الاغتيالات .. تاريخ من الدم

عبدالله الأحمدي
جاءت مدرعة من الاتجاه الغربي لشارع جمال فرمت بجثة في ميدان التحرير تحت سواري الأعلام ، مضت المدرعة في طريقها نحو الجنوب الشرقي. تجمع الناس حول الجثة ورفعوها على قاعدة السارية, قال بعضهم “هذه جثة عبدالرقيب” ، كان الدم لازال ينزف طرياً ، فجاء شيخ معمم فتح طريقا بين المتحلقين ورفع الجثة إلى سيارته.
القتلة دائما جبناء لا يمكن أن يقتربوا من الضحية إلا إذا تأكدوا أنها مجردة من عوامل القوة، مثلهم مثل أي جلاد لا يقترب منك إلا بعد تكتيفك.
عبدالرقيب- قتلوه بعد عزله من قيادة قوات الصاعقة ، بالمصادفة كنت هناك كان الوقت بعد الظهر في أحد أيام شهر يناير ١٩٦٩م أخفيت هذا السر عن أجهزة القمع التي كانت تبحث عن أي مبرر لإيذائي.
المشكلة أن القتلة يحققون اختراقات من حول الضحية فالذين قتلوا عبدالرقيب جنود من الصاعقة بقيادة خلفه النقيب صالح الهمامي ، استدرجوا عبدالرقيب إلى أحد منازل عملائهم جنوب صنعاء وهناك دارت معركة غير متكافئة بين المسدس والـ (آر بي جي).
القتلة ينجحون في حَبْكِ المؤامرات لاصطياد الضحايا ، وعلى هذا النحو استدرجوا الحمدي وأخاه ، كانت صنعاء وقتذاك عاصمة للتآمر والاغتيالات والإخفاء القسري.
كل القتلة عبر التاريخ ليس لهم قيم ، يغدرون بأعز أصدقائهم، وبمن أسدى لهم عوناً ، الحمدي انتشل من قتلوه من قعر المجتمع،كانوا حثالة لا تُعرف ، وليس لها مكانة، أو ذكر. جاء الحمدي ووضعهم على رأس المؤسسة العسكرية والأمنية ،لكنهم غدروا به.
في الليلة الثالثة لاغتيال الحمدي كنت نازلا في فندق الخير جوار وزارة الداخلية سابقا ، جاء الجنود ليلا واعتقلوا مجموعة من النزلاء كانوا يضربون أحدهم ويقولون له: ( تعال نام عندنا قد وضعنا لك مرقد حالي). أحمد الله أني نجوت من ذلك الاعتقال ، بعد الوحدة تحولت صنعاء إلى مسلخ لأعضاء الاشتراكي ، كان على رأس هذا المسلخ عفاش والقمش وعلي محسن والبقية يفتون ويبررون ويباركون.
يقتلون الضحية وينزلون دعاياتهم ضدها لطمس الحقيقة ، كنا في مسيرة للتندبد بمقتل جار الله وجاء أحدهم يوزع منشورا للتغطية على الجريمة. ( ١٥٦ ) كادرا اشتراكيا تم الغدر بهم من قبل عصابات عفاش ، كان آخرهم الأمين العام المساعد جار الله عمر الذي توزعت دمه عصابات عفاش والإصلاح.
تبدوا اليوم صنعاء أكثر أمنا وأمانا ، لقد انتقل القتلة إلى عدن وتعز ليلعبوا أدوارا في فصول المسرحية هناك.
عدنان الحمادي الذي اغتيل في منزله لم يكن مجردا من عوامل القوة ، بل كان بكامل القوة والجاهزية ، فمن غدروا به اخترقوا هذه المرة بيته وحراسته، بل وقتلوا أخيه ملصقين به تهمة القتل ، ليخلطوا الأوراق.
دكتور ذهب بسيارة إسعاف لجرحى في معسكر المطار غرب تعز ، وحال عودته قامت مجموعة بالتقطع له وقتله مع الجرحى وأُخذت السيارة وما بداخلها ، هذه المجموعة ربما كانت تترصد للحمادي ، تم تشليح السيارة وبقي هيكلها في حارة المناخ ، الذي قاد عملية التقطع والقتل يحمل الآن رتبة عقيد!
ظل الاشتراكي يتفرج على قتل أعضائه، ويصدر البيانات دون رد،حتى وصل الأمر إلى رأس الأمين العام ، كل اغتيال من ورائه هدف. كان الهدف من اغتيال قيادات وأعضاء الاشتراكي إضعاف الحزب وتفجير الحرب ، والهدف من قتل الحمادي لا يختلف..السيطرة على معسكره لا أقل ولا أكثر.

قد يعجبك ايضا