الشهيد القائد.. الرقم الصعب في زمن الأصفار

في الذكرى السنوية للشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي (2)

العميد/ عزيز راشد

تحدثنا في الحلقة السابقة عن الإرهاصات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تبلورت فيها شخصية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” ليبدأ بعدها بوضع المنهج الفكري لتصحيح المسار السليم من وحي القرآن وهديه.
كانت البداية بدروس ومحاضرات عن كيفية معرفة الله المعرفة الحقيقية، فمتى عرفنا الله عرفنا الطريق الصحيح.
ثانياً: وعده ووعيده من نار جهنم ورحمته، وبدأ يعمِّق اليقين في نفسيات الأمة والمجتمع وجذبهم الى رحمة الله سبحانه وتعالى، وحذرهم من بيع الدين بثمن قليل كما فعل اسلافنا، وحذر من وسوسة الشيطان الأكبر أمريكا ومغريات الغرب وبهرجة الدنيا وزينتها.
ثالثاً: عَّرف المجتمع بحقيقة نفسيات اليهود والمنافقين والطواغيت وكيفية مواجهتها..
وهكذا بدأت سلسلة المحاضرات تتدفق بنور الله وهديه من هذا العلم والقائد الروحي بالترتيب حتى وصل الى تعريف كيف هي نفسيات اليهود والمنافقين والطواغيت واستعبادهم للناس، وماهي الطرق والوسائل الاحترازية التي يجب اتخاذها من خلال استنباطها من القرآن الكريم الذي بيَّن وفنَّد كل النفسيات بوصف رباني ساطع كالشمس، فالذي خلق تلك النفسيات فهو أجدر بمعرفة الأصناف لأنه الخالق سبحانه، فكانت تلك المحاضرات تدخل الى أعماق المستمعين الى اليوم.
رابعاً: واقعنا المعاصر وهيمنة أمريكا وإسرائيل
ثم بدأ يعكس واقع الناس وما هم فيه من تيه وباطل وجور عندما يتخلى الإنسان عن مواجهة الباطل ويسكت ويتحلى بالحياد.. يتحدث السيد عن هذه النفسيات بقوله” سوف يساق إلى الباطل إذا لم يتحرك في مواجهته مرغماً؛ لأن الهيمنة الأمريكية واقع معاش يفرض بتعمد لإذلال العرب والمسلمين عبر الأدوات والاتباع وما اكثرهم في واقعنا اليوم”.
قرأ الواقع المُرَّ للأمة وممارسات أمريكا ضد العرب والمسلمين والغزو والاحتلال وكشف أمريكا وعراها عن زيف ادعائها الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المرأة، فكان سباقاً إلى كشف أمريكا وحقيقتها قبل الساسة والمفكرين والعباقرة لأنه قرأ الواقع والمعطيات عن بصيرة بأسلوب عملي، ما دفع امريكا الى التحرك نحو الخطر الذي سوف يواجه باطلها واستكبارها وسيطرتها ونفوذها ونهب ثروات الأمة فحركوا الأدوات المحلية والإقليمية وتدخلت بكل ثقلها العسكري والسياسي والاقتصادي وعلى كل المستويات .
خامساً: التبنؤ بالمخاطر والإعداد للمواجهة:
بدأ الشهيد القائد سلام الله عليه في الإعداد الجيد لترسيخ الوعي المجتمعي من خلال محاضرات هامة منها على سبيل المثال:
* ملزمة خطر دخول أمريكا اليمن..
وفيها ما تنبأ به قبل 15 عاماً واقعاً يحكي صدق ما تحدث به، وهؤلاء هم العظماء والصادقون والواعون والمدركون للواقع وخطورته؛ لأنهم يرون بنور الله سبحانه وتعالى.
* ملزمة خطورة المرحلة ..
محاضرة هامة تحكي ايضاً ما توصل اليه السيد القائد رضوان الله عليه قبل 15 عاماً.
وهذا ما دفع بغالبية الناس في اليمن وخارج اليمن الى معرفة قدر هذا الرجل اليماني الحكيم والعلم المجدد لدين الله على ارقى مستوى في فهم الأعداء والاصدقاء .
سادساً: الخطوات العملية للمواجهة:
* الصرخة ورفع الشعار .. الله اكبر- الموت لامريكا- الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود – النصر للاسلام.
وقد تحدث في إحدى المحاضرات وقال: لو صرخ اليمنيون في أسبوع واحد لعدَّلت أمريكا كل منطقها ولأعفت اليمن عن أن يكون فيه إرهابيون”.
واليوم ندعو الشعب بكل فئاته وأحزابه إلى أن نجرب الصرخة كيمنيين بالكامل وسنلحظ التغيير في المواقف، ولكن لابد ان تشمل الجميع حتى المرتزقة شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً.. هذا ما أعتقد أن السيد حسين يقصده “الكل” وإن شاء الله في المستقبل القريب يتحقق، لأن أمريكا لا تفي مع احد حتى مع اخلص اتباعها سيضحون بهم من اجل تحقيق اهدافهم التوسعية على حساب شلالات من الدماء، وتاريخها حافل بهذا الإجرام.
.لذلك يجب أن نجرب أن نصرخ جميعنا لنحقق رؤية الشهيد القائد والأمل منشود، وعندها لا مستحيل في تحقيق ذلك .
* مقاطعة البضائع الامريكية والإسرائيلية :
هذا النشاط كان له اثر فعَّال في المجتمع، وأنا اتذكر ان الناس في مران كانوا يقاطعون عملية الشراء من التجار الذين يجلبون تلك البضائع الى المجتمع في مران حتى ان احداً حدثني وقال: هل تعلم أن التجار اضطروا للذهاب الى السيد حسين وشكوا اليه مقاطعتهم من الناس بفعل عامل المقاطعة العملي وطلبوا من الشهيد القائد ان يكلم الناس بأننا قد تركنا تلك البضائع ولا داعي للاستمرار في مقاطعتنا، وعندها فرجت على التجار.. فكان هذا خير مثال على الدور العملي المؤثر حتى على الأعداء المنتجين تؤلمهم تلك المقاطعة اشد الألم؛ لأنهم يدركون حجم الخسارة لو طبقت في اليمن بشكل خاص والعرب بشكل عام.
وعليه نطلب من المجتمع تفعيل تلك المقاطعة للمنتجات وعدم الترويج لها، والبدائل موجودة انتاج وطني وعربي ومن دول ليست في حالة عداء معنا.
* قضية فلسطين والأقصى:
وهذا العامل هو الذي اقلق العدو الصهيوني، فشعر العدو بأن العرب والمسلمين لا يمكن ان يتخلوا عنها طالما هناك ثقافة قرآنية تطبق تعاليم القرآن او قوميون صادقون من العرب الحقيقيين المقاومين للعدو المحتل بالحديد والنار والسياسة ،فكان لهذه العوامل العملية اثراً بالغاً في نفسيات العدو الصهيوني والامريكي وهو ما جعله يتحرك ويضغط على النظام حينها بضرورة مواجهة هذه الشعارات التي تعتبر من حرية التعبير عن الرأي كما هو مكفول في معظم دساتير العالم والأمم.
ولكن أمريكا لخبثها لم تظهر الانزعاج علناً من تلك الشعارات بل إن بعض الامريكيين وحتى السفراء السابقين في اليمن لم يظهروا انزعاجهم من الشعار والصرخة والمقاطعة بل دفعوا بالسلطة لكي تواجه بالنيابة عنهم وهم يضحكون ملء اشداقهم.
وهذا ما دفع بالمنافقين من الصحفيين والساسة المحسوبين على تيارات ثبت خيانتها للشعب ليقولوا للسفير الأمريكي” هؤلاء يرفعون شعارات ضدكم .لماذا لا تتحركوا لضربهم ؟”..إلخ وكان السفير الأمريكي” يتبسم من تحريضهم ويقول في قرارة نفسه ما يزال هناك من يقوم بالمهمة أمثال هؤلاء الأغبياء الحاقدين والمنحطين.
ونظراً لوجود تلك الحركة الثورية التحررية من الوصاية والهيمنة الامريكية، التي تشق طريقها في المواجهة المتصاعدة ما جعل أمريكا تحسب لها ألف حساب والحركات الثورية دائماً أمريكا لها بالمرصاد.
وأنا أتذكر مقولة لإحدى الباحثات الامريكيات تقول: (نحن اذا لاحظنا حركة ثورية تحررية في أي منطقة في العالم حتى ولو كانت في قرية نقوم بضربها ووأدها في مهدها قبل ان تتعاظم الحركة إما بأن نسلط بعضهم على بعض او ندفع بالحكومات في مواجهة تلك الحركة او ندفع بالشركاء الحلفاء في مواجهتها فإذا فشلوا نتدخل عسكرياً عند الضرورة).
وهذا القول مطبق علينا في اليمن على الحركة الثورية التحررية من الهيمنة والامبريالية، فسخَّروا كل المرتزقة والحلفاء والحكومات والاعلام والأسلحة المختلفة وحتى تم تسخير الأمم المتحدة في مواجهة المسيرة القرآنية الى حد كتابة هذا ولم يفلحوا ولن يفلحوا.
كما واجهت أمريكا الحركات الثورية في أمريكا الجنوبية وكوريا الشمالية وفيتنام…إلخ.
وفي اليمن إن شاء الله وبفضل هذه المسيرة التي شق طريقها ورسم خطاها الشهيد القائد بثقة عالية بالله ثم بأنفسنا ورجالنا من الجيش واللجان قادرة على كسر هذا العدوان الهمجي الوحشي المتجرد من كل الشعارات التي كان يطبل لها في السابق.
بدأ السيد حسين المواجهة العسكرية مع عملاء وادوات امريكا حتى استشهد ونال شرف المواجهة من اجل استعادة دين الله والتضحية من اجل ترسيخ ثقافة الشهادة في سبيل تحقيق الحرية والعزة لأبناء الأمة.
وها هو السيد/ عبدالملك يواصل مسار المنهجية القرآنية، فكان خير خلف لخير سلف ادى الامانة وقاد المسيرة الى نجاحات ابهرت العالم وأخرست الألسن النفاق وصار علماً ونبراساً يحسب له الأعداء ألف حساب ويعجب به كل الاحرار والشرفاء في انحاء العالم من مسلمين وغير مسلمين، يسعى جاهداً الى اصلاح واقع الامة بالمنهجية الحسينية فكراً وبناء الوعي بأخطار الاعداء وتعزيز العلاقة بالله والارتباط به لكي تتحقق الآمال والطموحات التي تخدم الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع .
وبناء جيش وطني محترف في العلوم العسكرية والابحاث التكنولوجية، وامتلاك البناء الذاتي عسكرياً واقتصادياً، وهذا ما ازعج واقلق العدو الصهيوني والامريكي .
فأراد الأعداء محو الفكر والمنهجية فإذا بهم امام تطورات عسكرية هي اكثر ازعاجاً وإقلاقاً لأعداء الأمة ويأتي العام الخامس مبشراً بإنجازات حاسمة.
اذاً نحن أمام شخصية فريدة من نوعها قدم المشروع القرآني وعمّده بالدم والشهادة في منازلة تاريخية حسينية معاصرة اثبتت أنه رجل المرحلة ومن عظماء التاريخ الإسلامي وثبتَّت تضحياته مسار دعائم المسيرة القرآنية.
رحل عنا السيد حسين جسداً وهو معنا روحاً ملهماً وعلماً وعالماً ورسم لنا ابجديات التعامل مع ثقل الأحداث وأهوالها باعثاً فينا روح الجهاد وكيفية مواجهة مشاريع الاعداء ،وجسَّد فينا روح الإيثار والإنصاف والشدة واللين والرحمة والرأفة، وصاغ لنا شعاراً قوياً نردده في المناسبات المختلفة، وطبق واقع المقاطعة كسلاح يؤرق الأعداء مع الشعار كسلاح ثقافي وسياسي فعال يحمل في طياته معانٍ يفهمها الأعداء جيداً.
فنم قرير العين أيها الشهيد القائد فأنت حي أحييت امة كانت على فراش الموت فانبعثت امة حية وعملية في مختلف المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وعلى ارقى مستوى .
فمتى ما وجد القائد الكفؤ والإدارة فلا مستحيل يقف أمام الأمة.
ختاماً.. نقول :
الرحمة والخلود للشهيد القائد، والرحمة للشهداء جميعاً، وعزاؤنا ومواساتنا لقائد المسيرة القرآنية السيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ولسائر إخوته وأقاربه وللوطن الأمة العربية والإسلامية جمعاء.

قد يعجبك ايضا