فورين بوليسي: دعوات مقاطعة الحج تتزايد بسبب سياسات محمد بن سلمان العدوانية

 

نشر موقع مجلة “فورين بوليسي” مقالا لأحمد تويج تحت عنوان “محمد بن سلمان يدفع المسلمين إلى التوقف عن زيارة مكة”، أكد فيه أن السياسة العدوانية التي يمارسها ولي العهد السعودي واحتقاره لحقوق الإنسان دفعت العلماء المسلمين والحجاج إلى الامتناع عن أداء الحج. وقال في بداية مقالته: إن ولي العهد السعودي حاول تقديم السعودية من خلال رؤية إيجابية وإخفاء السياسات العدوانية المحلية والخارجية عبر القيام بإصلاحات ليبرالية إلا أنها لم تكن كافية لإسكات من يحاولون تسليط الضوء على سياساته وانتهاكاته لحقوق الإنسان. ويقول: إن زيادة عدد القتلى بين المدنيين في اليمن والقتل البشع للصحافي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية باسطنبول والموقف العدواني من إيران جعلت من دول سنية متحالفة مع السعودية لإعادة التفكير في دعمها الثابت لها.
وأشار الكاتب إلى دعوة مفتي ليبيا صادق الغرياني، في نهاية (إبريل) المسلمين مقاطعة الحج وذهب بعيدا عندما قال إن أي شخص يقوم بالحج مرة ثانية “يرتكب إثما وليس عملا صالحا”. والدافع للدعوة هو أن دعم الاقتصاد السعودية من خلال الحج يساعد على زيادة صفقات شراء السلاح والهجمات المباشرة على اليمن، وبطريقة غير مباشرة على السودان وليبيا وسوريا وتونس والجزائر. وقال الغرياني: إن الاستثمار في الحج “يساعد حكام السعودية على ارتكاب جرائم ضد إخواننا المسلمين”.
والغرياني ليس الأول من العلماء البارزين الذي دعا لمقاطعة الحج. ففي العام الماضي أصدر الشيخ المعروف يوسف القرضاوي فتوى دعا فيها المسلمين لإنفاق مال الحج على إطعام المسلمين ومعالجة المرضى وتوفير المأوى. ويقول الكاتب: إن تأثير السعودية لا علاقة له بالسياسة والقدرات العسكرية فقط بل بالعلاقات التاريخية مع الإسلام. فمكة والمدينة هما أقدس الأماكن وفيهما الكعبة وقبر النبي. ولهذا السبب يتجاوز تأثير السعودية العالم العربي لبقية العالم الإسلامي. ويشارك كل عام 2.3 مليون حاج بالإضافة لزيارة الأماكن المقدسة التي لا تتوقف على مدى العام. ونظرا للموقع الديني للسعودية فقد نظرت بقية الدول السنية للمملكة كمصدر للإرشاد. وبعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م أنفقت المملكة ملايين الدولارات على المساجد والمدارس الدينية وصدرت تفسيرها المتشدد للإسلام لأماكن عدة من العالم. وتحاول السعودية ومنذ سنوات تحقيق الهيمنة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن المملكة التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم ظلت تتمتع بدعم أمريكي ومن دول الجوار.

ورغم الأدلة المتزايدة عن تورط العائلة المالكة في القتل “المقصود” لخاشقجي إلا أن الرئيس دونالد ترامب قلل من أهمية التقارير والتقييمات فيما لم يذكر وزير خارجيته مايك بومبيو الموضوع في زيارته الأخيرة للسعودية التي التقى فيها بالملك سلمان. وربما عبرت الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض عن ميل لحرف النظر عن الجريمة لكن المسلمين لم يغفروا. ففي كل الشرق الأوسط والدول ذات الغالبية المسلمة هناك قلق متزايد من جريمة قتل خاشقجي وزيادة الضحايا في اليمن. كل هذا نتيجة للغارات العشوائية التي لا تميز وشنها طيران التحالف بقيادة السعودية. واستهدف المدارس والأسواق والمدارس وبيوت العزاء وحافلات التلاميذ والأعراس ووصفت الحرب بأنها “أكبر كارثة من صنع البشر”.
ويقول: إن نهج السعودية العدواني تجاه اليمن عزلها في داخل التحالف بدرجة عبرت فيه الإمارات عن ضيق من النهج السعودي. وأدت الجرائم السعودية المستمرة للشجب الدولي ودعوات داخل الكونغرس لحظر بيع السلاح للسعودية، فيما حظرت ألمانيا تصدير السلاح منذ (أكتوبر) العام الماضي. وتحركت كل من إيطاليا وسويسرا وأوقفتا بيع السلاح إلى الرياض. وفي لندن أصدرت محكمة قرارا اتهمت فيه الحكومة بالتصرف غير القانوني في صفقات السلاح إلى المملكة. ويشير الكاتب إلى أن الشيعة طالما عبروا عن معارضة لسياسات المملكة. ففي عام 2011م عندما تدخلت السعودية وقمعت انتفاضة الشيعة في البحرين، رد الناشطون العراقيون بالدعوة لمقاطعة البضائع السعودية. وتم تنظيم الاحتجاجات في كل أنحاء العراق شارك فيها رجال الدين والساسة والأكاديميوين على حد سواء. ويقول الكاتب: إن الدعوة اليوم لمقاطعة السعودية لم تعد مقتصرة على الشيعة فهاشتاغ “قاطعوا الحج” انتشر على التويتر وحصل على 16.000 تغريدة. ودعا العلماء السنة حول العالم للمقاطعة. وقال اتحاد الأئمة التونسيين في بيان له (يونيو) إن “الأموال التي تدفع إلى الحج وتحصل عليها السلطات السعودية لا تستخدم في مساعدة فقراء المسلمين حول العالم. وبدلا من ذلك تستخدم لقتل وتشريد المسلمين كما يحصل حاليا في اليمن”. ولأن الحج واحداً من أركان الإسلام الخمسة فالدعوة لمقاطعته تظهر قلقا حادا من السلوك السعودي.
ويرى الكاتب أنه في حالة استمرت هذه الموجة فسيكون موقع السعودي الروحي في العالم الإسلامي في خطر وقد تتضرر اقتصاديا. ويعتبر الحج مهما للاقتصاد السعودي، حيث تجني منه كل عام 12 مليار دولار، وهو ما يشكل نسبة 20% من الناتج القومي العام في القطاع غير النفطي. ومن المتوقع أن يصل إلى 150 مليار دولار بحلول عام 2022م، بناء على الاستثمارات التي تقوم بها الحكومة في الفنادق الفارهة. ويعلق الكاتب أن استثمارات كهذه أدت لزيادة الأرباح ومنع الكثير من الفقراء المسلمين عن الذهاب للحج بسبب كلفة الرحلة. وليست هذه هي المرة الأولى الي يتم فيها الدعوة للمقاطعة أو تسيس فيها رحلة الحج. ففي السنوات الماضية منعت السعودية الحجاج من قطر وإيران من أداء المناسك بسبب التوتر السياسي. كما وأساء السعوديون استخدام حرمة مكة ونشر أيديولوجيتهم السياسية. ففي أثناء خطبة للجمعة في (أكتوبر) العام الماضي قال إمام الحرم المكي عبد الرحمن السديس: إن الطريق للإصلاح والتحديث في هذا البلد المبارك وبرعاية واهتمام المصلح الشاب الطامح والمؤيد من العناية السماوية ولي العهد يواصل انطلاقته إلى الأمام بإرشاد من رؤيته وإبداعه ورغم كل الضغوط الفاشلة والتهديدات، ملمحا إلى أهمية أن لا يسائل أي مسلم النخبة السعودية الحاكمة. وفي محاولة لاستعراض قوتها وحرف الانتباه عن الحرب في اليمن وجريمة مقتل جمال خاشقجي والتركيز على إيران، نظمت السعودية في نهاية (مايو) ثلاث قمم عربية وإسلامية وخليجية في مكة.
وقال الكاتب: إن العراق عارض البيان الختامي للقمة العربية الذي دعا لاستخدام كل الوسائل لمنع إيران من التدخل بالمنطقة ودعم الميليشيات وتهديد الملاحة في منطقة الخليج الفارسی. ويقول: إن تزايد القتلى في اليمن والدعوات لمقاطعة السعودية اقتصاديا ودينيا وسياسيا وليس بيع السلاح تجد الرياض نفسها بدون أصدقاء في الغرب. وفي الوقت نفسه بدأت علاقاتها مع حلفائها في المنطقة بالتصدع. ولو لم ينجح ترامب بالوصول مرة ثانية إلى البيت الأبيض فستجد الرياض نفسها بعدد قليل من الأصدقاء على المسرح الدولي وسيتأثر بالضرورة موقعها كقائدة في العالم العربي والإسلامي.

قد يعجبك ايضا