من عدن الى الدمام!

حميد رزق

الخميس الاول من شهر اغسطس 2019م في ساعات الصباح الأولى سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية في اليمن تنفذ عملية مشتركة باتجاه تجمع عسكري تابع لدول التحالف السعودي الاماراتي اثناء تنفيذ عرض عسكري في مدينة عدن وكانت الحصيلة سقوط عشرات القتلى والجرحى بينهم قيادات عسكرية وأمنية وثمة تكتم كبير لاحتمال وجود ضباط اماراتيين بين المصابين.
بعد أقل من ساعتين على العملية السابقة أعلن متحدث القوات المسلحة ان القوة الصاروخية في اليمن اطلقت ولأول مرة صاروخا بالستيا طويل المدى باتجاه هدف عسكري هام في مدينة الدمام بالعمق السعودي.
الاستهداف المتزامن لمعسكر الجلاء في عدن وأحد الاهداف العسكرية في الدمام دليل اقتدار وأن الجبهة العسكرية اليمنية تعيش افضل حالاتها ولديها مخزون من السلاح الاستراتيجي ما يجعلها تنفذ اكثر من عملية كبيرة في وقت واحد . كما انها دليل اضافي ان قرار اليمن مستقل ففي الوقت الذي نشهد توافدا خليجياً نحو طهران يتخذ اليمن قراره المستقل باستهداف دول التحالف السعودي الامريكي بعمليات نوعية واستراتيجية.
قصف معسكر الجلاء في عدن خلال عرض عسكري يضم مئات المرتزقة يحمل رسائل عديدة أبرزها :
– رسالة للإمارات مفادها أن سياسة التقرب من إيران لا تعني اليمن في شيء وما تزال الامارات ومرتزقتها في أولوية الأهداف المرصودة عملا بحق الرد حتى تعلن مشيخة الامارات بشكل رسمي وحقيقي الانسحاب من اليمن .
– عملية معسكر الجلاء تحمل رسالة لأدوات الامارات والسعودية مفادها ان استمراركم كأدوات للخارج لن تظل بلا ثمن أو فاتورة قاسية تتكبدونها.
– عملية عدن تحمل رسالة ايجابية للأحرار والشرفاء في الجنوب ان الجيش واللجان الشعبية معكم والى جانبكم وهي دعوة للتحرك والانتفاضة في وجه المحتل وبدء مرحلة الكفاح لطرد الغزاة أسوة بما يجري في محافظة المهرة
– رسالة للسعودية التي تعمل على بناء قاعدة عسكرية في عدن ان جهودها في هذا المجال عبثية ولن تكون قواتها بمأمن في ظل امتلاك اليمن سلاح الجو المسير وفي ظل التطور الحاصل في الصناعة الصاروخية .
عملية الدمام تأتي بعد ثلاثة ايام تقريبا من مجزرة سوق ال ثابت ومن غير المستبعد ان هذه المجزرة كانت سببا في التعجيل باتخاذ قرار الانتقال الى المرحلة الثانية من مراحل الرد الاستراتيجي على التمادي السعودي في العدوان على اليمن
يوجد بمدينة الدمام شيئان رئيسيان، الاول شعب مقهور ومحروم وهم الغالبية من العرب المسلمين الشيعة الذين يمارس بحقهم النظام السعودي انواع التنكيل والارهاب والقمع ، والشيء الاخر النفط والصناعات المتطورة على مستوى المملكة ، ومن الدمام دخلت السعودية عصر النفط بعد اكتشاف اول بئر نفطي في هذه المحافظة عام 1938م الدمام تعد عاصمة المناطق النفطية في شرق السعودية وبإطلالتها على مياه الخليج تعد ابرز الموانئ الحيوية ويوجد في الدمام أهم وأكبر ثلاث مدن صناعية على مستوى المملكة ، بالإضافة الى وجود قرابة 130 مصنعا و160 مصنعاً آخر قيد الانشاء.
من ناحية التوقيت تأتي عملية الدمام بعد زيارة وفد عسكري إماراتي إلى إيران وبعد التراجع الطفيف في حدة التوتر بمنطقة الخليج إثر الجهود الدولية التي تسعى لتهدئة السخونة الحاصلة بين واشنطن وطهران ما يعني ان اليمن يبعث رسالة للعالم ان مياه الخليج لن تنعم بالهدوء ما دام العدوان والحصار مستمرين ، وقضية التواصل الايراني الخليجي لا يعني اليمنيين في شيء طالما بلادهم مستهدفة ومحاصرة .
عملية الدمام تحمل دعوة للنظام السعودي لأخذ رسائل الرد الاستراتيجي على محمل الجد وبالتالي على محمد بن سلمان ان يسارع في مراجعة ورطته في اليمن قبل الذهاب نحو خطوات أبعد وأقوى في مسلسل الرد اليماني المتدرج على العدوان .
عملية الدمام تكشف عن قدرات جديدة ونوعية تمتلكها اليمن في مجال سلاح الصواريخ البالستية البعيدة والاستراتيجية
عملية الدمام رسالة للمجتمع الدولي ان المصالح الاقتصادية للعالم في منطقة الخليج لن تكون في أمان طالما استمر العدوان والحصار السعودي على الشعب اليمني بدعم عسكري وغطاء سياسي أمريكي وغربي
بالخلاصة اليمانيون يصنعون اللحظة التاريخية ويخاطبون العالم أن تبعات الحرب على بلادهم كبيرة وستطال بتداعياتها المصالح العالمية في المنطقة ..

قد يعجبك ايضا