مفتي محافظة تعز العلاَّمة سهل إبراهيم بن عقيل لـ”الثورة “: الاحتفال بمُخرِج الأمة من الظلمات إلى النور أوجب من الاحتفال بالمجرمين والقتلة

 

الاستعمار عمل على تقسيم الجزيرة العربية إلىلى دويلات لمحو الإسلام منها وكي لا تقوم فيها دولة واحدة
إذا عرفنا معنى ” بَشِيرًا وَنَذِيرًا ” و” رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ” عرفنا لماذا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
تمسك المجاهدين بأخلاق رسول الله وأخلاق الفرسان في الحروب من أهم أسباب تحقيقهم الانتصارات العظيمة
على رجال الثورة فتح أعينهم وألاَّ يقبلوا المنسحبين من صفوف الأعداء
من أسس بناء الدولة الرئيسية الإنسان والأرض والثروة.. ولابد أن تمثل الدولة عقيدة الثورة

يحق لكل الكائنات أن تفرح وتحتفل وتحتفي بالنبي الكريم الذي كان مولده مولداً للبشرية، للنور، للرحمة، للهدى والهداية لدين الله.. وفي هذا اليوم خير من يستطيع التعبير عن هذا النبي الكريم، عن شمائله وخلقه العظيم وسيرته العطرة هم العلماء، هم ورثته، هم المقتدون به، هم أحبابه من يحملون رسالته للإنسانية جمعاء.
ليس من السهل الإلمام بما يكتبه من الوهلة الأولى العلاَّمة المثقف والمفكر الحصيف الملم بالتاريخ قراءة ومعايشة، والأديب المتواضع، والثائر الشجاع بآرائه ومواقفه التي لا تكاد تحصر .
مفتي محافظة تعز العلاَّمة سهل إبراهيم بن عقيل في هذه المقابلة الصحفية لا يرد بالتصريحات المباشرة، بل يضرب عليها الأمثلة ويطرحُ الشواهد نقية مما قد يشوب التصريحات من انفعالات او افتعالات لأنه لا يقدم نفسه بل يقدم فكره ،وفي فكره ما لا ينضب ولا يُحدُّ من مفردات العلم والسياسية والأدب والثقافة والتاريخ مختزنا كل ذلك في ذاكرة جبارة وفراسة نادرة.. لذلك أنصح القارئ بالتروي أثناء قراءة هذه المقابلة ومحاولة قراءة السطور وما وراءها بتجرد ليتجلى له المعنى.

لقاء/ صلاح محمد الشامي

• العلاّمة سهل إبراهيم بن عقيل.. نحن مقبلون على ذكرى مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فماذا تعطينا هذه المناسبة من معان؟!
– بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد أشرف الورى من بعثه الله سبحانه وتعالى رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً.
أولاً نرى إلى معنى الآية ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” والآية ” إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ” ونضع كلمة ” بَشِيرًا ” بين قوسين وكلمة ” رَحْمَةً ” قبلها بين قوسين فإذا عرفنا معنى كل من”رحمة للعالمين” و”بشيراً ونذيراً” بحقائقها ودقائقها عرفنا لماذا الاحتفال بهذا المولد النبوي الشريف..
بُعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أمة كانت أجهل الأمم ولم يكن لها ذكر بين الأمم خاصة في العصر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..
“بُعثتَ والناس فوضى لا تمر بهم إلا َّعلى صنم قد هام في صنم”.
هذا من ناحية، فإذا قال هذا الشاعر هذا الكلام فمعناه أن ليس له عقل، ليس له فكر، وليس له هدف في الحياة إلا أن يعيش عيشة البهائم، يعيش ليأكل، لا يأكل ليعيش، فإذا نظرنا إلى إنسان ذلك العهد نراه يعيش هو وحماره وجمله وبغله سواء، إن كل ما يخطر في عقل الإنسان من جهالة كان موجوداً في ذلك العصر الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كانوا يعيشون في صحراء مقفرة يتربص بعضهم ببعض ويرى كل منهم الآخر على أنه فريسة من الفرائس وغنيمة من الغنائم، زد على ذلك أن الآلهة في ذلك العصر كانت متعددة، لا يؤمنون بإله واحد، كانوا يعبدون أصناماً من الأخشاب والأحجار وحتى من التمر كما ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه كان له إله من التمر كان إذا جاع أكله، أي وزن لعقل الإنسان عندما يسجد لقطعة من التمر؟!
موجبات الاحتفاء
هذا يدور حول أهمية ظهور سيدنا ومولانا النبي في زمن كانت فيه الجاهلية سائدة، وذلك يحتم علينا أن نحتفي به وبيوم مولده.
قال تعالى “ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ* مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ*وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ” أولاً لنعرف معنى الأخلاق، الأخلاق هي السلوك، تحكيم العقل في الحركات والسكنات والقول والفعل، ثم يقول الله سبحانه وتعالى:”اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ” هذه نقطة لفت نظر البشرية كلها إلى أول ما أنزل من القرآن وخاصة إلى أولئك الذين وصفهم شعر أحمد شوقي “بُعثتَ والناس فوضى لا تمرُّ بهم .. إلا على صنم قد هام في صنم”
هل الصنم يقرأ ؟ لا طبعا ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ” حرَّك عقل الإنسان وفكر الإنسان “خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ” عرَّفه مم خلق ، خلقه من علقة ثم مضغة إلى آخر الآية، إلى أن قال ” فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ “.
– هنا لفت نظر للإنسان الذي يسجد للشجر والحجر وحتى لما يأكله.. هذا لفت النظر عندما يتغير فكر الإنسان من الجاهلية إلى الإنسانية ليعرف أنه هو الذي صنع هذا الصنم هل يذلل نفسه لما صنعه أم يذلل ما صنعه لنفسه؟.. أنت عندما تصنع سيارة هل تجعل السيارة تركب عليك مثلا أو الحراثة تركب عليك أو الطابعة أو المسجلة أو غيرها؟!!
هل صنعت ذلك لتكون هي سيدك أم لتكون أنت سيدها؟!
– هنا يتغير فكر الإنسان، تغير فكر الإنسان ليس بالسهولة.. هذا الرجل “النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم” الذي أخرج الإنسان من هذا الانحطاط الفكري والسلوكي في القول والفعل والعمل، وفي مجتمع أحل ما حرَّم الله وحرَّم ما أحل الله وغير ذلك، هذا التغيير صعب لا يكون إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى وعزائم الرجال وعقولهم .. حتى أنه في بداية الدعوة من آمنوا به- بعد أن ثبت لهم الحق- ونشروا السوء قبل إيمانهم في وجهه وأرادوا قتله أبصروا أنهم لو فعلوا سيقولون إننا قتلنا رجلاً كان يريد أن يخرجنا من البهيمية والعبودية لغير خالقنا الذي خلق السماوات والأرض إلى الإنسانية وعبادة الله وحده.. هل من شعراء الجاهلية من قال مثل هذا البيت : “وفي كل شيء له آية.. تدل على أنه الواحد”، أو هذا البيت:
أتحسبُ أنك جرم صغير.. وفيك انطوى العالم الأكبر”.
إذاً فرق ما بين شعر الجاهلية وهذين البيتيين لترى الفرق في تفكير الإنسان وسلوكه، وقال تعالى “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ” مثل هذا الرجل الذي جاء بمثل هذا العمل ليغير تفكير الإنسان وسلوكه هل أحد جاء يمثل ما جاء به سيدنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في جزيرة العرب؟! وأين كان موقع جزيرة العرب من الأمم المتقدمة في ذلك العصر؟! كانت مجهولة. إذاً من الذي أخرج جزيرة العرب من ذلك الانحطاط إلى أن تكون سيرة العالم كله ؟! أليس ظهور النبي فيها؟! إذاً هذه نقطة.. هذا التحول هل أحد ممن ينكر الاحتفال بمولد هذا الرجل لا يحتفل بغيره ؟! إنهم يحتفلون بأناس كالقرود، يحتفلون بأناس همج قتلوا البشرية، وقتلوا أمماً لصالح فئة أو حاكم، هل تحتفل بمثل هذا وتظهر احتفالك بالموسيقى والألعاب النارية وكل شيء ، ولا تحتفل بمولد من أخرج البشرية من الظلمات إلى النور؟!
احتفاءات المنكرين
عبر التاريخ الإسلامي.. من أول من أفشى في الناس التجهيل بأن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعة، فنحن نرى أن أكثر من سوَّق هذا هم الوهابية، حتى أصبح البعض يرى أن الاحتفال بمولد النبي بدعة؟!
– هؤلاء الناس يقدِّرون الناس الذين لا يساوون شيئاً حتى (بعرة حمار) ركبه النبي صلى الله عليه وآله وصحبة وسلم .. هؤلاء ليس لهم عقول، إذا كانوا ينكرون فضل النبي صلى الله عليه وآله وصحبة وسلم.
“وإن فضل رسول الله ليس له ** حد فيعرِبَ عنه ناطق بفمِ”
وما عرف البلاغة ذو بيانٍ ** إذا لم يتخذك له كتابا”.
أي صفحة في تاريخ سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله وصحبة وسلم تجد فيها النبع الذي ليس لفئة معينة ولا لقومه أو لذاته بل للبشرية جمعاء.
إذا كنا – كبشر- نحتفل بمولد (بوذا) وبمولد سيدنا (عيسى) ونحتفل بمناسبة نجاة بني إسرائيل من فرعون، لماذا لا تنكرون على أولئك وهم جالسون بينكم؟ لِمَ لا تنكرون إلا على المسلمين احتفالهم بمولد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟!
حول هذا.. الاحتفاء بمولد سيدنا المسيح عليه السلام في الإمارات يأخذ طابعاً عالمياً فتنار له ناطحات السحاب وتزين الأبراج خاصة برج خلفية، وفي يوم مولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم لا نجد لذلك ذكراً لديهم.. أيضاً في السعودية مع اقتراب مولد النبي نجدها تحتفي بالمصارعة لتضليل الجماهير وإشغالهم عن مولد النبي.. أليس ذلك متعمداً لشغل الناس عن مولد نبيهم والاحتفاء بمولده؟!
– إذا نظرنا عبر التاريخ- بنظرة مجردة – سنجد أن كل دعوة كانت سلبية أو إيجابية نافعة أو ضارة لا بد لها من معارض، هذا أسلوب الحياة. قال تعالى ” وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ *إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ” أسلوب التجديد في الاختلاف متعدد، والدعوة إلى ذلك النبي الذي لم يفهمه الناس أيضا لها أساليب مختلفة، فالمصلحون والذين لهم عقول، هؤلاء مثلا نقول إنهم اخترعوا الآلة فأصبحوا ينظرون إلى مخترع الآلة هذه على أنه أعظم مخلوقات الله سبحانه وتعالى ، وأنكروا الخالق نفسه الذي ألهمه هذا الاختراع.
استحقاق الاحتفال
لماذا يجب الاحتفاء بمولد النبي صلى الله وعليه وآله وسلم ؟!
– لأنه غيِّر مجرى تاريخ البشرية كلها بلاشك .. ألم تمتد الإمبراطورية الإسلامية إلى حيث لا تغرب الشمس عنها ؟!
قال هارون الرشيد: “أمطري حيث شئت فإن خراجك عائد إليَّ” .. هذه الإمبراطورية ، اضمحلت.. هل الإسلام الذي دخل هذه الأقطار اضمحل ؟! لا يزال الإسلام قائماً فيها ، بل إن الأقطار التي حكمها الإسلام الآن تقود العرب الذين نبت فيهم الإسلام إلى الإسلام .. وفي المقابل الدولة الرومانية بعد ما اضمحلت. هل بقي قانونها قائما!.. لا طبعاً. إذاً لنرى فضل الإسلام سواء في انتشاره وحكمه ، أو اضمحلال حكمه هل اختفى؟ لكن الامبراطوريات التي قامت على أساس الحكم. هل بقيت فيها قوانين تلك الدول ؟! . من هذه النقطة ، إذا كنت من الفكرين تعرف فضل الإسلام وتعرف فضل هذا الرجل الذي بعثه الله بهذا الدين . قال تعالى ” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ” هل جاءت امبراطورية أو حكم بمثل هذا؟! لقد جُمعت كل الرسالات في رسالتنا وكل الديانات في ديانتنا وكل ما يأمر به كل نبي أرسله الله سبحانه وتعالى دون تحريف ، ترى أحكامه موجودة في الإسلام ، مع جهل المسلمين بهذا الفضل الكبير.
شخصية الرسول
• إذا انتقلنا للحديث عن شخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم كرجل وكشخصيته كنبي ؟!
– ” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ” من فضَّله الله وميَّزه عن غيره لابد أن يكون له تمييز خاص، في شخصيته، في أفكاره، في أفعاله، في أقواله .. قال الشاعر وهو شاعر ليس بالمشتهر :
سبحان من قسَّم العقول فلا عتاب ولا ملامة
أعمى وأعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامة ”
أي أن العقول تختلف من إنسان إلى إنسان والعلم أيضا . قال تعالى :
(وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ) الله سبحانه وتعالى جعل هذه المشيئة مراتب فإذا قلنا إن هذه المشيئة مراتب ،عرفنا أن الله سبحانه وتعالى قسَّم استيعاب العقول حسب قوة التلقي .
• هناك ما يميز النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاخلاق حتى قبل البعثة؟
– بلا شك نحن الآن إذا رأينا احتفالاً في أي مكان هرعنا إليه شيباً وشباناً، صغاراً كباراً لكنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم منذ كان طفلاً يبحث ويسأل عن أي احتفال يُدعى إليه، فلم يكن يشهدها، تعرض كثير من كتَّاب السيَّر إلى أخلاق النبي وشمائله منذ طفولته إلى بعثته لأن الله سبحانه وتعالى لم يبعث نبياً إلا وقد أكمل صفاته البشرية بما يفوق في عقليته وتفكيره ونظرته إلى الحياة ما لدى قومه ،لأن القائد يلم بما لا يلم به الآخرون، فذوو العقول يكونون بعد هذا القائد.
تجسيد واقعي
“كنا إذا اشتد الوغى لذنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..أليس هذا ما تحكيه الاحداث الآن حتى أصبحت سيرة المصطفى واقعاً معاشاً في اليمن في ظل العدوان؟
– نحن لو نظرنا إلى تاريخ هذه الثورة منذ بدايتها إلى دخول صنعاء في 2014م لرأينا نفس السيرة المحمدية في نشر الدعوة المحمدية أنت اقرأ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) هذه الحادثة التي وقعت في مكة ماذا أعقبها كاد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن يقتل أمام البيت وضرب أصحابه وألقيت عليهم الاوساخ .. اقرأ بعدها السورة بالترتيب (ِاذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) هل الظرف الزماني والمكاني والحركة هي نفسها ؟ الزمن غير الزمن والحركة، والذين كانوا يضطهدون هؤلاء المؤمنين أين اصبحوا؟.. هل تغير فكرهم من (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) إلى (ِاذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) ؟! تغير. إذاً نعرف فضل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وفضل هذه الرسالة في تغيير فكر هذا الانسان الذي كان يسجد للحجر ويأكل إلهه إذا كان من التمر إن جاع .ألا يجب الاحتفال بمولد مثل هذا الرجل العظيم؟!!
مسيرة الرسول
• هذا يعني أنه يجب الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لكن في هذا الاحتفال محطات يجب أن نتعلم منها.. ماذا يمكن أن يعطينا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟..
– أولاً كما قلت أنت أنها محطات في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي دخول الناس في دين الله أفواجا .. هذه المحطات لها ظروف مختلفة من ناحية البحث الاجتماعي والتاريخي والإنساني والاقتصادي والفكري، فإذا تأملنا هذه المحطات وجدنا فيها التدرج من الأسفل إلى الأعلى، فمثلاً عند الهجرة “سراقة بن مالك” تبع النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى عرض الصحراء وأخرج سيفه من قرابه وقال له: قف يا محمد، فأشار النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى الصخرة الواقف عليها سراقة هو وفرسه فغاصت الفرس، فقال سراقة “مه مه يا محمد.. هكذا سحرك” فصعد هو وفرسه من الصخرة لكنه لا يزال هو وضميره – مائتا جمل ليست لعبة- كان الانسان يقتل في سبيل خمس غنمات، ما قيمة الخمس غنمات أمام مائتي جمل، فغاص مرة ثانية فقال :الأمان. فصعد من الصخرة بقدرة الله سبحانه وتعالى.. تقدم عدة خطوات، فغاصت فرسه ثالثة فقال : أنا آمنت بسحرك يا محمد وعرفت أني لو وصلت إليك أمة ستأكلني الأرض، وقد آمنتُ بأنك ستدخل مكة وستتغلب على سادات قريش وهذا الذي رأيته من سحرك جعلني أؤمن أنك ستدخل مكة، فاجعل صاحبك هذا يكتب لي أماناً إذا دخلت مكة أنك لا تؤذيني ولا أؤذيكم مثلما أنا الآن لم أؤذك، فقال: اكتب له يا أبا بكر، فكتب له الأمان فأخذ الأمان في جرابه ، وقال :سأقول إنني لم أجدك في هذا الطريق ورجع، فقال له: تعال يا سراقة، فجاء سراقة وقال: لقد كتبت لي الأمان فماذا تريد مني؟ قال :كأني بك يا سراقة قد لبست سواري كسرى وتنطقت بمنطقه وتعممت بعمامة من حرير الشام وعليه جوهرة من جواهر قيصر.
قال: أنت الآن لا تزال هارباً من مكة وتقول إنك ستعطيني سواري كسرى. اعط هذه الخرافات لهذا الذي بجانبك- يعني سيدنا أبي بكر. هذه الحالة الأولى والمرحلة الأولى التي لا يقرها عقل وهي المرحلة الأولى من ثورتنا وهي التي لا يقرها العقل ولا المنطق.
درب الثورة الشعبية
• الآن .. في أي مرحلة نحن من مراحل سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ؟!..
• الآن نحن في مرحلة بعد الأحزاب والخندق (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “الله أكبر عندما كسر الصخرة ففتحت فارس.. الله اكبر إني أبصر قصور كسرى وقيصر وقصور بصرى.. الله أكبر فتحت صنعاء …إلخ”، فقال المنافقون :انظروا كيف يضحك عليكم ويقول لكم ما لا يصدقه عقل”.
الآن الذين في قلوبهم مرض يرون ما يراه ابليس (فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ) ، (مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) دافعوا عن انفسكم لم أعد اقدر لأنه عرف أنه دخل في حرب وأته دخل الآن في حرب فعلاً ولكن بوجوهكم أنتم ولم يدخلها بوجهه السافر. قال أرميهم بحذائي ولا أرميهم بنفسي، فالدول الاستعمارية ودول الكفر كلها رموا هؤلاء الارذال بأحذيتهم وأعانوهم ببعض احذيتهم من انفسهم. احضروا حذاء فرنسياً وحذاء أمريكياً وحذاء بريطانياً وحذاء إسرائيلياً لإعانة هؤلاء على هذه الثورة الشعبية لكنهم لم يدخلوا بأرجلهم وبأنفسهم بل بأحذيتهم.
لماذا لم يدخلوا بأنفسهم؟
• لأنهم يعرفون أنهم سيهزمون وأن دعواهم بأن هذه الثورة مصدر تجهيل باطلة كما يقولون عنها ..فإنهم لا يحكمون إلا بالمظهر فإذا رأوا أحداً يلبس “برنيطة” يقولون هذا فكر كبير لأن “البرنيطة” هي الفكر وعندما يرون أحداً بعمامة يقولون هذا مغفل.
عمى الأبصار والبصائر
احتلت بريطانيا الدول العربية وأحاطت بالجزيرة العربية وبالحرمين الشريفين ولم تدخلهما ،وفي اثناء احتلالها لهذه الأجزاء من الجزيرة العربية ومصر وفلسطين ونكرانها حق هذه الأقطار في أن يحكمها أبناؤها قامت بتأسيس المملكة السعودية لتكون صنيعتها ..هل لهذا مغزى في تضييع الدين لأن أحد الإسرائيليين صرح بقوله (سنصنع لهم اسلاماً يناسبنا)وما علاقة تأسيس الدولة السعودية بإنشاء إسرائيل؟!
• لقد تبلدت العقول وعميت الابصار والبصائر عما تراه أنت الآن فالبعض مثلاً يرى امرأة عارية فيقول هذا تقدم، هل هذا من التقدم عندما تبني “باراً” ليخرج الناس منه سكارى إلى الشوارع في أماكن مقدسة ويدخلون المساجد هل هذا تقدم؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) إذاً قارن بين من دخلوا المسجد وهم سكارى ومن لم يدخلوه وهم بعقولهم، فهل استوعب السكارى الإسلام والذين دخلوه وهم بعقولهم استوعبوا الإسلام؟!! سألوا (مطعم بن عدي) لماذا لا تشرب الخمر وهو من الجاهلية ولم يعلن إسلامه وهو الرجل العاقل الذي أجار النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما أحاط به المشركون ثم قال النبي :أنا لا اريد جوارك فقد أجارني الله (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) قالوا له لماذا لا تشرب الخمر؟ قال لهم إذا كان الله ميزني بعقل هل أخربه بشراب أو بشيء يخل به .. هل الناس يقدرون المجنون حتى وإن كان من سادات القوم؟ هل يقدرونه وهو سكران؟ هل يستمعون أمره وهو سكران؟ لماذا لم يسكر وحرم على نفسه الخمر؟! لأنه حكم عقله، كل ما تراه الآن في هذا العالم من طرقات ومزروعات ومبان كلها نتيجة العقل.
الله سبحانه وتعالى عندما جعل هذه العقول جعل لها إرادة وجعل في الانسان حب الذات وجعل في الانسان شهوة وجعل ذلك كله في تصريف كبير للعقل ،هذا التصريف الكبير للعقل جعل الانسان يميز بين الحق والباطل وبين الخطـأ والصواب .
انكشاف العدوان
عودة إلى موضوعنا حول شخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمراحل التي الآن تتجسد على الواقع الآن فيما يتعلق بالثورة والعدوان؟
• العدوان هذا لم يكن ضد الإسلام فقط لأن الإسلام ينشر نفسه ولا يستطيع أحد ان يقتلعه، عند ادخال الملك فهد “ريجن” رئيس الولايات المتحدة إلى الحرم النبوي سأله (ريجن) أين نحن الآن؟، قال نحن الآن أمام قبر (محمد)، قال : ما الفائدة من وقوفنا أمام قبر (محمد)؟ قال له : ماذا تعني بذلك؟ قال وقوفنا هنا يجعلنا كهؤلاء الناس المغفلين الذين جاءوا يزورون قبر (محمد ) … قال (فهد) إذا كان (كمال اتاتورك) اقتلع رأس الإسلام فأنا سأقتلعه من جذوره، فأجابه (ريجن) :إذاً أنت الآن ستخدم الحضارة أكثر مما خدمها (كمال اتاتورك) في تحطيم الإمبراطورية العثمانية التي هي شبه مسلمة وليست مسلمة هي كالقشر فقشر اللوز ليس كاللب ولا كالعصارة فأيهما اقوى !؟ العصارة هي أقوى ..إذاً هذا (فهد) عصارة اليهود.
رسول مطهَّر
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتميز بصفات كاملة متكاملة قبل البعثة وبعدها، كالشجاعة والمروءة والنجدة بالإضافة إلى كونه الصادق الأمين..؟
• بالتأكيد جاء في الحديث ما معناه أن كل نبي أوتي قوة أربعين رجلا من أكمل الرجال فلو لم تكن شجاعة النبي المرسل إلى قومه كالفدائي الذي يجابه أمماً كاملة بسيوفها، بحلها وترحالها تريد قتله، ولا يفر منها بل يقف أمامها.. (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ) (أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) من الذي أعطاهم الظهارة؟ أليس الله بواسطة نبي الله (لوط) .. قالوا (أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) هنا إقرار بالذنب وأنهم يعملون الرذيلة، وما هو الذنب الذي يجعلهم يخرجون (لوط) من قريته ويخربون بيته؟ (الطهارة).
• الآن وسائل إعلامهم ومطبلوهم أغلب دعايتهم على الثورة والمسيرة أنهم السلالة، نفس إقرار أولئك (أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)؟!
• ماذا قال الفقهاء.. قالوا: الكفر ملة واحدة.. الكفر سواء كان الجحود عن علم أو عن جهل، فالكفر هو الكفر.
المسيرة تتكرر
إذا كانت الآن السيرة النبوية تطبق على الواقع، وإذا كنا الآن في مرحلة ما بعد الخندق، فما بعد هذه المرحلة؟
• انظر إلى التاريخ، انظر بداية الدعوة الناس كلهم مثلا عندما بدأت الدعوة في (مران) وفي صعدة، عندما كان البيتان متلاصقين والحصار عليهما، هل كان أحد يتعاطف مع هؤلاء القوم؟
• كانت وسائل الإعلام تضلل الجمهور اليمني وتخفي الجرائم التي ترتكبها السلطة الحاكمة لذلك لم تكن نعرف شيئا عنهم؟
• إذاً عرفت أنت الآن النقطة الارتكازية، والتحول الجذري، عندما خرجت الحروب الست، هل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل والجيش السعودي والجيش اليمني والقبائل والخونة (ثمان فرق) حتى من صعدة نفسها من قبائل صعدة ومشائخها وغيرها ضد دعوة (السيد بدر الدين الحوثي وابنه حسين ) هل هذه الثمان الفرق التي تمتلك القوة المادية وتمتلك السلاح وتمتلك العقول التي تضللها -والله غالب على أمره -هل استطاعت أن تغير شيئا في مسيرة هذه الثورة؟ عندما خرجت هذه الثورة من بوتقتها، نظر الناس إلى حقيقة هذه الثورة، وتكالب هذه القوى كلها، نظروا إلى تكالب الفريق الآخر الذي يعمل على محاربتها، هل يعمل على محاربتها مثلا لأجل رخاء المواطنين وتقدمهم وتحرير عقول المواطنين وأمان المواطنين أم يعمل لأجل أن يظل مسيطراً على هؤلاء المواطنين باستغلالهم وتفريق كلمتهم وتمزيقهم كل ممزق لأجل أن يبقى هو الحاكم (فرق تسد)؟
• ما بعد الأحزاب لم تعد المدينة المنورة هي التي تغزى بل هي التي تغزو.. الآن نرى الفرق بين عام 2015م وفترة الصمت الاستراتيجي 40 يوما وبين بداية الرد ثم تطوير السلاح والاختراع من الصفر للصواريخ والأسلحة حتى وصلنا إلى عمليتي توزان الردع والعملية الكبرى (نصر من الله).. المفترض أن أي دولة فقيرة كلما جثم عليها عدوان وحصار تحالف كبير كهذا الذي ما سمي بالتحالف إلا لشرعنة العدوان المفترض أن تنهار؟

• هذه النقطة أنت اثرتها، هي في محلها، لكنهم هم أنفسهم يعلمون أن شرعنة التحالف والشعوب نفسها تعلم أن هذا التحالف ليس من اجل عزة وكرامة هذه الشعوب وإنما لإذلال هذه الأمة.
جزر ومد
ما تعليقكم على عمليتي توازن الردع وعملية “نصر من الله” ولماذا الآن هناك صمت وعدم ضرب لمصالح العدوان؟
– هناك عملية جزر ومد في حركة البحر، في الجزر يتقلص البحر عن الساحل، في المد يطغى البحر على الساحل، حتى قد يبلغ المدن ويغرقها، بلا شك أن الذي يملك القوة المادية وليس هناك عقيدة تحرس هذه القوة المادية فإنه مغلوب على أمره حتى وإن اكتسب انتصاراً مؤقتاً، لأن انتصاراً كهذا ليس مبنياً على أساس عقيدة تبقى في هذا المجتمع الذي تغلب عليه. نحن عندما بدأ المد انسحبنا من أكثر من 85% من أراضينا وكان الدنبوع وأصحابه الذين ليس لهم قول ولا فعل لأنهم هربوا بثياب النساء يتبجحون بذلك، وخرج كثير من السفهاء الذين كانوا مع الثورة صورياً طمعاً في المادة، لا إيماناً بما يقومون به، هناك انكشف عدم الإيمان والنفاق، وحيث يكون دخان الولائم يحضرون، وحيث يكون ربط على البطون وإشهار للسيوف وإسالة دماء يقولون ليس موقعنا هنا .
أولئك الذين هربوا إلى الرياض أو لنقل التحقوا بمعسكرات العمالة، بعد أن تنتصر الثورة نهائياً وتسقط حكومة ودولة آل سعود، وتقوم الدولة التي ذكرتم أنها ستقوم في شبه الجزيرة العربية وكما ذكرتم ذلك في مقالاتكم، هؤلاء سيلتحقون بالثورة ويقولون نحن كنا وكنا؟
• “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين” كما قال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين” وقالت العرب في حكمتها “المجرب لا يجرب” .
• قرأت لكم في صحيفة الثورة التبشير بدولة ستكون الأعظم في العالم ؟ هل هذه الدولة ستقوم بغير رسول الله أم برسول الله وبالتمسك برسول الله؟
• بلا شك أن كل أمة كسبت مجداً ثم زال تنظر إلى ماضيها فإذا نظرت إلى ماضيها صار ذلك حافزاً لها لتعيد ذلك المجد السابق الذي اندثر.
الامجاد اليمانية
أنتم الآن تشيرون إلى الأمجاد اليمانية التي دانت لها الدول في الماضي؟!..
– بلا شك وإلى عهد الإسلام لأن الإسلام هو الذي بنى مجداً ليس لليمن فقط وقد بني مجد الإسلام هذا بسيوف اليمنيين وعقول اليمنيين وإيمان اليمنيين، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” وأني لأجد نَفَسَ الرحمن من اليمن” هل عندما قال ذلك كانت الشام أو العراق أو مصر مسلمة، اليمن كلها هل كانت مسلمة .. هذا الدين الإسلامي عندما يدخل إلى العقول ونفوس وضمائر الشعب اليمني فسيبقى ما بقي الدهر إلى يوم القيامة، وسينتصر هذا الدين وسيأتي مخلَّصا البشرية من هذه العبودية الجديدة التي جاء بها أعداء الإنسانية.
ثورة تنتصر
إذا نظرنا إلى هذا العدوان نجده لم يأت إلا وقد اختمرت الثورة وتعمقت في عقول وقلوب الناس.. هو جاء ليقضي عليها، فإذا به يعجز عن ذلك، فيتحول إلى سُلَّم فقط لترتقي عليه الثورة وتتطور وتتعمق وتتجذر.. أراد الله أن يرد كيدهم في نحورهم.. ما تعليقكم على ذلك؟
– الله سبحانه وتعالى قال لرسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ” قُمْ فَأَنذِرْ” ينذر من، ومن هو الأقوى آنذاك من الناحية المادية؟.. أنت تجابه أمة كاملة وأنت وحدك.. الآن العالم كله ضد هذه الثورة والثورة تنتصر.
في سورة الأنعام آية هي الوحيدة التي جاء فيها لفظ الجلالة مقترنا ” إِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ” وهنا ” قُمْ فَأَنذِرْ ” هل المنذرون أوتوا مثل ما أوتي رسول الله؟! بل كلهم حتى أقاربه اعترضوا عليه.. قالوا له: هل تريد منا أن نقاتل العرب بأجمعهم، نقاتل حتى قومنا؟!! لم يعلموا أن قوة الله هي أكبر.. هذا هو الواقع الآن.. وعندما قام وأَنذِرْ، هؤلاء الذين أنذرهم أليس بعضهم آمنوا وبقوا مع المستضعفين وبعضهم بقوا مع الجبابرة..
• مقاطعاً..هؤلاء هم حكومة فنادق الرياض؟!
– هؤلاء هم عبيد مال، لأنهم يعلمون أنهم كاذبون حتى الذي بجانبه أو من يحرسه يعلم أنه كذاب.. جاء مسيلمة الكذاب إلى سجاح، فقالت له أذهب.. أنت تضحك على قومك هناك، هل جئت لتضحك على “نبيه” من الشام.
• في مقالاتكم التي تنشرها صحيفة الثورة تكلمتم عن أسس بناء الدولة الحديثة، ومقومات بناء الدولة..
• عندما تكون العقيدة في النفس يجب أن تكون هناك دولة وإدارة تمثل هذه العقيدة في تسيير “السيف، القلم، والمنطق” لابد من هذه الأشياء، السيف لإقامة الأمان ،والمنطق للاقتناع الوجداني، والقلم للمعرفة، هذه الثلاث ضرورية في إقامة المادية للعقيدة، فإذا قامت العقيدة في نفس الذات انحصر السيف وبقيت العقيدة بقي السيف يحكم سواءً بالإسلام أو بغير الإسلام.
ولنا أمثلة في التاريخ الإسلامي .. هل كان كلهم يحكمون بالشريعة الإسلامية؟!! بالسيف. كانوا يحكمون بالسيف إذاً العقيدة تبقى وأسس بناء دولة تدافع عن نفسها لابد لها من مقومات، هذه المقومات “سيف وقلم ومادة أي الثروة” هذا موجود.. الآن الجزيرة العربية ما جمعت هذه الدويلات في الجزيرة العربية إلا لأجل محو الإسلام منها اولاً ومحو الإسلام من الجزيرة العربية ذاتها والدليل على ذلك أنهم حتى كانوا يحرَّمون حتى التلفزيون والموسيقى وكانوا ينشرون في الشعب المخدرات التي يتاجر بها الأمراء والحكام.
انتشار الثورة
ذكرتم في مقالات عدة أن اليمن أصبح قبلة للمستضعفين في العالم، وأن هذه الثورة عالمية، فما النتائج التي يمكن البناء عليها حالياً؟
– الأمثلة كثيرة.. سمعتُ وشاهدتُ مقطع فيديو لمتظاهرين داخل “طوكيو” و “ناجازاكي” التي وقعت عليها القنبلة الذرية الأمريكية مع نهاية الحرب العالمية الثانية، والمتظاهرون يقولون: “موت أمريكا- موت إسرائيل – لعنة يهود – نصر إسلام” هل هم يعرفون هذه الكلمات ” الله أكبر” هل يعرف أحدهم معنى هذه الكلمات الخمس “الصرخة”؟!! الثورة الآن تغلغلت عالمياً.. الاضطرابات الآن قائمة في بريطانيا، في فرنسا، في بلجيكا.
الرسول الأسوة
نرى الآن على شاشات التلفاز المجاهدين من الجيش واللجان الشعبية في الجبهات يمثلون أخلاق الفرسان في الحرب كمعاملتهم للأسرى وغيره.. ما تعليقكم؟
– بلا شك نراهم يتأسون بالرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فرض علينا قانون الحرب والحرابة حسب ما يرضي الله ورسوله، فرضا الله أولاً لدى المقاتل هو يهب نفسه وماله لله ورسوله.. عندما يضحي الإنسان بولده وبيته وماله في سبيل الله متبعاً شريعة الله، المجاهدون يطبقون تعليمات وأوامر رسول الله ” لا تقتلوا أسيراً، لا تلحقوا هارباً، لا تقطعوا شجراً، لا تفعلوا كذا … إلخ، وهذا نراه في أخلاق المجاهدين في الجبهات، تنفيذاً لأوامر الله ورسوله قال تعالى ” وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ” إذا كنت تتبع هذه الأوامر من الله خالق الكون فسينصرك، هو قادر على أن يزيل الكافرين ” إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ” ولكنه أمر بالجهاد وجعل له قوانين وأخلاقاً ووعد بالنصر.
نصيحة
هل هناك نصيحة معينة أو توجيه معين؟..
– على رجال الثورة أن يفتحوا أعينهم، لأن أولئك يعملون بكافة الطرق كي يدخلوا إلى صلب كيان هذه الدولة لتفريغها من محتواها الثوري الأصلي الذي قامت عليه من أجل نصرة الله ورسوله، فإياكم ثم إياكم قبول من هرب إلى صف الأعداء من السياسيين والمشائخ والقادة، فهؤلاء هم أصلاً الجراثيم التي تعبث في عظام هذه الأمة إلى الآن، هذا والسلام.
الحلقة الأخيرة
هل تحبون أن تضيفوا شيئاً في ختام هذا الحوار؟
– أنا أعتقد أننا الآن في الحلقة الأخيرة من العدوان شاء الأعداء أم أبوا، لأنهم ملوا قبل أن نمل نحن، وكانوا معتمدين على أموالهم، وعلى ما لديهم من ثروة لشراء الضمائر وشراء الأسلحة وشراء المخربين والمنظمات والجيوش، فإذا كانت المضخة أكبر من البئر، من أين لك مال لشراء المخربين ليقاتلوا معك على الباطل، والذين سيبقون معك يبقون من أجل العقيدة لا لتعطيهم دولارات.
الذين خرجوا مع رسول الله كانوا لا يجدون القوت الضروري ويربطون على بطونهم الحجارة ويرفعون السيف في وجه أعدائهم، ويلقي الإنسان بنفسه في النار لأجل هذه العقيدة، حتى خاف الأعداء منهم.
كسرى أنو شروان عندما جاء العلاء الحضرمي وغزا البحرين، قال “اللهم كما سخَّرت البحر لموسى فسخَّر البحر لأمة محمد” ودعا دعا فمشى ومن معه مسافة حوالي 27 كيلومتراً في البحر دون أن تبتل أقدامهم كما فعل موسى، فلما دخلوا أخذوا السفن إلى الجانب الآخر، تمركزوا في البحرين ومضوا إلى الجانب الآخر، سحبوا السفن إلى البر الثاني، فأخبر كسرى جماعته بأن المسلمين لم يعودوا يتمركزون في البحرين، قال لهم: أو كان معهم سفن؟ قالوا: لا. قال لهم: نحن لا نستطيع أن نحارب أناساً تحارب معهم السماء.
عندما استهزأ كسرى برسول المسلمين، فقال له “ليس معنا إلا هذا التراب”، وحمَّله كيسين من التراب، فأخذهما الرجل في فرح وحملهما على فرسه ومضى، فسأل المنجِّم كسرى: ماذا أعطيت لهم؟ قال كسرى: اعطيتهم كيسين من التراب والحصى، قال له: الآن زال ملكك، ولقد أعطيتهم الأرض.

قد يعجبك ايضا