عبث المراكز الصيفية .. عوداً على بدء

 

حسن الوريث

استنفرت وزارة الشباب والرياضة طاقمها ابتداء من الوزير وصولاً إلى مدراء مكاتب الوزارة في المحافظات وأعلنت كما قالت بدء أنشطة المراكز الصيفية وكعادتها السنوية فقد أحضرت كل وسائل الإعلام لتكون شاهداً على ذلك لتعميد سندات وفواتير الصرف من صندوق رعاية النشء والشباب لموازنة المراكز الصيفية وإلى هنا وكل شيء يسير وفق المخطط الذي رسمته الوزارة.
بالتأكيد وللمزيد من إعطاء الصبغة القانونية للموضوع فقد تم ذلك كله عبر ما تسمى اللجنة العليا للمراكز الصيفية والتي تتكون شكلياً من وزراء ومسؤولين في الحكومة من جهات متعددة وربما تعقد اجتماعاً واحداً في بداية أنشطة المراكز وآخر في نهاية نشاطات تلك المراكز للتصديق على الوثائق التي تقدمها لها وزارة الشباب والرياضة كنفقات لهذه المراكز ،وبالطبع فإن عمل اللجنة روتيني وليس لها أي دور في الميدان بحيث تتأكد من تنفيذ هذه البرامج والأنشطة وأن المراكز حققت أهدافها، وربما أن ما يهم أعضاء اللجنة هو حضور الاجتماع والتوقيع على كشف بدل الجلسة واستلام المبلغ المخصص وترك الباقي على وزارة الشباب والرياضة التي بدورها تستلم حقها وتسلم الراية للجان المحافظات وهكذا كل واحد يستلم حقه ويرمي المسؤولية إلى الذي يليه إلى أن تصل الأمور إلى مسؤولي المراكز الذين يكتفون بالعمل بحسب الموازنة المتبقية لهم بعد خصم حقهم.
جاءت فكرة تنظيم المراكز الصيفية ظاهرياً لشغل أوقات فراغ الشباب والطلاب في العطلة الصيفية وتنمية قدراتهم وتطويرها وتجنيبهم الوقوع في حبائل الإرهاب والتطرف، لكنها لم تحقق أياً من هذه الأهداف النبيلة والسامية بسبب الآليات العتيقة التي تعتمدها الجهات المناوط بها تنفيذ وإقامة هذه المراكز فالآليات والوسائل هي نفسها لم يطرأ عليها أي تغيير رغم الانتقادات التي وجهت لها والملاحظات التي طرحت على المسؤولين على هذه المراكز وعلى الحكومة، وكما يقول المثل “الجمعة الجمعة والخطبة الخطبة” لكن وكأنك تنفخ في قربة مقطوعة فهم يقولون لك تكلم وتحدث كما تريد ونحن نعمل ما نريد وليذهب الشباب إلى الجحيم.
هل هناك من يسمع ويعي أن هذه المراكز لم تحقق أي هدف من أهدافها وعلى مسؤوليتي الشخصية، وبقراءة بسيطة فهناك الكثير من الشباب اجتذبتهم هذه الجماعات الإرهابية والجماعات الإجرامية وهناك الكثير من الشباب لم يتم تأهيلهم وتدريبهم والكثير من المبدعين يتم تعقيدهم وعرقلتهم ولم يجدوا أي رعاية أو اهتمام بل على العكس يجري نهبهم على الملأ من قبل البعض، لكنك مهما قلت وتحدثت فلن يتم الإنصات لك لان لجنة المراكز نائمة طوال العام ولا تصحو إلا مرة واحدة في السنة وتعتمد على التقارير الرسمية التي تقدمها لها وزارة الشباب والرياضة التي تفيد بأن الأمور على ما يرام وأن المراكز حققت أهدافها وبنسبة أكثر من مائة بالمائة وعليكم أن تطمئنوا تماماً والبركة في وسائل الإعلام التي تنشر أخبار هذه المراكز لتعطي المبرر لهؤلاء كي يضحكوا على الناس بهذه المراكز الوهمية.
طالبنا في أوقات سابقة وما زلنا نطالب بأن تقوم الحكومة بعمل تقييم علمي دقيق لهذه المراكز والبحث عن صيغة جديدة لإقامتها، أما إقامتها بنفس آلياتها فإنها ستظل تكبد الخزينة مئات الملايين في الهواء في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من عجز واحتياج ونحن نعبث ونفرق الأموال ونهدرها بدون وجه حق، كما أننا نسير في الاتجاه الخطأ لأننا بذلك نكون أهدرنا المليارات ولم نحافظ على الشباب أو نرعاهم.
وتساؤلنا الدائم: هل يمكن أن يتم تشكيل لجنة من المختصين والأكاديميين والخبراء لإعداد مشروع لإقامة مراكز علمية وشبابية صيفية ودائمة للشباب والطلاب تكون الفائدة منها أفضل وتوجه الأموال إلى أماكنها الصحيحة وتعم الفائدة جميع الشباب وبما ينعكس على التنمية في الوطن؟ أم أن حكومتنا وأعضاءها ولجنة المراكز الصيفية “أذن من طين وأذن من عجين” ولتذهب البلاد إلى الجحيم؟؟ ودعوتي لمن يفهم من المسؤولين بأن عليهم دراسة الوضع بشكل واقعي وحقيقي ينطلق من المصلحة العامة للشباب التي هي مصلحة الوطن، بعيداً عن تأثيرات المصالح الخاصة للبعض من أجل الوصول إلى صيغة مناسبة لهذه المراكز حتى لا نظل ندور في نفس الحلقة المفرغة وربما يأتي العام القادم وتتكرر نفس العملية ونحن نفقد الشباب ونفقد الأموال ونفقد الوطن.

قد يعجبك ايضا