حكاية شهيد

 

أشواق دومان

عاش في روسيا حيث درس ، وقد تزوّج روسيّة وله طفلان ، ووضعه المادي مريح ، وهو يعيش في رغد من العيش ، لكنّه اليوم أصبح ليثا ضيغما و مقاتلا شرسا دون أرضه وعرضه ..
إنَّه رجل لم تثنه إغراءات الدّنيا عن الالتحاق بجبهات العزّة و الشّرف والكرامة..
رأى العدوان على بلاده و رأى الظلم و الخبث و اللؤم يُصبّ صبّا على رؤوس أهل بلاده ، فكان رجلا ذا قرار لا يقبل المساومة والمهادنة و المناورة..
كانت زوجته الرّوسية قد أسلمت بعد دعوته لها للإسلام قبل زواجه بها ، وهذا شأن من أنار اللّه بصيرته للهدى و دين الحقّ ..
زوجته الرّوسيّة لم تمنعه من أن يهبّ ليدافع عن أرضه وعرضه ، وهي تعرف أنّ الذّود عن الأرض والعرض شرع و قانون ، تعرف أنّ كلّ قادر على حمل السّلاح يجب أن يقاتل في سبيل اللّه ..
كانت هذه الزّوجة الروسيّة أوعى من منافقات اليمن و المحايدات اللاتي غاب عنهن أنّ في كلّ قوانين دول العالم لو تعرّض الوطن لمحاولة غزو أو احتلال من أي دولة أخرى، فقد وجب على كلّ رجل أن يقاتل دون نقاش وجدال و مطال ، وفي القرآن قبل قوانين الدّول قال الكبير المتعال ( عزّ وجلّ ) :” انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً”، و” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ”، و” فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ” ،وغيرها من آيات اللّه المحرّضة على مواجهة المعتدي ، وهنا أكثر من ثمان عشرة دولة تحالفت على اليمن ، ولازالت المثقّفة المتعلّمة قارئة القرآن اليمنيّة حفيدة بلقيس وأروى لم تعرف الحق من الباطل ، وحين تحادثها عن العدوان تغالط في الكلام، و تفعل كما فعل قوم نوح ؛ فتضع أصابعها في أذينها حتّى لا تسمع بمبرّر أنّ ما يحصل فتنة، فمسلم ( نتنياهو وترامب ) يقتل مسلم ( أحفاد عمار بن ياسر وسعد بن معاذ و…إلخ ) ، تتغابى غافلة العقل ، غلِفة القلب عن تضحيات رجال اللّه، رغم أنّها تذهب لتعزّي جارتها التي استشهد ولدها ، ولكنّ التّعزيّة روتين اجتماعي و( عيب ) لو لم تذهب ، وتتفضّل بالقول لأمّ الشّهيد : ” اللّه يرحمه ” ، هذا لو كانت مرهفة المشاعر ، وإلّا فهي فظّة ، غليظة القلب ستتشدّق قائلة لأمّ الشّهيد : ” ما سار به الجبهة مع الحوثة ، كان عيصلّي على النّبي ، ويجلس عند مرته وجهاله ، جعلَّي مكسر على مرته عاد هي صغيرة ، ورمّل بها ويتّم جهاله ؛ ما كلّفه اللّه لهذا كلّه ؟! ” ، ولنضع خطين تحت : ما كلّفه اللّه ؛ لأنّ قولتها هذه ستحاسب عليها يوم القيامة فقد رفضت و كفرت بما كلّف اللّه الرّجال الذين قال لهم ربّ العالمين : ” انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً ” ودون أعذار وسواء كنتم خفاف المسؤولية ، أو معكم ثقل مسؤوليات ، فالأمر يسبق الخفّة والثّقل فهو أمر صريح : ” انْفِرُواْ ” ، نامت المغفلة عن القرآن ، وزعمت عدم معرفتها به، ولو لغب لسانك وتعب قلبك نقاشا معها لإفهامها آيات دعوة اللّه الرّجال للقتال في سبيله ، فبعد كلّ نقاش تتفضّل بالقول : ” الله يحق الحقّ أينما كان، ويبطل الباطل أينما كان ” !!!!!!..
لازالت عمياء القلب لا تدري أين الحق من الباطل بعد أكثر من أربع سنوات من عدوان كوني على أرضها و عرضها ، بينما قالت الروسيّة حديثة الإسلام لزوجها اليمني : ” افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء اللّه من الصابرين ” ، وفعلا فقد أتى شهيدنا من روسيا متحمّلا عذاب السّفر ، ولم يأتِ وحده هذه المرّة فقد أتى بزوجته الروسيّة و طفليه ؛ ليرى أهلُه زوجته و طفليه ويروهم..
خيّرها .. لكن ليس بين أن تسمح له بالقتال أو لا تسمح ؛ فقد آمنت بما جاء في القرآن، ولا خيار لأي رجل بين اللّه و بين البشر ، لكنّه خيّرها بين أن تبقى بين أهله أو بين أهلها ، أمّا هو فقد اتخذ قراره أن لا مكان له بينهم جميعا ، و نداء الواجب يدعوه وهو الشّاب المرفّه الميسور ، لكنّه الغيور الثّابت على قيم الإيمان والرّجولة ..
عاد ( جمال اليناعي ) بزوجته التي اختارت البقاء عند أهلها ، فأعادها إلى روسيا معزّزة مكرّمة كعزّة مبدئها و ثباتها، وهي حديثة العهد بالقرآن لكنّها حفظته سلوكا وكانت أفضل من أيّ مسلمة ومؤمنة بآيات الصلاة والصيام المنكِرة والجاحدة بآيات القتال..
هجر ( جمال اليناعي ) جمال زوجته الأخّاذ ، وهاجر إلى اللّه و رسوله وعاد إلى اليمن والتحق بجبهات البطولة فقاتل و تنقّل في الجبهات كرارا غير فرار ، و قد صدق عهده فنالها من اللّه منحة و شهادة في سبيله ..
نلتها يا جمال ، وانتصرت الجنة ، وربحت بالتحاقك بها مع أصحابك من رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه ..
نلتها يا شهيد الحريّة ، نلتها ففزت وربّ الكعبة ..
(ّجمال اليناعي ).. مدرسة الرّجولة والبطولة، ومن نوع فريد جدا..
جمال .. هاجرت إلى فردوسك ، ولاشك أنّك زدت تلك الفردوس جمالا ؛ فجمال روحك في قيمك و مبادئك التي لم يفتنها جمال امرأة في الدّنيا، ولا بحبوحة عيش ، و جمال طبيعة في الأرض..
جمال .. أنت سيد الرّجال، ولو كنت مذبذبا شبه رجل، لكانت نفسك حدثتك وثبطَّتك كالخانعين قائلة لك:
” سأبقى في روسيا بين طفلي وزوجتي ، وسأبعث كمشاركة، وإنفاق للجبهات ، ودعما للمجاهدين بالمال “.. لكنّك فضّلت الدّرجة التي يفصل اللّه بها بين القاعدين المتخاذلين المثبطين وبين الرجال الصّادقين..
جمال.. لقد تمثّلت القرآن تمثّلا كاملا فبعت للّه، وقبل الله منك هذا البيع ؛ فهنيئا لك هذا الوسام وهذا الشّرف يا شرف الرّجولة وزين شبابها .

قد يعجبك ايضا