القتل والتدمير في فقه قادة التحالف

 

عبد الرحمن مراد
من الحالات الطبيعية أن يراجع المرء نفسه ومواقفه بين الفينة والأخرى, أو كلما تقدم به العمر , ومن الطبيعي أيضا أن يعيد قراءة الواقع على ضوء الزمن والنتائج التي يصل اليها , لكن ذلك أبعد ما يكون عن ذهن وتفكير صناع القرار في المملكة السعودية التي تدعي قيادة تحالف عربي لقتل أهل اليمن ولتدمير اليمن , فقد تبين خلال أربعة أعوام من عدوانها أن الزمن ثابت في تعاطيها مع الواقع , وأن مواقفها أكثر ثبوتا , فما يزال العقل الذي باشر أهل اليمن بكثافة الغارات على أحيائهم السكنية في صنعاء وغيرها من المدن صبيحة 26مارس 2015م , يمارس نفس الغواية ونفس التكتيك وبصورة أكثر توغلا وتوحشا , وكأن الزمن الذي مرَّ من عمر عدوان لم يقل له شيئا ذا بال يمكنه الوقوف عنده ومراجعة نفسه من خلاله .
في فاتحة ابريل من العام الخامس من العدوان قصف تحالف العدوان مدرسة الراعي للبنات بحي سعوان من العاصمة صنعاء، فاستشهد من بناتنا من استشهد، وجرح منهن من جرح , وتمَّ ترويع الطالبات والامهات والمدرسات وسكان الحي كله , وكان التحالف قد قام بمجزرة في منطقة طلان بكشر من أعمال حجة طوى بها صفحة عامه الرابع ليلج الى عامه الخامس أشد كفرا ونفاقا وجرما وتوحشا .
قالت الايام للسعودية ولغيرها أفصح القول وأبلغه، لكن عَمَه الطغيان يقودهم الى محطات لا يعلم إلا الله كيف يكون قعرها، ويبدو من رموز الواقع أن السعودية تتدحرج الى قعر سحيق وهاوية فيها ظلمات من فوقها ظلمات وهي تظن في فعلها الخير والصلاح , وتلك عقوبة ما بعدها عقوبة , وكذلك يفعل الله بالقوم الظالمين في كل العصور والحقب وفي كل التاريخ .
كان قصف مدرسة الراعي متوحشا , وتمَّ تداوله في قنوات دول العدوان كخبر عاجل لحظة وقوعه , ومن الغرائب أن بعض المسؤولين في الامم المتحدة تعاملوا مع ذلك التوحش بحذر , ولم يتجاوز موقفهم دائرة القلق والتمني في تجنيب السكان المدنيين تبعات الصراع , دون أي اعتبار لأي معانٍ أخرى , فالتحالف الذي سارع اعلامه بنشر الخبر لم تتم إدانة فعله الشنيع , بل من الغرائب أن جاء بعض أحذيته من اليمنيين بتبرير ذلك الجرم ومحاولة التشكيك في حدوثه من قبل التحالف , بل ذهب أحدهم الى القول أن ما حدث لم يتجاوز انفجار قاطرة تحمل غازا منزليا نتج الانفجار عن شجار عليها , وقد قطع تصريح عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي قول كل خطيب وذلك بالمطالبة بتحقيق دولي في الواقعة , ومن بعد ذلك خرست الالسنة ولم نعد نسمع تطاولا من تلك الاحذية التي ينتعلها آل سعود وآل نهيان للقيام بمهام عسكرية وأمنية واستخبارية لزعزعة أمن واستقرار اليمن , وتفكيك عراه الوطنية وتشظيه الى دويلات أربع …دولة في الجنوب , وأخرى في مارب , وثالثة في تعز , ورابعة في صنعاء , لكن ذلك أصبح عصيا بعد حركة الوعي التي بدأت تنمو في تعز , وحركة الوعي التي بدأت تنمو في المهرة وسقطرى , وحركة وعي النخب في حضرموت , كل ذلك أصبح عائقا أمام مشروع تقسيم اليمن الذي كادت ملامحه أن تبين بل كادت أن تؤتي ثمارها لولا هذا الصمود الأسطوري الذي جسَّده الشعب والجيش واللجان الشعبية في وجه البغاة والغزاة, وفي وجه جبروتهم وطغيانهم الذي ترمد عند أٌقدام المجاهدين والمناضلين والذائذين عن حياض اليمن وكرامته والحافظين لشأفته من الانكسار .
لقد نال أهل اليمن خطب جلل , فالسلفية التي تعسكرت في فكر قادة المملكة السعودية أجازت القتل والتدمير , وخرجت منها فرق تقول بالذبح والسبي وإهلاك الحرث والنسل ,ورأى اليمن وغير اليمن منها الويلات وعظائم الأمور , وتلك الحالة الفكرية الثابتة والقائمة على النصية لا يمكنها أن تعيد التفكير , ولا يمكنها أن تستفيد من عبر الزمن , فالجمود سمتها وصفتها وبالتالي فهي تغرق في وحل الرذيلة ولا ترى نفسها تغرق بالرغم من أن حقائق الواقع تقول لها ذلك لكنها تصر على تجاهل تلك الحقائق بغباء شديد , فمن المحال أن تستطيع إقناعها بفكرة المراجعة لأنها لا ترى نفسها إلا أنها تحسن صنعا .
لم تكن مدرسة الراعي ” بسعوان” إلا واحدة من جرائم وحشية ذات تسلسل زمني يعلم قادة المملكة أن التعاون اللوجستي مع أمريكا واسرائيل هو من أتقن صناعتها , وهو يملك التوثيق اللازم الفضائي الذي يتم عبر الاقمار أو الوثائق الفنية عبر جهازه الاستخباري المتواجد في غرف العمليات العسكرية أو غيرها , وستعلم السعودية والامارات غدا أنهم عاشوا وهما كبيرا ووقعوا ضحايا مؤامرة دولية من خلال بعث الملف الانساني وما يتبعه من ابتزاز للدول والحكومات التي تعسكرت تحت راية التحالف وشرعنت هذا الصلف الذي نراه في حاضرنا ورأيناه في أمسنا .
لا ينال اليمن وأهله من بغيهم إلا اذىً وقد قالت الاعوام ذلك , بل قالت أن اليمن أصبحت تملك زمام المبادرة في الميدان واصبح التحالف وأحذيته في نكوص وتراجع شديد .
المجد لليمن واهله وبعدا وتعسا للبغاة والغزاة ولا يسع أهل اليمن الا انتظار وعد الله بالنصر المبين الذي بدأت أعلامه تلوح في الافق القريب ولله عاقبة الامور .

قد يعجبك ايضا