الصماد.. رمز الحرية وعبقرية الانتصار

مطهر يحيى شرف الدين
قبل استشهاده كتب عنه الكُتاب وتحدثوا وأشاروا إليه بالبنان وكنتُ ممن كتبوا و أثنوا وأشادوا، ويعلم غيري أن ثمة دافعاً ما جعل القلب يتأمل قبل أن تتحدث النفس وجعل اللسان يتكلم قبل أن يكتب القلم ولمن يعرف أو لا يعرف قدر شخصية الصماد القيادية الفذة التي فاضت عشقاً ووداً لهذا الوطن ولأبنائه كان من الطبيعي لكل مدرك لحجم وثقل تلك الشخصية أن يتحدث إن لم يكتب ويشر إن لم يتحدث ويتأمل إن لم يشر، إلى مناقبه وتحركاته وجهاده ضد الباطل وتعامله الاستثنائي مع الآخرين.
الرئيس الشهيد صالح الصماد كان شعلةً من القيم والأخلاق وثورة من الصمود والنضال وعزيمة لا تلين ونشاطاً وتحركاً لا يتوقف وإقداماً لا يعرف التردد طريقاً إليه، مبادرٌ ومصلح لحلِ المعضلات والخلافاتٍ في المجتمع، بذل الدم والجوارح والروح من أجل عزة وكرامة وسيادة واستقلال الوطن، كان هامة وطنية شامخة تتمتع بثقة في النفس وطمأنينة في الذات بأن ثمة قضية عادلة ومبدأ عظيم تستحق أن تبذل من أجلها الحياة وأن تقدم النفس رخيصة في سبيل الله وفي سبيل أن يحيا الشعب اليمني الكريم حراً عزيزاً بعيداً عن وصاية الدول الأجنبية الطامعة في ثروات وخيرات اليمن والساعية لسلب القرار الوطني المنتهكة لسيادته وكرامته.
سمعناه صادقاً جاداً مخلصاً حكيماً حليماً، وذو رأي ثاقب، رأيناه عقلاً راجحاً يدرك تماماً حجم المسؤولية الدينية والوطنية الملقاة على عاتقه، ازددنا يقيناً بأن الشهيد الصماد كان منبراً حراً مناهضاً لمحور الشر والطغيان وحصناً منيعاَ تحطمت عليه مؤامرات الكفر والعدوان، امتلأت قلوبنا اطمئناناً وسكينةً حين رأيناه مبارزاً عسكرياً صلباً وترسانة إعلامية وثقافية لا تقهر، سمعناه لساناً رطباً بذكر الله يلهج ذكراً ويقول درراً ويضوعُ مسكاً.
شعرنا بالكبرياء والعزة حين شاهدناه متكلماً بليغاً فصيحاً عالماً بكتاب الله ومهتماً ومتعمقاً في مضامينه ودلالاته، شعرنا بالفخر والعظمة حين لمسنا حضوره متميزاً ومؤثراً في ساحات القتال أذهل الصديق والعدو وقد رأينا فيه رباطة الجأش وعلو الهمة ورحابة الصدر ورجاحة العقل وقوة الحجة والمنطق، شعرنا بالقوة والشجاعة وابتعد منا الخوف والجبن حين رأيناه فارساً يصول ويجول في السهل والجبل في البحر والصحراء مع المجاهدين والمرابطين الذين قهروا طغاة العالم الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد
شعرنا بالعلو والرفعة والكبرياء ونحن نراه قيماً وفضائلَ وجدناها ولمسناها في رجلٍ يندر أن يأتي الزمان بمثلهٍ وأصبحنا نفاخر ونباهي به أولئك المفسدين في الأرض الذين اغتالوه ظناً منهم أنهم سيكسرون إرادة شعب أو يهزمون ثبات مبدأ أو ينالون من عدالة قضية شعب استلهم السلوك المحمدي الملائكي الطاهر من رئيسٍ استثنائي قلّ أن يوجد له نظير في هذا العالم وقد حفر في قلوب شعبه حب وعشق هذه الأرض الطيبة وولاءاً صادقاً لدين الله وللوطن وتمسكاً واعتصاماً بحبل الله المتين.
رحمك الله أيها الرئيس الشهيد يا من تركت فينا أثراً لا يمحى وبصمةً محفورةً خالدة في ذاكرة التاريخ ورسماً لن يتبدل أو يتغير وطيفاً باقياً على أطلالٍ صوتك الرنان وحديثك الذي لا يُمل ومحياك المضيء وطلعتك البهيّة، فرضوان الله عليك يا من تركت دنيا فانية ومتاعاً زائلاً وجاهاً لا يساوي موقفاً بطولياً أمام شرٍ محدق وظلمٍ جائر وطاغوتٍ متسلط.
فسلام الله عليك يا من صدقت مع الله ورسوله فنصرت دين الله وانتصرت للقيم وللحق المبين يا من أحببت السلام فاغتالتك أيادي أدعياء السلام يا من كنت أمين هذه الأمة ومجدها و فخر الأجيال المتعاقبة التي ستقرأ عنك عبقرية الانتصار وعنوانُ الثورة ورمزُ الحرية وشعار السيادةٍ والاستقلال، فهنيئاً لأهل السماء بمقدمك إليهم وقد حزت أعلى مقاماً وأعظم شأناً ومنزلة وقد رأيناك أسداً هصوراً رأت فيك جميع الزعامات والشعوب الجهاد الأعظم وسمعت منك كلماتُ حقٍ أمام سلاطين الظلم والجور والطغيان، فنم قرير العين أيها السيف اليماني يا من اهتزت بجهادك وثقافتك القرآنية عروش الطغاة فتحطمت أحلامهم ومؤامراتهم أمام بأس وقوة أنصار الله ورسوله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، قال تعالى: “ولينصرن الله من ينصره إن الله لقويٌ عزيز”.

قد يعجبك ايضا