رمضان المدخل لتحقيق معنى التكافل الاجتماعي

عدنان الجنيد
إن خدمة الناس ومواساة الفقراء والمساكين وتوفير كل ما يحتاجونه مطلوب في كل زمان ومكان، ولكن التكافل في شهر رمضان بروزه أكثر لأن له مميزات خاصة فهو شهر الخيرات والبركات، وشهر التجليات والنفحات،… شهر النوافل والطاعات شهر الإنفاق والصدقات،… شهر تتضاعف فيه الأجور والحسنات.. إنه شهر التكافل والتضامن الاجتماعي إلى جانب أنه شهر التربية الروحية والأخلاقية والسلوكيات الفاضلة….
إن الصوم مدخل واسع إلى تحقيق معنى التكافل الاجتماعي ، فعندما يشعر الصائم بألم الجوع والعطش فإنه يستشعر حالة المحرومين والمعوزين والبائسين من الفقراء والمساكين والنازحين الذين لا يجدون ما يدفعون به عنهم مرارة الجوع والظمأ ، ولهذا يندفع الصائم إلى مواساتهم وبذل الخير لهم لأن الصوم قد هذبه وجعل نزعته الإيمانية في ازدياد ، وأصبحت نفسه متعرضة للنفحات والإمداد…
إن التكافل الاجتماعي خُلق إسلامي رفيع ومبدأ اجتماعي قويم وقد أشار في ذلك النبي _ صلى الله عليه وآله وسلم_ بقوله: ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” رواه مسلم
وبقوله _صلى الله عليه وآله وسلم_ “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” رواه البخاري
فالمقصود أن من مقاصد الشريعة وجود المحبة بين المسلمين ، أما التباغض وتنافر القلوب فهذا خلاف مقصود الشارع…
فإذا ما وجدت المحبة في قلوب المسلمين لبعضهم البعض ، فستراهم يسارعون في فعل الخيرات لإخوانهم ويزيلون عنهم المضرات
إن حياة الناس والمجتمعات لا تقوم إلا على التعاون وإذا ما تحقق بين أفراده أصبح مجتمعاً محصناً من معاول الهدم والتفرقة..
قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) فالشريعة الغراء حثت على التعاون في جميع مجالات البر والتكافل الاجتماعي كما في الآية السابقة وكما في الأحاديث السابقة واللاحقة.
يقول الرسول_صلى الله عليه وآله وسلم_ عن شهر رمضان: “إنه شهر المواساة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن ، من فطر فيه مؤمناً كان مغفرة لذنوبه ، وعتقاً لرقبته من النار” ويقول : “ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ” رواه ابن خزيمة في صحيحه
ويقول _صلى الله عليه وآله وسلم_: “من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً” رواه الترمذي
ولنا أسوة برسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ فقد كان أجود ما يكون في رمضان في مواساته للفقراء والمساكين والمحتاجين
جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال 🙁 كان رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة فيدارسه القرآن فالرسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم _ أجود بالخير من الريح المرسلة )فالجود إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعم من الصدقة.
فالنبي _صلى الله عليه وآله وسلم_ كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
وفي الحديث القدسي :” انفق يا ابن آدم أنفق عليك ” متفق عليه
إن من أنواع الجود المالي والذي يتأكد في مثل هذا الشهر الكريم ، تفطير الصائمين
قال صلى الله عليه وآله وسلم ” من أفطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص أجر الصائم شيء” رواه أحمد إن هذه الأدبيات النبوية وغيرها تؤكد أن شهر رمضان مدرسة للمسلمين تنمي الإيمان في النفوس وتعمق التقوى والورع في القلوب وتوثق الصلات بين أبناء المجتمع…
فالصيام ما فرضه الله علينا وشرعه لنا في قوله( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) إلا من أجل الحصول على الوسيلة العظمى وهي التقوى وإشاعتها والإحساس بآلام الآخرين بين الأفراد والجماعات ومن ثم تتجسد فيهم أعمال الخير التي يقوم بها بعضهم تجاه البعض الآخر…

قد يعجبك ايضا