"عاصفة على التاريخ "كتاب صادر عن وزارة الثقافة يرصد استهداف العدوان للمعالم الحضارية والتاريخية اليمنية

وزير الثقافة : العدوان حاقد على التاريخ والحضارات

 

> معالم اليمن التاريخية تحت قصف العدوان

صدر مؤخراً كتاب تحت عنوان (عاصفة على التاريخ) في 150 صفحة من الحجم الكبير يتضمن الرصد الشامل لجميع المواقع والمعالم التاريخية والحضارية والأثرية التي تم قصفها خلال السنوات الماضية من قبل طيران العدوان السعودي الأمريكي.

واشتمل هذا الكتاب على صور ومعلومات عن تلك المعالم وكيف كانت وكيف أصبحت، مع رصد للأضرار التي لحقتها وتواريخ ومعلومات عنها وعن أماكنها ومواقعها في العديد من محافظات الجمهورية، ويعد هذا الكتاب المصور والموثق بالمعلومات والبيانات إدانة ضد العدوان وهمجيته في تدمير المعالم الحضارية والأثرية التي تعد إرثاً للإنسانية وللثقافة الإنسانية.. وبشاعة التدمير تعكس صورة حقد العدوان ومحاولته المستميتة تدمير هذه المعالم الأثرية والتاريخية التي تبرز وتعكس عمق وأصالة الحضارة اليمنية الأصيلة.
وفي تقديمه للكتاب قال وزير الثقافة الأستاذ/عبدالله أحمد الكبسي: «لن أجانب الصواب أو أجافي الحقيقة ؛ إذا ما ذهبت إلى القول أنه لم يكن يخطر على بال أي إنسان سوي وعاقل في أرجاء المعمورة أن يبلغ الحقد في نفوس أبناء وأحفاد آل سعود هذا الحقد على وطننا اليمني أرضاً وإنساناً وإرثاً حضارياً، وتاريخاً مشرقاً مشرفاً، وثروة بشرية، ومنجم قيم أخلاقية، وهوية ثقافية، ميزتنا نحن اليمانيين منذ آلاف السنين عن سائر خلق الله، وبالذات في الجزيرة والخليج على وجه التحديد، إذ عَمِدَ أعداء اليمن منذ ثلاث سنوات مضت وتحديداً منذ السادس والعشرين من مارس 2015م إلى استهداف شعبنا اليمني بغارات طيران العدوان المحمومة التي تستهدف المدنيين الآمنين وتدمر منازلهم وكل مقدراتهم، وتهدم كل بنيان تنموي شامخ في شتى الأرجاء وتقذف من السماء بحمم غيظها وحقدها على المدارس، والطرقات، والجسور، والملاعب، والحدائق، والمنتزهات العامة، والمساجد، والمشافي، والمركز الثقافية، ومختلف المصالح الحكومية العامة والخاصة، وهو يدرك- دون شك- أن هدف أرباب الإجرام في تحالف العدوان من وراء كل ذلك هو قتل ما يمكنهم من أبناء شعبنا اليمني من مختلف الشرائح الاجتماعية، والفئات العمرية، وحرمان المواطن من خيرات جملة المكتسبات التنموية التي تحققت على مدى عقود طويلة من الزمن، وإعادة وطننا العزيز وشعبنا الحر عصورا إلى الخلف.. وهو أمر مفروغ منه ليقيننا بأن المسعورين بعدوانهم لا يريدون لهذا البلد أي أمن أو أمان أو استقرار أو تطور أو نماء بكل تأكيد!! بيد أن شبعنا بكل مكوناته وفئاته لم يكن يتوقع مطلقا من ثُلة المجرمين بقيادة آل سعود ومن خلال حربهم المستعرة على بلادنا تم أن يتم استهداف تراث اليمن وحضارته وتاريخه الضاربة أطنا به في العمق الحضاري الإنساني منذ خلق الله الأرض ومن عليها.. فكانت المفاجأة أننا وجدناهم لا يكتفون بجرائم القتل البشعة المحرمة والمجرَّمة في كل الشرائع السماوية، والتشريعات الوضعية الدنيوية، بل وجدناهم يوغلون في طغيانهم وجرمهم باستهداف مآثرنا التاريخية على امتداد رقعة الوطن المترامي الأطراف، حيث أطلقوا العنان لصواريخ طيرانهم في الجو وقذائفهم على الأرض لتقصف وتدمر القلاع والحصون والمراقد والقباب، والزوايا والأضرحة، والقرى المعلقة المتناثرة في قمم الجبال، والمعالم والمواقع والقصور والمدن التاريخية، والسدود والمدرجات والمساجد الأثرية، وغيرها، والتي ظلت على امتداد شتى الحقب التاريخية المتباعدة وعلى مدى قرون عديدة من الزمن شواهد حال على عظمة الصناديد من أبناء هذه الأمة الشامخة تسرد حقائق مشرفة دامغة وتحكي تاريخا إنسانيا موغلا في القدم لا يمكن نكرانه حتى ممن جَبُل على الحقد والمكابرة والكفر وممن في قلبه وعقله مرض.
 طمس التراث
وأضاف وزير الثقافة: مهما كانت صدمة شعبنا بضراوة حقد المعتدين وحرصهم على تدمير ماضينا واغتيال هويتنا وطمس تراثنا واستهداف جملة المظاهر والأشكال الحضارية الشاخصة بطريقة ممنهجة ومدروسة، غير أن كل جماهير الشعب تيقنت أن ليس ذلك بمستغرب من المعتدين الذين استخدموا كل ما زخرت وتفاخرت به مصانع أسلحة الدمار من صنوف منتجاتها التدميرية وآلياتها الحديثة للفتك بنا، إذا ما وجدناهم يضمرون كل هذا الحقد المكنوز في نفوسهم على تراثنا الحضاري والثقافي وهويتنا كون اليمنيين ميزهم الله الخالق عن سائر الشعوب بأن جعل من هذه الأرض اليمنية الطيبة متحفا للتاريخ الإنساني” ناهيك عن قدرة الإنسان على التصدي لكل عوامل الدمار التي “تفرضها الطبيعة أو محاولات التدمير التي يصنعها البشر وتفرزها الحروب” على السواء.
 صمود أسطوري
وأكد الأخ وزير الثقافة في تقديمه للكتاب على صمود شعبنا في مواجهة العدوان قائلاً: وها نحن في شتى أرجاء الوطن قاطبة رغم كل ذلك التدمير والهدم والاستهداف الموغل في البشاعة نلج العام الخامس من صمود شعبنا الأسطوري العظيم ضد أعتى عدوان بربري همجي متغطرس سخَّرت له دول العدوان المليارات من أموالها وجيشت له مئات الألوف من مرتزقتها ومأجوريها عرباً وأفارقة وتسابقت على اقتناء أحدث ما أنتجته مصانع الشرق والغرب من الأسلحة والعتاد المتطور واستخدمت كل ما ابتكرته وأبدعته عقول الجنرالات المسيطرين على غرف عمليات العداء وتفتقت عنه أذهانهم من خطط وأساليب حرب مواكبة لأحدث ابتكارات التكنولوجيا العسكرية المتطورة.. جميعها تحطمت على صخرة صمود شعبنا وسط ذهول كل شعوب العالم وحكامها الذين شهدوا أيضا كل تفاصيل “الكارثة المروعة التي أصابت تراثنا الحضاري والثقافي وشواهدنا الحضارية والإنسانية” وهي تتعرض لأكبر عملية تآمر سعودي إماراتي أمريكي صهيوني من خلال عمليات هدم وتدمير مستمرة من الجو والبر والبحر وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع دون أن يحرك الأسوياء من الحكام ساكنا لعله يشهد لهم ذات يوم بأنهم وقفوا ضد همجية تتار العصر في منطقة الخليج العربي واستنكروا هجمتهم البربرية المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً، تلك الهجمة المستعمرة التي أرادت لتراث أمتنا الحضاري والإنساني الزوال مهددة بذلك تاريخ الحضارة الإنسانية برمتها، وليغدو أولئك الخانعون مستحقين لكل لعنات الأجيال الساخطة والحكومات الحرة الشريفة الغاضبة ” العربية والأجنبية” على مر القرون والعقود والأعوام القادمة.. وهو ما لن ينساه شعبنا الأبي ولن يغفره للمعتدين في قادم الزمان مهما زاد سعارهم ومهما بلغت أطماعهم ومرتزقتهم المأجورون، وهو ما نثق بقدرة شعبنا على تحقيقه وبلوغه رغم فارق الإمكانات، وبما لا يقاس عدة وعتادا.. وهو ما سيثبته الواقع المعاش.. وإن غداً لناظره قريب، ولا نامت أعين الحاقدين!!
 محاولة اغتيال الهوية الثقافية
ومما جاء في استهلال الكتاب: الحرب العدوانية التي تشنها دول العدوان على اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ليست أكثر من عاصفة على التاريخ، لأنها لم تدمر الحياة الراهنة وتعطلها وحسب، بل امتدت لتدمر الماضي التراث والحضارة والتاريخ، وليس الأمر جديداً أو مستغربا فالسلاح الذي يتوجه لقتل الإنسان وتخريب مسكنه وأرضه يتجه حتما لتدمير هوية الإنسان وحضارته وتراثه.. هذه هي البربرية، الوجه الآخر للحرب التي تسعى لتدمير الحضارة واغتيال الهوية الثقافية للشعوب وإدخالها دائرة النسيان.
في ظل حرب العدوان المستعرة في طول البلاد وعرضها تعرضت الآثار والمعالم والمواقع والمدن التاريخية والمساجد والأضرحة والسدود والمزارات الدينية والممتلكات الثقافية والقرى القديمة المعلقة في قمم الجبال والمدرجات وغيرها من أشكال الحضارة والعمران التي تكاد تكون حاضرة في كل أرض اليمن، تحت كل حجرة من حجارة جبالها، وفي كل واد أو ساحل من سواحلها، تعرضت هذه المظاهر الحضارية لجميع أنواع التدمير والضياع والاندثار، وهو أمر يهدد تاريخ الحضارة الإنسانية برمتها، فاليمن هي متحف للتاريخ الإنساني والحضارة البشرية، كما عبَّر عن ذلك المدير العام السابق لليونسكو/ كوشيرو ماتسورا، عند زيارته لليمن بقوله: هي أرض ليست للنسيان، فالمدن اليمنية القديمة لم تكن مدنا تسجل اسمها في كتاب الأبدية فحسب، لا إنها الأبدية ذاتها وقد تصلدت حجارتها عمارة تطاول السماء وانغرست بيوتها بين الرمال والوديان تسرد تاريخ الإنسان وحضارته التي تقاوم النسيان.. اليمن ليس سعيداً أو حزينا ولكنه أبدي وخالد. هكذا وضع اليمنيون توقيعاتهم على كل نقش أو عمارة أو أثر وحفروا على الصخر حضارة للبقاء امتدت آلاف السنين وقاومت كل عوامل الدمار الطبيعية أو البشرية التي يحملها الغزاة والحروب والصراعات”.
إن هذه الحضارة التي قاومت تقلبات الدهر وتحولات الزمان آلاف الأعوام تتعرض اليوم- في ظل العدوان السعودي- لأكبر عملية هدم وتدمير ممنهجة ومدروسة، فما يتعرض له تراثنا الحضاري من صواريخ وقذائف ونيران تهدد بزوال المعالم والآثار التاريخية التي قاومت الدهر وعاشت للأبدية.
كما عرضت سطور الاستهلال إلى المواقع والمعالم التي تعرضت لقصف العدوان.. المواقع المستهدفة اليوم هي مواقع تاريخية وحضارية تمتلئ بالآثار والمعالم والشواهد الحضارية والإنسانية.. والصواريخ التي تقذفها الطائرات من السماء تنزل فوق هذه المعالم وتلك الآثار ولا نحتاج للتذكير بأسماء بعض هذه المواقع، مثل مارب وصرواح وصنعاء القديمة وزبيد وعدن وغيرها من الأماكن حيث تمتلئ الأرض بالآثار والشواهد التاريخية الشامخة.
ويهدف هذا الكتاب إلى تقديم رصد أولي للتعريف بحجم الدمار الهائل الذي يتعرض له التراث الحضاري والتاريخي اليمني، جراء العدوان السعودي الظالم، الذي استهدف الإنسان اليمني وهويته وحضارته.. وهناك دمار آخر تنفذه المنظمات المتطرفة مثل القاعدة المدعومة من قبل دول تحالف العدوان، والتي استغلت هذه الحرب لتنفذ خططها الخاصة في تدمير الآثار والمعالم التاريخية والمساجد والأماكن المقدسة.. ونلاحظ من خلال هذا الكاتلوج مدى الكارثة المروعة التي أصابت التراث الحضاري والثقافي خلال هذه الفترة من العدوان وقد قصدنا هنا بما قبل الإسلام الفترات السبئية والمعينية والحضرمية، والقتبانية والأوسانية والحميرية، و… إلخ، ونقصد بالإسلامي من تاريخ ظهور الإسلام إلى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م مع الأخذ بالاعتبار أن بعض المعالم أشرنا إليها بأنها إسلامية ولها امتداد الفترات ما قبل الإسلام.

قد يعجبك ايضا