تحركات سياسية وقانونية لإسقاط عضوية النواب الموالين للعدوان ومحاكمتهم (2)

اجتماع سيئون.. الطريق إلى العمالة والخيانة العظمى للوطن

 

الثورة/عبدالقادر عثمان
على الرغم من انغماسهم في متاهات العمالة والارتهان للدول التي شنت حرباً ظالمة على اليمن إلا أن مجلس النواب في صنعاء لا يزال يعطيهم فرصة تلو أخرى للعودة إلى جادة الصواب واستشعار المسؤولية التي باعوها بثمن بخس كما باعوا أنفسهم وحريتهم في سبيل تحقيق أحلام انقطعت السبل إليها وبات الموت أو النفي خيارين لا ثالث لهما سوى العودة إلى صف الوطن.
تبعية وارتهان
تخلى أعضاء اجتماع سيئون عن الشعب الذي أعطاهم مسؤولية تمثيله والتعبير عن مطالبه وآرائه والمطالبة بحقوقه، ثم أصبحوا أدوات بيد التحالف الذي اعتدى على اليمن ومازال – منذ العام 2015م، يسيرون خلف قراراته ويتحركون وفق المسارات التي رسمها لهم وإن كانت، من الناحية الجيوسياسية، تنتهك سيادة البلد وتقود إلى احتلال الأرض وقتل الإنسان.
ومن خلال ذلك، فإنهم بحسب الدستور اليمني قد وقعوا في ما يوجب إسقاط عضويتهم نتيجة ارتكابهم للخيانة العظمى للوطن وفقدهم شروط الاستقامة اللازمة لاستمرارية عضويتهم كما نص الدستور في المادة (84) على سبيل الحصر على موجبات أو أسباب سقوط العضوية التي تعد بمثابة حالات استثناء محددة تتمثل في فقدان أحد شروط العضوية المنصوص عليها في الدستور أو إخلال العضو إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية، وفقاً لما تحدده اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
دعوة أخيرة
في جلسة لمجلس النواب بتاريخ الـ 15 من الشهر الجاري، دعا المجلس أعضاءه المتواجدين خارج الوطن إلى استشعار المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم والنصوص الدستورية والقانونية التي أقسموا بالله عليها تحت قبة البرلمان “بالتمسك بكتابه وسنة رسوله والحفاظ على النظام الجمهوري واحترم الدستور والقانون ورعاية مصالح الشعب اليمني وحرياته والحفاظ على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية”، وكذا دعوتهم إلى العودة إلى العاصمة صنعاء والاستفادة من قرار العفو العام، وحضور جلسات المجلس ومشاركة زملائهم في الداخل بتحمل المسؤولية والهم والمعاناة التي يتعرض لها الشعب من قبل دول العدوان بدلًا من استجداء تلك الدول للسماح لهم بإيجاد مكان لعقد جلسة غير قانونية ولا تمثّل الشعب.
استياء شعبي
هذه الدعوة تأتي بعد استياء شعبي من قبل أبناء الدوائر التي يمثلها أعضاء اجتماع سيئون من موقف نوابهم المؤيد للعدوان ومثلهم كل أبناء اليمن، وفي ندوة بعنوان “اجتماع سيئون.. سقوط عضوية لا تمثيل لشرعية” (نظمها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني في الـ 11 من الشهر الجاري) طالب المشاركون مجلس النواب بإسقاط عضوية كل من حضر الاجتماع وإعلان مقاعدهم شاغرة تنفيذاً لنصوص الدستور خصوصاً المادة (84) منه والمادة (195) من لائحة المجلس الداخلية.
تحرّك مسؤول
يقول الدكتور إسماعيل المحاقري – وزير الشؤون القانونية في حكومة الإنقاذ الوطني :إن “هناك تحركاً جماعياً من قبل عدد كبير من المعنيين بهذا الشأن إلى مجلس النواب لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لأن من الخطأ استمرار السكوت على هذا الموقف”.
ويضيف لـ “الثورة”: “ما قاموا به يمثل إخلالاً جسيماً بواجباتهم الوظيفية وطبقاً للمادة (84) من الدستور تسقط عضويتهم كما أن المادة (64) منه تسقط عضويتهم دون الحاجة إلى أي إجراء من مجلس النواب”.
واستغرب الدكتور المحاقري عدم “قيام مجلس النواب بالخطوات الإجرائية من باب الإحاطة بأن هؤلاء سقطت عضويتهم وإعلانه فقط خلو مقاعدهم ودعوته طبقاً للمادة (85) من الدستور لإجراء انتخابات تكميلية لملء هذه الشواغر”.
ويتفق القانوني والناشط الحقوقي عبدالوهاب الوشلي مع المحاقري في ذلك قائلاً: إن من “الواجب علی مجلس النواب القيام بإجراء إسقاط العضوية، وأما السقوط فقد تحقق فعلاً دون الحاجة إلى قرار من مجلس النواب لأن السقوط يقع بتحقق موجبات السقوط، وهي فقدان أحد شروط العضوية أو الإخلال الجسيم بواجبات العضوية وليس بقرار من مجلس النواب”.
ويضيف الوشلي لـ “الثورة”: “من الواجب على أعضاء البرلمان تقديم طلب الإسقاط وفق لائحة المجلس الداخلية، و نحن لا زلنا ننتظر مواقف المجلس في هذا السياق، وفي حال لم يتحقق ذلك هناك مسارات أخرى يمكن سلوكها وسيتم الإفصاح عنها في حينها”.
قرار مشروط
وبحسب اللائحة الداخلية لمجلس النواب فإن “إسقاط العضوية قرار يشترط وجود حكم قضائي في ذلك قبل البت بإجراء الإسقاط المترتب عليه خلو المقعد وإجراء الانتخابات التكميلية”، وبالتالي فإن خرق الدستور مسألة تعد بمثابة جريمة يترتب عليها جزاء تأديبي يتمثل في سقوط عضوية مجلس النواب، وهي مسألة من اختصاص القضاء.
وفي هذا الشأن يقول الدكتور المحاقري لـ “الثورة” :إن “الخطوة القانونية تشترط أن تكون الخطوة الأولى لمجلس النواب لكن المجلس يختبئ أو يتمحك بالحصانة التي يتمتع بها أعضاؤه، وفي وضعنا الجريمة واضحة وعلنية والأعضاء متلبسون بها والقضاء لا يحتاج إلى أي شيء مما يتعلق بالحصانة ويجب أن يمارس وظائفه في السير بإجراءات المحاكمة لهؤلاء”، وبحسب الوشلي فإن “سقوط عضوية الأعضاء تسقط الحصانة البرلمانية عنهم، ويصبح العضو كأي شخص عادي لا يتمتع بأي حصانة تحول دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة”.
إعدام ومصادرة أموال
وإذا ما تمت المحاكمة فإن المادة (125) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني تنص على أنه: “يعاقب بالإعدام كل من ارتكب فعلاً بقصد المساس باستقلال الجمهورية أو وحدتها أو سلامة أراضيها. ويجوز الحكم بمصادرة كل أو بعض أمواله”، كما أن المادة (126) من القانون نفسه تعاقب بالإعدام ومصادرة أموال كل من تعمد ارتكاب فعل بقصد إضعاف القوات المسلحة، ويعد إفشاء سر من أسرار الدفاع عن البلاد مظهرا من مظاهر إضعاف القوات المسلحة، فيما تعاقب المادة (127) من القانون بنفس العقوبة “اليمني الذي يلتحق بأي وجه بالقوات المسلحة لدولة في حالة حرب مع الجمهورية، ومن أمدّ العدو بالجند أو الأشخاص أو الأموال أو كان له مرشداً”.
و”يعاقب بالإعدام: كل من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز الجمهورية الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي، وكل من سلم دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها بأية صورة وبأية وسيلة أخبار أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسوم أو صور أو غير ذلك مما يكون خاصاً بالمصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام وصدر أمر من الجهة المختصة بحظر نشره أو إذاعته” بحسب ما جاء في المادة (128) من القانون ذاته والتي تضم إلى ذلك أيضاً: “كل من سلم دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو أفشى إليها أو إليه بأية وسيلة سراً من أسرار الدفاع عن البلاد أو توصل بأية طريقة إلى الحصول على سر من هذه الأسرار بقصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها، وكذلك كل من أتلف لمصلحة دولة شيئاً يعتبر من أسرار الدفاع أو جعله غير صالح لأن ينتفع به”.
ما مصيرهم؟
أما المادة (129) من القانون فتعاقب بذات العقوبة “من حرّض أو اشترك في اتفاق جنائي لارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها (أعلاه) أو شرع في ارتكاب أي منها ولو لم يترتب على فعله أثر”، بينما تعفي المادة (130) منه: “كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية قبل البدء في تنفيذ الجريمة ويجوز للمحكمة أن تخفف عقوبة الحبس بما لا يقل عن سنتين كما يجوز للمحكمة أن تعفي المُبْلِغ من العقوبة إذا حصل البلاغ بعد تمام الجريمة وذلك إذا مكن الجاني أثناء التحقيق الابتدائي من القبض على مرتكبي الجريمة الآخرين”، وهذا يعني أن لا مجال لأعضاء برلمان سيئون للعودة بحسب قانون رقم (12) لسنة 1994 بشأن الجرائم والعقوبات للجمهورية اليمنية، باعتبارهم ارتكبوا كل ما تتضمنه المواد المذكورة من جرائم توجب الإعدام ومصادرة الأموال بشكل كلي أو جزئي.
فرصة استثنائية غير قانونية
لكن المحاقري (كمجلس النواب) يضع فرصة أخيرة أمام أعضاء اجتماع سيئون للعودة إلى صف الوطن والاستفادة من قرار العفو العام الذي أطلقه المجلس السياسي الأعلى قبل سنتين واستفاد منه الكثير ممن كانوا في صف العدو وأعلنوا عودتهم إلى الوطن؛ لأنه يرى أن “الوطن أكبر بكثير من أن نقف عند الأحقاد والثأرات وما إلى ذلك” حد قوله.
نتيجة قانونية
كنتيجة قانونية يطالب بها القانونيون والناشطون اليوم، فإن على مجلس النواب أن يصدر قرار خلو مكان الأعضاء لإجراء انتخابات تكميلية على نحو ما نصت عليه المادة (78) من الدستور، باعتبار عضويتهم ساقطة وفقاً للائحة والدستور.
ويعد قرار خلو مكان عضو مجلس النواب في هذه الحالة هو ذاته قرار إسقاط العضوية اللازم لإعلان خلو المقعد واجراء انتخابات التكميل، وليس لسقوط العضوية المترتب حكماً على أساس تحقق أسباب السقوط المتمثلة في فقدان أحد شروط العضوية أو الإخلال الجسيم بواجبات العضوية، وعليه يجب التفريق بين مسألة سقوط العضوية وبين مسألة خلو مكان عضو مجلس النواب التي تحتاج إلى قرار خلو يتعين من تاريخ إعلانه إجراء انتخابات تكميلية خلال 60 يوماً.
أما ما يتعلق بالانتخابات التكميلية، فيقول الوشلي: “يتعين إجراؤها خلال 60 يوماً من تاريخ إعلان قرار خلو مكان العضو، وذلك واجب إن خلا مكان العضو قبل انتهاء مدة المجلس بسنه علی الأقل”.
لكن مجلس النواب الذي يجب أن تجرى انتخاباته – بحسب الدستور – بشكل دوري كل ست سنوات مر على آخر دورة انتخابية أكثر من 16 سنة، وفي هذا يقول الوشلي: إن “أساس شرعية مجلس النواب الآن هي حالة الضرورة لا مدته الدستورية، وفي هذه الحالة القائمة لا يعلم متى تزول حالة الضرورة، ويترجح أن يطول هذا الوضع مما يستوجب اجراء الانتخابات التكميلية”.

قد يعجبك ايضا