الجوف.. رمضان شهر الاجتماعات والتراحم

رشا محمد
أبرز العادات المتبعة في شهر رمضان المبارك بمحافظة الجوف، يأتي شهر رمضان ليجمع الناس مع بعضهم؛ فعند وقت الإفطار في الشهر الفضيل يجتمع الرجال في المساجد لتناول وجبة الإفطار، التي كانت على التمر والماء فقط. والتمر كان يحفظ في الأرياف قديما بالجلود والماعون، والماء بالقرب.
وبعد الإفطار على التمر والماء يصلي الرجال المغرب، وينتظرون في المسجد في قراءة القرآن حتى تأتي صلاة التراويح، ولم تكن هناك وجبة تضاف للتمر والماء خلال أيام الأسبوع عدا يومي الخميس والجمعة؛ إذ يأتي أصحاب البيوت المجاورة للمسجد بأكلتي “الجريش والمقشوش” الأكلتين الشهيرتين بالجوف.
والمقشوش عبارة عن الخبز الرقيق يُكسر قطعاً في صحن، ويشرب بالإدام واللحم، ويخصص ذلك في هذين اليومين لكسب الأجر بشكل أكبر لفضل هذين اليومين. والناس في ذلك الزمان لم يعترفوا بوجبة العشاء؛ إذ يبقى الناس على ما تناولوه على إفطارهم في المساجد حتى يحل موعد السحور، وإذا حل موعد السحور يتناول أهل الجوف وجبات متعددة، منها “الجريش” و”الططماج” المعمول من السمن البلدي، وهو يشبه الدقيق بعد طحنه، إضافة إلى “المقشوش”، وكذلك “التمن”، وهو من أنواع الحب، وهو شبيه بـ”الرز” الحالي، ويأتيهم آنذاك من العراق، وأكلة “العصيدة” المكونة من الدقيق المضاف له الماء يبخ ويضاف له السمن أو الدبس. و لم تظهر الشوربات المتنوعة والمكرونة والعدس والرز إلا قريباً،
وأهل الجوف بحسب روايات متعددة تحدثت انه يأتيهم شهر رمضان ليدخل عليهم جواً إيمانياً مغايراً؛ إذ يجتمع الرجال على وجبة الإفطار في المساجد،
وكما كانت الأواني النحاسية من أهم ما يستخدم للطبخ في رمضان وغيره، والتمر يقدم بصحون مصنوعة من سعف النخيل، وهي أدوات بدائية. ويجتمع الناس أيضاً لتناول السحور في المساجد، إضافة على الإفطار، الذي يجتمع له الرجال داخل المسجد، والسحور غالباً يتناول الناس فيه “التمن”، وإن توافرت اللحم فيتم تجفيفها بالملح، وتسمى “الوشيق”، ثم تطبخ على مراحل حسب الرغبة.
و في ظاهرة مميزة في عادات أهالي منطقة الجوف قديماً أنه إذا حان موعد السحور يلف على منازل الأحياء شباب يقرعون الأبواب لإعلام صاحب المنزل بأن وقت السحور قد حان موعده، إلا أنها اندثرت وأصبحت عادة قديمة لديهم.
غير أن الأهالي في ريف الجوف وخصوصا في رمضان لا زالوا يخرجون الماء ويضعونه في “نجر حجري”؛ ليتم تبريده؛ ويكون صالحاً للشرب. أما القرب فلم تعد متوافرة بشكل كبير. والأواني إما أن تكون من الجلد، وتسمى “مصول”، أو آنية من الطين تسمى “بصارة”.
خيرات الأرض…
تعد الزراعة وتربية الحيوانات النشاط الرئيس لسكان المحافظة، ويمكن أن تكون المحافظة إقليما زراعياً، تشكل المحاصيل الزراعية ما نسبته (4.9 %) من إجمالي الإنتاج الزراعي في الجمهورية، ومن أهم محاصيلها الزراعية الحبوب والخضروات والفواكة والأعلاف. وتضاريس محافظة الجوف يغلب عليها الطابع السهلي، إذ تتداخل مع صحراء الربع الخالي، وتتميز بمناخ صحراوي. ومعالم السياحة في المحافظة متنوعة، ومن أهم المدن الأثرية مدينة قرناو، الخربة البيضاء والخربة السوداء وبراقش. وكانت مركز مملكة مَعَّين اليمنية القديمة.
مناخ الجوف معتدل صيفاً وبارد شتاءً في المناطق الداخلية والمرتفعات الجبلية ويسود المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية المناخ الحار أثناء الصيف والمعتدل شتاءً في النهار ويميل إلى البرودة في الليل.
عرفت الجوف الزراعة منذ القدم، حيث كانت تعتمد في الحصول على المياه من الأمطار، بالإضافة إلى الآبار المحفورة. وساعد على نمو الزراعة وتطورها في المنطقة خصوبة أرضها كما نجحت بالمنطقة زراعة محاصيل الفاكهة من الموالح والحمضيات واللوزيات، والعنب و بدأت المنطقة بإنتاج الفواكه والخضراوات والتمور بكميات تجارية، كذلك نجحت زراعة بعض أنواع الخضراوات مثل الخيار، الطماطم، الكوسة، الباذنجان، الفلفل، البطاطس، البصل، الثوم، الحمص، العدس ومختلف الأنواع الأخرى،والثروة الحيوانية في الجوف من المراكز ذات الاختصاص الدقيق، حيث ينحصر عملها في المجال البيئي والغطاء النباتي الرعوي والثروة الحيوانية القائمة على الرعي، مـن إبـل وأغنـام.
الأكلات الشعبية…
تتنوع الأطباق والمأكولات في منطقة الجوف، حيث يعتمد سكان المنطقة في كثير من الأطباق على الموارد المحلية والحيوانية مثل الألبان والسمن، ويعتبر التمر واللبن الطعام الرئيسي في المنطقة، بالإضافة الى ما تجود به الصحراء من حيوانات مثل الضب والأرانب البرية والطيور، والفقع (الكمأة) نصيب من الأطباق الشهية والتي يقوم سكان البادية بجمعها في مواسمها، ومن أشهر الأطباق وأكثرها شهرة المليحي والمرقوق والمطازيز والوشيق.
السمح نبات صحراوي تشتهر به منطقة الجوف، وينحصر جنوب غرب الجوف في مكان يُعرف بـ (البسيطاء)، وينبت في مواسم الأمطار، وله بذور بحجم حبة الحمص تسمّى (الكعبر) مالحة المذاق بداخلها حبوب صغيرة تُستخرج بنقع الكعبر في الماء، إذ يُحرَّك النبات فتسقط حبوب السمح، وتغوص إلى القاع، ويطفو الطلع ويُبعد، وتُؤخذ الحبوب، وتُجفف في الشمس، وتُطحن كالدقيق، ويُعمل منها الخبز، أو تُحمص وتُطحن وتعمل منها (البكيلة) مع عجوة التمر. أما بذور السمح (الكعبر) فهي تُخزن مدة طويلة، وتُستخدم عند الحاجة.

قد يعجبك ايضا