إيران.. الهاجس الذي أرق الكونجرس

 

محمد أحمد المؤيد

تعتبر إيران اليوم من الدول التي باتت تمتلك ثقلاً سياسياً وعسكرياً وتكنولوجياً بشهادة الأمريكان أنفسهم, فلست أنا ولا غيري يمتلك معلومة كافية قد تؤهلني لأن أكتب هذا المقال المتواضع, وأتطرق للعبة القط والفار , وأكتب عن إيران وأمريكا, لكن الذي خول لي ذلك هي تلك الحملة الشرسة التي باتت الأخيرة تشنها وتتمادى شيئاً فشيئا ً ناحية الأولى مختلقة توترات مقلقة للمنطقة بأسرها , كون التحركات التي تسعى إليها اليوم الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج ومضيق هرمز ومحاولة تضييق الخناق على إيران لم تكن إلا دليلاً واضحاً وجلياً على أن الجانب الإيراني أصبح بعبعاً له ثقل في المنطقة والعالم , فتحركات الأمريكان اليوم هي تحركات خائف وقلق ومستوعب لحجم إيران وما أصبحوا عليه من قوة لا يستهان بها , لأن الأمريكان قد يتساهلون بل ويحلوا لهم الشراكة مع أي نظام يبزغ قوياً في أرجاء المعمورة، إلا في منطقة الشرق الأوسط, لأن هذه المنطقة وتحديدا المنطقة العربية وعلى أدقها دول الخليج تعتبر المصدر الممول الأول للخزينة الأمريكية المتسلطة على العالم , ولذا فهي تخاف من خربشات أظافر (الدم / القط) في هذه المنطقة ما بالكم إن قلنا بزوغ نجم إيران في المنطقة وهذا مقلق لهم أيما قلق.
نسمع كثيرا ًأن التعداد السكاني في إيران حوالي الثمانين مليون نسمة , وهذا بحد ذاته رقم يدل على ثروة بشرية هائلة, فرغم أن النظام الأمريكي والسعودي والخليجي وغيرهم تبث وعبر الأخبار حالات من الاستياء والكساد والبطالة والإهمال وانعدام بعض المرافق الخدمية في بعض المناطق الإيرانية والمحافظات , لكن الذي يجب أن نسلط الضوء عليه هو أن هذه هي عادة هذه الأنظمة وترويجها لأي بلد قد يخرج عن حسبتهم وطوعهم وشباكهم اللعينة , والذي حتى وإن وجدت حالات كما يدعون , ولكننا لو نظرنا للمنجزات الإيرانية وخاصة في الأمن القومي والتسليح والاقتصاد مقارنة بالسعودية وكثير من الدول وخاصة مصر التي هي تتقارب في الكثافة السكانية وتدعي أنها أم الدنيا وأنهم رواد الفكر العربي !!!! . وما وصل إليه المواطن والنظام الإيراني الذي أصبح يشكل خطراً على أكبر دولة متسلطة في العالم كالأمريكان والأوروبيين وغيرهم , وليس كما ” السيسي ” الذي بالأمس يتفاخر ويعلن ويروج أنه أشترى الغواصة الثانية من الألمان وأنها أصبحت قيد الخدمة البحرية العسكرية , وليس هذا وحسب وكذلك شراء ثلاثين منa المقاتلات , بل والذي لوحظ أنه أفتتح مدينة سياحية متكاملة للحالات الخاصة والعاجزين ويتفاخرون بتوفير ملعب تنس وطاولة وغيرها , وهذا شأن العرب الذين لا هم لهم إلا بطونهم وشهواتهم وينسون معنى التنمية البشرية والاعتماد على الموارد الداخلية والاكتفاء الذاتي والتصنيع والمنافسة , ولذا فلا مقارنة مع إيران بأي دولة عربية كونها وليس تعصباً مني مع الجانب الإيراني ولا تحاملاً مني على الدول العربية , لأن هذه حقائق والواقع يقول للمحسن أحسنت والمسيء أسأت.
لو تأملنا جيدا ًلوجدنا أن الأمريكان أصبحوا في ورطة حقيقية تجاه الند الذي ظهر مكشر أنيابه في المنطقة التي يكرهون وجود من ينازعهم عليها , ولذا فلا عجب أن رأينا السياسة الأمريكية تتخبط، تارة تدعي بالنووي وتارة بإعلان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية وتارة بتدخلها في سوريا وتارة بتبني مليشيات حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن وحماس في غزة , ولكن إيران تدعم وتتحرك منذ عقود وبنفس المستوى ولم تتحرك أمريكا ضدها بهذه الوتيرة حتى تضارب التحالف (السعوأمريكي) مع أنصار الله في اليمن واستعصى عليهم , فحينها نقضوا الاتفاق النووي مع إيران وفرضوا الحظر والحصار عليها , حتى أنهم مؤخرا ًأرسلوا بارجة لعرض بحر الخليج لمراقبة وإغلاق مضيق هرمز ومعاقبة وضرب أي سفينة تصدر أو تشتري النفط الإيراني , حتى أنها وصلت إلى حزمة من الإجراءات في حق النظام الإيراني ومنعه من تصدير بعض المعادن.
وأخيراً .. وبعد أن أحرجت من اندفاعها المتهور وغير المبرر له قامت وسمحت لأربع دول يمكن لها شراء النفط الإيراني , وكل هذا وذاك لا يدل إلا على أن هناك صراعاً عنيفاً سيبدأ وسيستمر بين الجانبين، إما من تحت إلى تحت كما هو سياسيا ً أو قد تنشب حرب وهذا مستبعد كون أمريكا أصبحت تعرف قدر وحجم إيران في المنطقة , وبذا فهي لن تجرؤ على الأقل خلال هذا العقد من الزمن , وستتخذ من هذا النظام وسيلة تهديد وضغط وابتزاز للآبار النفطية العربية والخليجية ونهب الثروات والمال العربي في المنطقة وبذريعة الخطر الفارسي.
..ولله عاقبة الأمور..

قد يعجبك ايضا