الجنوب.. بين فكي الأطماع وجور الاحتلال

سعاد الشامي
عدن هي المدينة الهادئة ، ثغر اليمن الباسم ، السمراء الفاتنة، الجذابة بسواحلها الذهبية، والمثيرة بثرواتها البحرية ، والمغرية بموقعها الإستراتيجي، هي تلك المدينة التي تحول بريقها إلى بؤرة أطماع يجذب ضوؤها أحلام الغزاة الذين عقدوا العزم على احتلالها ونهب ثرواتها واستعباد أهلها ؛ هي الجنوب والجنوب كله عدن عزهم بعزها وهوانهم بهوانها .
ربما لم تتوقع عدن كمينا محكما كهذا يسلبها حريتها، ولم تكن تدري أي فخ نصب لها ليوقعها في جحيم الذل والهوان والقتل والدمار، فلقد أوهمها الغزاة أنهم تطوعوا لمساعدتها ؛ لذلك صمت آذان أبنائها وغلفت قلوبهم عن الإصغاء لكل صرخات الإنذار التي كانت تلوح لهم بخطر الوقوع في مهاوي هذا الاحتلال!
عدن التي عجزت أن تتنفس نسائم الحرية بعد أن تلوث هواؤها بغبار العبودية واستخف الإماراتيون والسعوديون برجالها فجعلوهم أدوات استعمالية لتمرير مصالحهم الاستعمارية وحولوها إلى مسرح للجريمة وساحة للعصابات التخريبية والجماعات الفوضوية، ومرتع لقوى الإرهاب الداعشية وملجأ لكل الخلايا الارتزاقية، بعد أن هاجت على رمالها ريح الخضوع التي تقاذفت كرامة المواطن الجنوبي وأوردتها موارد الحتف والهلاك.
كانت قد تجلت أهداف قوى العدوان في الجنوب من خلال ميناء عدن الراكد بعنوة الرغبة في تدمير الاقتصاد ، وجزيرة سقطرة المحتجزة بقانون السطو والنهب، وسكاكين الذبح التي تتربص بالأهالي القتل والفناء ، والمعتقلات السرية التي يشرف عليها ضباط إماراتيون من غلظة الاكباد وذوي الأفئدة المتعطشة إلى الفاحشة والإجرام يلقون خلف قضبانها كل ناشط سياسي حر أو إعلامي وطني ثائر أو عالم دين تقي يعارض فكرهم الاحتلالي ويدعو إلى وجوب التحرر ، والمشاهد المؤلمة لفتيات يمنيات يداهم شرفهن ذئاب بشرية محملة بأحاسيس وحشية ليتم خطفهن واغتصابهن وإخفاؤهن في فنادق جعلوها وكراً لفسادهم وعشاً لحقارتهم ودناءتهم.
ولكن ها هو الجنوب اليوم يدخل فصلاً جديداً من فصول الاحتلال ينفذه من يفترض أن يحميه ووفق مخطط قذر من دول العدوان وتحت مسميات وهمية شبيهة بتلك الشرعية المزعومة التي فضحت حقيقتها الأحداث الأخيرة، فلا شرعية للمحتل إلا شرعية القتل المتعمد والدمار الممنهج، والأمن المفقود والاعدامات الوحشية والاغتيالات اليومية، والمداهمات الليلية والتفجيرات اليومية والتهجيرات القسرية والتصفيات الفئوية ، ولا سلطة لمجلس يدعي الانتقال إلى مرحلة التحرر ويتغنى بحب الجنوب ومازال الإماراتي يقوده كما تقاد الحمير.
لا شك أن نار الاحتلال لفحت بلهيبها بشرة عدن السمراء فاسودت أيامها وأوشكت أحلامها على التفحم ولمست ثراها بلهيبها المستعر، وهربت عصافير السلام من على أشجارها المتهالكة، وخلفها الغربان تنعق فوق الخرائب، ولكن لابد أن تشرق شمس الحرية وتثمر شجرة الكرامة وذلك باستئصال بذور الارتزاق واجتثاث جذور الاحتلال بصواعد رجال أحرار منهجيتهم في حب اليمن “ثورة مستمرة وكفاح لا يتوقف”.

قد يعجبك ايضا