شرعية مجلس النواب الحقيقية.. ومحاولات الشرعنة

 

إبراهيم الحمادي

من أعظم منجزات ومكاسب اليمن التاريخية هي الوحدة اليمنية التي تحققت في العام 1990م التي التحمت فيها جميع المؤسسات الحكومية في الجنوب والشمال تحت مظلة واحدة في عاصمة الوحدة صنعاء، والموضوع الذي سنركز عليه هنا أن نوضح باختصار دور السلطة التشريعية اليمنية قبل الوحدة وما بعدها لما كان لها من دور تشريعي وقانوني فاعل في العديد من الخطوات الوجودية في تاريخ اليمن المعاصر سواء قبل الوحدة أو ما بعد الوحدة.
إن البرلمان اليمني وبرلمانات جميع دول العالم نجد أنها تعمل في إطار الدولة من خلال النقاشات والحوارات وإصدار القوانين التي تعتبر الأسس التشريعية للدولة وبالعودة الى مجلس النواب اليمني الذي تم انتخابه من قبل الشعب وأدى أعضاءه اليمين الدستورية لبناء البلد وحماية مكتسبات وحقوق الشعب اليمني، فقد مارس الحق البرلماني وكان له الدور الفاعل في ترجمة الأهداف الوحدوية ووضع التشريعات التي تستمد منها جميع أجهزة ومرافق الجمهورية اليمنية سلطتها ونفوذها باعتبار تلك القوانين والتشريعات أساس نجاح البلد وسلطاتها وبقاء الوحدة اليمنية.
دستور الجمهورية اليمنية واللائحة الداخلية لمجلس النواب ينصان على أن المقر الرسمي لمجلس النواب هو في العاصمة السياسية صنعاء ، وأن أي اجتماع خارج العاصمة يعد باطلاً وغير دستوري ولا يعمل به بالقانون كونه مخالفاً للدستور واللائحة الداخلية للمجلس، كما نص وحدد الآثار القانونية المترتبة على من يخالف الإعلانات الدستورية واللائحة الداخلية للمجلس في المادة (64) تحديداً في الفقرة (د) والمتمثلة سقوط عضوية من خالفها حكماً دون الحاجة الى صدور قرار سقوطه من مجلس النواب والمتمثل في الأساس القانوني لنص المادة (195) من لائحة مجلس النواب الداخلية، ويبقى على مجلس النواب النظر الى خلو أماكن الأعضاء المخالفين الذين تنطبق عليهم جرائم الخيانة العظمى والتخابر والعمالة مع قوى أجنبية ضد الوطن أو الشرعنة لقوى خارجية بقرارات تمس السيادة الوطنية لليمن، وهو الأمر الذي يشير الى النيابة العامة العمل بمسؤوليتها طبقاً للقانون، وهذه النصوص الدستورية واللوائح الداخلية كانت حتى في ما قبل الوحدة اليمنية.
وهنا تجدر الإشارة الى المخالفة الجسيمة والخيانة العظمى التي قام بها عدد من أعضاء مجلس النواب اليمني في عقد جلسة أولاً: خارج العاصمة صنعاء تحديداً في سيئون في أبريل من العام 2019م ثانياً: تخابر وعمالة لقوى خارجية حيث حضر الاجتماع عدد من أعضاء المجلس المتواجدين في الخارج والمنساقين وراء دول تحالف العدوان بقيادة السعودية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية بمدينة سيئون بمحافظة حضرموت وعددهم (166) عضواً بتنسيق وحماية وتخطيط من قبل قوى أجنبية ودولية معتدية وتشن حرباً سافرة على الشعب اليمني ومقدراته وتحاصره منذ خمسة أعوام، محاولة لإضفاء شرعية على ذلك الاجتماع للعملاء والخونة الذين تآمروا ضد بلدهم لصالح تلك القوى الخارجية، وبدعوة ما وصفوه برئيس الجمهورية اليمنية وهو يعد منتهي ولايته بدايةً من تنحيه عن منصبه ومروراً عند نهاية فترته الانتقالية التي أعدتها الدول الغازية لليمن والمتمثلة بالمبادرة الخليجية في العام 2012م إضافة إلى مخالفته الدستور اليمني بتورطه في جريمة الخيانة العظمى والتخابر والعمالة مع قوى أجنبية ودولية تعتدي على اليمن وشعبه وتحاصره من قوته اليومي وترتكب أبشع الجرائم الإنسانية التي يندى لها الجبين.
انعقاد الأعضاء المحسوبين على البرلمان اليمني يعد مخالفة للدستور ولائحة المجلس الداخلية والمنظمة لعمل المجلس وتكويناته المختلفة، حيث جاءت من رئيس منتهية ولايته، إضافة إلى أن ذلك الاجتماع تزامن مع إجراءات أمنية مشددة تم فيها استدعاء قوات عسكرية من دول تحالف العدوان لإرهاب المواطنين وإيجاد حالة من الذعر في أوساطهم بهدف إدخال قوات دول تحالف العدوان لاحتلال اليمن الاجتماع، ولشرعنة جرائمه ومؤامراته التي تمس بسيادة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، وهو ما يعد مخالفة دستورية تستوجب مسألة من وجه الدعوة ونظم وحضر وأدعى تمثيله للشعب باسم مجلس النواب، حيث أن دستور الجمهورية اليمنية واللائحة الداخلية للمجلس ينصان على أن مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء وأي اجتماع خارج العاصمة باطل وغير دستوري ولا قانوني، الأمر الذي يجعل من الإجراءات التي اتخذت في هذا اللقاء باطلة وغير شرعية وأن الخطوات السليمة لمشاركة هؤلاء الأعضاء لا تتم إلا من خلال دعوة دول تحالف العدوان بقيادة السعودية لفتح مطار صنعاء الدولي لالتحاقهم بزملائهم المتواجدين في المجلس في العاصمة صنعاء الذين يعقدون جلساتهم بانتظام ويمارسون أعمالهم التشريعية والرقابية في ضوء الدستور واللائحة الداخلية المنظمة لأعمال المجلس وتكويناته المختلفة.
وما يرى من مجلس النواب أنه يجب أن يطبق الدستور والقانون واللائحة الداخلية للمجلس على أعضاء المجلس المتواجدين خارج اليمن والذين انساقوا في صف العدوان الذي يرتكب المجازر بحق أبناء اليمن طالت الأطفال والنساء والشيوخ وفي كافة الأماكن التي تشكل مقومات الحياة، وعليه محاسبتهم أولاً بإسقاط عضويتهم في المجلس وإكمال الانتخابات التكميلية لأماكنهم الفارغة، وهو ما يستدعي على النيابة العامة محاسبتهم بتهم التخابر والعمالة لدول العدوان، وشرعنتهم له ليستمر في ارتكاب مجازره الظالمة بحق الشعب اليمني وخيانتهم للقسم الذي أقسموه أمام رئيس المجلس انتهاء بخيانتهم للشعب الذي انتخبهم ليكونوا عند مستوى المسؤولية في الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا في مقدمة كل المصالح والحفاظ على الوحدة والسيادة لليمن، وتمكينهم دخول القوات السعودية إلى وادي حضرموت والذي يعد إنجازاً وحيداً حقّقته الرياض من وراء عمليات التحشيد البرلماني الذي قاده اليها هؤلاء الخونة تحت ستار جلسة فشلت في التوافر على النصاب القانوني، لم تعمل إلا على إدخال السعودية مدينة سيئون رسمياً في دائرة احتلالها لليمن، ما يمثل اختراقاً للائحة الداخلية للمجلس خلال عملية انتخاب رئيس البرلمان وهيئته الرئاسية، وتمرير المرشحين بالتزكية بدلاً من انتخابهم، وهي مخالفة صريحة للمادتين 13 و14 من اللائحة الداخلية للمجلس، التي تنصّ «على انتخاب رئيس ونواب رئيس المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، وتكون عملية الانتخاب سرية، وتجرى الانتخابات في جلسة علنية، على أن يُبدأ أولاً بالإجراءات الخاصة بالترشيح والانتخاب لرئيس المجلس، وتلي ذلك إجراءات انتخاب ثلاثة نواب للرئيس، وتسعة نواب ممن سقطت عضويتهم بسبب شغلهم الوظيفة العامة، بحسب المادة 80 من الدستور اليمني، التي تحرّم الجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية المجلس المحلي أو أي وظيفة عامة، كما هو مطلوب من الاتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة ومندوبها إلى اليمن، بعدم التعامل مع اجتماعات سيئون ونتائجها، أو أي جلسة لأعضاء مجلس النواب المتواجدين خارج اليمن باعتبارها غير دستورية وغير قانونية وباطلة.

قد يعجبك ايضا