شرعية الوهم !!؟

أحمد يحيى الديلمي
ما يثير الدهشة أن أمريكا لا تعطي عملاءها فرصة كي يظهروا أو يبرزوا أو يؤكدوا وجودهم في الأفعال المخالفة للاستقلال وسيادة الشعوب ، ولكنها في اللحظة الحاسمة تظهر لتكون هي الأساس وصاحبة الدور الأبرز في الحدث المعني، هذا ما حدث بالضبط في سيئون فقد أنفقت السعودية مبالغ طائلة كبدل جلسات للأعضاء وأخرى لقوات الحماية وفي اللحظة التي كان الناطق الرسمي باسم ما يسمى بقوات التحالف يتأهب للمباهاة بما جرى وإذا بالسفير الأمريكي يستبق الأحداث ويعلن أن أمريكا تبارك ما حدث في سيئون باعتباره أول اجتماع لمجلس النواب المزعوم بعد أربع سنو ات من الانقطاع ، فأسقط الفرحة على من أنفقوا المال و الجهد والوقت وقوات الحماية لتصبح أمريكا هي سيدة الموقف وصاحبة اليد الطولى في الفعل.
من المفارقات العجيبة أن القوات السعودية التي تم إحضارها لمراقبة الموقف وضمان الأمن عند الاجتماع كانت محمية أيضاً بـ26 فردا من قوات المارينز الأمريكية وهذه القوات هي التي تولت الحماية المباشرة بينما كان السعوديون مجرد مساعدين لما حدث ، ومما يثير الدهشة أيضاً أن المسؤول عن الاتصال بالأعضاء ومتابعة حضورهم اتصل بثلاثة أشخاص في مقر إقامتهم بالخارج ، وطلب منهم الحضور وارسل إليهم بدل الانتقال وبدل الجلسات إضافة إلى تذاكر السفر ، وفي اليوم المحدد للاجتماع طلب منهم تحديد الحضور فأجاب الثلاثة على التوالي (نحن كنا أعضاء في المجلس في أول دورة ولم نتقدم لترشيح أنفسنا في الدورات التالية ) أي أن عضويتهم سقطت وهذا يوحي أن المسؤول اعتمد على كشف المرتبات تبعاً للبدعة التي اختطها الرئيس الأسبق وهي بدعة ضالة قائمة على اعتبار عضوية مجلس النواب وظيفة دائمة والراتب حقا مكتسبا.
كما قلنا البدعة ضالة ولا يعمل بها في أي دولة من دول العالم لأن عضوية وراتب مجلس النواب فعل مؤقت ينتهي بانتهاء العضوية كونه توكيلا من الشعب ، فالنائب.
مخول من الشعب وإذا زالت وكالة الشعب انتهت كل علاقة له بالمجلس بما في ذلك الراتب ، لكن النظام السابق اختط هذه البدعة وهي كما قلنا بدعة ضالة ، فالمفروض أن كل عضو تنتهي عضويته يعود إلى عمله السابق إن كان موظفاً في الدولة ، أو إلى عمله الخاص إن كان تاجراً أو رجل أعمال ، هذه هي القاعدة المعمول بها في كل الدول وكان معمولا بها في الماضي أيضاً أثناء مجالس الشورى المتعاقبة منذ أول مجلس تشكل في السبعينات ، لكن الرغبة في الإهدار والبذخ في المال أجازت القاعدة الجديدة التي أرجو أن يعاد النظر فيها ، لأننا سنكتشف بعد ثلاثين عاما أن كل المواطنين موظفون في مجلس النواب ويستحقون رواتب من المجلس .
المهم أن هذا الأسلوب انخدع به البركاني وزمرته فأجروا الاتصالات مع أشخاص انتهت عضويتهم في المجلس وكأن القدر أتاح لهؤلاء الأشخاص أن يستفيدوا من المبلغ المحدد وانتهى الأمر ، وهذا مثال بسيط على المهزلة في ظل الرغبة الأمريكية الجارفة لشرعنة اللاشرعي وإبطال المشروع مقابل استخدام المال فقط, وكم أتمنى على من يدعون الشرعية ان يثبتوا سلامة ما جرى من خلال نشر كشف الحضور الموقع من الأعضاء ليكتشف الشعب أن ما حدث مجرد فرية باطلة وزائفة لا أساس لها من الصحة ، وأن الثقل الكبير للمجلس موجود في صنعاء عاصمة الدولة، وهم الذين يواصلون أعمالهم استناداً إلى الدستور المعمول به ، فهل يعي آل سعود وأبناء زايد أنهم يحرثون في أرض سبخة لا تصلح للزراعة ويحتفظون بما تبقى من مال قبل أن تستنفد أمريكا كل ما لديهم ؟! أرجو ذلك.. ولا عزاء لسلطان البركاني مهندس خلع العدادات السياسية .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا