أزمة فنزويلا واليمن وفلسطين .. لن تجدد حياة الكيانات الطارئة

كتب / جميل أنعم العبسي

عشرة أشخاص في العالم يمتلكون نصف ثروة العالم، وعشرات الملايين من البشر المسحوقين ممنوعون من زراعة القمح بمعاهدات رسمية، ممنوعون من بيع ثرواتهم أو استخراجها، ممنوعون من ممارسة التجارة والصناعة وبيع منتجاتهم وحتى شراء منتجات غيرهم، فجوة اخترقت العالم بأسره وأصبحت أمريكا ولية نعمة البشر من دون الله ومن يتجرأ على إغضابها “كافر حتى لو كان مؤمناً، انقلابي حتى إن كان شرعياً، ديكتاتور حتى لو كان ديمقراطياً وأتى عبر صناديق الاقتراع”، والدين حق حصري لإسرائيل بالتلمود وأمريكا بالبروستانت والسعودية بالوهابية، والديمقراطية والشرعية كذلك.
اقتنعت أم لم تقتنع فالسلاح والقوة والحرق والتدمير المصير.. هذا الواقع الذي كان بالأمس القريب أصبح اليوم في أسوأ حالاته بالرغم من كل ما حصل ويحصل وسيحصل، هذه الكيانات المتطفلة تدرك أن دورة حياتها لا تستمر من دون افتعال الأزمات على امتداد جغرافيا العالم، وهناك في فنزويلا يفتعل الشيطان الأكبر أزمة سياسية بعد الأزمة الاقتصادية، ثم تفجير الوضع عسكريا وتمزيق النسيج الاجتماعي والثقافي وتدمير الشعوب بالشعوب نفسها وتحويل فنزويلا لدولة فاشلة ثم تغيير النظام الثوري البوليفاري المعادي للاستعمار والصهيونية والإمبريالية الرأسمالية المتوحشة وصناعة نظام بديل تابع لأمريكا والسيطرة على النفط.
فنزويلا تصدر النفط وتحتوي على أكبر مخزون نفطي احتياطي في العالم ومع ذلك تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، فـ 60 % من النفط يصدر إلى أمريكا وإيرادات النفط مجمدة في أمريكا وبلجيكا وغيرها وبنوك بريطانيا وأمريكا تمنع تحويل الإيرادات إلى فنزويلا، فالنظام المصرفي العالمي بالدولار وتتحكم به أمريكا التي تفرض العقوبات الاقتصادية على فنزويلا وعلى من شاءت ولية نعمة الضعفاء من دون الله، وهو ما يعرف بالحصار النقدي الاقتصادي.
الأمر الذي خلق أزمة اقتصادية، فالدولة لا تمتلك النقود لشراء المواد الاستهلاكية والأدوية، وتعثر القطاعات الصناعية والإنتاجية، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط وتحكم أغنياء الداخل بالتجارة الداخلية وتفشي الفساد في السنوات الأخيرة على عكس سنوات الرئيس الراحل تشافيز الذي أمم الشركات وحقق المليارات وكان الرخاء الاقتصادي فكان نصير المظلومين وديكتاتور الفقراء كما أحب شعبه تسميته، الأمر الذي أزعج أمريكا الرأسمالية وأغنياء الاستغلال والطغيان والاحتكار في بلده، إضافة إلى مواقف تشافيز على الساحة الدولية المناهضة لسياسة أمريكا الإمبريالية.
أمريكا أوباما ثم ترامب تنفذ حصاراً نقدياً على إيرادات النفط والفقر يزداد والجوع كذلك وثلاثة ملايين فنزويلي ينزحون الدول المجاورة والبؤس والحرمان يتوسع لخلق سخط شعبي مفتعل على الثورة البوليفارية الاشتراكية وإسقاطها من الداخل بالمعارضة الموالية لأمريكا والرأس المال المحلي التابع للشركات الرأسمالية والطابور الخامس، وغالبية الشعب الفنزويلي يجدد العهد للرئيس مادورو في انتخابات 2018م في ظل مقاطعة المعارضة وبأوامر من السفير الأمريكي، والرئيس الشرعي يؤدي اليمين الدستورية وزعيم المعارضة يعلن نفسه رئيسا بالوكالة وأمريكا تعترف بالوكيل وتهدد بالتدخل العسكري لإستعادة ديمقراطية الوكيل (هادي فنزويلا).
الأزمة تنقل إلى مجلس الأمن فـ”الوضع” يهدد الأمن والسلم العالمي” طبقا للمادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة حسب زعم أمريكا وحلفائها للحصول على تفويض من الأمم المتحدة بالتدخل العسكري لمصلحة “شرعية الوكيل” الذي قد يهرب إلى كولومبيا ليصبح رهينة أمريكا ويشرعن التدخل العسكري الخارجي على بلاده إنطلاقاً من كولومبيا والبيرو اللتين ستلعبان نفس دور السعودية والإمارات في اليمن، وبقية السيناريو معروف تكرار أزمة اليمن وسوريا وليبيا.
ولا مجال للمقارنة بين أزمة فنزويلا واليمن، فالجيش الفنزويلي موحد العقيدة، والعدو أمريكا التي تنفذ انقلابا على الدولة والمؤسسات والشرعية والثورة، ولا يوجد هنا علي محسن الفنزويلي ولا هاشم الكاراكاسي ولا طارق اللاتيني ولا جواس وغيرهم الذين خانوا القسم العسكري وخانوا دستور الجمهورية اليمنية وتحالفوا مع أعداء الله الظالمين بالقرآن الكريم والوطنية والقومية والفطرة الإنسانية، وجيران السوء لفنزويلا لا يشبهون جيران السوء لليمن، فالأعراب أشد كفراً ونفاقاً.
فنزويلا منطقة مغلقة على دواعش التكفير الوهابي والإخواني السلفي، الأذرع المتوحشة في سفك الدم وإغتيال الأوطان وباسم الدين تماماً مثل التلمود والبروستانت، الذي يشكل 2 % في فنزويلا بينما 96 % من الشعب الفنزويلي ينتمون للمذهب المسيحي الكاثوليكي الذي ينتمي إليه الرئيس ما دورو والزعيم الراحل تشافيز الذي وصف نفسه بأنه “شخص مسيحي مؤمن” وقال إن “السيد المسيح يسوع عليه السلام جاء بقيم العدل والمساواة والسلام بينما أمريكا الشيطانية تهدد السلم والسلام في العالم”، والرئيس مادورو قال في خطابه الأخير بأنه “شخص مسيحي مؤمن بالرب ولديه ثقة بأن الرب سينصره”، وتلك صفة مميزة لليسار الإشتراكي الماركسي في أمريكا اللاتينية وفيتنام، على عكس اليسار العربي الذي أخلى الساحة تماماً لقوى تَدّعي أنها تمثل الإسلام فكانت الكارثة على اليسار والأوطان والإسلام والقيم والمبادئ والأخلاق، وعرب الجاهلية أكثر أخلاقاً وإنسانية من إسلام بن سعود وخلافة الإخوان في الحرب والسلم والهدنة.
فنزويلا الثورة البوليفارية لها حلفاء في كل العالم على عكس سوريا، فحلفاؤها أقل عدداً بينما اليمن لا شيء يُذكر، وإسرائيل تعترف بـ”الوكيل” والسعودية تتعهد بتعويض النقص من صادرات النفط الفنزويلي المحاصر أمريكياً، وهكذا أي نظام معادي لقوى الشر العالمي يتم حصاره ثم إسقاطه ونهب خيراته بعد تحريف الأديان وتزييف الوعي والثقافة وتزوير التاريخ من قبل إسرائيل وأمريكا وبني سعود الذين يعيشون في قلق دائم ومستمر بخطر زوالهم، فهم كيانات طارئة على الجغرافيا والدين والتاريخ إنهم حلف الباطل الذي يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، فالباطل يقول أنه “يعمل على استعادة الشرعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. الخ”.
وهل هناك شرعية وديمقراطية في إسرائيل وأمريكا والسعودية؟.. فالحجاز أصبحت السعودية نسبة إلى “سعود بن ماكرن” وبشرعية الوهابية، وفلسطين أصبحت إسرائيل نسبة إلى بني إسرائيل وبشرعية التلمود الصهيوني، والعالم الجديد أصبح أمريكا نسبة إلى الملاح البرتغالي “أمريكو فسبوتشي”، والسعودية أصبحت “ديمقراطية المنشار”، وإسرائيل تصف نفسها بأنها يهودية وعبرية في ديار العرب والمسلمين، وديمقراطية أمريكا مغلقة على حزبين فقط وتحرم الأحزاب اليسارية لأنها تناقض مبادئ الرأسمالية والإمبريالية، ففي زمن المحقق الأمريكي “مكارثي” قامت أمريكا المكارثية “1946 – 1956م” بزج المثقفين ورجال السياسة والعلماء في السجون الأمريكية بتهمة الاشتراكية والشيوعية ومنهم العالم الشهير “ألبرت أينشتاين”.
وقبل ذلك الرحالة الإسباني كولومبوس اكتشف العالم الجديد 1492م وأطلق عليه وطن الهنود الحمر، وبريطانيا بالغزو والاحتلال تحت إسم “نيو إنجلاند” والعرق الأوروبي الأبيض بالاستيطان وبشرعية البروستانت لهداية 200 مليون هندي أحمر كافر، يتم محو شعب الهنود الحمر واغتيال وطنهم بمسمى أمريكا 1507م، والعرق الأبيض يعلن الثورة والتحرير والاستقلال عن التاج البريطاني الملكي في عام 1776م بقيادة جورج واشنطن و13 ولاية توقع وثيقة الاستقلال باسم “الولايات المتحدة الأمريكية”.
وبعد خمسين عاماً من الاستقلال وفي عهد الرئيس الخامس “جيمس مونرو” قال فلاسفة الحكم لقد تجاوزنا الليبرالية والمبتغى الإمبريالية التوسعية حسب مبدأ “مونرو”، وكان غزو وضم ولاية فلوريدا الإسبانية، وفي عام 1836م حصلت تكساس على الاستقلال من بريطانيا وأعلنت قيام جمهورية تكساس وأمريكا تعترف بها، ولاحقاً تضمها بالقوة العسكرية في عام 1848م ثم اجتزاء ولاية “نيو مكسيكو” من المكسيك وضمها للاتحاد حتى أصبحت الولايات الأمريكية تضم 50 ولاية.
والشمال الأمريكي بالثروة والأغنياء والجنوب الأمريكي بالفقر والعبيد والرقيق، وكانت ولاية كارولينا الجنوبية أول ولاية تعلن الاستقلال عن الإتحاد ثم 11 ولاية جنوبية وكانت الحرب الأهلية الأمريكية، وبعد الحرب أصدر الرئيس الأمريكي “أبراهام لينكولن” قانون تحرير العبيد في ديسمبر 1865م، وكل رؤساء أمريكا من الشمال الغني باستثناء “جيمي كارتر” من الجنوب، وأمريكا تنتقل للإمبريالية التوسعية في العالم.
والقواعد العسكرية الأمريكية تطوق العالم وهناك 800 قاعدة عسكرية تنتشر في 164 دولة من أصل 200 دولة في العالم حسب مقال نشر مؤخراً في موقع “توم ديسباتش” الأمريكي نقلاً عن “ديفيد فاين” مؤلف كتاب “أُمة عسكرية”، والأمة العسكرية تعمل لصالح شركات النفط ومصانع الأسلحة العملاقة التي تسيطر على القرار السياسي والعسكري الأمريكي وهو ما يعرف بمفهوم “الدولة العميقة” في أمريكا، التي تحولت إلى أمريكا المخابرات والعمليات السرية حيث تم تأسيس وكالات المخابرات الأمريكية السبع في عهد الرئيس الأمريكي “هاري ترومان” عام 1945م الذي شرعن استعمال القنبلة الذرية في اليابان وشرعن صنع القنبلة الهيدروجينية وأسس حلف الناتو.
والمخابرات الأمريكية قامت بعملية “خليج الخنازير” لغزو كوبا من دون معرفة الرئيس الأمريكي “كنيدي” وعندما علم الرئيس الأمريكي كنيدي أقسم على تحطيم المخابرات الأمريكية إلى ألف قطعة ونثرها في الهواء فكان اغتياله في نوفمبر 1963م، وقامت امريكا بإسقاط الرئيس التشيلي “سلفادور الليندي” المنتخب من الشعب عام 1973م بانقلاب عسكري أدى إلى مصرع الرئيس المنتخب وتدمير مقر البرلمان التشيلي ومقتل الآلاف من المواطنين التشيليين والأوروبيين وحتى الأمريكيين في “إستاد الموت” وتنصيب الديكتاتور السفاح “بينوشيت” حاكماً عسكرياً لتشيلي، والأمثلة على الانقلابات العسكرية التي دبرتها المخابرات الأمريكية في كل قارات العالم لاتعدّ ولا تحصى والقائمة تطول وتطول ولا تنتهي بفنزويلا وإيران.
والباطل يقول إنه يمثل الإسلام والأديان، الإسلام في خطر، والإسلام هو التكفير الوهابي الإخواني السلفي، المجتمع كافر والدولة كافرة والوطنية صنم والقومية وثن، والإسلام التكفيري يعلن الجهاد في ديار الإسلام والمسلمين ويقتل العرب والمسلمين ولا يعلن الجهاد في فلسطين المحتلة ضد اليهود الصهاينة المحتلين للقدس الشريف والمسجد الأقصى، واليوم الإسلام الوهابي يتحالف مع المحتل الصهيوني ويستعد لإعلان الجهاد الوهابي ضد محور المقاومة وإيران الجمهورية الإسلامية.
ويقولون إن التلمود والصهيونية هي شريعة موسى عليه السلام، وشريعة موسى لا تحلل قتل شعب بأكمله من أجل سلالة بني إسرائيل اليهود، بل هي فتاوى حاخامات التلمود الصهيونية، حيث قال الحاخام عوفاديا للجيش الصهيوني “اقتل العرب على كيف كيفك”.
ويقولون أن البروستانت النصراني الإنجليزي تمثل شريعة عيسى عليه السلام، وشريعة عيسى لاتحلل قتل رهبان الكنائس الكاثوليكية التي تحرم تعدد الزوجات من أجل أن ينعم الملك الإنجليزي “هنري الثامن” بالزوجة الثانية بالمذهب البروستانتي النصراني الجديد الذي حلل قتل 200 مليون إنسان من الهنود الحمر من أجل الجنس الأبيض الأوروبي.
والوهابية والتلمود والبروستانت لايمثلون شرائع السماء الثلاث بل يمثلون مصالح الملوك الفاسدين والاستعمار والصهيونية والإمبريالية إسرائيل وأمريكا والسعودية.
وبعد مقتل الخاشقجي ظن البعض بأن ساعة ذبح البقرة العجوز حانت لتنتعش آمال وأحلام محور تركيا وقطر والإخوان لتقسيم ميراث البقرة الشمطاء. وفجأة حدث مالم يكن على البال والخاطر والحسبان فالآمال والأحلام تحولت لسراب بظهور وفد من الكنيسة الإنجيلية البروستانتية الأمريكية المتحالفة مع الصهيونية في الرياض ثم التوافق والإتفاق مع ابن الملك ولي العهد بأن العدو هو إيران الجمهورية الإسلامية، وسريعا الإعلام الصهيوني يصف ابن الملك بالزعيم العربي الذي تنتظره الصهيونية ليقود عملية التطبيع بين إسرائيل والعرب، وحسب تعبير نتنياهو بين إسرائيل والدول العربية السنية الوهابية.
وقنصل فرنسا في حلب وبعد ظهور الوهابية من نجد وصفها بأنها “بروستانت الشرق” الذي اتفق اليوم مع بروستانت الغرب، والصهيونية تبارك سريعا والضحية الوطن العربي والإسلامي، وليتراجع خبر مقتل الخاشقجي من المرتبة الأولى إلى المرتبة العاشرة ثم النسيان، والمهمة انتهت يامحور إخوان قطر وتركيا والدور ليس ببعيد على الأخ بشير السوداني بالتطبيع مقابل إيقاف المظاهرات المفتعلة بالأزمات الاقتصادية، وكل رؤساء أمريكا من المذهب البروستانتي باستثناء الرئيس “جون كنيدي”.
والباطل يقول بأنه يحارب الإرهاب الإسلامي المتطرف والإسلام السياسي… ولا إرهاب في الإسلام بل تكفير وهابي الذي إزداد وانتشر وبمسميات متعددة بفعل “محاربة أمريكا والسعودية للإرهاب”، وبعد 17 سنة من “محاربة الإرهاب” في أفغانستان ها هي أمريكا تفاوض الإرهاب في الإمارات وقطر وتوقع مسودة اتفاق مع طالبان مقابل انسحاب أمريكا وبشرط عدم السماح بتواجد “داعش” و”القاعدة” في أفغانستان، وطالبان هي من إخوات “القاعدة” و”داعش” ومن أبناء الوهابية وإخوان الظواهري، والهدف قد يكون خلق بيئة خصبة متجددة للتكفير في أفغانستان على حدود إيران الشرقية.
ويقاتلونكم من وراء جدر وقرى محصنة وتحالفات ومحاور عسكرية، فإسرائيل والسعودية وأمريكا هي الكيانات الثلاثة في العالم لاتشن حروباً منفردة بل بالتحالفات وتشيد وتبني جدرا إسمنتية وإلكترونية لحمايتها من الشعب الفلسطيني واليمني والمكسيكي واللاتيني.
هاجس أمني مرعب لحلف الباطل الثلاثي الذي يعيش أزمة حقيقية وجودية ويفتعل الأزمات لقوى الخير والحق ظنا منه بأنه يجدد دورة حياته الطارئة والمتطفلة.
واليمن هو اليمن على مر الزمان والعصور، والحجاز سيستعيد هويته وكذلك فلسطين، ولا نعرف ماذا كان اسم وطن الهنود الحمر.. شعوب اصيلة وأوطان عريقة مقابل كيانات طارئة ومتطفلة مدججة بالمال والإعلام والسلاح و”الشرعية الدولية” والتحريف والتزوير والتزييف هو من صفاتها وسماتها وشغلها الشاغل وحتما الزوال من نصيبها.
اليوم الأمريكي يحمل عصاه ويرحل من سوريا وأفغانستان ولاحقا العراق والشرق الأوسط ويترك وراءه فراغاً عسكرياً في المنطقة مشابه للفراغ الذي تركه الاستعمار البريطاني بعد هزيمة حرب قناة السويس 1956م، وحينها أمريكا ملأت الفراغ لحماية الكيان السعودي والإسرائيلي بضرب حركات التحرر والمقاومة والأنظمة الوطنية والثورية حسب مبدأ “إيزنهاور” بعد موافقة الملك السعودي “عبدالعزيز بن سعود” على فتح أراضي الحرمين الشريفين والموانئ والبحار للقواعد العسكرية الأمريكية في لقاء جمعه مع الرئيس الأمريكي “روزفلت” في البحيرات المرة لقناة السويس عام 1944م.
والباطل في حالة رعب وذعر، والملك السعودي فيصل وفي رسالته للرئيس الأمريكي “جونسون” قال “مالم تدعم أمريكا إسرائيل في الحرب على مصر وسوريا لوقف المد الثوري العربي فإنه لن يكون هناك أي وجود للسعودية وأمريكا في المنطقة بحلول عام 1970م” وكان العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا في يونيو 1967م، والمشروع القومي العربي الثوري يهتز ويترنح ويسقط في الكنيست الصهيوني باعتراف مصر بإسرائيل في مارس 1979م.
اليوم أمريكا تُهزم في المنطقة والفراغ العسكري يعود مجددا للواجهة والباطل في حالة رعب وخوف من المشروع الإسلامي الثوري التحرري، والصهيوني “كيسينجر” يقول أن التطبيع والتحالف العسكري بين السعودية وإسرائيل هو من سيملأ الفراغ العسكري بالتحالف مع أعراب التطبيع ودول من أمريكا الجنوبية وأفريقيا، وهو التحالف المتوقع إعلانه في وارسلو بولندا في فبراير 2019م، التحالف الإستراتيجي لمواجهة محور المقاومة وإيران التي ستُحاصر من الشرق بدواعش طالبان واخواتها ومن الغرب بتحالف إسرائيل والسعودية، وليتفرغ ترامب أمريكا للأنظمة الثورية في أمريكا اللاتينية كوبا وبوليفيا ونيكاراجوا وفنزويلا وفق مخطط أمريكي لإعادة تشكيل أمريكا اللاتينية وضعه “جون بولتون” كما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الصادرة 31 يناير 2019م.
وفنزويلا تحوي أكبر مخزون نفطي في العالم، وترامب يهدد بالغزو العسكري، والثورة البوليفارية ثابتة ومستعدة للدفاع عن الثورة والدستور والوطن، وفنزويلا تحررت من الاستعمار الإسباني في عام 1918م بقيادة الزعيم “سيمون بوليفار” وحينها كانت فرق عسكرية أمريكية تقاتل إلى جانب الاستعمار الإسباني، وحينها قال بوليفار أن أمريكا الإمبريالية تريد لبلاده الفقر والبؤس والحرمان وانتصرت الثورة البوليفارية التي جددها الزعيم الراحل “هوجو تشافيز” نصير الفقراء والمظلومين والقضية الفلسطينية. وقال تشافيز وهو على منصة الأمم المتحدة “من هنا مر ظل الشيطان” يقصد بذلك الرئيس “جورج بوش” الابن، والإمام الخميني قال بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر، والشيطان يتأهب للانقضاض على فنزويلا ثم نيكاراجوا، والتحالف الإستراتيجي للانقضاض على إيران.
والأمم المتحدة تقول في تقريرها في منتدى دافوس الاقتصادي الاخير أن هناك بوادر أزمة اقتصادية عالمية مشابهة للأزمة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، ليبدو المشهد السياسي والاقتصادي وافتعال الازمات ما هو إلا مقدمة لحرب عالمية قادمة تكفل للكيانات الثلاثة التوسع واغتيال الأوطان.. الخ، خاصة مع عجز الأمم المتحدة المشابه لعجز عصبة الأمم المتحدة عن حل النزاعات بين الدول قبل الحرب العالمية الثانية.
لكن أمريكا اليوم منقسمة على نفسها ولا تشبه ألمانيا هتلر ولا إيطاليا موسوليني، وإسرائيل مهتزة من الداخل ومحيط المقاومة ولا تشبه اليابان قبل الحرب العالمية الثانية، والسعودية في أسوأ حالاتها من تاريخ الصناعة الإنجليزية في الداخل والمحيط والإقليم والعالم، والتطبيع مع إسرائيل ستكون له نتائج عكسية لا يتوقعها الصهيوني والأمريكي إن شاء الله تعالى على الكيان السعودي ثم الصهيوني ثم الأمريكي، الكيانات الطارئة على الدين والجغرافيا والتاريخ، وهناك من يقول بأن الحرب العالمية القادمة لن تكون بجيوش كلاسيكية مثل الحرب الأولى والثانية بل بالسلاح النووي الغادر من إسرائيل وأمريكا، وفرض الإستسلام على قوى الخير والحق والفطرة الإنسانية في العالم ثم سيادة الباطل سيادة تامة على الحق.
والسكرة طارت ولم تأت الفكرة ولن تأتي، والنشوة ستذهب أدراج عواصف الحزن والاكتئاب والهلوسة والجلطات الدماغية والقلبية، فالسيد حسن نصر الله -حماه الله- قال على نتنياهو أن يحذر من استمرار العدوان على سوريا وجر المنطقة الى المواجهة الكبرى، وادخلوها بسلام آمنين، والسيد عبدالملك الحوثي -حماه الله ونصره- قال أن هذا العام هو عام الطيران المسير، والأمين العام للأمن القومي الإيراني قال إن الصواريخ الدقيقة أصبحت لدى المقاومة الإسلامية في لبنان وغزة، والبوارج الإيرانية تتجه نحو شواطئ فنزويلا، ومادورو قال إن فنزويلا ستكون فيتنام ثانية والعالم على كف الشيطان وقرن الشيطان والصهيونية مثلث الشر العالمي، وسقوط أحد أضلاع المثلث سينتهي إلى سقوط الضلعين الآخرين بالمنطق الرياضي والسياسي والعسكري، وربما نشهد سيناريو مختلفا ومن داخل المثلث يطيح بالزوايا.
وكانت ولاية جنوب كارولينا هي أول ولاية تعلن الانفصال في عام 1861م عن أمريكا الفيدرالية ثم تبعتها 11 ولاية وكانت الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال الغني والجنوب الفقير، وهناك ثراء فاحش لشركات النفط وصناعة الأسلحة يقابله إفلاس لشركات الصناعات التقليدية، فالمصانع أفلست والعمال للتسريح ولصالح المنتجات الصينية المنافسة، ومالم تحققه كارولينا الجنوبية قد تحققه كاليفورنيا ثم تفكك كيان أمريكا الإمبريالية والمخابرات والأزمات الاقتصادية القاتلة للشعوب وبزوالها تزول السعودية وإسرائيل والعكس صحيح، حيث قال ترامب “لولا السعودية لانتهت إسرائيل”، والعرش السعودي الوهابي يهتز ويترنح على وقع مقتل خاشقجي، والكنيسة الإنجيلية البروستانتية والصهيونية التلمودية تثبتان العرش السعودي بوصفة التطبيع والتحالف الإستراتيجي كما يزعمون.
أضلاع المثلث تعيش أزمة حقيقية وجودية تُنذر بالزوال بوجود محور المقاومة الصامد وجفاف ضروع البقرة الحلوب، ويُراد تجديد دورة حياة الكيانات واستمرارها في الوجود بافتعال مختلف الازمات والسيطرة على ضروع النفط الفنزويلي واليمني الواعد إلى آخر السيناريو، والسحر حتما سينقلب على الساحر.. الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام.

قد يعجبك ايضا