تأشيرات للترفيه ومنعها عن الحجيج

 

محمد الوجيه

للوهلة الأولى وأنت تقرأ العنوان قد تستغرب أن السعودية تمنح تأشيرات لدخول أراضيها خلال ثلاث دقائق فقط عبر الإنترنت لحضور فعاليات هيئة الترفيه، بينما تمنع منح تأشيراتها لأبناء العالم العربي والإسلامي الذين يريدون زيارة بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة. ولكن سرعان ما يتبدد هذا الاستغراب عندما ندرك بأننا اليوم مع السعودية الجديدة، سعودية سلمان وابنه، سعودية الترفيه.
طبعاً تسييس الحج ورقة قديمة يلعب بها النظام السعودي لتصفية الحسابات السياسية، ومع بداية موسم الحج من كل عام، نجد النظام السعودي يزيد او ينقص من حصص كل دولة فيما يتعلق بمنح التأشيرات لحجيج بيت الله الحرام بحسب الولاء والطاعة للنظام السعودي.
مكة والمدينة ليستا ملكية خاصة بآل سعود، كانت هذه الجملة أحد شعارات المحتجين على استخدام السعودية لملف الحج كورقة ضغط تجاه خصومها السياسيين، في عام 1987 خرج اجتماع وزراء الخارجية العرب في جدة بتوصية لتحديد حصة الدول من الحج بنسبة بلغت 0.001 من سكان البلد.
والسؤال هو: هل التزمت السعودية بذلك؟ طبعاً السعودية لم تلتزم بذلك أبداً، فقد منعت الكثير من أبناء العالم العربي والإسلامي، بل وصل الأمر لأن منعت أبناء بلد بأكمله من زيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، كما عملوا مع أبناء الشعب اليمني، وكذلك مارسوا هذه العنجهية والتسلط مع أبناء فلسطين وسوريا وليبيا والجزائر وتونس وقطر وغيرها من البلدان العربية والإسلامية.
ومع كل هذه الغطرسة السعودية لا ترى ضيراً في منع خصومها من أداء الحج والعمرة، ويشير خطباؤها إلى أن استضافتها للحجيج إحسان إليهم، وليست مجرد قيام بواجب تسيير المناسك التي تجني منها السعودية أموالاً طائلة.
التصرف السعودي هذا دفع دولاً وهيئات خاصة ونقابات الى اتهامها بتسييس الحج وإلحاق الضرر بالأشخاص والدول، إضافة الى أن تسييس الحج لم يقف عند حد المنع والتضييق بل تعداه إلى الخطاب الديني داخل الحرم، واستغلال خطبة أهم يوم لتوجيه الرسائل، كما أطلقت السعودية العنان لإعلامها للنيل من خصومها السياسيين حتى وصل الأمر إلى استغلال الحرمين في تحريض الشعوب على أنظمتها السياسية، سلوكيات السعودية المتراكمة خلفت غضباً عربياً ودولياً وارتفعت الأصوات المنادية بتدويل الحج.
مع استمرار سياسة تسييس الحج، ومنع منح التأشيرات إلا لمن يرضى عنهم ملك الإجرام والتوحش وقاتل الأطفال سلمان بن عبدالعزيز، يكتشف أبناء العالم العربي والإسلامي اليوم أن بإمكانهم حضور فعاليات هيئة الترفيه الغنائية والموسيقية وغيرها من الفعاليات التي تقيمها هيئة الترفيه السعودية برئاسة المستشار في الديوان الملكي تركي آل الشيخ خلال ثلاث دقائق فقط عبر الانترنت، بينما اذا اردت تأشيرة لبلاد الحرمين ولزيارة بيت الله الحرام فهذا قد يتطلب منك أشهراً طويلة، وأموالاً طائلة، وفي الأخير قد تحصل عليها أو يتم الرفض.
حصولك على تأشيرة خلال ثلاث دقائق لحضور الفعاليات الغنائية في جدة حاولت تجربتها بنفسي، وتم تسجيل ذلك بمقطع فيديو لكنه يتم الرفض لأبناء الجنسية اليمنية، فطبقنا الخطوات ذاتها مع زميلة لبنانية، اخترنا حفلة غنائية للمطرب وائل كفوري، ثم حجزنا مقعدنا في الحفلة، وخلال دقائق حصلنا على الموافقة، فعرضنا هذه الحقيقة المُرّة في برنامج مملكة الرمال.
حقائق التاريخ تؤكد حلم سيطرة آل سعود على الأماكن المقدسة، فمنذ بداية الحروب التي مهدت لتأسيس الدولة السعودية، انتبه الملك عبدالعزيز (مؤسس المملكة العربية السعودية) وأمير منطقة نجد آنذاك، إلى أهمية السيطرة على المدينتين المقدستين (مكة والمدينة) لتوسيع النفوذ السياسي والديني لدولته الوليدة، فادعى أن حاكم مكة آنذاك الشريف حسين منع الحجاج القادمين من منطقة نجد من الحج، وأعلن الحرب ضد الحجاز للسيطرة على مكة والمدينة بعد أن حصل على فتوى شرعية من قبل علماء الدين.

قد يعجبك ايضا