الوحدة بين حلم تحقق وواقع قائم

عبدالفتاح علي البنوس
مثل تحقيق الوحدة اليمنية بين شطري اليمن سابقا حلما ظل يراود مخيلة السواد الأعظم من اليمنيين في الشمال والجنوب ، ومن أجل تحقيق هذا الحلم قطعت القيادات السياسية في الشطرين خطوات متعاقبة للوصول إلى اللحظة الفارقة التي يتم فيها الإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية والتي كان من المقرر أن ترى النور في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي ، إلا أن أيادي الغدر والإجرام السعودية وأذنابها من الداخل اليمني عملوا على اجهاض هذا المشروع وتأجيل تحقيق هذا الحلم الذي تحقق في 22من مايو 1990في حدث استثنائي مثل ضربة موجعة لآل سعود وأجهزتهم الاستخباراتية ولجنتهم الخاصة وأذرعهم في الداخل اليمني وفي مقدمتهم الجنرال العجوز علي محسن الأحمر وأولاد الأحمر والذين عملوا على إفراغها من محتواها وسلبها بريقها والانقلاب على قيمها ومبادئها وأهدافها ، فأشبعوها ركلا ورفسا ، وأذاقوا الجنوب وأبناء الجنوب صنوف البطش والهبر والفيد والنهب والبسط والضم والإلحاق .
نهبوا الأراضي والممتلكات العامة والخاصة ، بعد أن قاموا بتصفية الكوادر الجنوبية النيرة والحرة ، فتحول الجنوب إلى فيد من قبل هذه القوى وخصوصا عقب حرب صيف 94والتي شكلت طعنة في خاصرة الوحدة المباركة التي لم ترتكب ذنبا ولم تقترف جريمة ، ولكن المتهبشين والمتنفذين والناهبين وتجار الحروب هم من أساءوا للوحدة وشوهوا صورتها الزاهية البهية ودفعت بالكثير من أبناء الجنوب للمطالبة بالانفصال وفك الارتباط ، بعد أن وجدوا أنفسهم في حالة من القهر والاستعباد من قبل مافيا الفساد والإجرام والاستغلال والنفوذ والتسلط .
ذات الأطراف التي وقفت حجر عثرة أمام تحقيق الوحدة اليمنية قبل 22مايو 1990م هم أنفسهم من تآمروا عليها بعد تحقيقها وسعوا للانقضاض عليها والفتك بها في حرب صيف 1994هي ذاتها اليوم التي تعبث بالجنوب وحولته إلى ساحة للفوضى ومسرح للعنف والاقتتال ، وجعلوه فريسة سهلة للقوى الغازية السعودية والإماراتية وتحالفوا مع الغزاة والمحتلين لتمكينهم من احتلال أرضهم وانتهاك عرضهم ، وتجندوا في سبيل النيل من الوحدة والعودة إلى ماضي التشطير والتشظي ، والذهاب إلى تقسيم الجنوب إلى دويلات صغيرة تتناحر في ما بينها وهو مكمن الخطورة التي تتهدد الجنوب ، وخصوصا بعد أن كانت القوى الوطنية التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني قد تبنت بقوة ملف القضية الجنوبية وذهبوا نحو معالجتها والانتصار لمظلوميتها التي لا ينكرها أي منصف ، إلا أن قوى الفيد والعمالة والارتزاق عملت على إفشال كل هذه الجهود والاتجاه نحو التحالف مع النظام السعودي في عدوانه الهمجي الإجرامي على بلادنا وتحولوا إلى سوس ينخر في جسد الوحدة من أجل الفتك بها والنيل من اليمن واليمنيين .
29عاما منذ تحقيق الوحدة التي تواجه اليوم خطرا هو الأكثر خطورة ، وهو خطر الاحتلال السعودي والإماراتي المسنود أمريكيا وبريطانيا ، حيث يحل علينا اليوم عيد الوحدة الـ 29في ظل ظروف مؤلمة ومحزنة ، الجنوب يغرق فيها في وحل الاحتلال والغزو ، ويعبث به تجار ومافيا الحروب والارتزاق وصناع الأزمات ، من أبنائه الذين تحولوا إلى مرتزقة وخونة يدينون بالولاء والطاعة لآل سعود وريالاتهم ،وآل نهيان ودراهمهم ، ويقاتلون إخوانهم ويتحالفون ضد وطنهم تحت راية السعودي والإماراتي ، وهو واقع يبعث على الحسرة والأسى ، نتطلع إلى حراك ثوري جنوبي وطني يعمل على تغييره ، بمواجهة الغزاة والمحتلين وأذنابهم وتطهير الجنوب من دنسهم ورجسهم النجس قبل فوات الأوان .
بالمختصر المفيد الوحدة اليمنية حلم كل اليمنيين الشرفاء الذي تحقق ، وبعد 29عاما لا بد هنا من مراجعة مسارها والعمل على تصحيحه ، على قاعدة لا ضر ولا ضرار ، ولا يمكن القيام بهذه الخطوة الهامة في ظل الظروف الراهنة ، فالمطلوب التحرر من الاحتلال السعودي والإماراتي واستعادة السيادة الوطنية على المحافظات الجنوبية والشرقية ، وهنا سنخطو الخطوة الأولى على طريق الانتصار للقضية الجنوبية قولا وعملا ، بعيدا عن المزايدة والاستهلاك الإعلامي وتزييف الوعي الجمعي لأبناء الجنوب ودغدغة عواطفهم .
صوما مقبولا وذنبا مغفورا وعملا متقبلا ونصرا مرتقبا بإذن الله وكل عام واليمن واليمنيون بألف ألف خير .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا