مصاريف العيد

 

احمد ماجد الجمال

تشهد جميع الأسواق بما فيها مراكز التسوق كثافة عالية وفي مواسم متتالية وفترات متقاربة خلال العام، وأبرز هذه المواسم هي في شهر رمضان المبارك فعيد الفطر ثم عيد الأضحى المبارك وبداية السنة الدراسية، فخلال فترة أربعة أشهر يواجه أرباب الأسر غالباً ضغوطاً وأعباء كبيرة من شأنها التأثير سلباً على دخل الأسرة لعدة أشهر وإرهاق في عدم الوفاء بالالتزامات.
كل ذلك أمام الأسر تواجه بسببه ممراً إجبارياً من حين لآخر، تجتمع فيها مثل هذه المناسبات، التي تتطلب إنفاقاً ماليا غير اعتيادي عدا عن النفقات المعيشية المعتادة، وهنا تبرز إشكالية تتعلق باختلال التوازن بين الدخل والإنفاق .
جرت العادة على شراء متطلبات إضافية، على سبيل المثال في الأعياد الجميع يتمسك بعادة شراء ملابس جديدة لأغلب أفراد الأسرة سواء كانوا في حاجة إليها أم لا ولكن مذاق وفرحة ملابس العيد شيء آخر ومختلف, إضافة إلى الأضحية ء يهتم بها الكثيرون كما أن الحلويات والمكسرات والمشروبات والزيارات المتبادلة والعيدية للأطفال والأهل والأصدقاء وغيرها متطلبات معتادة وأساسية في العيد.
ومع موسم العيد في مثل هذه الأيام وفي ظل تراجع مستوى القدرة الشرائية وتدهور مستوى معيشة الشريحة العريضة من أفراد المجتمع والتآكل المتسارع لدخله يوما بعد آخر حيث تعيش نسبة كبيرة من الأسر الفقيرة والمتوسطة صعوبات اقتصادية ومالية فاقمها الحرب والعدوان التي تعيشها البلاد إذ أن نفقات العيد ومستلزماته تعتبر مكلفة ولا تتناسب مع ما وصل إليه أرباب هذه الأسر من فقدان الدخول نتيجة توقف المرتبات خاصة دخول المعتمدين على الرواتب والأجور أو هبوط دخول صغار التجار والمهنيين والحرفيين والمتقاعدين الذين تراجعت دخولهم بمقدار كبير جدا فيما فقد موظفو القطاع الخاص أيضا الكثير من المزايا لذا أصبح تحمل أي نفقات إضافية خلال العيد يعتبر عبئاً ,ورغم قساوة ذلك كله إلا أن الحرص على الاحتفال بالمناسبات خاصة الدينية منها وإقامة الشعائر بشكل يليق بهذه المناسبة العظيمة أمر لا بد منه إذ لا يسير عيد إلا بتوفير الحد الأدنى من تلك المطالب للاحتفال بها.
ومع كل تلك التحديات يأتي مفهوم الترشيد وضبط التصرفات المالية الحتمية إلى الحد الضروري لتلبية متطلبات هذه المناسبة وتنظيم المصروفات بشكل يسمح للتخطيط الجيد وتحديد الأولويات ,وترتيبها بوضع المهم ثم الأقل أهمية للخروج بنتائج متوازنة تحقق الكفاية المالية السليمة ,بعيدا عن التقليد والمفاخرة لكبح جماح الاستهلاك غير المتزن هو ما يفضي إلى حد كبير للاستقرار المالي للأسرة، ولا يمكن تحسين القدرة المالية لشخص يسير على نمط استهلاكي معين إلا من خلال إعادة ترتيب أولوياته وتعديل سلوكه الاستهلاكي، فالإصلاح يبدأ من الداخل أولاً, وبما أن الإنفاق المتوازن هو الذي يعتمد علي مبدأ المفاضلة والترجيح بين تغطية الحاجات وتحقيق الكفاية والإشباع وانجاز الأهم فالأهم حتى لا تمثل أعباء إضافية وإن تم العمل به حسب الإمكانات ومراعاة ذلك يصبح من الممكن تجنب جزء كبير من الضغوط المادية في العيد .
*باحث في وزارة المالية

قد يعجبك ايضا