نجحت وساطة السياسي الأعلى في تحقيق ما فشلت فيه القوانين والأنظمة السابقة

أبناء الجميمة وصوير يودعون 70 عاماً من الاقتتال والثأر

الثورة /
بعد أكثر من سبعين سنة من الاقتتال والثأر والحرب بين مديريتي الجميمة بمحافظة حجة وصوير بمحافظة عمران، وقّع الخصوم أمس في العاصمة صنعاء، صلحا قبليا شاملا وكاملا، لإنهاء الاقتتال والوقوف صفا واحدا لمواجهة العدو الخارجي الذي يتربص بالوطن.
وخلال الصلح الذي حضره عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، ووزير الدولة الشيخ نبيه أبو نشطان رئيس لجنة الوساطة، وقع أبناء القبيلتين وثيقة تقضي بإنهاء ما يقارب 30 قضية حرب ونزاعات، راح ضحيتها نحو 150 قتيلا وأكثر من 1000 جريح من الطرفين، على مدى سنوات الاقتتال.

وجاء الصلح ثمرة لجهود مكثفة ومسؤولة بذلها محافظا حجة القاضي هلال الصوفي، وعمران الدكتور فيصل جعمان، من خلال المتابعة والإشراف على تقريب جميع الأطراف عبر لجنة الوساطة التي اشتملت على أعضاء من المحافظتين برئاسة أبو نشطان، وتنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.
وقال عضو المجلس السياسي محمد الحوثي في تغريدة له على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»: «الحمد لله، الصلح الذي أنهى النزاع بين أبناء مديرية الجميمة بمحافظة حجة وأبناء مديرية صوير بمحافظة عمران، أغلق ملفا له أكثر من 50 عاما من الحروب»، مضيفاً: «وللعلم عدد القتلى بين الطرفين 150 مقتولا، وعدد الجرحى 1000 جريح تقريبا».
وكان عضو المجلس السياسي الأعلى قد ثمّن موقف الجميع في إصلاح ذات البين، وتأكيدهم أن الوطن أغلى وأهم من أي شيء، وأضاف «اتفقنا على أن نحافظ جميعا على حدود الجمهورية اليمنية، لذلك نقول لدول العدوان ستفشلون في محاولاتكم جعل القبائل تقتتل على الحدود في ما بينها“، مشيرا إلى أن القبيلة لن تكون إلا في صف الدفاع عن الوطن، وإذا كان أبناء القبائل يتقاتلون من أجل حدود قبيلتهم، فإنهم سيقدمون دماءهم ويستشهدون من أجل وطنهم”.
وخلال سنوات الاقتتال، فشل النظام اليمني في إنهاء الثأر والحرب بين القبيلتين، بل عمل مسؤولون في الدولة آنذاك على تغذيته وحاول كل طرف في السلطة كسب القضية لصالحه، ما جعل القبيلتين ترزحان في ظلام الحرب والعداوة طيلة العقود الماضية.
وقدّم الحوثي رسالة إلى قوى العدوان ومرتزقتها قائلا: «نتمنى أن ترى كواليس السلام النور، لكن لا يعني ذلك أن خيار الحرب سيجدي معكم، جربتم خمس سنوات ولم تستطيعوا أن تحققوا شيئا، فالسلام هو الطريق الوحيد الذي تستطيعون ونستطيع من خلاله حقن الدماء“.
وتأتي هذه الرسالة في الوقت الذي يتعرض فيه اليمن لعدوان غاشم من قبل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات بمساندة أمريكية، وانقسام داخلي ارتمت على إثره بعض القوى في صف العدوان الذي عاد إلى تفكيكها والانتقام منها من خلال تغذية الخلافات الفئوية والطائية والعنصرية والمناطقية، بعد فشله في تحقيق أي اختراق للقوى الوطنية.
وأضاف محمد الحوثي «ستجدوننا باستمرار في حل هذه القضايا مع مشائخ اليمن وعقلائه ومسئوليه وأحراره ممن ينبض فيهم الدم والغيرة على وطنهم ويرفضون أن يكونوا جزءاً من معادلة الدمار التي يشنها العدوان على اليمن”، مؤكدا «اليوم نقف بعزة وصلابة إلى جانب الكثير من المشائخ ومسئولي المحافظتين، ومنهم الشيخ نبيه أبو نشطان باعتباره رئيس اللجنة في هذه القضية التي تم الصلح فيها“.
لقد شكلت القوانين اليمنية المتعلقة بهذا الشأن عائقا كبيرا أمام حل النزاعات المجتمعية والقبلية، لأنها – وبحسب ما أشار إليها الباحثون – تعالت على القيم المجتمعية والعادات والتقاليد اليمنية التي هي بمثابة التراث اللامادي المكون للتشريعات الموافقة لطبائع المجتمع اليمني، فالقانون اليمني لم يكن امتدادا لهذه التشريعات بل تجاوزها، وهو مستنسخ من القانون المصري الذي هو في الأصل مستنسخ من القانون الفرنسي.
على عكس ذلك، نجحت وساطات المجلس السياسي الأعلى خلال السنوات الماضية في حل الكثير من قضايا الثأر والخلافات القبلية لأنها نبعت من صميم المجتمع وتناسبت مع طبائع أبنائه، باعتبار المجتمع اليمني مجتمعا قبليا تشكل العادات والتقاليد أهم دساتيره التي باتت تعرف بشرع «القبيلة».
في إطار هذا، بذل المحافظان وأعضاء مجلسي النواب والشورى والسلطة المحلية في عمران وحجة جهودا كبيرة لاحتواء النزاع وفقا لأعراف القبيلة اليمنية الممتدة منذ آلاف السنين، ما جعل مشائخ مديريتي الجميمة وصوير وأبناء المديريتين يعبرون عن موقف شجاع وصل بهم إلى حل القضية.
«ويعكس حل النزاع حالة وعي أبناء المديريتين بأن الوطن أغلى وأن التضحية من أجله هو الخيار الوحيد، وأنهم لن يقبلوا إطلاقا أن يكونوا جزءا من العدوان بالاقتتال فيما بينهم» كما قال الحوثي في حديثه لأبناء القبيلتين، مضيفا: «إن من يتحرك في مثل هذه القضايا في هذا الوقت تحديدا نعتبره يداً من أيدي العدوان الخفية، ومن يقف من أجل المصالحة مع إخوانه ويطبق المثل “أنا عدو ابن عمي وعدو من يعاديه “ نحن سنتخطى كل الحدود، ونتجاوز التحديات».
جدير بالذكر، أن تركيز دول الخليج والولايات المتحدة على أن تكون اليمن دولة فدرالية من ستة أقاليم لم يكن له من هدف سوى أن يغذي هذا التقسيم قضايا الثأر والاقتتال الداخلي سواء على الحدود الداخلية للإقليم أو المجاورة للأقاليم الأخرى، بحيث تكون اليمن ساحة للاقتتال الداخلي ومسرحا لتنفيذ المؤامرات الخارجية التي كانت قد وصلت آثارها إلى فندق شيراتون في صنعاء.

قد يعجبك ايضا