بقيق .. العمود الفقري للاقتصاد السعودي يُصاب بالشلل وصادرات النفط تنخفض إلى النصف

مصفاة بقيق عالجت نحو 1.85 مليار برميل نفطي خام في 2018م

> عبد الباري عطوان : كم ستنخفض أسهم أرامكو بعد هذه الهجمات ومن سيشتريها؟

الثورة /
حقل بقيق من أقدم حُقول النّفط في السعودية والعالم، تم اكتشافه عام 1940، وتصِل طاقته الإنتاجيّة إلى حواليّ 7 ملايين برميل يوميًّا، ويضُم إلى جانب شقيقه خريص، مصفاتين لتكرير النّفط، ومُعالجة حواليّ 70 بالمئة من إنتاج شركة أرامكو، ويُقدّر حجم احتياطاته النفطيّة حواليّ 22 مليار برميل.
الهجوم الذي نفذته عشر طائرات مسيرة للجيش واللجان الشعبية واستهدف منشآت حقل بقيق وخريص ، يعد الهُجوم الثالث على مُنشآتٍ نفطيّةٍ تابعةٍ لشركة أرامكو العِملاقة خلال أربعة أشهر ، الأوّل كان مُنتصف شهر أيّار (مايو)، واستهدف بسبع طائرات مُسيّرة ثلاث مضخّات في خط أنبوب النفط العِملاق شرق غرب، والثاني حقل نفط الشيبة العِملاق، ويُنتج حواليّ نِصف مليون برميل يوميًّا بتاريخ 17 آب (أغسطس) الماضي، علاوةً على هُجوم فجر أمس السبت الذي يحتَل المرتبة الثالثة والأهم حتّى الآن في هذه السّلسلة.
عطوان يتساءل
قال الكاتب عبدالباري عطوان أن أنصار الله يفرِضون قواعد اشتباك جديدة ويُكرّسونها، والرسالة التي أرادت تأكيدها مُجدَّدًا من خلال هجمات بقيق وخريص يقول مضمونها “نحن نستطيع أن نضرب في أيّ مكان في العُمق السعودي حتى تُدرك القِيادة السعوديّة أنّ قتل المزيد من اليمنيين لن يجعلهم يركعون”، مثلما جاء في أحدث بياناتهم اليوم.
وأضاف عطوان في كلمته الافتتاحية بصحيفة «رأي اليوم» الإلكترونية : عربات الدفاع المدني السعودي ربّما نجحت في السيطرة على الحريق الضّخم الذي شَبَّ في المصافي ومعمل البتروكيماويّات في بقيق وخريص، ولكنّ سُحب الدخان الكثيفة النّاجمة عنه، ما زالت تُغطّي سماء المِنطقة، وتُخفي ولو مُؤقَّتًا العديد من الأسئلة المُتعلّقة بمُستقبل الصّراع وتطوّراته، ليس في اليمن فقط وإنّما في المِنطقةِ بأسرِها.
وتساءل عطوان في ختام مقاله : من سيشتري أسهم شركة أرامكو العِملاقة التي تجري الاستعدادات لطرحها في الأسواق العالميّة للبيع في ظِل استمرار هذه الهجَمات وبهذه القوّة؟ وحتى إذا جرى طرحها، كم ستنخفض قيمتها؟ أليسَ توقيت هذه الهجَمات مع تسارع إجراءات الطّرح يُوحِي بالكثير؟ نترُك الأمر لفهمكم، فشُيوخ كُهوف صعدة ومُستشاروهم ليسوا أغبياء مثلما يعتقد خُصومهم خطأً.
توقف تصدير النفط
قالت وكالة «رويترز» إن الهجوم على منشأتي أرامكو «أثر على إنتاج وتصدير النفط». ونقلت الوكالة عن ثلاثة مصادر ، وصفتها بالمطلعة ، أن الهجوم أثر على إنتاج 5 ملايين برميل يومياً من النفط، تمثل نحو نصف الإنتاج الإجمالي للبلاد، والبالغ نحو 10 ملايين برميل يومياً.
ويأتي هذا التطورات عقب الهجوم الكبير الذي نفذته عشر طائرات مسيرة يمنية فجر امس السبت على منشآت حقل بقيق وخريص السعوديان شرق السعودية.
أكبر عملية هجومية
العميد يحيى سريع، المتحدث باسم الجيش اليمني ، أعلن أمس السبت إن الهجوم تم باستخدام 10 طائرات مسيرة، وأدى إلى إحداث أضرار كبيرة في المنشآت المستهدفة، مشيراً إلى أنها «أكبر عملية تنفذها الطائرات المسيرة اليمنية داخل السعودية ، وقد أتت بعد رصد دقيق وتعاون مع شرفاء في داخل السعودية».
وتوعد العميد سريع الرياض بشن مزيد من الهجمات، مبيناً أن «بنك أهداف الهجمات في السعودية يتسع، بفضل المعلومات الاستخباراتية الدقيقة وتعاون الشرفاء داخل المملكة».
ونقلت وكالة «واس» السعودية الرسمية عن المتحدث الأمني بوزارة الداخلية أنه عند الساعة الرابعة من صباح أمس السبت (14 سبتمبر الحالي)، باشرت فرق الأمن الصناعي بشركة أرامكو بإطفاء حريقين في معملين تابعين للشركة بمحافظة بقيق وهجرة خريص نتيجة استهدافهما بطائرات من دون طيار (درون)، وأمكنت السيطرة على الحريقين والحد من انتشارهما، وقد باشرت الجهات المختصة التحقيق في ذلك.
وكان مغردون سعوديون تداولوا، في ساعات الفجر الأولى، مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر حرائق هائلة في معامل بقيق التابعة لأرامكو.
كما علق بدر العساكر، مدير مكتب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على الهجوم قائلاً: «اللهم نستودعك وطننا وأهله، أمنه وأمانه، ليله ونهاره، أرضه وسماءه .. ربِّ اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، #بقيق».
بقيق ..أضخم محطة نفطية
وتعد منشأة «بقيق» النفطية التابعة لشركة «أرامكو» السعودية منشأة ضخمة جداً؛ حيث عالجت نحو 1.85 مليار برميل من النفط الخام عام 2018 (5.150 ملايين برميل في اليوم)، وتبعد نحو 75 كم جنوب مدينة الدمام، وتُعد من المدن الهامة بالمنطقة، متوسطة الطريق بين الدمام والأحساء شرقي المملكة.
وفي معرض ذلك، قالت شركة «أرامكو» بتقرير لها أوردته صحيفة الرياض المحلية في يونيو الماضي: إن «منشأة بقيق تعد أكبر منشأة لمعالجة النفط في الشركة، عالجت حوالي 50% من إنتاج الشركة من النفط الخام للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2018».
وأضافت: «تعد بقيق المركز الرئيس لمعالجة النفط الخام العربي الخفيف والخفيف جداً، بطاقة إنتاجية تزيد عن 7 ملايين برميل في اليوم، وتنفذ فيها ثلاثة أعمال معالجة رئيسية تشمل معالجة النفط الخام، ومعالجة سوائل الغاز الطبيعي، ومعمل المنافع المساندة»، مبينة أن تلك المعامل «تفرض موثوقيتها وكفاءة عملياتها كأحد الرواد العالميين في مجال معالجة المواد الهيدروكربونية».
ولـ«بقيق» دور محوري في أعمال «أرامكو» اليومية، بوصفها أكبر مرفق لمعالجة الزيت وتركيز النفط الخام في العالم أيضاً؛ حيث تتلقى مرافق النفط في بقيق النفط الخام المركب من معامل فرز الغاز من النفط لتعالجه وتحوله إلى نفط خام، ثم تنقله إلى رأس تنورة والجبيل على الساحل الشرقي، وإلى مدينة ينبع على الساحل الغربي، وترسل الغاز المنبعث كمنتجات ثانوية من الخزانات شبه الكروية وأعمدة التركيز كجزء من عملية التحويل، إلى مرافق سوائل الغاز الطبيعي في بقيق لإخضاعها لعمليات معالجة إضافية، وفق الصحيفة.
وكشفت «أرامكو» عن أن الاحتياطات زادت في حقل بقيق بأكثر من 13.5 مرة من عام 1944 عندما بدأ الإنتاج في الحقل إلى 2018، فيما بلغت نسبة استبدال النفط الخام العضوي ومكثفات الاحتياطيات بناءً على احتياطيات المملكة 104% على أساس متوسط مدته ثلاث سنوات من 2016 إلى 2018.
وتمثل معامل «بقيق» أهمية دولية لسوق الطاقة العالمية، فهي بالإضافة إلى ذلك ، تربط االسعودية بالبحرين عبر خط أنابيب النفط الخام الذي جُدد مؤخراً بسعة قصوى تصل إلى 350 ألف برميل يومياً، وبطول يبلغ 110 كم تشمل ثلاثة أجزاء، جزء بري سعودي بطول 42 كم، وآخر بحريني بطول 28 كم، بالإضافة إلى جزء بحري تحت الماء بطول 42 كم، ويربط بين معامل «بقيق» السعودية ومصفاة «باكو» البحرينية.
ويلبي خط أنبوب النفط الجديد احتياجات البحرين المتزايدة من النفط، إذ لم يعد يفي بالحاجة خط الأنابيب القديم الذي أُنشئ عام 1945، ويضخ 220 ألف برميل لمصفاة البحرين التي تعد غير كافية في ظل زيادة طاقة المعالجة في مصفاة سترة البالغة 267 ألف برميل يومياً.
ويمتد الخط الجديد عبر مناطق جديدة في السعودية جنوب منطقة الظهران الغنية بالنفط، مروراً بميناء الجزائر في المنطقة الجنوبية بالبحرين، بحسب المصدر نفسه.
وتمثل معامل «بقيق» الشريان في خط أنابيب الشرق والغرب التابع لـ «أرامكو»، والذي يؤدي دوراً حاسماً في ربط منشآت إنتاج النفط في المنطقة الشرقية وينبع على الساحل الغربي، وتوفير المرونة للتصدير من الساحل الشرقي والغربي للمملكة.
وفي سياق متصل، تضم منطقة هجرة خريص «حقل خريص» الذي يعتبر أكبر مشروع بترول بالعالم حيث يقدر إنتاجه بـ1.2 مليون برميل يومياً من الزيت العربي الخفيف.
وتقع خريص بين مدينة الهفوف والعاصمة الرياض، وتعد تابعة إدارياً للمنطقة الشرقية محافظة الأحساء تحديداً، وهي من أقصر الطرق بين الهفوف والرياض، وفيها بعض حقول النفط المهمة.
و«أرامكو» شركة النفط السعودية تعمل في مجالات البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والأعمال المتعلقة بها من تنقيب وإنتاج وتكرير وتوزيع وشحن وتسويق، وهي شركة عالمية متكاملة، أُسست عام 1933، وأُمِّمت عام 1988، يقع مقرها الرئيسي في مدينة الظهران.
بقيق الاستهداف الثالث
هجوم أمس السبت هو الاستهداف الثالث من قبل الجيش اليمني على منشآت أرامكو النفطية بطائرات مسيرة خلال الشهور الأربعة الماضية.
وكانت الطائرات اليمنية المسيرة نفذت ، في 17 أغسطس الماضي، «أكبر عملية» منذ بداية العدوان الذي تقوده السعودية في اليمن، واستهدفوا بـ 10 طائرات مسيرة مفخخة حقل نفط ومصفاة غاز «الشيبة» التابعة لأرامكو في المنطقة الشرقية بالمملكة.
وأكّد وزير الطاقة السعودي حينها خالد الفالح أن «استهداف المنشآت الحيوية في السعودية لا يستهدف المملكة وحدها بل إمدادات الطاقة للعالم أيضاً، ما يشكل تهديداً للاقتصاد العالمي».
وفي 15 مايو الماضي، اعترفت السلطات السعودية إن طائرات مسيرة مسلحة هاجمت محطتي «عفيف» و«الدوادمي» بمنطقة الرياض لضخ نفط أرامكو، لكنها زعمت الإمدادات لم تتوقف .

قد يعجبك ايضا