في رحاب الخالدين محمد الزعرور” أبو الحسنين” من جنة الأرض إلى جنة السماء

 

إعداد /عفاف محمد
كانت عملية “نصر من الله” في المرحلة الأولى والثانية قد نشرت العز والفخر في أنفس الأحرار ، ولم تأتِ إلا ببطولات ومواقف رجولية تمتلك عزماً من حديد صدرت من رجال عرفوا الله حق المعرفة، ولذا أغدق الله سبحانه وتعالى وأفاض عليهم نصراً مؤزراً ، وكانت أرواحهم الغالية ثمناً مقدماً لذلك النصر الآلهي.
نبت من بعدها الفخر وتسرب الفرح لأنفس الذين ذاقوا الغدر من العدو؛ فسرق منهم الأعزاء من الأهل والأقارب والأصدقاء.
رجال الله أثلجوا صدورنا بهذه العملية الأسطورية ولنا وإياكم وقفة مع من عمدوا هذا النصر العظيم بالدماء..
سنطوف معكم في روضة أحد رجال الله الصادقين المخلصين الذين حملوا لنا هذا النصر العظيم على أكفهم الطاهرة وأهدونا إياه ورحلوا.
رحلوا بعيدا مع قافلة الخلود حيث النعيم الذي لا ينتهي، هو بطل صنديد من أبطال عملية “نصر من الله”. كان مجاهداً عظيماً ارتقى لرتبة شهيد وهو شهيد الحق العقيد: محمد يحيى صالح الزعرور ” أبو الحسنين ” من أبناء قرية الجنة عزلة حجر مديرية المحابشة التابعة لمحافظة حجه لقبه الجهادي (أبو الحسنين).
(أبو الحسنين) شاب عشريني العمر تميز بنبل الأخلاق وفاحت منه ريح الفضيلة من كل جوانب حياته .. وكان فعلاً ابن قرية الجنة في الأرض، وصعد للجنة التي في السماء لعلو نفسه وطهارتها.
بعد أن انتقل إلى عمران لدراسته في كلية التربية التحق في سنته الرابعة والأخيرة قبل أن يكملها بركب المسيرة القرآنية الشريفة حيث ونفسه التقية النقية كانت تعرف أن هناك ما يستحق أن ندنو منه ونرهف أسماعنا له وتخضع له كل حواسنا.. شيء رباني لا يحسه إلا المرهفون الصادقون من تهفو وتتعطش أنفسهم للقرب من الله أكثر.
أبت نفسه إلا أن تبحث عن الحق وتقتفي أثره. وانتقل حينها إلى كعبة المجاهدين صعدة الشموخ؛ صعدة الإباء حيث وجد الحلقة الضائعة التي تربطه بهويته وانتمائه وتقوي علاقته بربه قبل اي شيء. وهناك حيث أعلام الهدى الذين نشروا العدل ونشروا الحق، وجاهدوا لأجل رفع كلمة الله وإزهاق ما دون ذلك.
درس الشهيد دورات ثقافية وعسكرية وفيها اكتسب المعارف والمهارات، وعاد لأهله بعد عام ونيف، وقد بنيت نفسه على مبدأ سليم واكتسب مفاهيم جديدة دينية منطقية ،حينها قام برفع شعار الصرخة في صلاة الجمعة وهو شامخ كأسد لا يهاب أحداً ..
وفي معركة عمران أنطلق هذا الأسد ليلبي نداء الله حيث ثار الحق ضد الباطل ،ومن بعد النصر المؤزر انتقل إلى العاصمة صنعاء، ثم انتقل ليشارك في معارك وأحداث الجنوب وأبين والجوف، وحدث إن أصيب بطلقة نارية في رأسه وكانت حالته طارئة لكن عزمه على مواصلة الجهاد لم يوهن فبمجرد ما أن تماثل قليلاً للشفاء؛ هب ليعود مجدداً ليجاهد في سبيل الله. وزار أهله في تلك الفترة كي يطمئنوا عليه .
وكان الجميع يحترمه لرفعة أخلاقه وتواضعه وحكمته وحسن معشره.. وكذلك كان يعكس أخلاقه بين زملائه المجاهدين بل أن ذاك الإيمان الذي يغمر قلبه كان حافزًا للبطولات التي أحرزها والمواقف الجليلة التي خلفها في كل جبهة يطأها برجليه. تنقل في جبهات عديدة وترك فيها بصمات بطولية لا تنمحي. منها الساحل الغربي، مأرب، الجوف، ميدي، نهم، عسير، الربوعة، صعدة ونجران التي حمل فيها راية النصر.
شارك في معركة حجور وكان ممن أخمدوا تلك الفتنة وعلموا المنافقين الدروس البليغة. كان استشعاره للمسؤولية أمام الله هو الدافع الرئيسي للدفاع عن وطنه وعن أهله وعن مقدرات أرضه..وكانت تلك المجازر البشعة والدماء التي تسيل بغزارة ظلم وعدوان تحرك فيه المناقب الأصيلة وتحفزه على محاربة الظلم بروح جهادية مؤمنة بنصر من الله.
شارك أبو الحسنين في عملية “نصر من الله” التي رفعت رأس كل يمني حر شامخ؛ بل ورفعت رأس كل محب للحق والخير والعدل في العالم كله. أنها عملية الأسود في قلعة نجران والتي كان ثمنها دماء الشهداء الأطهار الذين أنبتت دماءهم كرامة.
وشرفاً ونصراً عزيزاً من الله. كانت العملية في المرحلة الثانية قد أسميت ب “ابو الحسنين ” نسبة لأسمه حيث كان له مواقف بطولية عظيمة تستحق أن تُكتب بماء الذهب ،والتي بات اليوم يناقش تكتيكاتها المبهرة العالم بأكمله.
وهذه العملية قد صنعت ما يعد ضرباً من الخيال، حيث تم أسر وقتل العدو، وتمريغ أنوفهم في الوحل. وتم أيضاً تحرير مئات الكيلومترات من أيدي المرتزقة وأربابهم. حينها امتلأت رئة هذا النمر شموخاً بهذه الانتصارات وسكنت نفسه وصعدت روحه.
محلقة في السماء. التحقت بباريها بعد أن أطمأنت بالنصر الذي أهدانا إياه الله ببركة دماء المجاهدين الشهداء الكرماء أمثاله الذين بذلوا أرواحهم ومهجهم ودماءهم الزكية لرفع راية النصر ورحلوا عنا. رحلوا أجساداً وأرواحهم لا زالت تنشر عبير النصر وتنثر فرحة التحرير لقلوبنا. فاز محمد بنعيم أبدي. فاز بالحُسْنَيَين بالنصر من الله وبالشهادة. عاش اللحظتين وحلقت روحه في أمان وسلام عند قدير مقتدر حيث رضي الله له أن يكون.
قال جل شأنه *{وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ} (البقرة-154)صدق الله العظيم.*

قد يعجبك ايضا