هل يتمّ إلهاء الأردن بالوضع الأمني لتمرير صفقة القرن؟

 

بعد حديث الملك الأردني عبدالله الثاني عن ضغوط كبيرة تتعرّض لها المملكة لتمرير صفقة القرن، نقلت صحيفة القبس الكويتية عن مصادر أمنية وسياسية قالت إنها “موثوقة” قولها إن الأردن نجا من مخطط خطير كان يهدف إلى زعزعة الاستقرار في البلد الذي يعيش ضائقة اقتصادية.
لا يختلف اثنان اليوم على المرحلة الحسّاسة التي تمرّ بها المنطقة بشكل عام، والأردن على وجه الخصوص، ولاسيّما أن الأردن اليوم من أشدّ المعارضين لصفقة القرن، كونها ستكون الخاسر الأكبر بعد الجانب الفلسطيني حال إتمام الصفقة.
تأكيد وتشكيك
المخطّط الخطير قد تأرجح بين التأكيد والتشيكي، وفي حين أسهبت صحيفة القبس بالحديث عن المخطط الأمني، قال موقع “خبرني” الأردني، نقلًا عن مصادر أمنية، إن التقرير الذي نشرته صحف أردنية، وصحيفة “القبس” الكويتية، هو “تقرير مفبرك بكل تفاصيله”.
الصحيفة الكويتية أشارت إلى أن المملكة “نجت من مخطط خطير كان يهدف إلى زعزعة الاستقرار عبر الترويج لشخصية معروفة قريبة من الملك عبدالله الثاني؛ بهدف استمالة الرأي العام وتأجيج الشارع”.
وأوضحت الصحيفة أن المتورطين هم “رجل أعمال مدان بالفساد يرتبط بعمة الملك (زوجها)، وأحد قياديي الأجهزة الأمنية المعروف بولائه لمدير جهاز سابق، بالتعاون مع بعض الشخصيات البرلمانية والسياسية والإعلامية داخل البلاد وخارجها”.
وتابعت الصحيفة: وحسب الصحيفة الكويتية -التي لم تسم مصادرها- فإن المخطط يتضمن تأجيج الرأي العام، والدفع الممنهج لحشود من العاطلين عن العمل من أبناء العشائر للاعتصام أمام الديوان بغية خلق حالة غير مسبوقة من الاستنفار والسلبية والمناهضة الشعبية للنظام.
في المقابل، رفض موقع “خبرني” الأردني رواية الصحيفة بالكامل لينقل عن مصادر أمنية، قولها إن “التقرير المفبرك، جاءت تفاصيله من خارج حدود الأردن، وذلك بغرض إثارة البلبلة، ونشر الإشاعات، في توقيت حساس، للتشويش على القرار الأردني بشأن صفقة القرن”.
أبعاد ودلالات
وبين التأكيد والتشكيك، يدرك النظام الأردني جيّداً صعوبة المرحلة التي يعيشها، ولا بدّ من الإشارة في هذا السياق إلى التالي:
أوّلاً: ما يرجّح حقيقة المؤامرة هي القرارات التي صدرت عن العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قبل أيام بإحالة اللواء عدنان الجندي من إدارة المخابرات العامة الأردنية إلى التقاعد.
وقد شمل الأمر الملكي تعيين اللواء أحمد حسني حسن مديراً لدائرة المخابرات العامة خلفاً للجندي، وقد أقرّ الملك بوجود تجاوزات في دائرة المخابرات قائلاً إنها “لم تخلو شأنها في ذلك شأن أي مؤسسة أو إدارة حكومية أخرى من بعض التجاوزات لدى قلة قليلة، ولقد حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدّمت المصالح الخاصة على المصلحة العامة، الأمر الذي تطلّب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه”، ولكن، الأردن سيعمد بطبيعة الحال إلى التشكيك في هذه المؤامرة خشية تفاقم الأوضاع، وهذا ما يفسّر نفي المصدر الأمني للموقع الأردني المذكور أعلاه.
ثانياً: من غير المستبعد أن يتمّ تحريك الشارع الأردني من قبل جهات مرتبطة بالخارج لإلهاء النظام بالحراك الشعبي والمشهد الداخلي. بالطبع، هذه الجهات غير مهتمة بتاتاً بالأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الأردنيون بل بغايات سياسيّة أخرى، في مقدّمتها صفقة القرن والعلاقة مع الكيان الإسرائيلي.
لا بدّ من النظر بعين الشكّ إلى أي تحرّك يسعى لزعزعة الأمن، ولو كانت شعاراته محقّة، لا نقصد هنا منع التظاهرات السلمية أو غيرها، بل التدقيق جيداً في الغايات المنشودة من أيّ تحرّك سياسي مشبوه، على سبيل المثال، إن المظاهرات التي خرجت ضدّ اتفاقيّة الغاز مع الكيان الإسرائيلي تساعد عل استقرار الأردن وتعزيز وضعه الداخلي والخارجي فيما يخصّ الأردن والقضيّة الفلسطينية على حدّ سواء، لا العكس.
ثالثاً: لا نستبعد قيام جهات مشبوهة بإشعال نيران الفتنة في الداخل الأردني، واتهام جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي على النظام الأردني من جهة، وجماعة الإخوان من جهة أخرى التحلّي بالوعي والصبر لمواجهة أي أعمال تخريبية تسعى للنيل من الأردن بالدرجة الأولى بسبب موقفها من القضيّة الفلسطينية وصفقة القرن. ولا بدّ من البحث عن الجهات الخارجيّة التي تربطها علاقات مع “المتآمرين” هل هي أجنبيّة أم عربيّة، خليجية أم إفريقية؟
رابعاً: إن السبيل الوحيد لنجاة الداخل الأردني من أي سوء يعدّ له هو التمسك بثوابت القضيّة الفلسطينية، وفي مقدّمتها عودة اللاجئين، لأن هذا الأمر يعدّ مصيرياً بالنسبة للأردنيين قبل الفلسطينيين أنفسهم.
ويبدو أن سماح الملك لجماعة الإخوان المسلمين بتنظيم مظاهرة ضد صفقة القرن ونصرة للقدس يأتي في هذا السياق، إن وحدة الأردنيين على ما هم متّفقون عليه يمثّل السبيل الأنجع لحفظ الداخل الأردني من جهة، وإسقاط صفقة القرن من جهة أخرى.
في الختام.. يبدو أن الأردن على موعد مع أيام صعبة، تسعى لاستهدافه تارةً عبر مؤامرات خارجيّة كصفقة القرن، وأخرى داخليّة عبر أدوات المشرفين على هذه الصفقة، فهل سينجح الأردنيون في كسر هذه المؤامرات؟.
نقلا عن “الوقت”

قد يعجبك ايضا