وجهة نظر

المبدع .. بين مبادرة الصناعة وهروب الشباب

 

حسن الوريث

أطلقت وزارة الصناعة والتجارة برنامج رواد الأعمال والابتكار والمسابقة الوطنية لرواد المشاريع الابتكارية ،ودعت إلى المشاركة في هذه المسابقة بمشاريع مبتكرة وناجحة وجديدة أو تم تطويرها وذات جدوى اقتصادية وقابلة للتطبيق لاختيار عشرة فائزين لأفضل عشرة مشاريع ابتكارية قابلة للتطبيق وفق جدوى اقتصادية ومستدامة، كما سيتم تنظيم معرض لكافة المشاركين لعرض اختراعاتهم وابتكاراتهم والبحث عن تمويل لتبني هذه الاختراعات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :هل لوزارة الشباب والرياضة دور في هذا الأمر؟ وهل يمكن أن تعمل الوزارة على الاستفادة من تجربة وزارة الصناعة والتجارة في تشجيع الشباب اليمنيين المبدعين الذين بالتأكيد يمتلكون قدرات وإمكانيات عالية لكنهم ضاعوا في زحمة انشغال المسؤولين بأنفسهم وتسوية أوضاعهم ،بينما الشباب المبدع في قارعة الطريق البعض منهم يبحث عن جهة ترعاه فلا يجد والبعض منهم لا يستطيع حتى الاقتراب من باب الوزارة التي تغلق أبوابها في وجوههم والكثير من الشباب المبدع ذهب إلى سلة المهملات، بينما القليل منهم هاجر إلى بلدان أخرى ولعل ما نسمعه بين الحين والآخر عن أولئك الشباب المهاجرين وإبداعاتهم دليل على ما يمتلكه الإنسان اليمني من قدرات تؤهله لأن يكون في مقدمة الصفوف.
بالتأكيد أن المبدع في كل بلدان العالم يحظى بالتقدير والاحترام والأولوية في كل شيء ما عدى في اليمن، فالمبدع يذهب إلى سلة المهملات ولا يحظى بأي تقدير أو احترام والأمثلة على ذلك كثيرة ويعرفها الجميع، وبالطبع كلنا نسمع عن جوائز الدولة للشباب التي يفترض أن يكون ضمن برامجها الاهتمام بالشباب المبدعين في كافة المجالات لكننا نسمع فقط عن احتفالات بالجائزة يكون الوجه الأبرز فيها هو المسؤول الذي يحضر الفعالية، أما المبدعون فهم في الصف الأخير وبمجرد انتهاء فعالية الاحتفال كل شخص يعود إلى منزله وينتهي كل شيء.
هل تعرفون أن اليمن تفتقد إلى وجود مركز للبحث العلمي أو مركز تأهيل للمبدعين لاستقبالهم ورعايتهم الرعاية الكاملة وتوفير سبل العيش الكريم لكل من يرتاد هذه المراكز لتجعلهم يتفرغون للإبداع وخدمة الوطن ،فهل فكر أي مسؤول في أي وزارة من وزارات الحكومة أن يتقدم بمشروع لإنشاء مراكز للمبدعين ومراكز للبحث العلمي؟ أشك في ذلك؛ أتعرفون لماذا؟ لأنه لا يوجد في اليمن مركز بحث علمي واحد ولا يوجد أي مركز للمبدعين وعليكم بالبحث والتحري بدءاً من جامعة صنعاء وصولاً إلى مراكز وزارة الشباب الوهمية للعلوم.
وبالطبع فإن ذلك جعل كثير من المبدعين الذي يمتلئ بهم هذا الوطن يضيعون في الزحمة، فالمبدع يضيع وغيره من أنصاف المتعلمين يجد الفرصة الكافية بل وأحيانا تجعل منه المتحكم في الأمور وكنا سمعنا زمان وزمان وزمان عن قرار للحكومة يعطي الأولوية في التوظيف والعمل للفائزين بجوائز الدولة للشباب وتفاءلنا خيرا بأن يأخذ كل ذي حق حقه، ولكن هذا القرار ضاع كغيره من مئات القرارات السابقة وأصبح في طي الإهمال بل أن بعضها يضيع عند مختص في وزارة أو جهة لسبب أو لآخر.
التساؤلات التي تطرح نفسها هنا دائماً : هل نملك أن نقول لبقية الشباب أن يبدعوا وهم يعلمون أن مصيرهم سيكون كسابقيهم إلى سلة المهملات وأن أحدا لن ينظر إلى إبداعهم فلا مراكز علمية للبحث العلمي يمكن أن يلتحقوا بها ولا وزارات مختصة تحتضنهم وترعاهم ولا ثمة ما يشجعهم على مواصلة الإبداع لخدمة الوطن الذي هو بحاجة الجميع؟ وهل يمكن أن تكون مبادرة وزارة الصناعة والتجارة خطوة في الطريق الصحيح وأن تقتدي بها وزارة الشباب والرياضة ويكون هناك تعاون بين الوزارتين لإنشاء مراكز لرعاية الشباب المخترعين والمبدعين، أم أن هذه المبادرة ستظل وحيدة وتظل وزارة الشباب والرياضة كعادتها هي الوزارة الهاربة دوماً من دعم الشباب ورعايتهم؟.
شكر وتقدير..
من هنا نسجل رسالة شكر وتقدير لوزارة الصناعة والتجارة على مبادرتها ونتمنى الاستمرار فيها باعتبارها خطوة أولى في طريق طويل وأن تواصل الطريق في البحث عن جهات لتمويل ابتكارات الشباب واختراعاتهم والأخذ بيدهم وخاصة في مثل هذه الظروف الصعبة من العدوان والحصار والتي تستدعي أن نشجع الشباب والمبدعين ،فالوطن بحاجتهم ولعل الصناعة بمبادرتها هذه تفتح آفاق بقية الجهات والوزارات للسير في الطريق الصحيح والتفكير في تأسيس مركز علمي حقيقي يكون ملتقى للمبدعين.

قد يعجبك ايضا