التمسك بوسطية الإسلام..سلاح الأمة في مواجهة الإرهاب

إن من نعمة الله على هذه الأمة وتشريفه لها أن جعلها أما وسطا◌ٍ خيارا عدولا فقال: وكذلك جعلناكم أمة وسطا” فهي خير أمة أخرجت للناس وصفها المولى بذلك وشهد لها بذلك ثم اصطفى الله سبحانه وتعالى رسلا◌ٍ من خيارها وأرشدنا إلى التوسط في كل الأمور فالوسطية هي البعد عن الافراط والتفريط¡ فالإفراط والتفريط ميل عن الجادة القويمة وكلاهما شر ومذموم والخيار هو الوسط من طرفي الأمر أي التوسط بينهما لذلك جاء الإسلام ورسول الإسلام بهذا الدين الحنيف الوسطي وأرشدنا إلى ذلك وكان صلى الله عليه وسلم ما خير أمرين الا اختار أوسطهما ما لم يكن إثما◌ٍ أو قطيعة رحم لذلك من خصائص الوسطية التي دعا إليها الإسلام:
أولا◌ٍ: التوازن بين حقوق الروح وحقوق الجسد¡ فوسطية الإسلام منهج بين الحقين حق الروح وحق الجسد وهو مبدأ أساس من التفكير الإسلامي انطلاقا◌ٍ من الاعتقاد بالله تعالى خلق الإنسان من جسد وروح وجعله كيانا◌ٍ واحدا مترابطا◌ٍ فلكل من الجسد والروح حاجات لابد منها وعلى الإنسان أن يوازن بينهما بحيث لا يدع الحاجات الروحية تطغى على الحاجات المادية أو العكس “وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا”¡ وفي الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه أنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم أنا أصلي الليل أبدا◌ٍ وقال الثاني إني أصوم الدهر ولا أفطر وقال الثالث إني أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا◌ٍ فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: أما والله فإني أخشاكم لله وأتقاكم له ولكن أصوم وأفرط وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني”¡ يفهم من ذلك أن الإسلام يوازن بين حقوق الدنيا وحقوق الآخرة فالدين الإسلامي لا يحرم على أتباعه الزينة وغيرها مما يتحلى بها الإنسان كما لا يحرم التمتع بالطيبات من أنواع المستلذات من المأكولات والمشروبات والفواكه التي تدخل في كلمة الرزق “قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق” لكن الإسلام وضع حدودا◌ٍ للتمتع الجسماني من طيبات هذه الدنيا وملذاتها ونعيمها لخلق نوع من التوازن والاعتدال ولكي لا يتجاوز الإنسان في هذه المباحات فينغمس في الشهوات ويرتكب في سبيلها أعمالا◌ٍ تضر بنفسه وبمجتمعه وتحول دون رقية وتقدمه.
2- اليسر ورفع الحرج في العبادة والتكاليف: واليسر من أخلاق القرآن الكريم وقد وردت في مواطن كثيرة منه وهو ما يوحي بتقدير القرآن لهذه الفضيلة الأخلاقية فالمؤمن إنسان سهل لين يرجح جانب السهولة واللين على جانب الشدة والعنف “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” فالله سبحانه وتعالى جعل دينه سهلا ميسورا معتدلا◌ٍ وسطا رحمة بالناس وفضلا◌ٍ عليهم ويتضح ذلك من قوله تعالى “لا يكلف الله نفسا◌ٍ إلا وسعها” كما يسر عليهم قراءة القرآن ويسر حفظه ويسر فهمه “ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر” والرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين عرف رسالته قال “بعثت بالحنيفية السمحة فهي حنيفية سمحة من التكيف والأحكام خصها الله بالسماحة والسهولة واليسر لأنه أرادها رسالة للناس كافة والأقطار جميعا ورسالة هذا شأنها في العموم والخلود لا بد أن يجعل الله في ثناياها من التيسير والتخفيف ما يلائم اختلاف الناس في كل العصور والأجيال والبقاع ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم “إن الدين يسر ولن يشاء الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة ومشي من الدلجة”.
3- السماحة مع المخالفين في الرأي: وأريد بالتسامح أن يكون بداخل كل منا السماحة للمخالفين في الدين من غير المسلمين¡ والسماحة هنا المراد بها رفع التبعية والمؤاخذة الكاملة المكره المضطر الذي ليس له اختيار فيما فعل من عمل أثيم أو تصرف ذميم فالإسلام لا يرى في اختلاف الجماعات البشرية من حيث اللون والعرق واللغة.
والمعتقد ما يفوق دون التعايش والتقارب والتسامح “وجعلناكم شعوبا◌ٍ وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير” التعارف بين الناس هو بداية الطريق نحو تآلفهم وتعاونهم واختلاف الجنس واللون والعقيدة لا يجوز أن يؤدي إلى الخلاف في الرأي أو الفكر أو فساد ما بين الناس من علاقات وهو ما يعرف بالتسامح .
● عضو بعثة الأزهر الشريف
بالجمهورية اليمنية

قد يعجبك ايضا