بابا الفاتيكان ومشايخ الوهابية السعودية!

 

محمد الوجيه

الكثير حول العالم تابع مشهد بابا الفاتيكان «البابا فرانشيسكو» وهو يركع لتقبيل أقدام زعماء جنوب السودان المتحاربين، وحثهم على عدم العودة إلى الحرب الأهلية. وسائل الإعلام العالمية نقلت كلام البابا فرانشيسكو وهو يحث رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ونائبه السابق الذي تحول إلى زعيم للمتمردين رياك مشار وثلاثة نواب آخرين للرئيس، على احترام الهدنة والالتزام بتشكيل حكومة الشهر المقبل.
وقال في كلمة مرتجلة «أطلب منكم كأخ أن تبقوا في سلام.. أنا أطلب منكم من قلبي.. دعونا نمضي قدما.. ستكون هناك العديد من المشكلات لكنها لن تتغلب علينا.. حلوا مشاكلكم».
بابا الفاتيكان والذي يبلغ من العمر أكثر من ثمانين عاماً ويعاني من ألم مزمن في الساق، كان يعاونه مساعدوه وهو يركع بصعوبة لتقبيل أقدام الزعيمين الخصمين وعدة أشخاص آخرين في الغرفة بينهم نساء.
هذا المشهد جعلني أقارن بين ما فعله البابا وما يفعله مشايخ الوهابية التكفيرية السعودية من تحريض ودعوات في الكتب والمنابر والأشرطة والأقراص المضغوطة ( سي دي) لقتال المسلمين فيما بينهم البين.
على مدى عقود من الزمن ومشايخ الوهابية السعودية يحرّضون على الجهاد والنفير العام ووجوب الخروج على الحاكم في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وتونس ومصر والجزائر وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، بينما هؤلاء علماء البلاط ومشايخ الفتنة أنفسهم يفصلون أحاديث وهابية على مقاس ملوك وأمراء ومشايخ الخليج.
يتحدثون بأنه يجب طاعة ولي الأمر في هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية ولو سرق مالك وجلد ظهرك، وبنفس الوقت يتغافلون عن وجوب الجهاد في فلسطين قضيتنا الأولى والمركزية التي ترزح تحت وطأة الكيان الصهيوني لأكثر من سبعين عاماً.
بالحديث عن اليمن، نجد مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ وأعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية وإماما وخطيبا الحرمين المكي والمدني يحرضون على قتل أبناء اليمن، ويدعون لاستمرار العدوان على اليمن من خلال ما يسمى بعاصفة الحزم كونها عاصفة بدأت باسم الله وانطلقت على بركة الله كما يقول مشايخ السعودية من على المنابر.
مع بداية العدوان على اليمن ومن الكعبة المشرفة خطب عبدالرحمن السديس -الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين – مادحاً بالمجرم سلمان ونجله ومتغزلاً بعاصفة الحزم، ومحرضاً على قتال أبناء اليمن، قائلاً بالحرف «ان عاصفة الحزم قرار تاريخي جاء في وقته وحينه، بل انه ضرورة شرعية، ومصلحة وطنية، وحاجة إقليمية، وموقف شجاع، ورمز وحدة وتكاتف وعزة وإخاء، وتحالف وشموخ وإباء، ونصرة وتعاون ووفاء .. ومن الأهمية بمكان تأصيل هذه القضية بالرؤية الشرعية التي تبين الأسس والمنطلقات التي ترتكز عليها من النصوص والقواعد والمقاصد الشرعية»
ويواصل خطبته ليتحدث عن الضرورات الخمس، الدين والنفس والعقل والمال والعرض، بينما نجد ان هذه الضرورات كانت جميعها أو معظمها محفوظة في اليمن إلى ان جاء العدوان بقيادة السعودية، فانتهكت السعودية والإمارات هذه الضرورات الخمس، فقتلت وجرحت مئات الآلاف من أبناء اليمن، ودمرت بنيتهم التحتية، ونهبت خيراتهم وثرواتهم، وفرضت الحصار الجوي والبري والبحري فخلقت الأمراض والأوبئة الفتاكة وأصبح الملايين مهددين بالموت مجاعة ومرضا، وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ بحسب كلام الأمم المتحدة، وانشأت السجون السرية وقامت بإرهاب المواطنين واعتقالهم وضربهم ومارست الاغتصاب بحق الأطفال والنساء، وأدلقت الجماعات الإرهابية والمرتزقة من كل حدبٍ وصوب لقتال أبناء اليمن وتفكيك النسيج الاجتماعي، فعن أي ضرورات شرعية يتحدث عنها شيخ المنافقين السديس!؟
للسديس الكثير من خطب التحريض والدعوة للاقتتال بين المسلمين، فقد قال في احدى خطبه السابقة: «ان حربنا اليوم هي حرب سنة وشيعة، هي حرب طائفية بجدارة، وإن لم تكن طائفية جعلناها طائفية وسعينا جهدنا أن تكون طائفية».
محمد العريفي شيخ الكذّابين وعضو هيئة كبار العلماء في السعودية بدوره يمارس التحريض والدعوة للجهاد والقتال في اليمن، بل ويذهب بنفسه الى الحد الجنوبي السعودي لابساً البزّة العسكرية مرتدياً «الجعبة» والكلاشنكوف، ويضرب بالمدفعية نحو قرى اليمن داعياً الله بأن ضربته تصيب وتقتل، في الوقت نفسه نجده لم ينبس ببنت شفة نحو الكيان الصهيوني المحتل والغاصب لأرضنا العربية فلسطين.
في لحظة فارقة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نقل السفارة الأمريكية الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان شيخ الوهابية محمد العريفي منشغلاً في حسابه على «تويتر» ليغرد بأكثر من 25 تغريدة حول أحكام المسح على الجوارب ولم يكلف نفسه العناء بتغريدة واحدة عن فلسطين.

قد يعجبك ايضا