أقرب الطرق لإعادة بناء مؤسسات الدولة!

 

عبد العزيز البغدادي

الدولة ليست كلمة في الهواء أو إعلام مضلل، إنها أسس وأركان ومداميك وإحساس بالمسؤولية وهذه العناصر قد تتهشم وقد تصبح بلا معنى إن لم ندرك أهمية النقد البناء في تصحيح مسار مؤسسات الدولة أو نعيد بناءها كلما لزم الأمر تماشيا مع متطلبات البناء والتنمية ومقتضيات العدالة التي هي الأساس الأول لبناء أي دولة ، ولعل الخطوة الأولى نحو ذلك هي عدم تجاهل أهمية النقد وضرورة احترام الرأي المخالف احتراماً موضوعياً لا شكلياً تضليلياً لأن الشكلانية والتضليل من أهم الأسباب التي أدت إلى أن تصبح الدولة اليمنية من بين أبرز الدول المنعوتة بالفاشلة ؛
لا تضيقوا ذرعاً بالرأي المخالف والناقد بل ابحثوا عنه وتلمسوا طريقا إليه فإنه الطريق الحقيقي لإعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة،
لا تبحثوا عن الرأي المنافق الكذاب الذي يبحث لكم عن مبررات للمشاكل والأخطاء سواء ما تراكم منها أو ما أستجد ، انعدام العدل وضعف الأداء الحكومي وانتشار الفساد والاستمرار في تعيين الفاسدين ،وشراء الولاءات هي الكارثة التي تهدم الدول ولا تبنيها لا تصدقوا أن بناء الهياكل يمكن أن ينفصل عن الاهتمام بالإنسان الذي يشغل هذه الهياكل ولا تقبلوا باستمرار منهج التطبيل والتهريج والفصل بين الأقوال والأفعال فهي مستمرة رغم ادعاء عكسها سواء بقصد أو بدون ، لابد من مراجعة ما يجري على أرض الواقع ، لا تبحثوا عن المنافقين فهم الطابور الخامس وهم أفتك وأخبث أدوات الدولة العميقة ، وأعداء بناء مؤسسات الدولة المدنية العادلة والحديثة !.
لا تضيقوا ذرعاً بمن يُبصِّركم بالأخطاء ويوصل إليكم كلمة الحق مهما شككتم في حسن نوايا الناصحين أو حتى تيقنتم أن ما يقوله من ينتقدكم إنما هي كلمة الحق التي يُراد بها باطل، هذه الحكمة في حالة كهذه قد تؤدي بكم إلى التعصب الأعمى وتمنعكم عن رؤية الحق والبحث عن الحقيقة أياً كان من يقولها صحيح أنه ينبغي البحث عنه ومعرفة خلفياته ولكن لا تنهروه أولا تنهره حينما تستمع إليه وتقدِّر أنه من زاوية من الزوايا يقصد الإضرار بالمصلحة العامة خاصة في ظروف العدوان ينبغي الاعتناء بإيجاد الأسلوب الأمثل لمحاولة إقناعه بما تراه حقاً من وجهة نظرك واستمع لوجهة نظره جيداً ولا تقمعه أو تؤذيه بوسائل القهر والجبروت التي اعتادت عليها بعض أجهزة القمع والإيذاء التي تحمل اسم الأمن سواءً القومي أو السياسي ، أداء هذه الأجهزة ينبغي تصحيحه لأنه نتاج مدرسة الفساد والإفساد التي لا تزال آثارها بل وممارساتها وجذورها متشبثة بالأعماق ، مدرسة الإيمان الحقيقي وليس الشعاراتي يجب أن تجد طريقها إلى النور والحياة ، فلا تضيقوا ذرعاً بمن يقسو في التعبير عن رأيه لأن التسامح الإيجابي وليس التقصير في أداء الأمانة هو عنوان الإيمان ، تذكروا دائماً قول الله تعالى ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظلم ) ولا تأخذكم العزة بالإثم أبداً ولا تحكموا مقدماً على من يدعي أنه مظلوم بأنه ظالم ولو تبين لكم أنه كذلك بل استمعوا بإصغاء إلى مظلمته التي يدعي وإلى صراخه أو حتى بذاءة لسانه بتدبر بحثاً عن الطريق الأصوب للإصلاح أو للنصيحة ، ويجب عدم التعامل مع هذه الأمور الجليلة بمزاجية واستهتار وغرور ، فالمزاجية والاستهتار والغرور من أسباب هدم الدول وليس بناءها ، من يحرضك على ضيق الصدر تحت عنوان أن للصبر حدودا فقل له ولنفسك نعم إن للصبر حدودا ولكن الإيمان بالله والحب لا حدود لهما !، لهذا فرسالة الإنسان هي توسيع حدود صبره واحتماله وقدراته ومثابرته ، قل له نعم العدوان البشع الذي تديره الإدارة الأمريكية والصهيونية بكل جبروتها ، وتستخدم فيه بعض الأدوات كالسعودية والإمارات يوجب العزم في تحمل المسؤولية والنزق وضيق الصدر والخفة والغرور كل هذه الصفات المذمومة ما كانت أبداً ولن تكون من علامات الحزم والعزم بل من علامات العجز والضعف والبحث عن الحلول السريعة التي تراكم المشكلات ولا تقدم حلولاً وإذا كان الناقد أو الناصح أحمق أو ضيق الصدر ولا يُقَدر الظروف فتجنب مشابهته أو مجادلته بقسوة وأنصت إليه أولاً ثم تعامل مع الأمر بحكمة وصبر واناة وبُعد نظر ثم جادله بالتي هي أحسن ، وحتماً ستجد الطريق لتكون ناصحاً ومصلحاً وحكيماً وستكون الثمرة أعم وأشمل مما قد تتصور وماذا بعد هذه النتيجة التي أشار إليها القرآن الكريم في حوار المخالف ومجادلته ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .
هذا عن العدو أما حديثنا فإنه عن الذي قسا في النقد أو النصح وهذا صديق حقيقي إن كان صادقاً في نقده وستدفعه بإيمانك وصبرك اللامحدود إلى طريق الصدق وتقدير الظروف ويجنبك فتح مزيد من الجبهات التي تكفَّل بفتحها ودعمها وتمويلها العدوان القذر الذي ما فتأ يصرح منذ بدايته بأنه بالمال يمكنه شراء الذمم واستمرار العدوان وإشعال كل أشكال الحروب والفتن بتمويل المرتزقة وبائعي الأوطان وهذا ما يجيده حكام الخليج أو بالأصح ما ينفذونه لأنهم كما تثبت الأيام لا يجيدون سوى الطاعة العمياء لمن يهينهم ليل نهار بعد أن أدخل في عقولهم المريضة أن الطاعة لمشاريعه القذرة في المنطقة والعالم هي السبيل لحماية بقائهم في السلطة ، ولكننا بالصبر والإيمان والبحث عن الوئام الداخلي ورص الصفوف لمواجهة هذا العدوان الذي يبحث بكل وسائله وإمكاناته إلى ضرب الجسد اليمني ببعضه والحؤول دون وحدته التي يرى فيها خطراً عليه وهي نظرة حمقاء وسوء جوار لا بد أن يجني ثمارها إذا أفقنا نحن اليمنيين من سباتنا وأدركنا أهمية الحرص على البحث عن أفضل وأجمل الطرق وأقصرها نحو الوحدة الحقيقية وهو الحب بمعانيه الدينية والأخلاقية والإنسانية والوعي بأهمية الإحساس بالمسؤولية،
وهذا بالطبع لا يتنافى مع واجب الدفاع عن الاستقلال والسيادة والكرامة بل هو من صميمها وهو علامة الحب الصادق!
لم أكن واعضاً ولا مرشداً
لكنني أدعي أنني ناصحُ مخلصُ
فأفيقوا
وحثوا الخطى
وابحثوا عن ملامحكم في الطريق الطوييييل
إلى الله والحب
ولا تيأسوا
فاليأس بوابة للضياع.

قد يعجبك ايضا