السجون الاحتياطية.. الصورة رمادية



الأمراض المعدية تفتك بالبعض.. والسبب الازدحام الشديد للسجناء

> ‮تحذيرات من استمرار الجمع بين مسجونين على ذمة جرائم جسيمة وآخرين على ذمة جْنح بسيطة

> ‮لا يوجد إصلاحيات مركزية تحتوي كل الأقسام لتوزيع السجناء بحسب جرائمهم

■ تقول شكوى أحد السجناء في سجن احتياطي أن قضيته معلقة منذ ثلاث سنوات وهو يرزح داخل السجن ولم يتم البت فيها.. ومثله كثيرون يعيشون أوضاعاٍ مأساوية داخل السجون الاحتياطية في ظل ازدحام شديد كما يقعون فريسة للأمراض المعدية.
وتتضاعف معاناتهم من خلال حقوق لا يحصلون عليها بشكل طبيعي حسب ما يقول مسجونون التقتهم كاتبة التحقيق ووثقت شكاويهم.. تفاصيل أكثر في سياق التحقيق التالي:

شكاوى السجناء
> عارف الأديمي الذي مر على سجن أخيه ما يقارب 15 يوماٍ بسبب شجار بسيط مع ابن عمه وأدى إلى حدوث شجار عنيف بينهما يقول: لم يتم البت في قضيته حتى الآن بالرغم من أن عمه قدم الشكوى ولم يتابع القضية ولا توجد أي تقارير طبية تدل على حدوث أضرار جسيمة تؤيد استمرار حبسه إضافة إلى أننا لا ندري أي جهة قامت بإيقافه حتى اللحظة أو من أمر بحبسه وقال حاولنا تقديم الشكوى ورفعها إلى النائب العام ولم يكن موجوداٍ وتم تسليمها إلى المحامي الأول في مكتبه إلا أنه تم تحويلها إلى إدارة السجون ويبقى الحال على ما هو عليه.
بينما جميلة السيد الذي يمكث ابنها زنزانة السجن الاحتياطي منذ شهر تقريباٍ تقول:
طلب مني توفير ضمانة للإفراج عن ولدي أحمد وقد تابعت جاهدة بعد الضمانة لاستكمالها حتى يتم الإفراج عنه لكن لم يتم توقيعها حتى الآن بل يتم استغلالي المادي من قبل بعض موظفي النيابة على انه سيتم توقيعها وها أنا على نفس الطريق كل يوم حتى احصل على التوقيع دون فائدة.
توفر الضمانات
عدنان الجرادي مسؤول الضمانات في نيابة غرب الأمانة أكد أن عدم الإفراج عن المسجونين سببه عدم توفر شروط الضمانات بالكامل والنيابة لا تخوض في إجراءات الإفراج عنهم إلا باستكمال هذه الضمانات ولا يمكننا تحويلها إلى وكيل النيابة للاطلاع عليها إلا بالشروط كاملة حتى لا يقع العبء علينا إذا ما تم استكمالها.
وارجع قضية الازدحامات الحاصلة في السجون الاحتياطية إلى إدارة مصلحة السجون كونها المسؤولة أولاٍ وأخيراٍ عن توفير سجون كافية والفصل بين المساجين لأنه بالفعل هناك سجناء يعانون من أمراض معدية بإمكانها أن تحمل العدوى لبقية المساجين وكذلك عدم توفر المكان المناسب لهم داخل السجن.
احصائيات
وفي تقرير سنوي احصائي لعام 2012م فقد بلغ إجمالي السجناء الاحتياطيين حسب الوضع القانوني في السجون المركزية بالمحافظات «6301» بنسبة بلغت 56.7% من اجمالي السجناء المودعين في السجون المركزية منهم 6112 ذكوراٍ وعدد 189 اناثاٍ بنسبة بلغت 17% وبلغ اجمالي السجناء الاحتياطيين اليمنيين «5782» بنسبة بلغت 52% منهم 5629 ذكوراٍ و153 اناثاٍ أما السجناء الاحتياطيين من الجنسيات العربية حسب الوضع القانوني في السجون المركزية بالمحافظات فقد بلغ عددهم 127 بنسبة بلغت 1.1 من إجمالي السجنان المودعين في السجون المركزية منهم 117 ذكوراٍ و10 إناث وبالنسبة للسجناء الاحتياطيين الأجانب فقد بلغ عددهم 392 بنسبة بلغت 3.5% من إجمالي السجناء المودعين في السجون المركزية منهم 366 ذكوراٍ بنسبة بلغت 3.3% وعدد 26 اناثاٍ بنسبة بلغت 0.2% .
البحث عن الحقيقة
> محمود قائد علي مساعد في محكمة غرب الأمانة يوضح أن النيابة مسؤوليتها تجديد الحبس لـ سبعة أيام لكن هناك سجناء موقوفين بالفعل ولا ندري أي جهة تأمر بتوقيفهم هل القسم أم النيابة في السجون الاحتياطية التابعة للنيابة إضافة إلى أن البعض قد حصلوا على الضمانات الكافية لإخراجهم ومنهم من تم الحكم لهم بالبراءة ولم يتم الإفراج عنهم أيضاٍ.
وأفاد بأنه لا يوجد سوى أربعة سجون احتياطية في العاصمة وكل سجن ينقسم إلى ثمانية عنابر وهذا لا يكفي على الإطلاق ما يسبب الإزدحامات الشديدة وهكذا في حالة البحث المضنية عن الحقيقة يبقى السجين داخل قوقعته إلى حين ميسرة دون البت في قضيته ولأن القضايا لا تنتهي فإن هناك من يدخل السجن كل يوم فيتسبب السجن بالاكتظاظ الخانق للمحبوسين بداخله لذلك كل شيء متوقع أن يحدث سواء أمراض معدية أو مهاترات ما بين السجناء أو المناوبات التي تحدث بينهم أثناء النوم لأن السراير لا تكفي للعدد المخصص عليه.
الخلط بين المجرمين
> يؤكد أحمد عبيد المحامي أن ازدحام السجون في اليمن مشكلة رئيسية يعاني منها السجناء حيث أن كل سجن به نزلاء أكثر من طاقته الاستيعابية بثلاثة أضعاف وهذا ما أكده رئيس مصلحة السجون وهذا الازدحام حد قوله يسبب الكثير من المشكلات منها انتشار الأمراض المعدية بين السجناء عدم توفير الغذاء والدواء اللازم لكل السجناء كذلك يتم الجمع بين المحبوسين احتياطياٍ والمحكوم عليهم وهذا يتم في السجون المركزية وسبب الازدحام الحاصل في السجون حالياٍ كما يتم الجمع بين السجناء المحبوسين على ذمة جرائم كبيرة وخطيرة مع السجناء الذين عليهم جنح فقط وكذلك مع من لم يبلغوا سن المساءلة الجزائية الكاملة.
مضيفاٍ: إن هذا يعتبر خطراٍ جسيماٍ يجعل من السجن مدرسة لتعلم فنون الإجرام بدلاٍ من أن يكون للإصلاح والتهذيب والتقويم إلى السلوك الحسن وتتفاقم المشكلة من شهر إلى شهر ومن عام إلى عام بسبب غياب الرؤية لدى الجهات المعنية لوضع المعالجات الجدية التي تخفف من ذلك الازدحام الذي حط من إنسانية الواطي المسجون وأهدرت بسببه كل حقوقه المكفولة شرعاٍ وقانوناٍ كما نصت على ذلك المادة (5) من قانون تنظيم السجون والتي نصت بالآتي: «يهدف نشاط المصلحة إلى ضمان إعادة تربية المسجونين وغرس روح حب العمل والتقيد بالقوانين لديهم ولا يجوز إلحاق الضرر المادي والمعنوي بالمسجونين أثناء تنفيذهم للعقوبة في السجن.
إلزام القانون
ويتابع المحامي أحمد عبيد بالقول: أما العقبات التي نواجهها فكثيرة جداٍ منها صعوبة الانفراد بالموكل السجين وخاصة من هو سجين بسبب قضايا سياسية فهذا ربما يمنع عنه الالتقاء بمحاميه.
وحول المعالجات يقول عبيد: تكمن هذه المعالجات في جوانب عدة منها ما هو قانوني ومتعلق بالقضاء ومنها ما هو متعلق بوزارة الداخلية ومصلحة السجون أما ما يتعلق بجانب القضاء فهناك جرائم حدد القانون لها الحبس أو الغرامة فإن كان المتهم ليس من ذوي السوابق فيكتفى بالحكم عليه في الحق العام بالغرامة بدلاٍ من الحبس .. كذلك أعطى القانون الحق للقاضي وقف تنفيذ العقوبة بمعنى الحكم بالحبس لكن مع وقف التنفيذ وهذا يجب تطبيقه على المتهمين الذين ليس لهم سوابق كذلك المحكوم عليهم بالحق الخاص بمبالغ مالية وديات وغيرها وهم معسرون وقد انتهت محكوميتهم الخاصة بمدة الحبس يجب على الدولة الدفع عنهم واخراجهم من السجون أو البحث عن تمويل لدفع المبالغ المحكوم بها على أولئك المعسرين كذلك الاستعجال في محاكمة المتهمين المسجونين والتعجيل في نظر قضاياهم وقد أوجب القانون ذلك بالإضافة إلى الإفراج فوراٍ عن المسجونين دون محاكمة هذا جزء مما يتعلق بالحلول في جانبها القضائي.
أين هي الحقوق
أما ما يتعلق ببعض الحلول في جانبها الأمني يقول المحامي أحمد عبيد فمنها وجوب بناء إصلاحيات مركزية تحتوي على كل الأقسام التي تفصل بين السجناء على تفاوت جرائمهم وأعمارهم وخطورتهم وكذلك توفير الغذاء اللازم والكافي والعلاج والفراش والملبس لكل السجناء وفصل من لديهم أمراض معدية في جناح خاص بهم حتى يتم الحفاظ على صحة بقية السجناء أيضاٍ الفصل بين السجناء المحكوم عليهم وبين السجناء الذين هم قيد المحاكمة .. لافتاٍ إلى أن التعامل مع كل السجناء من الجهة القائمة والمشرفة على السجون بطرق حضارية وإنسانية تحفظ للسجين كرامته كإنسان هو المهم وكذا إيجاد الوسائل التي تجعل من السجن مدرسة ومعهد تقني يتعلم داخله كل سجين العمل الوسائل التي تجعل من السجن مدرسة معهد تقني يتعلم داخله كل سجين العمل التقني أو العلم الذي يفيده في المستقبل لا أن تجعله كما هو حاصل الآن (حظيرة أغنام تهدر فيه أبسط حقوق الإنسان).
عدم تطبيق المعايير
ومن جهته أفاد راجح سعدان مدير إدارة البلاغات والشكاوي بوزارة حقوق الإنسان أن أكثر الشكاوى الواصلة إليهم هي تأخر مرحلة رهن التحقيق من خلال أولياء السجناء أو عن طريق السجين نفسه أثناء نزولنا الميداني إليهم وقد عملنا مراراٍ وتكراراٍ للتخاطب مع الجهات المعنية ووزارة الداخلية فيما يتعلق بالتقصير أو التجاوزات التي تحدث داخل السجون ولكن للأسف”إذن من طين وأذن من عجين”.!!
مضيفاٍ أن هناك كثيراٍ من المشاكل والقضايا التي تحدث داخل السجون الاحتياطية على الرغم من أنها تعتبر فترة رهن التحقيق ليس إلا لكن هناك سجناء منذ ثلاث سنوات لا أحد يهتم لأمرهم وهذا يترتب عليه معاناة كبيرة للسجناء وانتهاك لحقوقهم في ظل عدم تطبيق المعايير الدولية في السجون الاحتياطية أن هناك البعض من مدراء السجون يقومون بابتزاز السجناء وأهاليهم بحجة أنهم يقدمون الراحة للسجين في وقت وجدنا فيه أن السجون الاحتياطية تزدحم أضعافاٍ مضاعفة بزيادة كبيرة على قدرتها الاستيعابية من ناحية عدد المساجين.
لا سجون احتياطية
في المحافظات
إلى جانب ذلك يشير سعدان إلى المعاملات غير الإنسانية التي يقدم عليها بعض العاملين في السجون الاحتياطية وقد تم في الفترة الأخيرة إحالة عدد 3 من العاملين إلى التحقيق وإيقافهم عن العمل بسبب الاعتداءات التي حدثت على السجناء مبيناٍ أنه لا توجد في المحافظات وهذا يترتب عليه انحرافات أخلاقية ومشاكل جمة يمكن أن يقع فيها المتهم رهن التحقيق بسبب الاحتكاك المباشر مع المجرمين الذي تم البت في قضاياهم وإصدار الأحكام الخاصة بهم.
ويطالب النيابة بسرعة البت في القضايا خاصة وأن هناك قضايا غير جسيمة وتفعيل مبدأ الإفراج بالضمان للحد من الازدحامات التي يترتب عليها الكثير من السلبيات خاصة وأن القانون وضح الإفراج الوجوبي للقضايا غير الجسيمة.
إلى متى¿
للأسف هناك معاناة كبيرة حاولنا البحث عن أسبابها في إدارة السجون والنيابات ومصلحة السجون إلا أن الأمر لم يكن ضمن اهتماماتهم كما لمسنا من زياراتنا لمصلحة السجون والتي وصلت إلى أكثر من خمس مرات لكن لم نجد سوى التسويف والوعود بالتحدث إلينا وشرح الأسباب والحديث عن المعالجات ويبقى السؤال إلى متى ستبقى السجون الاحتياطية مصدراٍ لمعاناة السجناء¿

قد يعجبك ايضا