اختبارات عدم القبول

 

عبدالجبار الحاج

منذ الوهلة الأولى لا يمكن للمرء  العاقل أن يسمي انسداد فرص التعليم الجامعي أو التدريب الفني والمهني بما يستوعب مخرجات التعليم الأساسي والثانوي في صيغته الراهنة ومعايير القبول والرفض إلا بأن ما يحري هو امتحانات عدم القبول لما بعد الأساسي والثانوي. وهي تماما سياسات سد أبواب فرص العيش الكريم لغالبية أبناء الشعب ومنهم  القلة التي تمكنت من الفوز الأسطوري بمقعد دراسي في زحام المتقدمين وغدوا أمام بؤس البطالة الجارف للأغلبية الساحقة.
إذن هي على هذا النحو ينطبق عليها وصف امتحانات عدم القبول في الجامعات والمعاهد والتي لازالت قدراتها الاستيعابية عند حدود الطاقة الاستيعابية التي كانت مطلوبة في السبعينات  كما وكيفا وربما يكون الفارق الكيفي لصالح وضع التعليم الذي كان مرتفعا في السبعينات..
منذ سنوات  عندما كان وظل تقريبا  عدد الطلاب المتقدمين لهذه الكلية وفي كل قسم منها عشرة آلاف طالب ونفس العدد في مختلف  الأقسام منها في حين أن عدد المقاعد المتنافس عليها للفوز بها بما يساوي 100 مقعد لكل عشرة آلاف. طالب وطالبة فإن النتيجة المنطقية الحسابية للاختبار قد قررت طرد 9900 طالب من فرصة التعليم الحكومي شبه المجاني وأقول شبه المجاني ..
بعملية حسابية  بسيطة سيتبقي أمام المتقدمين فقط  مئة مقعد آخر في ما يسمى  بالتعليم الموازي أي التجاري الحكومي ليتقدموا للمنافسة عليه في جولة ثانية  وهنا فإن التعليم الموازي هو حيلة  اخترعها شطار التجارة الحكومية  لشرعنة  خصخصة التعليم بمؤسساته الخاصة و الحكومية  وتنتهي عمليتنا هذه  لتمكين مئة طالب آخر في خانة التعليم الموازي وبالتالي لازال أمامنا من طلاب قسم واحد في كلية الطب  من العشرة الآلاف 9800 خارج أبواب التعليم المغلقة ..
وبعملية حسابية أخرى فإن العشرة آلاف المتقدمين للطب البشري ومثلهم أو اقل في طب الإسنان وربما بنفس الرقم في قسم الصيدلة هؤلاء ليسوا هم مجموع الراغبين في الالتحاق بتخصصات الطب بل هؤلاء هم من انطبق عليهم معيار المعدل العالي المطلوب.. وهنا يبقى أمامنا أضعاف هذه الأرقام بعشرات المرات هم من أصحاب المعدلات ما دون 80 و90 %
لن تنعدم فرص الالتحاق بكليات الطب أمام المقتدرين ماليا في هناجر التعليم الخاص في كل أقسامه……
من بين هؤلاء وأولئك سيجد مئات قليلة فرصة أمام الجامعات الخاصة ولكن هناك من سيرهنون أو يبيعون آخر ما يملكون من اجل تأمين وصول أينائهم إلى المستوى الذي يسمح لهم ويمكنهم من اللحاق بفرص عمل تؤمن لهم سبل العيش وبعضهم من ذوي الأسر من يطمحون إلى فتح المشافي التجارية الخاصة بهم..
نحن نتحدث إذن عن ما بين 9500و 9000/ طالب وطالبة… تبقى أبواب التعليم الجامعي الخاص والعام موصدة أمامهم… ونحن نتحدث عن أرقام مماثلة أمام كل جامعة وفي كل محافظة إذا احتسبناها بموجب الأرقام لفاق مجموع الطلاب المئة ألف هذا العام وهو رقم يتضاعف عاما بعد عام
سنحاول بمقال آخر أن نتناول الموضوع من زاوية أخرى بموجب الأرقام الواردة من سجلات الجامعات والوزارة المختصة..
لكن مشكلات من نوع انسداد فرص التعليم وانسداد فرص العمل بعد التعليم الجامعي لها أسبابها وجذورها المتراكمة التي لا نراها وليدة هذا العام فالمشكلة نتاج سياسات اقتصادية سياسية اجتماعية ونتاج نهج مقصود من قبل حكومات نهبوية فاسدة غرقت واستغرقت جهدها في تلبية طموحاتها المالية والتجارية ما أدى إلى إلغاء واجبات الدولة في التعليم كما في الصحة والسكن وتخلي الدولة عن التزاماتها تجاه مواطنيها في تامين حق العمل وحق السكن وهو ما أدى إلى تراكم هائل وتعطل لمسيرة النماء والتنمية
حل المشكلات المتراكمة والمتفاقمة يتطلب إرادات سياسية جبارة في إعادة رسم خارطة التنمية علي كافة المجالات. ووفق ما تجود به البلاد طبيعة وبشرا وثروة
نحن اليوم بحاجة إلى سياسات جذرية فعلا في التعليم مرتبطة بسياسات تنموية ذات توجهات اقتصادية اجتماعية تعيد النظر في خارطة توزيع ثروات الأرض والمياه وفق معايير.

قد يعجبك ايضا