الاغتيال والإخفاء القسري

عبدالله الأحمدي
الاغتيال والإخفاء القسري في نظر القانون الدولي جرائم ضد الإنسانية، ولا تسقط بالتقادم.
مؤخراً قرأت تصريحاً في يومية ( لاء ) العدد ٣٣٦/ ٤ ديسمبر ٢٠١٩ للأخت سميرة علي قناف زهرة تطالب بالكشف عن مصير والدها الرائد/ علي قناف زهرة الذي كان قائداً للواء الرابع مدرع، والمخفي مع زميله عبدالله الشمسي الذي كان هو الآخر قائداً لحراسة إبراهيم الحمدي. والاثنان غُيِّبا منذ مقتل إبراهيم الحمدي وأخيه.
وقبلها وصلتني رسائل عبر (الفيس) من ابنة المخفي قسرا حسن علي أحمد الخولاني تطلب مني إفادتها عن مصير والدها الذي كان رفيقي.
كبار المخفيين قسراً تم اختطافهم في فترة حكم القاتل الغشمي من أمثال الوزير سلطان أمين القرشي والضابط علي مثنى جبران والضابط عبد الوارث عبدالكريم مغلس، والضابط عبدالعزيز عون وغيرهم.
وجاءت فترة حكم عفاش فسلك نفس الطريق فتم اختطاف الكثير من أصحاب الرأي من أمثال الصحفي علي قاسم هادي والطالب الجامعي حسن علي احمد الخولاني، والمدرس الجامعي الخازندار.
لم يقتصر الإخفاء على العاصمة، بل تعداها إلى المحافظات الأخرى: ففي تعز تم اختطاف الضابط محمد سيف ناشر وقتله في مبنى الأمن الوطني، كما اختطف الكثير من الطلاب والجنود ومازالوا في عِداد الإخفاء حتى اليوم.
وكانت الجماعات المتأسلمة تقوم بدور أجهزة الأمن تختطف هذا وتقتل ذاك ولا من محاسب أو معاقب، كما هو الحال اليوم.
هناك الكثير من المخفيين الذين لم يشملهم إحصاء ولم تأت على ذكرهم وسائل إعلام، ولم يشملهم تدوين من أي جهة.
الصحفي نبيل الأسيدي أثار قضية اختطاف خاله وأربعة من رفاقه على يد ضابط الأمن الوطني- محمد قحطان ، ولم يعثر على أثرهم حتى الآن.
عذابات ما بعدها عذابات تجرعها أهالي المخفيين ، بل إن بعضهم ماتوا كمداً على أحبتهم، ومازال بعض أهالي المخفيين ينتظرون عودة أحبائهم المخفيين، أو خبرا عنهم.
أعرف والد حسن علي احمد تردد على كل المسؤولين يطالب بمعرفة مصير ولده، فلم يحظ بأي رد ، أو اهتمام ، بل زاد هؤلاء أن توهوا الرجل، إلى درجة أن قالوا له بعد الوحدة : (سير ابسر ابنك في عدن..!! ).
المشكلة أن الاختطاف والاغتيال والإخفاء القسري لازال مستمرا حتى اليوم في كثير محافظات منها؛ عدن وتعز. واشهر المخفيين في تعز الثائر أيوب الصالحي المُغيّب منذ أكثر من ثلاث سنوات.
في تصريح لمدير مكتب حقوق الإنسان في تعز علي سرحان الشرعبي قال : إن عدد المخفيين في المحافظة يزيد عن ( ٢٧٠٠ ) مختطف ومخفٍ وان هناك أكثر من ١٤ سجناً سرياً في المحافظة تتبع المليشيات، بما يعني أن ورثة عفاش نقلوا نشاطهم إلى تعز وعدن ومارب.
أنصار الله نالهم الكثير مما نال القوى الأخرى من قبل عصابات حكم الوصاية السعو/امريكي، وتعرضوا لأكثر من الاختطاف والإخفاء؛ ستة حروب قُتل فيها عشرات الآلاف، ودمرت فيها آلاف المساكن، فهم شركاؤنا في العذابات والخسارات، وما نطلبه منهم هو فتح ملفات الأجهزة العفاشية لمعرفة مصير كل المخفيين ومن تم اغتيالهم سواء قبل الوحدة، أو بعدها ابتداء من الأخ الدميني، ثم مروراً بالإخوة حسن الحريبي ، وماجد مرشد، وجار الله ورفاقه وليس أخيرا بالمتوكليين؛ ( يحي ومحمد عبدالملك ) وجدبان والمفكر ورجل الدولة البروفيسور احمد شرف الدين.
هناك مجموعة من الذين تم اغتيالهم يُتهم بتصفيتهم أولاد الأحمر ومنهم: الشيخ علي جميل وأخوه محمد جميل والشيخ ابن سودة، وأبو شافيز محسن وقاز ، ومحمد الشهواني، وصالح هندي دغسان، ومحسن ابو نشطان، ثم جدبان والمتوكل واحمد شرف الدين، فقد كان أولاد الأحمر يتصرفون بغرور وعنجهية، ويعتبرون أنفسهم فوق كل سلطة ، ويعتبرون (حاشد) إقطاعية خاصة بهم ومن خرج عن طاعتهم، أو اقترب منها وجب إهدار دمه.
ويعرف الكثير من المتابعين ذلك التهديد الذي أطلقه حميد الأحمر في وجه الأستاذ حسن زيد الذي هدد فيه بإخراج الهاشميين من صنعاء.
نالب حكومة الإنقاذ وقد بدأت بفتح ملف الاغتيالات بفتح كل ملفات الاغتيالات والإخفاء القسري والتعذيب ، ثم اعتقال كل قادة وعناصر الأمن الوطني وفي ما بعد الأمن السياسي بما فيهم المتهمون بالقتل والتعذيب كالقمش واليدومي والصرمي ووكلائهم، والتحقيق معهم لمعرفة مصير المخفيين، ثم الحجز على ممتلكات هؤلاء المسؤولين بما فيهم كبيرهم عفاش ونوابه وحكوماته، وأولاد الأحمر لتعويض أسر الضحايا تحقيقاً للعدالة الانتقالية.
المسألة في الأخير جانب إنساني في جبر الضرر لتلك الأسر التي تعرض أفراد منها للتغيب دون الاعتراف بمصيرهم من قبل السلطات المتعاقبة على البلد. ولم يعد هناك كيد أو مكايدات لهذا الجانب أو ذاك.
ونداءً إنسانياً نوجهه لقائد الثورة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي لتلبية نداء هذه الأسر المنكوبة. وباعتقادي أن الوقت قد حان للكشف عن المذابح والمقابر الجماعية التي ارتكبتها عصابات عفاش والقتلة من أمثال؛ علي محسن الأحمر والقمش واليدومي ومحمد قحطان وحميد وحسين الأحمر, وغيرهم من المجرمين.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.

قد يعجبك ايضا