هرطقات

عائشة الطويلي –
تثاقلت علينا هرطقات الزمن الموسوم بطعم الفجيعة, تورمت أناملنا ونحن نكتب حكاياه , نرصد عباراته الدارجة , نكسوه حلة يابسة حيث لا يعرف الماء عنده المرور, وتلامسه رياح عنيدة.. مقفرة.
هناك عند زاوية خفية مستديرة الهيئة, يرقد صاحب السأم , متوسدا بعض لفافات كانت موجودة على حافة الطريق , يرسل ساقيه النحيلتين حول المكان لتبحثا له عن مرقد للتأمل وآخر للسكون , يظل أثرها ململما ذراعية بغية ألا يطالهما البرد, محلقا في سماء الكون الواسع, يرى بعينيه الكثير من الأشياء تطفو على السطح, غير أنه قابع في ركن◌ُ مغاير لا يشبه أحدا◌ٍ.
يجلس لساعات من الوقت متأملا, ما أن يحين موعد الصلاة نافضا ركبتيه مغادرا.. مصطحبا معه بقايا القلق والفتور صاعدا بهما نحو نقطة العودة.
ساقاه مرة أخرى تحملانه, رغم عجزهما, صوب المسجد لتنام عيناه نوما عميقا, ويسقط قلبه في حضرة المولى عز وجل, يناجيه بكل جوارحه, يتوسل إليه أن يريحه من ألم◌ُ ألمø به, فيخفف عنه وطأة المصير, يريح نفسه بالقناعة, قناعة من الدنيا, وطلبا للآخرة.
سائلا نفسه: كم مر عليه من الوقت وهو غارق◌َ في وعكة الزمن¿ كم مرة حسبنا ساعات الشروق الهاربة¿
كم مرة استوقفتنا طوابير الشقاء.. العبور¿ وتعلمنا على إثرها حكمة العقول.
ساعات تمر من عمرنا لم نتأمل معها اللحظة الأخيرة, ننام مبكرا◌ٍ أو متأخرا فالنوم هنا سيان!
لم نعö مفهوم الرحيل, تلك الغفوة الممتدة طوال بقائنا أحياء, عندما تصعد أرواحنا وتبقى أجسادنا, ماذا ضمنا لها السعادة أم الشقاء¿
توددنا إليها بالخير أم ساقتنا هي إلى الفساد¿ من منøا أدرك أنه مشغول بذاته¿ وأن عليه أن يملأ كتابه بالإجابة الرابحة.. هل غابت عن عقولنا لحظة الموت¿
بعد أن كنøا نملك كل الأرض, كل العمر, كل الخريف, كل المطر.
اليوم خلف هذا السور يقبع الإنسان بروحه الهزيلة, لا يأنس مقامه إلا للظلام المنبعث من كل زاوية, قوته تحولت إلى ضعف, أضحى مصيره مجهولا◌ٍ, لا ينال سوى حوارات متقطعة تلامس أذنيه وتصيح فيها: انهض من سباتك كفا بنفسك تضييعا◌ٍ.

قد يعجبك ايضا