الرئيس الشهيد الصماد.. خلود يتجدد في ذاكرة الشعب والوطن

 

أمين النهمي

عشرون شهرا تقريبا أدار فيها الشهيد الرئيس قيادة البلاد في ظل ظروف استثنائية قاهرة وتحديات كبيرة … رجل استثنائي قاد السفينة بكل اقتدار رغم كل الصعوبات والأخطار فكان بحق رجل المرحلة…كانت همومه بحجم الأمة وآلامه وآماله بحجم الوطن بكل ما يعانيه وما يرنو إليه.
أبا الفضل الصماد “أمّة” قائمة بحد ذاته تمثلت فيه كل ملامح القائد العظيم لشعبه ورجاله في أحلك الظروف والإنسان الذي هو بهم وعليهم مخلص رؤوف، فقد كان سلام الله عليه رجلا مؤمنا مجاهدا خطيبا بليغا فقيها سياسيا حكيما سعى بكل ما أمكن إلى تضميد الجراح وتوحيد الجبهة الداخلية وهذا متفق عليه من قبل كل الفرقاء أن الرئيس الشهيد كان مهندس الاتفاقات وكان رضوان الله عليه يحظى بالاحترام والتقدير من كافة الفرقاء السياسيين والقوى الوطنية الذين يحفظون له جهوده العظيمة في توحيد صف الجبهة الداخلية ونبذ كل الخلافات، وقد كان رجلا اجتماعيا له شبكة واسعة من العلاقات انجذب إلى فصاحة بيانه وحجة لسانه ورجاحة عقله وسعة صدره وحبه وإخلاصه لكل أبناء وطنه الجميع فلم يميز أو يفرق بين أحد بل كان رئيساً لكل اليمنيين وكان وبكل فخر رجل دين ودولة وقول وفعل يعمل الليل والنهار لا يفتر ولا يتذمر ولا ينتظر لأحد ولا يلتفت لمتخاذل ولا مقصر لكنه يبذل جهده في النصح والإرشاد والتبيين، يسعى في كل الميادين والجهات ويتواجد في كل الأماكن والجبهات، لم ير نفسه إلا جنديا من جنود الوطن، وعلى الرغم من أنه من أعظم المجاهدين وفارس في مقدمة صفوف جند الله الميامين ورغم زياراته الدائمة والمتكررة لجبهات العزة والكرامة وعلى الرغم من كل مسؤولياته ومهامه العظيمة ومشاغله الكبيرة الكثيرة وحضوره في كل الدورات التدريبية العسكرية إلا أنه كان يغبط المجاهدين في جبهات القتال ومواقع البطولة والنزال على مكانتهم وتضحياتهم ويستشعر في خلجات نفسه المتيمة الولهة بساحات العزة والكرامة أنها المكان الأنسب له وأن تلك الفيافي والجبال والسهول والقفار تبادله ذات العشق وذات المحبة والشوق، فهو رجل مؤمن مجاهد بالدرجة الأولى أقصى غاياته وآماله هي الشهادة وهي أعلى الرتب بل وكل الرتب التي حلم بها طيلة حياته، وسعى إليها بكل جوارحه، فلا كرسي رئاسة قد يغريه عنها ولا مناصب الدنيا قد تغيره أو تنسيه معشوقته وأغلى أمانيه..
الشهيد الرئيس كان عظيما في تخطيطه وأهدافه وكل توجهاته، عين له على الجبهات وتطوير الصناعات العسكرية بمختلف الانجازات, وأخرى على حياة المواطنين ومؤسسات الدولة وتوفير الفرص وبناء الحياة رغم العدوان الكوني, وكل ما تعانيه اليمن من الويلات..لم يوفر جهدا في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض والحرمات وصون مختلف المناطق خاصة الساحلية منها لعلمه بخطورة المعركة هناك وأهميتها كي لا تسقط بأيدي المحتلين والغزاة وفي ذات الوقت لم يغب عنه للحظة تحرير المناطق الواقعة تحت احتلال المجرمين والطغاة….قال عنه سيد المقاومة السيد حسن نصر الله “كان حاضرا دائما في الساحات وقدم نموذجا رائعا للقائد الشجاع والمتواضع والسند الكبير للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، فلا يمكن هزيمة شعب يتسابق قادته وأفراده إلى الشهادة”.
ورغم الفترة الزمنية القصيرة التي تولى فيها الرئيس الشهيد قيادة البلاد، فقد وحّدَ اليمنيين على قلب رجل واحد لمواجهة العدوان بكل الوسائل والإمكانات، وشهدت المؤسسة العسكرية في عهده نقلة نوعية كبيرة، وتقدما ملحوظا، وانجازات عظيمة ومفاجئة في التصنيع الحربي، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر الطائرات المسيّرة، والمنظومات البالستية المتعددة والمتنوعة، والتي كان لها عظيم الأثر في تغيير معادلة المواجهة وموازين القتال، وانتقال اليمن من معركة الردع إلى كسر العظم، ومن الضربات البالستية الآحادية إلى دفعات.
كثيرة هي المعارك التي خاضها الشهيد الرئيس صالح الصماد، والتي سطر في أتونها أسمى آيات البطولة والفداء والاستبسال والإخلاص والتفاني الذي قل له نظير، فلم تفتر يوما همته، ولم تتزحزح ثقته، ولم تخب عزيمته، ولم تنكسر إرادته، ولم يفت الدهر بنوائبه وتقلباته عضد ثباته، بل كان ينتقل من معركة إلى أخرى أقوى إيمانا وأنقى يقينا وأشد بأسا وأصلب شكيمة، فظل يرتقي حتى بلغ الغاية الأسمى والمنحة العظمى شهيدا مجيدا سعيدا خالدا.
منذُ تحمله مسؤولية البلاد، ظل فخامة الرئيس الشهيد صالح الصماد كابوساً يقض مضاجع العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، وجعلهم يعيشون في حالة هستيرية وقلق دائم؛ من خلال خطاباته القوية وأفعاله الصادقة التي ترجمها ميدانيا في جبهات العز وميادين الكرامة، والتي كان لها الأثر القوي والفاعل في إلحاق الهزائم والخسائر في صفوف العدوان، ورفع معنويات المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبية.
لقد كان من أولويات الشهيد الرئيس الصماد تفويت أي فرصة تتيح للعدوان السعودي وتحالفه الانقضاض على أمن واستقرار العاصمة صنعاء ومن هذا المنطلق وجه الأجهزة الأمنية بأن تواصل جهودها لتعزيز الأمن والاستقرار والتعامل بجدية مع كل من يحاول زعزعة الأمن مع إتاحة الفرصة للوساطات التي قدمت مبادراتها من القيادات الوطنية لاحتواء الموقف جراء الأحداث التي شهدتها المنطقة الجنوبية من العاصمة صنعاء” والتي اشعلتها أيادي الفتنة وبعد ان تم التعامل معها وإنهاء مخططاتها وافشالها أصدر الرئيس الصماد بشأن أحداث فتنة الثاني من ديسمبر 2017م قرار العفو رقم (132) في الـ21 من ديسمبر 2017م عن المشاركين في الفتنة وتوج ذلك القرار بإجراءات تنفيذية على الواقع حيث تم خلال الفترة 24ديسمبر 2017م- 3مارس 2018م الإفراج عن أكثر من 780 مدنيا و800 عسكري في عمليات متتالية ومتفاوتة, فكانت المسؤولية كبيرة وعملية إعادة تطبيع الأوضاع صعبة للغاية لكنها توجت بجهود الشهيد الرئيس الصماد الذي وجه ايضا في مطلع يناير الماضي القيادات العسكرية والأمنية والقضائية والسلطات المحلية باستكمال إجراءات إطلاق من شملهم قرار العفو وأن يتم تجهيز القوائم وتسليمها إلى أعضاء مجلس النواب والمحافظين بما يكفل الإفراج عن كل من شملهم قرار العفو وبالفعل تم تنفيذ هذه التوجيهات.
بهذا القرار التاريخي عزز الشهيد الرئيس الصماد قوة وصلابة الجبهة الداخلية وافشل مخططات العدوان الرامية لاختراق الجبهة الداخلية وزعزعة الأمن والاستقرار، وحينها أكد بالقول ”صحيح أن الأحداث تركت جراحاً عميقة لكننا أمام وضع صعب جدا واستثنائي، يجب تجاوزه جراء استمرار العدوان والحصار الذي طال كل مقومات الحياة ولم يستثن من الإبادة والتدمير منطقة ولا مواطناً، فضلا عن أن فضيلة التصالح والتسامح سمة إسلامية جليلة حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف دين الإخاء والمحبة الذي آخى بين المهاجرين والأنصار“..
عندما رفع الشهيد الصماد شعار (يد تحمي ويد تبني)، كان يعرف ان مشروعه هذا ليس سهلا ًوان الطريق امامه ليس معبداً، وان هذا المشروع سيلاقي عراقيل وصعوبات داخلية وخارجية وان قوى العدوان لن تسمح ببناء الدولة اليمنية القوية دولة المؤسسات والقانون، ولكنه تحدى العدوان ومرتزقته وغامر بنفسه وقرر خوض غمار معركة البناء.
الشّهيد الصّماد كان بمشروعه الذي حمله في شعار: ” يد تبني و يد تحمي” يرى يمنا مستقلا حرّا عزيزا غير مرتهن لأيّ دولة، وغير مستعبد من غيره ..كان يسعى حثيثا لضرب العدوان ضربة قاصمة يحمي فيها الوطن ويبنيه بعد أن أحاطته يدان وكفّان تكمل إحداهما الأخرى بل و لا تكتمل إحداهما إلا بتوأمها.
ثلاثة مقومات رئيسية أعتمد عليها الشهيد الرئيس في تثبيت مشروع بناء الدولة، تمثلت في الاستقلال والخروج من التبعية التي أضرت اليمن طوال العقود الماضية، والمصالحة والاستقرار السياسي من خلال تعزيز الشراكة في إدارة الدولة وثالثا الاعتماد على الذات في تقوية مؤسسات الدولة بمختلف قطاعاتها.
مشروع الرئيس الصماد نابع من الإحساس العميق بالمسؤولية تجاه الوطن لا ينفك عن العمل الدؤوب لرفع مستواه .. مشروع له دلالات عميقة وصادقة تهدف لتحسين مستوى المعيشة مما هو عليه جراء حرب عبثية اقتات فيه الأخضر واليابس ..والشهيد الصماد كان مخلصاً وصادقاً في نواياه تجاه الوطن حيث أنه لم يتوانى عن استخدام شتى الطرق لتك الأهداف السامية التي خط بها سيره منذ بداية مشواره بعد اعتلائه كرسي السلطة والذي لم يكن قط يطمح له او يحلم باعتلائه لأنه يعلم حجم المسؤولية التي تقع على عاتق معتلي كرسي الرئاسة لكن القيادة الحكيمة منذ البداية عرفت انه الشخص المناسب في المكان المناسب ،ولكم هو مشواره في فترة توليه متميز عن دونه من الحكام لأنه تفرد بميزات ندرت في هذا العصر، فاجتهاده واخلاصه وزهده وورعه صفات هيئته لتجعل منه رئيساً متميزاً ورئيساً يستحق بجدارة لقلب حامي الشعب، ولم يكن مشروعه تحت شعار “يد تحمي ويد تبني” سوى انعكاس لروحه الطاهرة وسيرته السوية واتقان واخلاص العمل، لم تغره يوما شهوة المال والسلطة وهذا ما تبين من خلال ما خلفه من مواقف وخطابات وكلمات نفذت بشفافيتها لأعماق جهموره ،كان يقول: “ان يمسح التراب من نعل مجاهد اشرف من كل مناصب الدنيا”، فأي تواضع هذا ابهرنا واي زكاء ،وكان يقول “عندما استشهد اولادي سيعودون لمسقط رأسهم لأنه لا بيت يمتلكون”، تعجز الكلمات عن وصف هذه العبارة الصادقة والتي عكست مدى نزاهته ومدى زهده في هذه الحياة، ومواقفه أكبر من أن تحكى او توصف ..

قد يعجبك ايضا