الأوقاف بين الإهمال والجهل

حاتم شراح
الوقف من المبرات التي توليها الشريعة الإسلامية اهتماما كبيرا غير أن هناك من الجهل بأهميتها بحيث أصبح المجتمع مساهماً في هذا الإهمال وأصبح كل واحد ينظر إلى الأوقاف على أنها غنيمة باردة في ظل انعدام الرقابة النابع من كون موظفو الأوقاف من القلة بحيث أصبح الواحد منهم لا يستطيع أن يعيل أسرته إلا بممارسة عمل آخر فيما مهمة متابعة مشاكل ومهام الأوقاف في حاجة لتفرغ ومتابعة، وهذا ما هو منعدم الآن، عندما حضرنا اللقاء الموسع للأمناء ورؤساء الأقلام في المحاكم، والذي رعته وزارة الأوقاف ووزارة العدل، وكان الهدف من هذا اللقاء الحد من ممارسة المضاربة في أراضي وأموال الوقف، وهنا لابد من الإشارة إلى أن اللقاء كان ناجحا من حيث كونه أقام الحجة على الأمناء ومن يتعاطى من قريب أو بعيد أموال الوقف كون هذه المشكلة قائمة وقد أشار إليها مفتي الجمهورية، ووزير العدل، وهي بطلان ما يسمى باليد العرفية والتي تعني، التحايل على أموال الوقف بحيث يتم البيع والشراء لأموال الوقف، تحت مسمى اليد العرفية، وهنا لابد من توضيح نقطة مهمة وهي كون الواقف قد أسند ملكية ما أوقفه لله سبحانه وتعالى، ويحرم البيع والشراء في هذا المملوك لله، وإنما يصبح هنا استئجار من الجهة المشرفة على الأوقاف، بينما نشاهد أن هناك بيعاً لأموال الوقف تحت مسمى اليد العرفية، وللأسف الشديد أن تصبح هذه اليد العرفية يتم التعامل معها في المحاكم دون تجريم، أو حتى تحذير وأقصى ما يتم اتخاذه من وزارة الأوقاف أن يتم إلزام من يفعل ذلك بعمل مأذونية، بمعنى أن الأوقاف قد أذنت بهذا، وتمت الاستفادة عن طريق مبلغ من المال يتم إعطاؤه للأوقاف وأحيانا يتم مماطلة الأوقاف في ذلك ويكتفى بمجرد الاعتراف بأن هذه العين تابعة للأوقاف بينما يتم حرمان الوقف من ريع ذلك حيث يتم البناء في هذه الأرض الزراعية التي كانت تدر دخلا سنويا، والآن هذا المالك ماذا سيعطي من مال للأوقاف، سيتم معاملته معاملة حالات لا تعد ولا تحصى، ممن يعطون الأوقاف فتات أموالهم بحيث يكاد ينعدم نفع الوقف نهائيا، وقد أكد الجميع على ذلك ولكن هناك من يصم أذنه لأن هناك من سيتضرر من ذلك غير أن هناك من التشريعات ما يمكن أن يتم معاملة الحالات بحسب العلم بحيث يتم تجريم استغلال مال الوقف المجحف، ولعل التشريعات عبر الزمن منذ مئات السنين كانت تؤجر اعيان الوقف لمئة سنة بإيجار لا نقول رمزياً ولكن أقل من الرمزي بكثير حيث أصبحت المبرات مشلولة بسبب ذلك، وهنا لو تم تشريع تقييم ما يستحقه إيجار كل عين بحسب المكان والزمان لقامت القيامة ولم تقعد، من قبل بعض المستفيدين، ولكن هل إرضاء الله مقدم أم إرضاء المخلوقين لعل ما نحن فيه من ابتلاءات هو بسبب السكوت عن ذلك، وهنا وفي ظل الرؤية الوطنية لابد من وضع البلسم على الجروح وهذا الأمر من الجروح الغائرة لابد من التوعية واتخاذ الاجراءات اللازمة والتي لا تضر بالأوقاف ولا بالمستأجرين كما لا يتم استغلالها في أن تعم بها البلوى، وأرى أن يتم معاملة المستأجرين بحيث يتم إعفاء المعسرين والفقراء بإجراءات وأحكام من قبل الوزارة بحيث يتم رفع هذا الإعفاء عند تحسن الحال والقدرة على الدفع حيث نلاحظ اليوم كيف عجز كثير من الموظفين عن دفع إيجار السكن مع انقطاع المرتبات، وهذا الموضوع بحاجة إلى دراسة وفتوى ومعرفة المصلحة للطرفين وتقديرها، غير أن المتاجرة بأراضي الأوقاف الزراعية يجب أن يتم بمحاذير وضوابط وأحكام حيث يجب أن يتم من خلال ذلك المحافظة على مصلحة الموصي في نيل أجر مبرته الذي ابتغى بها وجه الله، وهنا لابد من نشر الوعي بأهمية المحافظة على أموال الوقف، وضرورة أن يتم عمل المستأجر بحيث تدر هذه الأرض دخلا سنويا قدر الإمكان أما التساهل والتكاسل والإهمال، فهذا يجب أن يجرم حيث يجب أن يتم البحث عن أجير آخر، وهذا يحتاج إلى تشريع يخص الأرض الزراعية، وفيما يتعلق بغير الزراعية من عقارات وغيرها فهذه تحتاج إلى تشريعات تخصها، والشريعة الاسلامية لم تغفل هذه المواضيع، وأعتقد أن الأوقاف تحتاج إلى مؤتمر فقهي يتم فيه الاستفادة من تجارب الآخرين في ذلك.

قد يعجبك ايضا