تحالف يزيد وكربلاء اليمن!

 

عبد العزيز البغدادي
استمرارية الثورة ضد الظلم والاستبداد والفساد هي المعنى الدائم والخالد لثورة الإمام الحسين رضوان الله عليه ومقاومته لنزعة التسلط والجبروت وهو ما أعطاها هذا البعد الإنساني والعالمي الذي أخذ في التجذر والاتساع لدى جميع الأديان والمذاهب والأفكار، وألّبَ ضدّها رموز الفساد والاستبداد في كل زمان وكل مكان.
معركة الشر ضد الخير ومقاومة الأحرار لمكائد الأشرار والمستبدين على الدوام معنى من معاني هذه الثورة وإلا فما الذي جمع بين حكام آل سعود وآل نهيان وآل خليفة وسواهم من أدوات الاستبداد ومحترفي الظلم وبين الكيان الصهيوني الذي يمثل في عصرنا حجر الرحى لكل مستبد وظالمٍ وفاسد، وهم أبرز من ينسجون المؤامرات والمكائد على مستوى العالم ويمتصون خيرات الشعوب ويسلبون سيادتها بواسطة حكام صُنعوا بكل خبث ومكر ودهاء وتم المحافظة على بقائهم شوكة في خاصرة كل شعب وإلباسهم لبوساً تتلاءم والمتغيرات التي يجري التحكم بها وتوجيهها وفق آليات وخطط تتجدد وتتبدل تماماً كالحرباء!
نعم أدوات الاستبداد والظلم والعدوان تجددت وتلونت إلى أن وصلت إلى مرحلة النظر إلى القتل والابادة والترويع وفق المصالح المتوحشة كمشروع استثماري !
إنها النسخة المحدَّثة لتحالف (يزيد) الذي هيأ بكل هذا الحقد والمكر والدهاء للعدوان المفتوح الذي يشنه على اليمن بصورة مباشرة وعنيفة منذ 2015 /3/ 26 وأعدّ له منذ أمدٍ يصعب تحديده بالضبط ولكننا نرى أن محطته الأخيرة بدأت مع بداية تنصيب الحكام المستهترين بمسؤولياتهم والذين لا اخلاق لهم بل وبينهم وبين مكارم الأخلاق عداءٌ واضح، وقد عملوا بهمة ونشاط على نشر الفساد وتمكين الفاسدين من مفاصل الحكم ولأن الفساد واليزيدية سلوك ومسمى وليست أسماء ما يزال حالهم باقياً وسلوكهم مستمراً ببجاحة !
وتحالف يزيد لانقصد به الأشخاص ولا المتناسلين منهم عضوياً وإن تعمد النظام الفاسد امتلاك السلطة وتوريثها وتقسيمها على اللصوص والمرتزقة، ولكن المقصود ورثة الفساد والاستبداد والظلم ومعتنقي عقيدته، هؤلاء هم تحالف يزيد المعاصر، والساحة اليمنية كل الساحة اليمنية هي مجال ما تقوم به هذه النسخة من سفكٍ للدماء وهتك للأعراض ونهب للممتلكات وتدميرٍ وخراب وفساد متنوع الأشكال والألوان وحصار شامل غير مسبوق في أكثر حقب التأريخ همجية
نعم ساحة اليمن مثال صارخ لكربلاء العصر وإن وجدت أمثلة أخرى لكنها ليست على هذا المستوى من الوقاحة والسفور !
والانسان الحصيف والواعي المتجرد من العقد والأحقاد والأحكام المؤدلجة يدرك هذه الحقيقة بدون منشطات تعينه على الفهم جيداً بأن الإنسانية لم يعد بالإمكان تقسيم النظرة إليها وتوزيع حصص التعاطف مع معاناتها بحسب عرق الضحايا أو لونهم أو طوائفهم أو مناطقهم، الطفل هو الطفل في صعدة وتعز وصنعاء والحديدة وحضرموت وعدن بل وكل بقاع الأرض، الإنسان هو الإنسان وما أحوجه إلى أن يواكب بوعيه وسلوكه مقاومة أساليب وخطط حلف يزيد العصر!
وطالما كان للظلمة والمفسدين في الأرض تحالف على هذا المستوى من المكر والخبث والدهاء لابد للمستضعفين أن يجعلوا من محور المقاومة حلفاً قوياً قادراً متنامياً يلتفون حوله ويدعمونه ويعززون من مكانته في النفوس ، ومما يفخر به اليوم ما أحرزه حزب الله في لبنان من انتصارات ضد الكيان الصهيوني في 2000و 2006 وفي وسط لبناني متعدد تتجاذبه الأهواء والأطماع والمصالح بالأصالة أو بالوكالة وبين هؤلاء من هَواه ضد وطنه ولا يتردد عن المجاهرة بما يهواه رغم علمه بعدم مشروعيته وكأنه حقٌ من حقوقه أو كما يقال صارت الخيانة وجهة نظر ، وما حققته حركة أنصار الله وإلى جانبها كل أحرار اليمن من مقاومة صار مضرب الأمثال ضد تحالف يزيدي ضم حوالي عشرين دولة يسنده القرار المستلب لهيئة الأمم المتحدة بكل منظماتها وبخاصة مجلس الأمن وما يسمى بالجامعة العربية ، وهو تحالف يعتبر بكل سخف وعدم مسؤولية أن الحاكم الفاسد الجاهل ومن والاه هو عنوان الشرعية التي يجوز من أجلها قتل الشعب اليمني ومحاصرته وهو مالك الشرعية ومصدرها كما تقول الدساتير والمواثيق والنظم !
وأما إيران فرغم كل ما أثبتته من كفاءة علمية وسياسية وعسكرية رادعة في الدفاع عن سيادتها والوقوف في وجه المخططات التي تحاك ضدها فإننا نرى العرب وهم من أريد لهم أن يكونوا رأس حربة في تمويل هذه المخططات ورغم معرفة إيران بهذا الدور وصبرها إدراكاً لأهمية الحفاظ على حسن الجوار فإننا نحن العرب مصرون على التعامي عن دورها في مقاومة المخططات الصهيوأمريكية الغربية وتجاهل كون التحالف معها حاجة ضرورية وملحة للحفاظ على الأمن القومي العربي وليس العكس كما يتوهم البعض أو يتجاهل ويبدو أن التجاهل والتوهم قد تحول إلى دور وظيفي يدار لخدمة عدو الجميع في الإقليم !!.
ومما يضع أكثر من علامة استفهام حول الدور العربي المخزي أن منظمة الوحدة الافريقية مثلاً في مواجهة ثورة الشعب السوداني وقفت على النقيض من موقف الجامعة العربية من ثورة الشعب اليمني وفي التآمر على سوريا وفي الثورة الليبية والتآمر على العراق وفي مواراة الثورة المصرية وعدم الدعوة للتحقيق في جرائم النظام في فظ اعتصام رابعة ، هذه هي الجامعة التي يطلق عليها شعبياً ( الجامعة العبرية) وقفت وتقف دائماً مع الأنظمة الفاسدة وضد الشعوب أما منظمة الوحدة الافريقية فقد علقت عضوية السودان حين استولى المجلس العسكري على السلطة ووقفت ضد انتهاكاته و جرائمه في فظ الاعتصام ومحاولاته الاحتفاظ بالسلطة وفي اليوم الثاني لتشكيل الحكومة السودانية المدنية أعادت للسودان عضويته الكاملة فأين ثرى الجامعة العبرية من ثريا منظمة الوحدة الافريقية ؟!
الظلم اليزيدي منهج وممارسة، والمقاومة الحسينية صدق وفداء وبذل وعطاء وعدم استسلام أو مساومة ونبذٌ للفساد والفاسدين وعدم تهاون معهم باسم السياسة والحصافة والشراكة الوطنية ووحدة الجبهة الداخلية، أي جبهة داخلية تقبل المحاصصة مع الفاسدين ؟!
هذا السلوك بالتأكيد ضد ثورة الحسين وقيمه ومبادئه وضد مبادئ وقيم الإمام علي كرّم الله وجهه !الالتزام بالمبدأ إذاً هو سر الألق والديمومة لثورة وسلوك ومبادئ ثورة الامام الحسين رضوان الله عليه؛ ونبذ سلوك يزيد وسعيه للسلطة بأي ثمن ؟! وهو ما يحتم التفريق بين القاتل مدفوعاً بشره التسلط والفساد وبين المقتول ظلماً وعدواناً وفجوراً وتجبراً واستهتاراً بالدماء؟
كلّما أوغلوا في الدماء
تجذّر هذا الإباء
عانق الصبح أحلامنا
تغذ ينابيع فجرٍ جديد
سيصحو قريباً قريباً .

قد يعجبك ايضا