السّيد القَائد والمرَاكز الصّيفية والقُرآن الكَريم

مطهر يحيى شرف الدّين
رغم العدوان العالمي الظالم الغاشم على اليمن ، ورغم الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تعصف باليمنيين ورغم الجراح والآلام والمعاناة التي تواجه الشعب اليمني جراء الحصار الجوي والبري والبحري الخانق، ورغم الحملة الإعلامية الدولية الشعواء التي اتضح منها لكثير من شعوب العالم مدى كذب تحالف العدوان ومدى إجرامه وانتهاكاته ، رغم ذلك كله ما زال السيد عبدالملك الحوثي -رضوان الله عليه- يحمل همّ المسؤولية تجاه المجتمع اليمني، وما زال يدرك أهمية بناء العقول وكيف يحافظ الجيل الناشئ على قيمه وثقافته ومبادئه ومواقفه في الحياة ، رغم ذلك كله فإنه يبقى محيطاً ومذكرِّاً بالأخطار المحدقة على الجيل الصاعد من انحرافات وثقافات مغلوطة وأفكار ظلامية هدّامة.
السيد القائد لفت انتباهنا جميعاً في محاضرته يوم الأربعاء الماضي إلى أهمية انعقاد الدورات الصيفية لأبنائنا الطلاب لما لها من أثر كبير في سلوكهم ومواقفهم ووعيهم وثقافتهم ومسيرتهم في هذه الحياة ، كما عزّز السيد القائد فينا الشعور بالمسؤولية الدينية والأخلاقية تجاه أبنائنا بعدم إهمالهم ،وخطورة أن يكونوا فريسةً سهلة لوسائل التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية الماسخة المنحرفة التي تدمرِّ الجيل وتهدم قيمه وتؤثر في نزعته للدين ومكارم الأخلاق وتؤثر بشكلٍ سلبي على ثقافته ونفسيته وشخصيته وتعامله ومواقفه، ومدى تأثير ذلك على البيئة المحيطة بالجيل وكيف يتم مواجهة ذلك بالتثقيف وبالتعليم وبالوعي الذي يجب أن يترسخ في عقولنا وقلوبنا.
إنّ أهم ما طرحه السيد القائد في محاضرته التي تناولت أهمية تعليم الجيل الناشئ من خلال إقامة الدورات الصيفية هو الرجوع إلى أهم المصادر التي تتم بها المعرفة والتثقيف والهدايِّة والنور ،وذلك المصدر هو القرآن الكريم الهبة والمعجزة والهدية العظيمة من الله لعباده، ففيه الآيات المباركات التي تشمل جميع العلوم والمعارف والهداية والنور المبين ،وفيه الكلمات التي لا تنفد ولو نفد البحر لو كان مداداً لكلمات الله ،وفي ذلك يذكرنا السيد القائد بالآيات الكريمات التي لوتدبرناها وتأمّلنا معاينها ودلالاتها لخشعنا وتصدّعنا من خشية الله وعظمته وسعة كلماته قال تعالى ” قُل لَو كَان البَحرُ مِداداً لِكلماتِ ربّي لنَفد البَحر قَبل أنْ تَنفَد كَلماتُ ربّي وَلو جِئنَا بِمثلهِ مدَدا” وقال تعالى “وَلو أنّما فِي الأرضِ مِن شَجرةٍ أقلامٌ والبَحر يمدهُ منْ بعدهِ سَبعةُ أبحرٍ ماَ نفِدت كَلماتُ الله” فما أعظم وأجلّ تلك الآيات الكريمات ، فلو أضيفت بحارٌ أخرى من المداد لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله ، فهل من مدّكر ؟ وهل من مستبصر ؟
ولذلك فإذا لم تتحدث الآيات وكلمات الله التي لا تنتهي عن شؤون حياة الإنسان وما يتصل بها وعن الهداية الحقيقية والبصيرة وعن العلوم والمعارف العظيمة وعن المفاهيم الصحيحة والثقافة الواسعة والنظرة التي تستنير بنور الله فعن ماذا عساها تتحدث، ولذلك كان لثمرة تعلم القرآن الكريم والارتباط به مساحةً مهمة في خطاب السيد القائد وقد أشار إلى أن الارتباط الوثيق بالقرآن الكريم يصل بنا إلى مرحلةٍ أساسية ومهمة للتحرر من التبعية الثقافية والفكرية للقوى الظلامية والخلاص من كل أشكال التبعية لأعدائنا فلا نتأثر بباطل ولا ننخدع بالأفكار الظلامية والثقافة الدخيلة على أجيالنا و مجتمعنا الإسلامي ، وعن مسألة عدم الارتباط بالقرآن الكريم و الابتعاد عنه فقد أبان السيد القائد أن الأمة الإسلامية بابتعادها وإعراضها عن القرآن الكريم فإنها ستعيش في ظل أميّة المفاهيم والأميّة تجاه الوعي وستعيش في ظلماتٍ متراكمة تزيد فيها حالات الفرقة والشتات والتباين و تسودها الثقافات المغلوطة والأفكار والرؤى الكثيرة الخاطئة التي تؤدي إلى مشاكل كثيرة تواجه الأمة الإسلامية ، وبذلك فإنّ الإنسان وبلا شك سيولي اهتمامات دنيوية تبعده عن مهامه الرئيسة في الحياة وتغرقه في تفاصيل شكلية تفتح الأبواب لفئات الضلال لتستهدف أبناء الأمة الإسلامية.
ولذلك يعود السيد القائد في ختام المحاضرة ليؤكد ويحث المجتمع اليمني على الاهتمام بالدورات الصيفية إسهاماً ومشاركةً في العملية التعليمية وأن نحرص على سلامة أبنائنا من تلك المفاهيم الخاطئة والثقافات الدخيلة المضللة ،وضرورة إدراك خطورتها عليهم ،ويؤكد أيضاً حاجتنا جميعاً إلى الهداية والنور والمعرفة الصحيحة التي نستفيد منها في واقعنا العملي لننطلق بها في الحياة بغية الوصول إلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى عنا فنربط بين العلم النافع والمعارف الصحيحة وبين العمل وتحمل المسؤولية ليكون العمل والتطبيق ملازمين للتعليم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا