هل فشلت تجربة التعددية الحزبية الوليدة…ثم ماذا بعد؟!

 

عبدالله سلام الحكيمي

ليس من فراغ أن تتعالى الأصوات في بلدان عربية مثل السودان ولبنان والعراق وتونس والجزائر وبلدان أخرى قد تلحق، مطالبة كمخرج لأزمة الحكم بحكومات اختصاصيين غير حزبيين، ولكنه نتاج لتراكمات سابقة أوصلت الى تحميل تجربة التعددية الحزبية الوليدة في البلدان العربية، أزمة فشل الإدارة في تلك البلدان، وبغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا حول هذا المعطى، إلا انه يشي بوصول الأحزاب القائمة في البلدان العربية إلى طريق مسدود، لأسباب ذاتية تتعلق بتركيبة ورؤى وأساليب عمل تلك الأحزاب وفشلها الذريع في طرح نفسها للجماهير واقناعها بقدرتها على إحداث التغيير الايجابي المنشود، وتحولت الى صالونات تعمل داخل الغرف المغلقة، أفضى بها الى الوقوع في براثن الانتهازية السياسية مستعيضة عن النضال مع الجماهير وبها بأسلوب الصفقات السياسية المريحة مقابل ماتحصل عليه قياداتها من منافع ومكاسب شخصية، بكل ما سفر عن ذلك من تكون عقليات البيع والشراء والمساومات، وتقديم مبادئها واهدافها وشعاراتها قرابين يتم التضحية بها دون تردد مقابل المنافع والمكاسب الضيقة التي تحصل عليها قيادات تلك الاحزاب من فتات موائد السلطات الفاسدة الحاكمة في بلدانها او بالعمالة والارتزاق والارتهان لقوى اقليمية ودولية ذات اجندات ومطامع في بلدانهم، فأصبحت احاديث النضال والتضحية والمبدأية والثورية .. الخ مجرد أحاديث للتندر عن ماض جميل باتت القيادات المنحرفة التي شاخت وهرمت تنظر اليه على انه زمن المثالية الطوباوية وغياب(الشطارة)،في حين تنظر اليه غالبية القواعد الحزبية كحديث من أحاديث الجوى الذي تسيل دموعها اذا هاجت بها ذكرياته الجميلة ثم تتوارى والاحباط والحسرة يعصر كيانها عصرا..
والواقع ان علينا ان نقر بإخفاق وفشل تجربة التعددية الحزبية في بلداننا لظروف ذاتية وموضوعية ،تقتضي المسؤولية التاريخية، ان نجري سلسلة طويلة ومعمقة من المراجعات والبحث والنقد الموضوعي العلمي الجاد لتشخيص أسباب الفشل والسقوط الأخلاقي والقيمي والسياسي والنضالي، واكتشاف عوامل الخلل في النشأة والمسار العملي ،وفي المنظومات الفكرية والبرامجية، وفي أساليب العمل والنضال ،لتكون محصلة كل ذلك أمام أعين وعقول جيل جديد ينمو ويتشكل، غير جيلنا الذي فشل في القيام بدوره ومسؤولياته، وأوصل مسارات أحزابنا الى نهاية السقوط المريع، عل ذاك الجيل الذي ينمو ويتشكل من رحم المعاناة والمأساة، وقد استخلص من الماضي العبر والدروس المستفادة، ان يتجاوز ماضيه ويستشرف مستقبله المنشود، بأفكار ورؤى وأساليب وأخلاقيات جديدة ،تتواءم وظروف ومقتضيات مرحلة تاريخية جديدة!
فهل يفعلون؟

قد يعجبك ايضا