مائدة رمضان في أبين

 

 

رشا محمد

إن مظاهر استقبال الشهر الكريم في محافظة أبين وامتدادها إلى المناطق المتصلة بها من مديريات جعار وزنجبار ولودر ومودية والوضيع.. من خلال امتزاج الماضي بالحاضر في استقبال رمضان فالطقوس والتقاليد الدينية والشعبية في استقبال شهر رمضان في أي بلدة يمنية لا تختلف كثيراً عن طقوس استقباله في منطقة يمنية أخرى، غير أن محافظة أبين تتمتع بشيء من التفرد، والتميز في استقبال شهر رمضان.

ففي أبين تمتزج مظاهر الاستقبال الدينية بالتقاليد والعادات الشعبية في مشاهد تضفي أجواء روحانية، حيث تتداخل اللوحات، وتتنوع مشاهد استقبال الشهر الكريم، فمن منظوره الديني رمضان شهر التوبة والغفران, وتطهير النفوس والروح, والبدن يستقبل بشعائر روحانية بالتراحيب والابتهالات، ومن منظور شعبي رمضان شهر البركة والخير والصدقات والتكافل الاجتماعي والتعاطف يستقبل بإعداد المنازل وأماكن السمر. والنساء أكثر حرصاً على استقبال شهر الصوم استقبالاً يليق بمقامه، يبدأ بإعداد المنزل وتنظيفه وترتيب أماكن السمر، وإعداد المطبخ وترتيب لوازم رمضان، ووضع نظام رمضاني لعمل المنزل، والحرص على ترتيب واستكمال متطلبات الشهر من الأطعمة والأشربة ووجبات الإفطار والسحور إلى حد المبالغة في الطلبات.

وفي حين يقضي معظم الرجال ليالي رمضان في مسامر متواضعة لتناول القات في قراهم، ولعب الورق ومشاهدة المسلسلات الرمضانية، تغيب هذه العادة لدى النساء, وقليل منهن ما يجتمعن للسمر في منازلهن.، فإلى جانب الأكلات والمشروبات المعتادة تستحدث أكلات ومشروبات جديدة بأسمائها الشعبية، رغم ضعف غالبية نساء الريف في طبخ الوجبات التي كثيراً ما تكثر في رمضان وفق المتاح، إلا أنها تفتقر إلى كثير من مذاقها ولذتها.

فهناك أكلات يكثر طبخها في رمضان (اللحوح، الشربة، المكرونة، العطرية)، أكلات يكثر طبخها في رمضان، غير أن طريقة طبخها تتفاوت من منطقة إلى أخرى، بل ومن أسرة إلى أخرى، وأكلات لا تعرف سوى في رمضان خاصة بالإفطار (سنبوسة، لبنية، باجية، مدربش، شفوت، إلخ).

يشرع الرجال منذ الأسبوع الأخير من شعبان بجلب وتجهيز متطلبات ولوازم شهر رمضان من أطعمة ومشروبات وأوان منزلية، وتكثر هذه المظاهر والاستعدادات بمكوناتها خاصة لدى الميسورين، وتكاد تنعدم لدى المعسرين.

وتهتم الأسر في أبين بشكل أكثر بتوفير بين بن القهوة وبهاراته (زنجبيل، قرفة، نخوة )، حيث يكثر تناول القهوة في هذا الشهر اعتقاداً من الصائمين بأن تناول القهوة ليلاً ومع وجبة السحور يقلل من العطش نهاراً.

قديماً وتحديداً بعقد الثمانينيات كانت أبرز الاستعدادات لمائدة رمضان توفير ما يعرف بـ (منيحة لبون) من غنم أو بقر لتوفير اللبن والسمن والحقين، إذ كانت هذه السوائل أهم ما يستعد به الصائمون، لكنها اليوم توشك أن تختفي بسبب الجفاف ونضوب الآبار الزراعية وارتفاع أسعار الأبقار والأعلاف والظروف المعيشية التي تزداد بؤساً من عام إلى آخر.

أما فرحة الأطفال فيتشوق الأطفال بشكل أكبر لحلول الشهر وما يحفل به من جديد ولذيذ الطعام، وما يتبعه من عيد حافل بالملذات والهدايا والكساء الجديد، يتفاخرون بتصميمهم على ترك اللعب والتوجه إلى المسجد لقراءة القرآن وتأدية الصلوات وصلاة التراويح، يزداد إقبالهم على المساجد، والاستعداد لصوم الشهر الفضيل، بعضهم يستعد لانتهاز بركة الشهر الفضيل والغوص مع الغائصين في البيع والشراء.

خيرات الأرض

ان ما حدث في استهداف للقطاع الزراعي في محافظة أبين من قبل العدوان الغاشم والحصار الجائر هو تخطيط ممنهج ومتعمد من قبل قوى الاحتلال الصهيوني المقنع ضمن الطفيليات المرتزقة التي تعمل على بكترة البيئة وكل واحد يحكم شارع وكل واحد يحكم حي.

كون القطاع الزراعي في أبين كان سابقا يعد رافدا اقتصاديا للبلاد، ويعتبر سلة الغذاء لليمن من المنتجات الزراعية، حيث إن الكثير من المواطنين في المحافظة يعتمدون على القطاع الزراعي في توفير لقمة العيش، وهناك الكثير من الأيدي العاملة في هذا القطاع ويتم تصدير الكثير من المنتجات الزراعية بجميع أنواعها إلى المحافظات المجاورة ودول الخارج.

وتشتهر محافظة أبين منذ القدم بتنوع محاصيلها الزراعية من خضروات وفواكه وحبوب وغيرها من المنتجات الزراعية، ما جعلها تتبوأ مرتبة متقدمة بين المحافظات اليمنية الزراعية المصدرة للخارج.

ورغم خصوبة التربة الزراعية في أبين، وتنوع منتجاتها بكثير من المنتجات، إلا أنها لم تلقَ الاهتمام القوي والمثمر بالشكل الذي يعطيها مكانتها في الزراعة من قبل الدولة.

اليوم يعاني القطاع الزراعي في محافظة أبين من مشكلات كثيرة، أدت إلى تراجع كبير في المساحة الزراعية خصوصا في دلتا أبين، حيث كانت حرب عام 2011م التي شهدتها المحافظة أولى الكوارث التي لحقت بمئات المزارع التي هجرها المزارعون بفعل الحرب التي استمرت أكثر من عام، والتي أكلت معها الأخضر واليابس.

وتشتهر محافظة أبين بزراعة الحبوب والقطن والخضروات والفواكه، حيث يسود المحافظة نوعان من المناخ ففي المناطق الجبلية يسودها مناخ معتدل إلي دافئ في فصل الصيف وبارد في فصل الشتاء أما الأجزاء الجنوبية فإنها تكون حارة صيفا ودافئة شتاء .

ورغم العدوان والحصار على اليمن تدرك القيادة السياسية التي تواجه العدوان على مدار خمسة أعوام أهمية الانطلاق بالرؤية الوطنية التي تجعل  الجميع يتحرك ضمن خطة ” يد تبني ويد تحمي”  استشعار المسؤولية والعمل باتجاه تحقيق نهضة زراعية حيث العدو يسعى جاهدا الى أن يصل الحال بكل اليمن  إلى مرحلة العوز الاقتصادي،  من خلال  القضاء على القطاع الزراعي والمزارعين، لا قدر الله؟

وتبقى أهمية النهوض بالواقع الزراعي ووضع الخطط والبرامج ذات النفع على الزراعة والمزارعين حاجة ملحة لبناء الدولة اليمنية الحديثة . فالكثير من المزارعين يحكي وبصرح كيف أن تقلصت مساحة الاراضي الزراعية الخاصة بزراعة القطن طويل التيلة في دلتا أبين “خنفر جعار وزنجبار” فزراعة القطن تحولت الى ذكرى للمزارعين في ظل حروب عاشتها ابين الى ان سيطر تنظيم القاعدة على زنجبار وجعار ، بالإضافة الى استبدال زراعة القطن بزراعات محاصيل أخرى بالرغم من انها كانت زراعة القطن توفر الالاف من فرص العمل وفوائد اقتصادية على المجتمع والدولة. كون القطن أو ” الذهب الابيض ” كما يطلق عليه زارعيه الفقراء بحسرة كبيرة ، فهم وحدهم تقريبا من يدركون قيمة هذا الكنز الحاضر في مزارعهم والغائب ايراده الوفير من جيوبهم.

اقتصاديا يعتبر القطن من المحاصيل النقدية التي تدر على المزارع الدخل كما ترفد الاقتصاد الوطني وتنمي الكثير من الصناعات القطنية المحلية في اليمن وهو من أهم المحاصيل في مناطق الري بمياه السيول وخصوصا المناطق الساحلية.

قد يعجبك ايضا