب حول النواة، ثم تجمع كلها وتنشف وتجف لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام، ثم تنشر في الظل في غرف مخصصة لذلك ذات تهوية مناسبة لمدة لا تقل عن شهر ثم تتم تعبئته في أكياس مخصصة لذلك.

فوائد اللوز:

وفقا لعدد من البحوث فإن اللوز يتميز بفوائد كثيرة وعديدة وقيمتها الغذائية عالية فهو يحتوي على أحماض دهنية غير مشبعة تساعد على خفض الكولسترول، غني بالمغنسيوم، الكالسيوم فيتامينe البوتاسيوم ولذلك يساعد على خفض ضغط الدم وتقوية العظام، له ميزة موازنة السكر في الجسم وتخفيف الحرقة، يحسن مرونة الجلد ويحسن الحالة المزاجية، يستخدم اللوز المحمص لتخفيف الغثيان الذي يصاحب الحمل، ينصح مرضى السرطان بإدخال اللوز في حميتهم لاحتوائه على كميات كبيرة من الفيتامينات والمعادن والبروتينات والاحماض الدهنية والمواد الكيميائية النباتية والتي قد تمنع انتشار السرطان في الجسم، البذور الحلوة تزيد المعادن في الجسم.

المشكلة والحل

وعن أهم المشاكل التي تواجه شجرة اللوز أو تحد من زراعتها يحدثنا المهندس الزراعي منير السروري قائلاً إن عدم توفر شتلات بالكميات المطلوبة من قبل المزارعين، ومنها؛ اﻹصابات الفطرية والحشرية المن اﻷخضر واﻷسود وأمراض النيمتودا المنتشرة بكثرة التي تصيب الجذور وبها تتعفن الجذر ﻷن أشجار اللوز تتميز مع ظروف الجفاف وحدته حيث تعمل وتفرع جذورها وفقا لخاصية بيلوجية تتكيف مع ظروف الجفاف وحدته حيث تعمل وفق هذه الخاصية فتتخلص من بعض أوراقها وتسقطها، حتى تتكيف مع الجفاف، تنتشر زراعة اللوز في المنحدرات الجبلية الشمالية الغربية ومنها منطقة بني مطر وخولان وأيضا في ذمار وإب وغيرها.

ننصح المزارعين بالتوسع في زراعة محصول اللوز ﻷنه ذو مردود إقتصادي ويوافق مع الظروف المحلية اليمنية وضرورة إحلاله مكان القات..

قصة نجاح

استطاع عدد من مزارعي اللوز في اليمن التخلص وإن بشكل بسيط التخلص من مشكلات زراعة اللوز بل وحققت نجاحا مبهرا في الزراعة والتسويق لهذا المنتج الاستراتيجي الكبير في منطقة جبل اللوز بخولان الطيال بمحافظة صنعاء تعرفنا على أحد أولئك المزراعين. حيث يقول المزارع علي وهو من أكثر المزارعين لشجرة اللوز التي ورثها عن أبيه وأجداده: (نحن نهتم بزراعة اللوز جيلاً بعد جيل حيث نتوسع في زراعة اللوز أكثر وأكثر وأهم ما نواجهه هو قلة الماء لكن قد احنا بنتجاوزها وكذلك اﻷمراض مثل المن اﻷبيض واﻷسود كذلك بنكافحها بعدد من المعارف منها طلي الشجرة المريضة بعجينة التراب فوق المرض حتى نتخلص منه تماما، معنا أشجار في منطقتنا لها أكثر من أربعين سنة والبعض ثلاثين سنة ومن هذه اﻷشجار ما ينتج لنا توأما في كل حبة والحمد لله نعمة كبيرة، ونحن في منطقتنا لا نتهم بزراعة القات نعتمد على زراعة اللوز وتكاثره لأننا نستفيد من شجرة اللوز كثيرا كنا نحصل من شجرة القات على مبلغ أربعة أو خمسة ملايين في السنة وتعب وشقاء طوال الليل والنهار، ولكننا عندما عدنا لزراعة اللوز نحصل في السنة على أربعين إلى خمسين مليون ريال، المهم ننصح المزارعين جميعا بزراعة اللوز والبن ونبطل زراعة القات ﻷن القات ربحه يومي وتأكلها أحيانا ولا ترجع بها البيت أما اللوز فربح يومي وشهري وسنوي، ما عليك إلا زراعتها وهي لا تحتاج إلى ماء كثير ولا اهتمام زائد)..

ومن هذا نستنتج بأنه باستطاعة المزارع تجاوز مشاكل زراعة اللوز حيث أن مشكلة قلة المياه بسبب الجفاف، يمكن حلها بأن اللوز من المحاصيل المطرية المقاومة للجفاف ولا تحتاج الماء إلا في مواسم معينة، وعليه فهناك ضرورة بأهمية توعية المزارعين بأهمية مشاريع حصاد المياه، وكذا بتقنية الري الحديث، أما مشكلة نقص الخبرة في زراعة اللوز وانعدام وسائل التوعية، فالحل هو تكريس المعارف والخبرات المحلية التقليدية والتي اتبعها الآباء والأجداد في زراعة اللوز، وأيضا دمج المعارف والخبرات التقليدية مع الإرشادات والمعارف العلمية الحديثة، ضرورة تشكيل كيان ناظم لجميع المزارعين والعمل في إطار مؤسسي جمعي لتحقيق التكامل في الخبرات والمعارف والتسويق الجيد، المشكلة الثالثة؛ الأمراض المنتشرة التي تصيب أشجار اللوز بشكل مستمر خاصة في ظل العدوان، فالحل يكون بالاستعانة بالخبرات والطرق التقليدية التي اتبعها الآباء والأجداد في مكافحة الأمراض التي كانت تصيب الأشجار، باﻹضافة إلى الاستعانة بمهندسين زراعيين في تحديد الأسمدة والمبيدات المناسبة والطرق الصحيحة لاستخدامها بعيداً عن الاستخدام العشوائي.

قد يعجبك ايضا