خاطرة في الذكرى الأولى لرئيس الشهداء سلام الله عليه

 

  • كتب فخامة الرئيس/ مهدي محمد المشاط

أمام مسيرة شعب عظيم – يعتز بدينه وإنسانيته ، ويتمسك بحريته واستقلاله ، وإزاء ثورة خالدة حملت بوادر الخير والأمل وقررت الخلاص والانعتاق من كل صيغ الارتهان والتبعية ، والوقوف على خط التصدي لكل أشكال وأدوات الوصاية والهيمنة الخارجية – كان لابد لمشاريع الاستكبار والهيمنة أن تثور ثائرتها وأن تحشد كل طاقاتها ومقدراتها وكل أدواتها وقواها الظلامية للقضاء على آمال وتطلعات اليمنيين الكرام ، وإعاقة وتعطيل حقهم الطبيعي والمشروع في بناء دولتهم المدنية العادلة والقوية ، وهو ما يتجسد في وحشية وضراوة هذه الحرب العدوانية الشاملة التي يواجهها شعبنا اليمني العظيم للعام الخامس على التوالي .
وأمام هذا العدوان البغيض شكلاً ومضموناً وهدفاً وسلوكاً ووسيلةً وأدوات وتكوينات كان لزاماً على هذه الأرض الطيبة أن تُخرج أثقالها ، وأن تستنفر أباة الضيم من أبنائها انتصاراً للأوجاع في صدور الثكالى ، وللدموع في عيون اليتامى ، وللحياة الكريمة في مستقبل الأجيال ، جهاداً في سبيل الله وذوداً عن الدين والمستضعفين ، ودفاعاً عن قضية عادلة ، وشعب كريم مظلوم ، وعرض مصون يراد له أن يهون .
وفي خضم الملحمة التاريخية من الجهاد والعطاء والصمود سارت القوافل بأكرم ما فينا من الإخوة والرفاق ، وبأعظم ما أنجبته هذه الأرض من الرجال – شهداء كرماء – في مواكب من نور عبرت وعطرت تراب الوطن الغالي على امتداد رقعته الفسيحة ، ومختلف مناطقه ومكوناته العزيزة .
وكان في طليعة هؤلاء العظماء ولاريب ذلك الأخ العزيز والمجاهد النموذج الرئيس الشهيد / صالح بن علي الصماد الذي نحيي اليوم ذكراه الأولى بعد ثلاثمائة وستين يوما مرت كان سلام الله عليه في كل ساعاتها هو الغائب الحاضر، والملهم الثائر ، والمجد المتجدد ، والذكر الجميل ، والثورة المتعاظمة ، وسيبقى رحمه الله يسافر عبر الأجيال إسماً مشرفاً ، وروحاً ملهمةً ، وقائداً فذاً ينبض بالكرامة والشموخ وبقيم الخير والسلام وحياة المبادئ ، مثلما سيبقى مشروعاً خالداً يجسد عظمة القرآن الكريم ، ويشهد بحكمة وإيمان اليمن الميمون ، وينشر على النفوس جمال الحق ، و نسيم الحرية ، وعطر الشهادة ، وعشق الأرض ، وحب الوطن .
نعم لقد مر عام كامل كان كل يوم فيه شاهداً جديداَ وإضافياً على عظمة التوفيق الإلهي لهذا الشهيد الكبير ، وعلى عظمة رجال الدولة حينما ينحازون لبلدهم ، ويضعون دينهم ووطنهم وشعبهم فوق أنفسهم وفوق مناصبهم ومصالحهم ، ليصبحوا بالفعل روافد من العطاء المستدام ، ونماذج مضيئة يحتضنها الشعب بحب ، ويستقبلها التاريخ بفخر، ولعل هذا هو أهم مايجب أن نستحضره ونتعلمه في هذه الذكرى الخالدة على نحو خاص وفي كل وقت تمر بنا ذكريات الشهداء بشكل عام.
وبكل تأكيد لا أظنني في عجالة كهذه أستطيع الحديث عن كل ما يختلج في جوانحي من مشاعر الفخر والاعتزاز تجاه هذا الشهيد العظيم وما قدمه لدينه ووطنه وشعبه وأمته ولكن يكفي أن الله اصطفاه شهيداً وهو الى جانب وطنه وشعبه المظلوم ، ويكفي أن الشهداء جميعاً هم على الدوام عظماؤنا ، وهم على الدوام مشاعل الهداية والحرية والشموخ في زمن التيه والعبودية والانبطاح ، على أنه لا شيء يليق بنا نحوهم سوى الوفاء لمبادئهم التي ضحوا من أجلها ، ومواصلة السير على دربهم ، ومضاعفة الجهود والصمود ، ورفع وتيرة التصميم والمثابرة على دحر الغزاة وتلقينهم الدروس تلو الدروس حتى تحرير الأرض والقرار ، ومواصلة بناء المؤسسات ، وتطوير القدرات ، وصون وتعزيز المكتسبات ، والإخلاص في خدمة الشعب ، وتعزيز الأمن، وغير ذلك مما يندرج ضمن مصاديق الوفاء لدماء الشهداء ، وأما الاهتمام الدائم بالشهداء ، وتعظيم أسرهم ، وتخليد ذكراهم ، والإبقاء عليهم كنماذج تسكن الضمير والوجدان فواجب ديني ووطني لا يقتصر على شخص دون آخر ، ولا على فئة دون فئة ، ولا على زمان بعينه ، أو مكان بعينه ، وإنما هو واجب ممتد بامتداد عطاءات الشهداء ، وثابت بثبات مبادئهم ، وهو بالنسبة للشهداء استحقاق يطوق أعناق الجميع، وعهدة حق تتوارثه الأجيال في الحاضر والمستقبل .
ذلك نهج الصماد ، وما تعلمناه من الصماد ، ومدرسة الصماد ، وذلك هو ما يجب أن نتمسك به ، ونسعى إليه ، وهو ما نعاهد الشهداء ورئيس الشهداء عليه وعلى السير فيه ، حتى يجمعنا الله بهم في مستقر رحمته .
ختاما أشاطر الجميع في هذه الذكرى الحزينة ألم المصاب ووجع الرحيل ، وأبارك وفاءكم ونضالاتكم جميعاً ونبشر في نفس الوقت شعبنا المجاهد الصامد الصماد بما ينتظره إن شاء الله من الفرج الكبير والخير العميم والنصر الأكيد ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء( وبشر الصابرين ) .
تحيا الجمهورية اليمنية – المجد والخلود للشهداء – والشفاء للجرحى – والحرية للأسرى .

قد يعجبك ايضا