مدربة التربية الايجابية إيناس عبدالحليم في حديث خاص لـ”الثورة”: يجب تعليم الطفل مهارات حياتية ليصبح فرداً فاعلاً في المجتمع

 

التربية هي أسلوب يجمع بين الحنان والحزم والحب

التربية مهمة خطيرة وحساسة وتحد هائل أمام الأمهات والآباء ازاء أطفالهم، فأي هفوة أو خطأ في طرق ووسائل هذه التربية قد تؤدي إلى نتائج عكسية يدفع ثمنها الأطفال في حياتهم..
ويمر الوالدان بلحظات فيها التحدي أكبر من أن يتخطوه، ففي بعض الأحيان يجهل الأهل ببساطة ما يجب القيام به وفي أحيان أخرى يبدو وكان كل ما يفعلوه غير صحيح وأحيانا تسيطر عليهم جميع الضغوطات الأخرى في حياتهم والحقيقة أن معظم الآباء يتعلمون التربية من خلال قيامهم بهذا الدور، فبما أن معلوماتهم حول نمو الطفل قليلة فأنهم يعتمدون على غرائزهم أو على تجاربهم الشخصية في مرحلة الطفولة غير أن كثيرا ما تكون غرائزهم في الواقع مجرد ردود فعل عاطفية وغير مدروسة بشكل جيد وأحيانا تكون تجاربهم الشخصية في مرحلة الطفولة سلبية أو حتى عنيفة ونتيجة لذلك، يعتقد كثير من الأهل أن التأديب يقوم على مجرد التأنيب والضرب ويستاء آخرون من أنفسهم إذا فقدوا السيطرة على أحاسيسهم فيما يشعر البعض الآخر بالعجز.
تفاصيل أخرى تجدونها من خلال الحور التالي مع الأخصائية في مجال التربية الايجابية الأستاذة ايناس عبدالحليم العبسي وإيمانها العميق بأن تنمية بلادنا تبدأ من الأسرة تحديداً الطفل، وأن الأم تحتاج لكل الدعم والتوجيه لتساعد في بناء مجتمع إيجابي، قررت أن يكون هدفها هو نشر التربية الإيجابية في كل أسرة ومدرسة في اليمن لإيجاد حلول ناجحة للوالدين في التربية الصحيحة.
الأسرة/ خاص

من هي مدربة التربية إيناس؟
– إيناس عبد الحليم هاشم العبسي هي مدربة تربية إيجابية معتمدة من مؤسسة Positive Discipline الأمريكية واستشارية تحفيز معتمدة من الشريك المؤسس للتربية الإيجابية لين لوت.
ماهي مبادئ التربية الايجابية؟
– التربية الإيجابية مبنية على نظرية عالم النفس ألفرد آدلر وطورها العديد من المختصين النفسيين منهم جين نيلسون ولين لوت وغيرهما، تهدف لتعليم الطفل مهارات حياتية ليصبح فرداً فاعلاً في المجتمع.
تتلخص أهم مبادئ التربية الإيجابية في الاحترام المتبادل بين الآباء وأبنائهم والموازنة بين نموذج الحزم واللطف، كما تركز على فَهمُ عالم الطفل، إذ إن معرفة مراحل تطور الطفل النفسية والبدنية تجنبك الكثير من الصدامات مع الطفل.
من المبادئ المهمة في التربية الإيجابية الإنصات والتعاطف والتشجيع وفي التربية الإيجابي نؤمن أن وراء كل سلوك سلبي سبب من المهم فهمه لتقويم السلوك، كما نهتم بالتركيز على الحلول بدلا من اللوم والتأنيب، فالأطفال يتصرفون بشكل أفضل عندما يشعرون بمشاعر ايجابية.
كيف تكون التربية الايجابية صحيحه؟
– التربية الإيجابية هو أسلوب تربية يجمع بين الحنان والحزم معاً فنحن نهتم بالتواصل مع الطفل وإعطائه الحب والدعم الذي يحتاجه الطفل وبنفس الوقت نضع قوانين واضحة للطفل بحيث نتجنب التساهل والتدليل الزائد..
أهم ما نهتم فيه في التربية الايجابية هو تعليم الأطفال مهارات حياتية واجتماعية من خلال المواقف اليومية، المهارات مثل تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس والتفاوض واحترام الآخرين والتوصل لإيجاد الحلول المناسبة للمواقف المختلفة وغيرها الكثير.
وهل تختلف التربية الإيجابية حسب سن الطفل ومرحلته أن تكون واحدة في جميع الاعمار؟
– بالتأكيد يجب مراعاة المراحل العمرية المختلفة للأطفال، لكن المشترك بين جميع المراحل أن الطفل يحتاج إلى الشعور بالحب والتقبل والتشجيع والاحترام في كل مراحل عمره بل حتى نحن البالغون نحتاج لعلاقات أساسها الاحترام والتقبل..
هل الضرب أو العصا وسيلة نافعة في التربية؟
– ماذا يتعلم الطفل من الضرب؟ يتعلم أن الضرب هو وسيلة مقبولة للتعامل مع الآخرين.. فالطفل يتعلم بالأفعال لا الأقوال، والوالدان هما قدوة أطفالهم.. إن كنت تتبعين أسلوب الضرب فكيف يمكنك منع طفلك من ضرب إخوته الصغار أو زملائه بالمدرسة ..
كيف يمكنك أن تعلمي طفلك آداب النقاش ومعاملة الآخرين باحترام ومهارات حل النزاع إن كنت أنت لا تتبعين ذلك معه..
– قد يكون الضرب رادعاً لحظياً للطفل من تكرار الفعل الذي ضرب من أجله، لكنه غالباً ما يلجأ في المستقبل للمراوغة وقد يتعلم الكذب أيضاً ليتهرب من الضرب.
هنا يجب أن تسألي نفسك: هل تريدين أن يتعلم طفلك مبدأ يتبعه مدى الحياة؟ أم تريدينه أن يتوقف عن فعل الخطأ لأنه سينضرب؟؟ في هذه الحالة إن كان الطفل متأكداً أن لا أحد يراه سيعود للخطأ ببساطة .. فالرادع غائب!!!
كما أن كثر الضرب يولد اللامبالاة، ويفقد الطفل الدافعية لإنجاز الأشياء.. وبذلك يكون الضرب قد حقق نتيجة عكسية تماماً لما أردته في بادئ الأمر.
عندما يصل الطفل لعمر معين يكون من الصعب ضربه، فقد يؤدي الضرب إلى رد فعل مماثل من قبل الابن.. في هذه الحالة تفقدين وسيلتك التربوية وتشعرين بالعجز التام في التعامل مع ابنك المراهق أو ابنتك المراهقة..
في الواقع، عادة ما تلجأ الأم إلى الضرب كطريقة للتنفيس عن غضبها (فش خلق) مما يولد تأنيب الضمير لديها وتحاول التعويض على الطفل لاحقاً.. وبهذا تدخل في دوامة من الضرب والتدليل..
إن كنت من هذا النوع من الأمهات فاعلمي أن هذا يفقد التربية كل معانيها، ماذا سيتعلم الطفل إن لم يكن هناك قوانين وحدود واضحة له؟؟ فالتربية بحاجة لاستمرارية والتوازن..
كيف تخلط الأمهات بين الضرب والحزم؟
– الحزم هو وضع حدود واضحة للطفل، تستمر الأم في فرضها ويترك الطفل لتحمل نتائج وعواقب خاطئة في حدود المعقول. الحزم لا يتطلب الصوت العالي والوجه المكشر.. وليكن رسولنا الكريم قدوة لنا في ذلك، فقد عرف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مَا ضرب أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ قَطُّ، وَلا ضَرَبَ خَادِمًا لَهُ قَطُّ، وَلا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
كلمة اخيرة تودي أن توجهيها للأمهات؟
– توقعي دائما شعور طفلك، هل ترضين لنفسك أن يضربك زوجك أو مديرك في العمل لأنك أخطأت أو سهوت أو حتى تكاسلت عن عمل شيء؟؟
إن كنت لا ترضين ذلك لنفسك فكيف ترضينه لولدك فلذة كبدك؟؟
– غالباً ما يكون الدافع للضرب متعلق بك أكثر من طفلك، راقبي أفكارك؟؟ هل تضربين طفلك لأنه فعلا يستحق الضرب؟ أم أنك تضربينه لأن عصيانه لأوامرك يجعلك تبدين كأم سيئة.. لأنك مضغوطة ومتوترة فتلجأين للضرب..
أخيراً هل الضرب مجدٍ فعلاً..
– لا أبداً.. الضرب مؤذٍ وغير مجدٍ.
فلنقرر من اليوم أن أطفالنا ليسوا للضرب
أطفالنا أمانة في أعناقنا فلنساعدهم على النمو ولنشجعهم على الإبداع ولنعلمهم تحمل المسؤولية.. ولنتوقف عن أذيتهم ..

قد يعجبك ايضا